أصدر حزب السلام الديمقراطي الكردستاني بياناً إلى الرأي العام بمناسبة الذكرى السنوية لتوقيع اتفاقية لوزان، مؤكداً أن هذه الاتفاقية كانت بمثابة “إعلان دولي لحرمان الشعب الكردي من حقه في تقرير مصيره” وأنها “فتحت الطريق أمام قرنٍ من السياسات العنصرية والإنكار والتهميش”، مشدّداً على أن “هذه الاتفاقية باطلة سياسياً وأخلاقياً من منظور العدالة التاريخية وحقوق الإنسان”، داعياً المجتمع الدولي لتحمّل “مسؤولياته الأخلاقية والتاريخية تجاه ما نتج عن هذه المعاهدة من ويلات ومعاناة للكرد”، مطالباً جميع القوى الكردية بالعمل الجاد والمسؤول من أجل تحقيق وحدة الصف والموقف لأن وحدة الموقف الكردي تمثل السلاح الأقوى في وجه كل المؤامرات.
وفيما يلي نص البيان:
في مثل هذا اليوم، 24 تموز من العام 1923، وقّعت القوى الدولية الكبرى في مدينة لوزان السويسرية، معاهدةً أعادت رسم خارطة الشرق الأوسط على أنقاض الدولة العثمانية، دون أن تأخذ بعين الاعتبار حقوقَ ملايين الكرد الذين كانوا وما زالوا يشكّلون أحد أعرق شعوب المنطقة وأكثرها ارتباطاً بجغرافيتها التاريخية.
كانت اتفاقية لوزان، التي ألغت ما نصّت عليه سابقاً معاهدة سيفر (1920) من إمكان إقامة كيان كردي، بمثابة إعلان دولي لحرمان الشعب الكردي من حقه في تقرير مصيره، وتقسيمه بين أربع دول ناشئة (تركيا، العراق، سوريا، إيران) دون استشارته أو إشراكه في رسم مستقبله.
لقد شكّلت هذه المعاهدة الجائرة نقطةً مفصلية في التاريخ الكردي الحديث، حيث فتحت الطريق أمام قرنٍ من السياسات العنصرية والإنكار والتهميش، وأتاحت للدول الإقليمية فرض مشاريعها القومية الشوفينية على حساب الوجود والهوية الكردية. ومنذ ذلك الحين، تعرّض الكرد لشتى أنواع الظلم والاضطهاد والتجريد من الحقوق، من سياسات التتريك والتعريب والفرسنة، إلى المجازر الجماعية، والتهجير القسري، والتجريد من الجنسية، ومنع اللغة والثقافة، بل وحتى محاولات الإبادة.
إن مرور 102 سنوات على توقيع معاهدة لوزان ليس مناسبةً للحزن فقط، بل أيضاً وقفةً للتقييم والمراجعة. لقد أثبتت التجربة التاريخية أن أحد أهم أسباب نجاح المشاريع التآمرية بحق الكرد هو الانقسام الداخلي الذي أعاق بناء موقف كردي موحّد على مستوى الجغرافيا الكردستانية. ولولا هذا الانقسام، لما كانت القوى الدولية لتستسهل تغييب الكرد عن طاولات القرار، ولما استطاعت الأنظمة القومية المتعاقبة أن تنجح في سياسات التفرقة والتمييز والإلغاء.
إننا في حزب السلام الديمقراطي الكردستاني، إذ نستذكر هذه الذكرى الأليمة، فإننا نؤكد أن اتفاقية لوزان باطلة سياسياً وأخلاقياً من منظور العدالة التاريخية وحقوق الإنسان، كونها تجاهلت إرادة شعبٍ بأكمله، وفتحت الباب لمأساة تاريخية مستمرة منذ أكثر من قرن، ونجدد رفضنا القاطع لاستمرار سياسة الإنكار بحق الشعب الكردي، في أي جزء من كردستان، كما نطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والتاريخية تجاه ما نتج عن هذه المعاهدة من ويلات ومعاناة للكرد.
كذلك، ندعو جميع القوى الكردية، دون استثناء، إلى العمل الجاد والمسؤول من أجل تحقيق وحدة الصف والموقف، والانطلاق من قاعدة “القضية أولاً”، بعيداً عن الحسابات الحزبية والاصطفافات الإقليمية، لأن وحدة الموقف الكردي تمثل السلاح الأقوى في وجه كل المؤامرات التي تستهدف وجودنا ومستقبلنا.
كما نطالب القوى الفاعلة إقليمياً ودولياً، وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، بإعادة النظر في السياسات المجحفة بحق الشعب الكردي، والعمل على دعم حل عادل للقضية الكردية، يرتكز على مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وتقرير المصير. إننا نؤمن بأن تحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط لن يكتمل دون الاعتراف بحقوق الشعب الكردي، واعتباره جزءاً أصيلاً من المعادلة السياسية، لا يمكن تجاهله أو القفز فوقه.
وعليه نجدد التزامنا بنهج السلام والديمقراطية والحوار كطريقٍ استراتيجي لنيل الحقوق الكردية، ونؤكد أننا سنبقى أوفياء لدماء الشهداء، ولمعاناة شعبنا، وساعين بلا كلل نحو بناء مستقبلٍ أكثر عدالةً وكرامةً لشعبنا، ولجميع شعوب المنطقة.
عاشت وحدة الشعب الكردي
المجد للشهداء
الحرية لكردستان
حزب السلام الديمقراطي الكردستاني
24 تموز 2025
المصدر: حزب السلام الديمقراطي الكردستاني
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=72609