الجمعة, نوفمبر 22, 2024

خدر الياس.. الإيزيديون يستعدون لإحياء طقوس عيد يعود تاريخه إلى أكثر من ٤ آلاف عام

يُعرف عن المجتمع الإيزيدي، وعبر مناسباته الدينية والاجتماعية، ارتباطه الوثيق بالطبيعة واعتماده على التقلبات الفصلية ومواعيد الزراعة والحصاد لتحديد مواعيدها، وفق التقويم الشرقي “الكرمانجي”.

وبحسب تقرير لوكالة هاوار الكردية، أن عيد “خدر الياس” أو “بي خوين”، واحد من الأعياد، يعود تاريخ الاحتفال به وفق الإيزيديين إلى أكثر من 4 آلاف عام قبل الميلاد، وتحيا طقوسه حتى يومنا هذا، بتحضيرات مميزة، تقوم بها النساء الإيزيديات ويتشارك فيها أفراد الأسرة الواحدة.

وخدر الياس شخصية سماوية خالدة وفق المعتقد الإيزيدي، حيث عرف قديماً كملاك للزراعة والمطر، لذا فإن للعيد علاقة بالزراعة والإنبات، حيث بحلوله يوشك موسم زراعة الحبوب والبذار على الانتهاء، وتبدأ دورة خصوبة الأرض ومد البذار التي وضعت في التربة جذورها.

وتبدأ طقوسه يوم الأحد، نهاية شهر كانون الثاني من التقويم الشرقي، ويخصص اليوم للطهارة والتنظيف، وتليه أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء، وفيها يصوم الإيزديون صوماً ليس بفرض، ويحضر خلالها “بي خوين”. ويحرم في هذا العيد ذبح الأضاحي وإراقة الدماء والصيد، ويحتفل بالعيد يوم الخميس.

تقول كلي جعفر، وهي إيزيدية مهجرة من عفرين المحتلة شمالي سوريا، تقطن في مقاطعة عفرين والشهباء: “إن العيد له دلالات على الارتباط الوثيق بين الإيزيديين والطبيعة”.

تحضير الـ “بي خوين” ودلالة الاسم

تجلس كلي جعفر ومعها العشرات من النساء الإيزيديات لتحضير بي خوين بعد تحميص 7 أنواع من الحبوب والبذار ليصنعن “القلاندوك”.

و”القلاندوك” كلمة كردية يطلقها الإيزيديون على مجموع 7 أنواع من البذور ويمكن التنويع فيها، وتكون في الغالب من “القمح، الشعير، الحمّص، السمسم، الذرة، دوار الشمس، والعدس” وتُقلى وتُخلط مع بعضها البعض، وبعد خلطها تُطحن بـ “الرحى” الحجرية اليدوية، لتشكل “الطحين”.

يقوم الإيزيديون بوضع قسم من هذا المزيج، في عشية العيد (يوم الخميس) أول خميس من شهر شباط الشرقي، قرب مقدساتهم الموجودة في المنزل، وتبقى هناك حتى انتهاء العيد، ويعود ذلك إلى إيمانهم بأن ذلك سيجلب الخير للأسرة.

ومقدسات المنزل هي كيس “مطرز” يحوي أشياء مقدسة لدى الإيزيديين أبرزها “البرات” الذي يجلب من معبد لالش النوراني، ويسمى “قولكي براتا”، ويفترض وجوده في كل منزل إيزيدي، ويعلق على أحد الجدران ويوجه باتجاه الشرق “جهة شروق الشمس”.

وعن ذلك تشير كلي “إن الإيزيديين يؤمنون أنه إذا استيقظ أفراد الأسرة ورأوا آثاراً على الصحن الذي وضع فيه المزيج فإن ذلك يعني أن خدر الياس قد بارك المنزل وأن الخير سيكون من نصيبهم”.

وفي اليوم التالي يُمزج “طحين القلاندك” مع مستخلص التمر “الدبس” ويُحضّر ما يسمى بالـ “بي خوين” أي الذي أعد من دون دم (باللغة الكردية)، إشارة إلى مكوناته من الحبوب الزراعية فقط.

يتناول أفراد الأسرة الواحدة هذا الـ بي خوين، وتوزع كميات منه على الجيران، مهما اختلفت دياناتهم.

ولهذا العيد طابع خاص لدى الشبّان والشابات، وحسب المعتقد الإيزيدي، فإنه على غير المتزوجين تحضير نوع خاص من العجين أو رغيف يسمى “قرصك” ويكون مالحاً جداً عشية العيد، وتناوله قبل النوم.

حيث يتم تحضير قطع صغيرة ومالحة كثيراً، ويفترض بكل شاب أو شابة تناول 3 قطع قبل النوم، وحسب المعتقد فإن كلاً منهما إذا حلم بقيام أحد الشبان والشابات بتقديم كأس من الماء له، فهذا يعني أنهما بعد فترة سيحبان بعضهما ويتزوجان.

وهناك مقولة يتداولها أبناء البيت الواحد بمناسبة هذا اليوم وهي:

(xidir eliyas û xidir nebî kesê ne li mala xwe bê behrewî tê de nebê)

وشرحها باللغة العربية “من ليس في بيته خدر الياس وخدر نبي، لا نصيب له فيه).

شارك هذه المقالة على المنصات التالية