جل آغا/ أمل محمد
جمع بين حب السينما والتصوير، وبين حب الحرية، ومناهضة الظلم والاستبداد، إنه البطل المخرج السينمائي “خليل داغ” صديق الحياة الحرة، والباحث عن الحقيقة.
استشهد المخرج السينمائي الكردي خليل داغ في الأول من نيسان عام 2008 في كمين نصبه له الجيش التركي بعد الانجازات، التي استطاع القيام بها وإيصال الحقيقة، فغدا مصدر قلق لهذا المحتل، وكان لا يفارقه القلم يكتب ويناضل من أجل الحقيقة والحياة، عمل ما يقارب ثلاثة عشر عاماً في الجبال مع قوات الكريلا، وهو ينقل مشاعرهم وتضحياتهم، وأحلامهم وطموحاتهم وحياتهم اليومية، كل ذلك يتحول بلحظة إلى تاريخ عريق في كتاباته وأفلامه.
كان خليل داغ يؤمن أن التاريخ الكردي هو فن من نوع آخر، وعلى ذلك يجب أن يبقى حاضراً وأن ينتشر، وتكفل بذلك حيث قام من خلال أعماله الكتابية والأخرى المصورة بنقل ماهية هذا الفن، وما يحدث وإلى أين يتجه، نقل الروح الحقيقية للشعب الكردي، وبالذات النضال الكردي على سفوح الجبال، نقل المعلومة كما يجب أن تكون، من خلال سنوات نضاله كان باحثاً عن كل ما هو قديم أصيل، وفي الوقت ذاته كل ما هو جديد فيه إبداع رصين، لم يقتصر نضاله وعمله على تدوين الفرح والبهجة، التي كانت على وجوه قوات الكريلا فحسب، بل كان دائماً معهم وفي أخطر الظروف، في المعارك والحروب حاملاً عدسته؛ لينقل بطولاتهم ومآسيهم، وكذلك انتصاراتهم، وليؤكد بأن النضال لا يكون فقط بحمل البندقية، إنما قد يكون من خلال العدسة والقلم.
ولد خليل داغ “خليل إبراهيم وصال” في ألمانيا عام 1973 من أب تركي وأم كردية، ورث من والدته حب كردستان، التي نقلته إليه من خلال أحاديثها عنها، تعرف منذ شبابه على حركة التحرر الكردستانية، وكان على صلة وثيقة بها في أوروبا، شُغف بالتصوير وبرع فيه حتى غدا مصوراً سينمائياً محترفاً ومقاتلاً وكاتباً في آن واحد، التقى بالقائد عبد الله أوجلان في دمشق، وبعد ذلك اللقاء انضم خليل داغ إلى قوات الكريلا في مناطق زاغروس برفقة كاميرته ولتبدأ رحلته مع نقل الحقيقة وتدوينها.
حمل على عاتقه نقل الحقيقة، وأعباء النضال والشهادة في سبيل إيصال صوت الشعب الكردي للعالم من خلال أعماله السينمائية؛ ما شكل دافعاً ومثالاً يحتذى به، من خلال أعماله وكتاباته نقل معاناة الشعب الكردي وتضحياته، نقل أهمية الوجود الحقيقي للمرأة الكردية، ودورها في التحرر وقدرتها الجبارة وإرادتها الفذة، بالرغم من الصعوبات استطاع خليل داغ من خلال براعته، وحنكته إضافة لمساته على السينما والتصوير، فقد كان يصور الحقيقة دون تزييف أو معالجة.
في عام 1999 انتقل خليل داغ إلى مناطق بوطان رفقة الفنان الشهيد سرحد، ومجموعة أخرى، وفي الطريق تعرضوا لكمين غادر في منطقة “فراشين” استشهد على أثره الشهيد سرحد بينما تمكن هو وبعض رفاقه من النجاة والوصول لمناطق بوطان، وبعد تلك الحادثة بعام واحد صور خليل داغ أول أفلامه السينمائية، وكان بعنوان “تيريج” وبعد ذلك بعام واحد فقط صور فيلمه الثاني، والذي كان يحمل اسم “مرآة القامة” وبعد ذلك أصدر عدة أفلام سينمائية ومنها “دموع مياه الزاب” “ملامح وجوهنا” “عندما تعشق المرأة” وكان آخر فيلم له باسم “بيريتان” والذي يحاكي قصة نضال الشهيدة بيريتان، وكان آخر مشروع له “السفر عبر جبل آرارات” والذي يحاكي فيه قصة عشقه للسفر والترحال.
عشق جبال كردستان لحد الجنون وتكفل في تصويرها زاوية بزاوية، اتحدت روحه مع طبيعة كردستان، وكان ذلك جلياً في أفلامه وكتاباته، قرر أن يتجول في جبال كردستان سيراً على الأقدام، وانطلق من مناطق بوطان إلى جبال آغري، تعرض لكمين آخر، واستطاع النجاة منه، بالرغم من الصعوبات والعوائق التي كان يتعرض لها إلا أنه لم يستسلم في رحلته، عُرف خليل داغ بلقب عاشق الجبال.
لقد كانت الكاميرا روحه ولسانه الذي يسرد من خلالها، قصص قلبه، كتب عن الحرية والمرأة والحياة والحرب، استشهد خليل داغ في عام 2008 بعد أن نصب له المحتل التركي كميناً في منطقة “بستا”.
ستة عشر عاماً على رحيل أيقونة الإخراج السينما الكردية خليل داغ، رحل الشهيد تاركاً وراءه إرثاً خالداً في حب الوطن والحرية والنضال، وقد سار على خطا خليل داغ الكثير من عشاق الحرية، وعشاق جبال كردستان، خلد خليل داغ بإصراره وبراعته وحبه للسينما اسمه في التاريخ الكردي مخرجاً سينمائياً وثائراً بطلاً على سفوح جبال كردستان.
صحيفة روناهي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=39956