تحذير: التقرير أدناه يحتوي صور عنيفة في ملحق التقرير
1. مقدمة:
ضمن جهودها في توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة حتى بعد سقوط نظام الأسد، تحققت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” (سوريون)، من وقوع حالات إعدام ميدانية بحق 16 شخصاً على الأقل في قرية فاحل، ذات الغالبية العلوية، شمال غرب محافظة حمص، في سياق حملة “تمشيط“، أي دهم وتفتيش، شهدتها البلدة بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2025، ويعتقد سكان القرية أن ما حدث كان “لأسباب انتقامية بدوافع طائفية واضحة”.
وكانت عملية “التمشيط” يومها جزءاً من حملة أمنية أوسع، أعلنتها بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير 2025، بريف حمص الغربي، القوات الأمنية التابعة للحكومة السورية الانتقالية، بقيادة أحمد الشرع، قائد “هيئة تحرير الشام” (الهيئة)، التي حلت بتاريخ 28 كانون الثاني/يناير 2025، والتي تسلمت السلطة في دمشق بعد إطلاقها العملية العسكرية “ردع العدوان“، مع فصائل معارضة أخرى، أدت إلى إسقاط نظام الأسد بتاريخ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024. وهدفت الحملة في الريف الحمصي إلى “ملاحقة فلول النظام وعدد من المهربين في ريف حمص الغربي”.
كان من ضمن الـ16 شخصاً الذين تعرضوا للإعدام الميداني، 14 عناصراً في الجيش السوري السابق، أربعة منهم على الأقل ضباط متقاعدون، واثنان على الأقل، كانوا قد خضعوا لتسويات وضع في “مراكز التسوية” التي افتتحتها الحكومة الانتقالية في حمص. فيما كان اثنان مدنيان، أنزلا من حافلة متجهة إلى القرية، وإعدما ميدانياً على أساس الهوية، عندما تم التعرف على انتمائهما للطائفة العلوية بعد سؤالهما، بحسب الشهود، الذين تحدثوا إلى “سوريون” وطالبوا بعدم الكشف عن هوياتهم أو أية تفاصيل قد تدل عليها، خوفاً من أعمال انتقامية قد تطالهم من القوى الأمنية. لذا ارتأت “سوريون” استخدام أسماء مستعارة للدلالة عليهم عند اقتباس أجزاء من إفادتهم.
وكان العناصر القتلى الـ14، من ضمن 56 شخصاً، أكثرهم مدنيون، تمّ اقتيادهم من منازلهم من قبل القائمين على الحملة إلى ساحة في المنطقة تدعى “الكازية” محلياً، أفرج عن 35 مباشرة بعد تقديمهم مقابل مادي، فيما اعتقل سبعة منهم واقتيدوا إلى سجن حمص المركزي وأفرج عنهم بعد خمسة أيام، بعد مظاهراتٍ نظمها سكان القرية. وقد رافقت الحملة، بحسب الشهود، عمليات إطلاق نار كثيفة، وحالات “تعفيش” لمنازل، وممارسات عنيفة ومهينة بحق السكان خلال عمليات التفتيش. وفيما أكّد اثنان من الشهود مزاعم نسب الانتهاكات التي حدثت في فاحل إلى “الأمن العام” ومسلحون آخرون يعتقد انتمائهم إلى “هيئة تحرير الشام”، قادوا الحملة الأمنية، نسب حمزة قبلان، مدير العلاقات العامة بحمص، الانتهاكات إلى “مجموعات إجرامية”، قال أنها دخلت القرية بعد أن انتهت القوات الأمنية من الحملة وخرجت منها بعد “توقيف بعض الشخصيات ضمن لوائح محددة”، مضيفاً أن السلطات ألقت القبض على “مجموعة، تدور حولها الشكوك” بما يتعلق بعمليات القتل، دون أن يدلي بأي معلومات على علاقة بالمجموعة المذكورة.
ويتناقض تصريح السلطات، مع ما ورد في إفادة أحد مصادر هذا التقرير، سليم السيد، أحد سكان فاحل، الذي أكد أن ما قاله قبلان عن دخول أشخاص بعد خروج القوات الأمنية “عارٍ عن الصحة، لأن المجازر تمت خلال فترة التفتيش وقوات الأمن كانت موجودة”.[1] وبينما تم تناول حادثة فاحل، على أنها “مجموعة عسكرية من فلول النظام الذين رفضوا تسليم أسلحتهم وتسوية وضعهم وتم تحييدهم على يد إدارة العمليات العسكرية”، نقل موقع “الجمهورية”، عن مسؤولين في “الأمن العام”، أن “القتلى كانوا عزلاً، جرى اعتقالهم وتصفيتهم خارج إطار القانون”، حيث أكد مصدران للموقع، “بأنّ مدير منطقة الحولة قال للأهالي بأنّ القتلى لم يسقطوا جراء اشتباكات بل تم إعدامهم، مؤكداً عدم مسؤولية فصائل منطقة الحولة عن الموضوع، وأنّ المجموعة المسؤولة عن الانتهاك لا تتبع للهيئة وجرى اعتقال 15 من أعضائها وستجري إحالتهم للقضاء”.
ولم تكن قرية فاحل هي الوحيدة التي شهدت انتهاكاتٍ خلال الحملة الأمنية الموسعة، إذ تحققت “سوريون” من مقتل شخصين في قرية مريمين المجاورة، والتي ينتمي أهلها إلى الطائفتين المرشدية والعلوية، خلال حملة تفتيش يوم 23 كانون الثاني/يناير 2025 أيضاً، رافقتها شتائم طائفية وخطاب كراهية وتحطيم صور لشخصيات دينية للطائفة المرشدية، قام بتنفيذها “عناصر كانوا يرتدون زي الأمن العام ويرافقهم عناصر ينتمون لفصائل أخرى غير هيئة تحرير الشام”، بحسب شهودٍ من القرية، تحدث معهم موقع “سناك سوري”، وهو ما يخالف الرواية الرسمية التي تلت الانتهاكات، إذا كانت السلطات قد عزت الانتهاكات إلى “مجموعة إجرامية” انتحلت صفة أمنية، دخلت القرية بعد انسحاب القوة الأمنية منها.
وبناء على المعلومات الواردة في التقرير، توصي “سوريون” الحكومة الانتقالية السورية بأن تضمن وصول عائلات الضحايا إلى نتائج التحقيقات التي قامت بها، بما في ذلك من خلال إجراء محاكمات عادلة وعلنية وشفافة بحق مرتكبي الانتهاكات التي شهدتها فاحل بتاريخ 23 كانون الثاني/يناير 2025؛ وكذلك إعادة تنظيم عمليات “التمشيط/التفتيش”، بما يضمن قانونيتها ويمنع تكرار هذه الانتهاكات، وعلى رأسها، عمليات القتل خارج نطاق القضاء بحق المدنيين، والعسكريين المتقاعدين والذين سلموا أسلحتهم أو أجروا تسويات، والمطلوبين منهم بموجب مذكرات، وذلك عن طريق تفعيل آليات رقابية جدية، تتابع عمل أجهزة إنفاذ القانون، بما في ذلك الأمن العام.
من الجدير بالذكر، أن قرية تلدو، في منطقة الحولة، المجاورة لفاحل، كانت قد شهدت في أيار/مايو عام 2012، “مجزرة“، راح ضحيتها 108 شخصاً، بينهم 49 طفلاً، ارتكبتها قوات الحكومة السورية السابقة، بما في ذلك “الشبيحة” (مجموعات مسلحة غير نظامية)، وسط إصرار الحكومة أن “مجموعات إرهابية” هي من ارتكبت المذبحة.
لقراءة التقرير كاملاً وبصيغة ملف PDF اضغط/ي على الرابط هنا.
أو أضغط هنا
خدوه-عالغول_إعدام-ميداني-بحق-16شخصاً-في-يومٍ-واحد-بقرية-فاحل-بريف-حمص
[1] خلال مقابلة عبر الإنترنت أجراها باحث في “سوريون” بتاريخ 22 شباط/فبراير 2025.
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=68173