يزداد هوس وتخبط تركيا الأردوغانية من جراء التضامن والاتحاد الحاصل بين الشعوب السورية وتحديداً في مناطق الشمال السوري بين الكرد والعرب والسريان والآشور والتركمان والأرمن، ولهذا قامت بزج جنودها في الحرب السورية واحتلال مناطق في الشمال في مسعى لإجهاض هذا التضامن ومنعه من إيصال الشعب السوري إلى حريته.
وليس خافياً على أحد أن تركيا استخدمت أوراقاً كثيرة في مواجهة هذا التضامن وإشعال فتيل الفتنة بين مكونات وشعوب الشمال السوري؛ من استخدام فصائل مرتزقة كداعش والنصرة وأطرافٍ محلية متواطئة، ولجأت لتشكيل كتائب وتحالفات وهمية تحت مسميات عرقية، ورغم كل ذلك لم تتمكن من كسر هذا التضامن، ورأينا ذلك جلياً في سري كانيه وكوباني. وما يجري الآن في مناطق الشهباء من تدخل واحتلال تركي مباشر دليل على اعتراف تركي بفشل كل محاولات الأتراك للاندساس بين الشعوب السورية على مبدأ فرق تسد بغية ضمان عدم وجود خط دفاعي للوقوف بوجه أطماعهم التوسعية واحتلال الأراضي السورية.
الهوس والتخبط التركي يزداد مع كل انتصار للتضامن السوري المشترك المتمثل في قواته الدفاعية على الأرض “قوات سوريا الديمقراطية”، ولهذا أصبح الشغل الشاغل لسلطة أردوغان وحاشيته في هذه الأيام إقناع مسؤولي الإدارة الأمريكية الجديدة “إدارة ترامب” بإيقاف الدعم لقوات سوريا الديمقراطية وعوضاً عن ذلك يتم دعم الاحتلال التركي لقضم المزيد من الأراضي السورية، وكأن أرض سوريا أصبحت سوقاً رخيصة مشاعاً لتركيا، بل وبلغت بها الوقاحة أن طلبت مباركة وتصفيق دولي وإقليمي على بقائها في سوريا وشرعنة احتلالها عبر منطقة آمنة تحت إدارتها المباشرة، أي بمعنى آخر إعادة الاحتلال التركي لسوريا بعد مرور قرن على طردها منها.
الحلم التركي في التوسع بالمنطقة وسوريا بخاصة يصطدم بجدار التضامن المشترك الذي بنته شعوب ومكونات سوريا وهذا يحصل لأول مرة منذ عشرينيات القرن الماضي عندما اندلعت الثورات والانتفاضات في جميع أنحاء سوريا لطرد الاحتلال الفرنسي، وهذه المكونات اختارت طريق الاتحاد والتعايش المشترك وتوحيد الكلمة ضد المرتزقة والشوفينية والاحتلال التركي. وتعكس حملة غضب الفرات التي حررت حتى الآن عشرات القرى والبلدات في المناطق المحيطة بمدينة الرقة حجم التضامن السوري وفعاليته على الأرض، الذي وصل إلى درجة أنَّه وبعد تحرير كل قرية يبادر أهلوها للانضمام إلى صفوف قوات سوريا الديمقراطية التي حملت على عاتقها مسؤولية تحرير المناطق السورية من المرتزقة والشوفينية.
والتضامن السوري المشترك يحمل في طياته أبعاداً متعددة فإلى جانب التضامن والاتحاد العسكري نجد اتحاداً إدارياً وسياسياً تمثَّل بمشاركة ممثلي المكونات والشعوب كافة في الإدارات الذاتية الديمقراطية وفي النظام الفيدرالي لشمال سوريا، وقبل أيام أُعلنت الإدارة المدنية الديمقراطية في مدينة منبج وريفها بمشاركة ممثلي جميع مكونات منطقة منبج. كما عقد مجلس سوريا الديمقراطية مؤتمره في مدينة ديريك، حيث شهد انضماماً لشخصيات جديدة ولممثلي مناطق جديدة وجرى انتخاب الشخصية السورية المعارضة المعروفة رياض درار إلى جانب إلهام أحمد في الرئاسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية والذي اتخذ قرارات سياسية في غاية الأهمية ولعل من بينها رفض الاحتلال التركي للأراضي السوري.
إن التضامن السوري المشترك بكل أبعاده بين جميع المكونات والشعوب هو الضامن الحقيقي لتحقيق الحرية والديمقراطية المنشودة في سوريا، وكذلك لإنهاء التدخلات والأطماع والاحتلال الأجنبي للأراضي السورية.
“روناهي”
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=2402