الخميس, يناير 9, 2025

رأس الأفعى الكردي

صبحي ساله يى
التجارب الطويلة مع الذين طغى على تفكيرهم السعي المستمر في سبيل الانزلاق باتجاه الهاوية، جعلتنا أن لا نشكّ يوماً فيما يقولون وأن لا نصدق عهودهم وتعهداتهم وبالذات عندما يطحنهم الخوف ويوجعهم القلقُ ويسيرون بثقة على طريق تأليب الحركات الشوفينية والعنصرية المتطرفة، ويسهمون في صنع مشاعر العداء لكل ما هو كردي.

قبل أيام تجرأ السيد صبحي الطفيلي ضمن غلوّه السياسي ودعا بعبارات مجحفة بحق الكرد، الى قطع رأس الأفعى الكردي لتنعم سوريا بالاستقرار، في حين تجاهل الذين حرّموا سوريا من الأمن والأمان والإستقرار والإعمار، وشردوا وهجروا الملايين وحولوا الإنسجام الى خصام والتفاهم الى تنافر وإختلاف، ومارسوا الضغوطات من أجل تضييق الخناق على السوريين وتركيعهم للإملاءات المزاجية والإنسياق مع مشاريعهم.

سمعت خطابه (في الثالث من كانون الثاني/يناير الحالي) وتذكّرت، وبالأكيد يتذكّر كثيرون ممّن تابعوا أخبار السيد الطفيلي (أول أمين عام لحزب الله اللبناني بعد تأسيسه عام 1982)، تذكّرت تحمّسه للتصعيد ضد الجميع ومواقفه وخطاباته السياسية التحريضية وتوجهاته المختلفة المثيرة للجدل، وذرائعه الدائمة غير الصادقة التي يكرّرها دون رفّة جفن، والمسوّقة لإغراق المنطقة في أتون الصدامات وإشعال نار الصراعات والفتن الطائفية وتوظيفها علنياً لصالح أجندته ومشروعه.

علة السيد وعلة أمثاله واحدة فى الأصل، وهي عدم الإعتماد على المنطق والعقل والواقع والاستدلال والتجربة، والعجز عن التحليل والتفسير والقيام بأداء المسؤوليات المنهجية، وتجاهل كل الحقائق الموضوعية، لذلك كل خطاباتهو مسمومة، تجارة بأوهام، ومخالفة للطبيعة الإنسانية، وتسييس للإسلام وأسلمة السياسة. ومن خلاله (أي خطابه) أكد إنه لا يختلف عن مزوّري التاريخ والمتلاعبين بالمفردات اللغوية في نشر ثقافة المعاداة لكل ما هو كردي وكردستاني، والتخطيط في العمق لتسيير الأمور بإتجاه الإطاحة بالآمال الكردستانية. وإنه يشبه الذين مارسوا الجرائم ضد الكرد الآمنين ووعاظ السلاطين الذين كانوا يحفظون الكثير من العبارات المجحفة بحقنا ويرددونها في كل مناسبة، ويعتبروننا أسباباً لكل المشكلات والمصائب التي نزلت وتنزل على رؤوس العراقيين، وفقهاء الحكام الذين حاولوا تشويه صورة الانسان الكردي ووصفوه بالمتمرد والخائن والانفصالي، ويشبه الذين نسوا وتناسوا الحكمة والموعظة الحسنة، ولا يختلف عن الذين لم يترددوا في توجيه السلاح ضد الكرد، بل كانوا يتفننون في تنفيذ مآربهم الاجرامية، ومارسوا الضغوطات من أجل تضييق الخناق على الكرد وتركيعهم للإملاءات المزاجية والإنسياق مع مشاريعهم الخبيثة، وبرعوا في التدمير المقرون بالكراهية والممزوج بالتدني الأخلاقي وفي شحذ الهمم لصالح صدام وحزبه.

خطاب كهذا لا يشجع على تنقية الأجواء المشحونة بالتوتر وإنعدام الثقة ولا يرفع المعاناة عن كواهل السوريين، ولا يدعوا الى الحوار والتشاور البناء ورسم رؤية مستقبلية واضحة تحدد معالم مستقبل سوريا دون قطع رأس أحد لغايات وحسابات سياسية أو مذهبية أو قومية أو دينية.

المصدر: Middle East Online

شارك هذه المقالة على المنصات التالية