رسالة موجهة إلى عناية حضرات:
- المقرر الخاص المعني بالحق في السكن اللائق.
- المقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والجبر وضمانات عدم التكرار.
- المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات.
- المقرر الخاص المعني بالنازحين داخليًا.
- المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للشعوب الأصلية.
- المقرر الخاص المعني بالحقيقة والعدالة والجبر.
إنّ هذه الرسالة موجّهة من قبلنا، نحن منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إلى حضراتكم بصفتكم الرسمية، بهدف لفت انتباهكم إلى الانتهاكات المستمرة لحقوق السكن والأراضي والممتلكات التي يعاني منها سكان منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض. فهؤلاء السكان تعرّضوا منذ عام 2019 لحملة تهجير قسري ممنهجة، عقب سيطرة الجيش التركي وفصائل “الجيش الوطني السوري” على المنطقتين ضمن عملية “نبع السلام”. وعلى الرغم من مرور سنوات على انتهاء العمليات العسكرية، لم يتمكن معظم السكان الأصليين من العودة إلى منازلهم، في ظل استمرار أنماط من الانتهاكات تشمل الاستيلاء غير المشروع على الممتلكات، وتوطين عائلات وافدة، وفرض قيود أمنية تمييزية، ما يعمّق من آثار التغيير الديمغرافي القسري ويعيق أي إمكانية للعودة الكريمة والطوعية.
ورغم سقوط نظام الأسد في أواخر عام 2024، وتشكيل حكومة انتقالية جديدة في دمشق مطلع عام 2025، واعتماد إعلان دستوري جديد في آذار/مارس من العام ذاته، فإن الواقع الميداني في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية في شمال سوريا لم يشهد أي تغيّر جوهري.[1] ففي 24 كانون الأول/ديسمبر 2024، أعلنت الحكومة الانتقالية ضمّ فصائل “الجيش الوطني السوري” شكلياً إلى وزارة الدفاع،[2] بما في ذلك الفصائل المسيطرة على منطقتي رأس العين وتل أبيض. وبذلك، لم تعد هذه الفصائل مجرّد كيانات أمر واقع، بل باتت – شكلياً على الأقل – جزءاً من منظومة الدولة الانتقالية المعترف بها دولياً، ما يُحمّل الحكومة مسؤولية مباشرة عن أفعالها أو عن تقاعسها في إخضاعها للرقابة والمساءلة.
1. التوصيات:
استناداً إلى شهادات الضحايا والناجين في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، وبعد تحليل الانتهاكات الموثقة المتعلقة بالاستيلاء على الممتلكات، التهجير القسري، وتغيير التركيبة السكانية، تحث “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أصحاب الولاية على ما يلي لوقف هذه الانتهاكات وضمان إعادة الحقوق إلى أصحابها:
- التواصل مع كافة الجهات المعنية، والتأكيد على مسؤوليتهم القانونية في الانتهاكات المرتكبة: ينبغي حثهم على إجراء تحقيقات شفافة وفعالة، واعلان نتائجها للجمهور، مع ضمان محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات بغض النظر عن مواقعهم داخل الجيش الوطني.
- إنهاء حالة الاحتلال والهيمنة غير المشروعة على منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض: يقع على عاتق الدولة التركية أن تقوم بسحب قواتها العسكرية وإنهاء دعمها المباشر وغير المباشر للفصائل المسلحة في تلك المناطق، امتثالًا بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني بوصفها قوة احتلال. كما يتعين على الحكومة السورية الانتقالية العمل عبر القنوات الدبلوماسية ومن خلال الضمانات الدولية المتاحة لضمان إخلاء تلك المناطق من أي وجود عسكري أجنبي غير شرعي واستعادة السيادة السورية عليها بشكل سلمي.
- ضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة للسكان المهجرين وتعويضهم: يعد تأمين عودة الأهالي إلى ديارهم في رأس العين/سري كانيه وتل أبيض الاختبار الأبرز لنجاح المرحلة الانتقالية في سوريا. المطلوب وضع خطة وطنية بإشراف الحكومة الانتقالية وبالتعاون مع الأمم المتحدة تضمن العودة الفورية للمهجرين إلى ممتلكاتهم، مع توفير ضمانات أمنية لهم وحمايتهم من أي انتقام أو تمييز. كما يجب جبر ضرر الضحايا وتعويض أصحاب الأملاك التي دمرت أو نُهبت أو استُخدمت بغير حقّ خلال السنوات الماضية. ويُستحسن أن يتبنى صندوق وطني للعدالة الانتقالية برامج تعويض وإعادة إعمار في تلك المناطق تمول من الموارد المجمدة للنظام السابق ومن مساهمات الدول الداعمة لإعادة الإعمار، وذلك تنفيذًا لأحكام الإعلان الدستوري الانتقالي الذي أكد على ردّ الممتلكات المصادَرة إلى أصحابها وإنصاف ضحايا الانتهاكات. إن عودة السكان المهجرين إلى ديارهم الأصلية في ظل احترام كامل لحقوقهم ستكون علامة فارقة على بداية تعافي النسيج الاجتماعي والسلم الأهلي في سوريا.
- حماية حقوق الملكية والسكن بموجب الإعلان الدستوري والتشريعات النافذة: نطالب بأن يتم إيلاء قضية حماية حقوق الملكية اهتمامًا تشريعيًا وتنفيذيًا عاجلًا. فمن الضروري أن تبادر السلطات السورية الانتقالية إلى إصدار تشريعات أو لوائح خاصة لمعالجة وضع العقارات المغتصبة في مناطق النزاع، وعلى رأسها رأس العين وتل أبيض. ويجب أن تنص هذه القواعد بشكل صريح على بطلان كافة التصرفات غير القانونية التي طالت ملكيات المهجرين (كعمليات البيع أو إعادة التخصيص القسري التي جرت تحت الاحتلال)، واعتبار أي سندات ملكية أو عقود تمت في ظل تلك الظروف معدومة الأثر القانوني. كما ينبغي إنشاء آلية قضائية أو إدارية خاصة – كـلجنة لرد المظالم العقارية – تتولى استقبال شكاوى المواطنين المهجرين والفصل فيها بسرعة، مع توفير المساعدة القضائية المجانية لهم. وفي هذا الصدد، نرحب بما ورد في الإعلان الدستوري لعام 2025 من تأكيد على ضمان الحقوق المكتسبة واحترام الملكية الخاصة ورد المظالم، ونشدد على وجوب ترجمة هذه المبادئ الدستورية إلى إجراءات فعالة تعيد الحقوق إلى أصحابها بشكل عاجل وعادل.
- إصدار بيان أو رأي عام من قبل الجهات الدولية المعنية: بما في ذلك الأمم المتحدة، لتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة والمنهجية التي تجري في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض. ينبغي أن يعكس هذا البيان خطورة الوضع، مع التأكيد على استمرار الانتهاكات بشكل واسع الانتشار، والضغط على جميع الأطراف المعنية لوقف هذه الانتهاكات الفورية وضمان محاسبة المسؤولين عنها وفق المعايير الدولية.
- حثّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على الاعتراف بالوجود التركي في مناطق شمال سوريا كاحتلال: بموجب المادة 42 من لائحة لاهاي لعام 1907، والمطالبة بوقف الانتهاكات وعودة السكان النازحين إلى مناطقهم الأصلية بشكل آمن وكريم، مع استعادة ممتلكاتهم أو تعويضهم عنها في حال تعذر ذلك.
2. خلفية وقائع:
في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019، شنت تركيا عملية “نبع السلام” العسكرية في شمال شرق سوريا، بهدف إقامة “منطقة آمنة” على طول الحدود التركية-السورية لإعادة توطين ما يقارب 2 مليون لاجئ سوري من تركيا إلى هذه المنطقة.[3] استهدفت العملية قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG)، والتي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي يعتبر منظمة إرهابية حسب تصنيف تركيا. من خلال هذه العملية، سعت تركيا إلى إبعاد القوات الكردية عن حدودها لمسافة 30 كيلومتراً، وذلك لتعزيز أمنها القومي ومنع التواصل بين الأكراد في سوريا وتركيا.[4]
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن بدء العملية بمشاركة مجموعات مسلحة تسيطر عليها تركيا، منطوية تحت راية “الجيش الوطني السوري”، الذي يضم فصائل مثل “فرقة السلطان مراد”، و”فرقة الحمزة” (الحمزات)، و”تجمع أحرار الشرقية”.[5] شملت العملية غارات جوية وقصفاً مدفعياً على مناطق رئيسية مثل رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، واستمرت حوالي 10 أيام قبل أن تتوقف بموجب اتفاق تهدئة تركي-أمريكي، انسحبت خلالها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مسافة 30 كيلومتراً من الشريط الحدودي بطول 120 كيلومتراً بين المدينتين، لتسيطر على المنطقة القوات التركية وفصائل الجيش الوطني.[6]
شهدت المنطقة خلال العملية، عمليات قصف عشوائية قامت بها القوات التركية وفصائل الجيش الوطني التي تدعمها مما كان له تداعيات إنسانية خطيرة على السكان المدنيين، حيث أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال حسب منظمة اللاجئين الدولية.[7] ترافق ذلك مع انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان على يد الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات التعسفية، والتعذيب.[8]
الأضرار لم تقتصر على الأفراد فقط، بل طالت أيضاً ممتلكات المدنيين. شهدت المنطقة عمليات نهب واستيلاء ممنهجة على المنازل والممتلكات من قبل الفصائل المسلحة. تم الاستيلاء على منازل المهجرين قسراً، واستخدامها كمقرات عسكرية أو لإسكان عائلات المقاتلين، وتم منع السكان الأصليين من العودة إليها. تورطت القوات التركية أيضاً في الاستيلاء على الممتلكات وتحويل بعض القرى إلى قواعد عسكرية[9].
وبعد العملية، استمرت انتهاكات الملكية بصورة منظمة. كما أدت هذه العمليات إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة في المنطقة، حيث تم توطين آلاف العائلات السورية النازحة قسراً من مناطق أخرى، بما في ذلك عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، في منازل السكان الأصليين المهجرين[10]، مما زاد من تعقيد الأوضاع الإنسانية في المنطقة. كما تعيد تركيا عدداً متزايداً من المرحلين قسراً من أراضيها إلى تل أبيض،[11] ما يسهم في التغيير الديمغرافي بشكل أكبر.
تستمر هذه الانتهاكات في ظل غياب جهود حقيقية وشفافة لإعادة الحقوق إلى أصحابها، وتخرق هذه الإجراءات العديد من بنود الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاق وقف إطلاق النار الأمريكي-التركي[12]، مما يعمق الأزمة الإنسانية ويزيد من معاناة السكان الأصليين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم.
3. انعكاس التطورات الجديدة في سوريا على المناطق محل الشكوى:
شهدت سوريا في أواخر عام 2024 تطورًا مفصليًا تمثل في سقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024 بعد سيطرة قوات إدارة العمليات العسكرية/قوات ردع العدوان (المؤلفة من هيئة تحرير الشام ومجموعات أخرى) على العاصمة دمشق. تبع ذلك إعلان تشكيل إدارة حكم انتقالية في سوريا. ففي 29 كانون الثاني/يناير 2025 أُعلن عن تعيين أحمد الشرع رئيسًا للفترة الانتقالية، وإلغاء العمل بالدستور السوري لعام 2012 وتشكيل حكومة انتقالية جديدة اعتمدت إعلانًا دستوريًا مؤقتًا في آذار/مارس 2025 وحلّ الفصائل المسلحة والأجهزة الأمنية السابقة وكذلك حل مجلس الشعب (البرلمان) وهيئة حزب البعث الحاكم سابقًا. وقد جاء هذا الإعلان في إطار شروع السلطات الانتقالية في إعادة هيكلة شاملة لمؤسسات الدولة وترسيخ سيادة القانون بعد عقود من الحكم الشمولي.[13]
بالرغم من التغيير السياسي الوطني الكبير، لا تزال منطقتا رأس العين وتل أبيض تعانيان من الوضع القائم ذاته من حيث السيطرة الفعلية والقوانين المطبقة. فعمليًا، لم تمتد سلطة الحكومة الانتقالية المركزية بشكل كامل إلى تلك المناطق حتى الآن نظرًا لتعقيدات وجود قوات أجنبية وميليشيات محلية مسيطرة. لا تزال القوات التركية منتشرة في تلك المناطق الحدودية وتمارس نفوذًا أمنيًا وإداريًا مباشرًا أو غير مباشر عليها. وتُقدّر بعض المصادر وجود حوالي 10,000 جندي تركي ضمن قوات الاحتلال المنتشرة في شمال سوريا، تشمل مناطق عفرين ورأس العين وتل أبيض وغيرها. وفي الوقت نفسه، تستمر الفصائل المسلحة الموالية لتركيا (الجيش الوطني السوري) في التواجد هناك، ولو أن وضعها القانوني تغير إسميًا بعد التغييرات السياسية الأخيرة. [14]
فمع إعلان حل الفصائل “الثورية” ودمجها ضمن هيكلية وزارة الدفاع السورية الجديدة بتاريخ 24 كانون الأول/ديسمبر 2024، أصبح من المفترض نظريًا أن تندمج تلك التشكيلات المسلحة (بما فيها فصائل الجيش الوطني المنتشرة في رأس العين وتل أبيض) تحت إمرة الجيش الوطني السوري الموحد التابع للسلطة الانتقالية. وبالفعل، أعلن عن ضم “الجيش الوطني السوري” اسميًا تحت قيادة وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية. ولكن على أرض الواقع، لا يزال كثير من عناصر هذه الفصائل يعملون بتوجيه ودعم مباشر من تركيا. تفيد التقارير بأن الفصائل المذكورة رغم اندماجها الاسمي ما زالت تتلقى رواتبها وتعليماتها من الحكومة التركية، مما يبقي ولاءها وتأثيرها العملي خارج نطاق السيطرة الكاملة للحكومة السورية الانتقالية. ويُظهر ذلك أن التوافق الذي جرى بين الفصائل قد يكون هشًا، حيث لا تزال الولاءات والتنافس على الموارد والمواقع قائمة ضمن هذه الجماعات المسلحة . وتخشى بعض تلك الفصائل فقدان نفوذها أو مواردها في ظل هيكلة الجيش الجديد، ما قد يدفعها للمماطلة أو مقاومة الاندماج الكامل. [15]
على صعيد التطورات الميدانية الحديثة، وردت تقارير في نيسان/أبريل 2025 تفيد بانسحاب دفعات متتابعة من عناصر فصائل “الجيش الوطني السوري” من مدينتي رأس العين وتل أبيض باتجاه الأراضي التركية. رُصدت حافلات تُقل مقاتلين من فصائل مثل “أحرار الشرقية” و”الحمزات” و”السلطان مراد” وغيرهم وهي تغادر مدينة رأس العين شمال محافظة الحسكة باتجاه تل أبيض ثم تعبر إلى الداخل التركي. هذا التطور المفاجئ أثار تساؤلات واسعة حول الأسباب الحقيقية وراء انسحاب تلك الفصائل وما إذا كان مقدمة لتغيّر في واقع السيطرة على المنطقة. ولم يصدر تفسير رسمي واضح؛ فبعض المصادر ترجّح أنه في إطار إعادة هيكلة وانتشار تنظمها تركيا كخطوة لاحقة للاتفاقيات مع السلطة الانتقالية (أو نتيجة تفاهمات دولية لخفض التصعيد مع القوات الكردية المجاورة)، بينما أشارت تسريبات أخرى إلى خشية العديد من عناصر هذه الفصائل من البقاء في المنطقة نظرًا لسجلهم في الانتهاكات. إذ أفادت مصادر بأن عدداً من قادة وعناصر الفصائل الموالية لتركيا غادروا منطقة “نبع السلام” إلى مناطقهم الأصلية داخل سوريا عبر تركيا في الأيام الأخيرة، ولكنهم تجنبوا العبور عبر مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) خوفًا من التعرض للانتقام أو المحاسبة بسبب تورطهم السابق في انتهاكات ضد أهالي المنطقة بما في ذلك قتل وإيذاء مدنيين وأسرى. إن هذا الانسحاب الجزئي إن تأكد واستمر، قد يدل على إعادة تموضع للقوى العسكرية في تلك المناطق، وربما يفتح المجال أمام ترتيبات أمنية جديدة – سواء باستلام قوى النظامية تابعة للحكومة الانتقالية مسؤولية الأمن، أو بالتوصل إلى تفاهمات مع قوات قسد لتجنب الصدام وضمان الاستقرار، أو حتى بتولي القوات التركية نفسها إدارة أكثر مباشرة لحفظ النظام في تلك المناطق بدلًا من وكلائها المحليين.[16]
رغم ما سبق، يظل الوضع الإنساني وحقوق السكان في رأس العين وتل أبيض على حاله المتردي إلى تاريخ إعداد هذه الشكوى. فالغالبية العظمى من سكان المنطقتين الأصليين ما زالوا نازحين قسرًا في مخيمات مؤقتة وظروف معيشية قاسية، محرومين من العودة إلى بيوتهم وأراضيهم. الكثير منهم مضى على نزوحه أكثر من خمس سنوات دون أي حل في الأفق. ممتلكاتهم إما تعرضت للتدمير أو الاستيلاء، وأي محاولة منهم للمطالبة بحقوقهم تصطدم بواقع غياب سلطة القانون واستمرار هيمنة القوة العسكرية في تلك المناطق. وحتى بعد انتقال السلطة في دمشق، لم تُتخذ خطوات عملية ملموسة بعد لإعادة المهجرين أو ضمان حقوقهم في الممتلكات في رأس العين وتل أبيض. فلم يصدر عن الحكومة الانتقالية حتى الآن (نيسان/أبريل 2025) أي إعلان رسمي خاص يتعلق بوضع هذه المناطق أو خطة لمعالجة انتهاكات الملكية والسكن فيها. ويُفهَم ذلك نظرًا لتعقيد الوضع كون تلك المناطق ما زالت خارج السيطرة المباشرة للحكومة الانتقالية وتحتاج إلى ترتيبات إقليمية ودولية لفرض حلول فيها.[17]
4. الحقائق:
في الفترة ما بين أيار/مايو 2024 وآذار/مارس 2025، أجرت منظمتنا 40 مقابلة ركزت على انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات المرتكبة من قبل القوات التركية وفصائل من “الجيش الوطني السوري” المسيطرة على مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض في شمال شرق سوريا. جميع الضحايا هم من السكان الأصليين للمنطقة، بعضهم اضطر للنزوح عنها بسبب العمليات العسكرية والانتهاكات التي تعرضوا لها، بينما لا يزال آخرون مهجرين منها بسبب مخاوف من التعرض لهذه الانتهاكات مجدداً في حال عودتهم. من بين هؤلاء الأشخاص، كان هناك 23 نازحاً من رأس العين/سري كانيه و15 من تل أبيض، وقد تعرضوا أو أقاربهم لأشكال مختلفة من الانتهاكات، بما في ذلك الاعتقال، التعذيب، التهديد بالاعتقال، أو الابتزاز المادي.[18] ولكن هناك العديد من الحالات الأخرى التي تعرضت لانتهاكات مشابهة في فترات سابقة بين 2019 و2023، مما يعزز الاعتقاد بأن هذه الانتهاكات تمثل نمطاً منهجياً وممارسة متسقة ضد المدنيين في المنطقة. [19]
وفي هذا السياق، تفيد شهادات جمعت من قبل باحثين/ات ميدانيين في سوريون بأن بعض عناصر الفصائل المسلحة غير المنحدرين من المنطقة، بدأوا بمحاولات فردية لنقل عائلاتهم وأطفالهم وممتلكاتهم إلى مدنهم الأصلية، بينما بقوا هم داخل سري كانيه/رأس العين وحدهم بانتظار فرصة للالتحاق بأسرهم. كما وثّقت حالات لاعتقال عدد من العناصر من قبل فصائلهم على خلفية هذه المحاولات، مما أدى إلى فراغ بعض المنازل من قاطنيها. وأكدت مصادر محلية أن فصيلي “الحمزات” و“العمشات” غادرا سري كانيه بشكل شبه كامل.[20]
كما تؤكد إفادات من الداخل أن عودة السكان الأصليين إلى المدينتين لم تبدأ حتى الآن، وأن الظروف الأمنية، واستمرار المصادرة، وغياب السلطة المدنية، تشكل أبرز المعوّقات. بل إن بعض محاولات استرداد الممتلكات عبر دفع رشاوى قوبلت بشروط تعسفية، تضمنت إلزام أصحابها بالبقاء داخل المنطقة وعدم مغادرتها، وهو ما يعكس استمرار البيئة القسرية وغير الآمنة.[21]
كشف جميع الضحايا الذين تمت مقابلتهم عن أسمائهم ومعلوماتهم الشخصية بناءً على طلب فريق الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، إلا أنهم رفضوا مشاركة هذه البيانات مع الجهات الفاعلة الأخرى أو نشرها، نظراً لخوفهم الشديد من التعرض لأعمال انتقامية، سواء كانوا هم أنفسهم أو أفراد أسرهم أو أقاربهم، من قبل الجناة المزعومين.
5. انتهاكات حقوق السكن والأراضي والملكية:
الاستيلاء على المنازل والمحلات التجارية:
وفقاً للشهادات التي وثقتها “سوريون”، وشهادات أخرى من مصادر متنوعة، بما في ذلك تقارير أممية وتقارير منظمات حقوقية محلية و دولية، تم تسجيل انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الملكية في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض بعد عملية “نبع السلام” التي شنتها تركيا في أكتوبر 2019 وتؤكد توثيقات لجنة التحقيق حدوث واستمرار هذه الانتهاكات في تقريرها الأحدث الصادر بتاريخ 12 آب/أغسطس 2024.[22] هذه الانتهاكات شملت ما لا يقل عن 62 منزلاً، 52 محلاً وعقاراً تجارياً، بما في ذلك مستودعات ومعامل، بالإضافة إلى 19 قطعة أرض زراعية تمتد على مساحة 4747 هكتاراً، كان بعضها مزروعاً قبل التوغل التركي. تضمنت هذه الانتهاكات أيضاً الاستيلاء على معدات زراعية وصناعية وأطنان من البذور المخزنة، وجاءت بعد التوغل مباشرة أو خلال فترات مختلفة من السيطرة التركية على المنطقة.[23]
بحسب التقارير، لم تكن هذه الانتهاكات حوادث فردية أو عشوائية، بل نفذت بشكل منهجي وعلى نطاق واسع من قبل الجيش التركي والفصائل المسلحة التابعة له مثل “فرقة الحمزة” (الحمزات)، “أحرار الشرقية”، و”فرقة السلطان مراد”. استخدمت هذه الفصائل سيطرتها العسكرية للاستيلاء على منازل المدنيين وتحويلها إلى مقرات عسكرية أو لإسكان عائلات عناصرها، فيما تعرضت ممتلكات أخرى للنهب والتدمير.[24] وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من فصائل “الجيش الوطني السوري” مصنفة على قوائم عقوبات الولايات المتحدة الأمريكية بسبب تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، مثل تجمع “أحرار الشرقية” الذي تم تصنيفه في تموز/يوليو 2021. ومؤخراً تم تصنيف كل من فرقة الحمزة (الحمزات) وفرقة السلطان سليمان شاه (العمشات) لصلتهم بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في منطقة عفرين شمال سوريا، بحقّ السكان الكُرد، بما في ذلك عمليات الخطف والاعتقال والابتزاز والاغتصاب والتعذيب والاستيلاء على الأراضي والممتلكات.[25]
الشهادات الموثقة من قبل منظمة بيل توضح أن الاستيلاء على المنازل والمحلات التجارية كان من أكثر الانتهاكات شيوعاً. على سبيل المثال، اقتحم عناصر “الحمزات” منازل في رأس العين وكتبوا أرقاماً باللون الأحمر على الجدران، مما يشير إلى أن هذه المنازل أصبحت تحت سيطرتهم. قال أحد الشهود: “رأيتهم يضعون الأرقام على الجدران وأبلغونا أن كل منزل يحمل رقماً هو الآن ملك لهم، وليس للسكان حق في العودة”. في حالات أخرى، تم إسكان عائلات عناصر الفصائل في المنازل المصادرة، حيث أشار شاهد من تل أبيض: “بعد خروجي من القرية بسبب القصف التركي، عدت لأجد أن فصيل أحرار الشرقية قد استولى على منزلي وكتبوا على الجدار (محجوز لأحرار الشرقية)، وأسكنوا فيه عناصرهم بعد نهب محتوياته”.[26]
وفي حوادث أخرى موثقة من قبل سوريون، طُرد تاجر سيارات كردي من منزله في حي الخرابات برأس العين/سري كانيه، حيث قال: “رأينا نحو عشرين عنصراً، مدججين بالأسلحة وبلباس عسكري، يتحدثون اللغة العربية، كانوا يدخلون منازل الحي، ومنها منزلي. سألتهم ماذا تريدون، أنا صاحب هذا المنزل، فقالوا لي سنستخدم هذا المنزل كنقطة عسكرية، وصادروا كل محتوياته وهددوني بقوة السلاح”.[27] عندما حاول العودة في اليوم التالي لإخراج بعض المستلزمات لعائلته، واجهه حارس مسلح بالكلاشنكوف وطلب منه الانصراف وإلا سيسجنه في المنزل. هرب من المدينة ويعيش الآن في بلدة تل تمر.
كما مُنع مزارع كردي نازح من دخول منزله في حي المحطة برأس العين عندما عاد إلى المدينة في نهاية 2019، حيث واجهه عناصر من فصيل “صقور الشمال”. قال: “طرقت الباب، وخرج شخص يرتدي لباساً عسكرياً، سألني ماذا تريد؟ فأخبرته أني صاحب البيت وأريد العودة للسكن فيه. أثناء ذلك، خرج عسكري آخر يحمل رشاشاً وأطلق عدة رصاصات بين أقدامنا وبدأ بالصراخ علينا قائلاً: ‘يا كلاب يا ولاد الكلاب جايين من عند الحزب وبدكم بيوت… البيت إلك و أوهبنا ياه’”.[28]
تاجر مواد غذائية كردي آخر، نزح إلى القامشلي، عاد إلى رأس العين خلال 2019 على أمل استعادة محله ومنزله، ليجد الأخير وقد نُهبت محتوياته بالكامل واستولى عليه قيادي يُدعى “شعبان محمد” من فرقة “الحمزة/الحمزات”. قال: “بيعت جميع مقتنيات منزلي من قبل المدعو شعبان محمد. حاولت أن أشتريها منه لكنه رفض، وعرض علي أن أشتري مقتنيات أخرى لديه. اعترف لي بأنه قام ببيع جميع أثاث منزلي ومقتنياتي في سوق بمدينة تل أبيض. أخبرني الجيران أنهم رأوا سيارة نقل كبيرة وضعت فيها أثاث منزلي ونُقلت لمكان آخر”.[29] كما علم لاحقاً أن القيادي باع منزله لرجل من حمص مقابل 1000 دولار أمريكي.
وفي شهادات إضافية لسوريون، أفاد مدرس كردي نازح من قرية الصالحية في رأس العين، يعيش الآن في القامشلي، بأن منزله أصبح خالياً وغير صالح للسكن بعد أن دُمر سقفه وانتُزعت منه الأعمدة الداعمة. أخبره جيران عرب عادوا إلى قريتهم المجاورة، أن الفصائل استخدمت منزله كمستودع لتخزين المسروقات من القرى القريبة. قال: “نهبوا بيوتنا بشكل كامل ولم يتركوا شيئاً، حتى الجدران والأشجار دُمرت بالجرافات وفتحوا طريقاً إلى المنزل”.[30]
كما طالت عمليات النهب أيضاً 28 عقاراً، بما في ذلك معامل ومحلات ومطاعم يمتلكها تاجر مواد غذائية كردي نازح من رأس العين، وقال إن ممتلكاته وقعت تحت سيطرة “فرقة الحمزة/الحمزات” أو فصيل الموالي التابع لها. القوات التركية استخدمت مستودعات معمل البرغل الذي يملكه، الواقع على طريق تل حلف-سري كانيه. قال: “في البداية نُهب وسُرق بعض الأشياء من المعمل، إلى أن استولى عليه فصيل الحمزات واستلمه شخص يُدعى أبو عبدو البوشي من مدينة الباب. كان يريد تشغيل المعمل، لذا منع نهبه بالكامل، وبالفعل قام بتشغيل المعمل وأنتج البرغل. ولكن قبل سنة، تم فصله وطرده، وخلال الفترة ما بين طرده وقدوم مجموعة أخرى لاستلام المعمل، نُهب كثير من المعمل، بما في ذلك الكابلات الكهربائية والقطع الغالية”.[31]
في تل أبيض، تعرض صاحب مكتب عقاري عربي للاستيلاء على منزله في قرية كورمازة. قال إن عناصر الجيش الوطني دخلوا القرية واقتربوا من المنزل، وأخبرهم عمه الذي كان يسكن فيه بأن المنزل يخص ابن أخيه وأنه يملك المفتاح. ومع ذلك، قاموا بكسر الباب باستخدام سبطانة دبابة، ودخلوا المنزل وسرقوا كل محتوياته أمام عمه. لاحقاً، سيطرت كتيبة “لواء الشمال” بقيادة أبو عبد الله الزربي على المنزل وحولته إلى مقر عسكري لعدة أشهر، ثم سُلّم البيت إلى عنصر من الجيش الوطني، والذي يعيش فيه الآن مع عائلته.[32]
وفي تل أبيض، اتبعت الفصائل المسلحة نهجاً مشابهاً، حيث تم تحويل العديد من المنازل إلى ورشات لصيانة المعدات العسكرية ومقرات احتجاز. في شهادة أحد الأطباء الأسنان الذين نزحوا من المدينة لمنظمة تآزر، أشار إلى أن منزله وعيادته الطبية في تل أبيض تم الاستيلاء عليهما من قبل “الجيش الوطني السوري”، وتم تحويل العيادة إلى مقر أمني بعد سرقة كافة المعدات الطبية. هذا الاستخدام للممتلكات لم يكن يهدف فقط إلى فرض السيطرة على المنطقة، بل كان جزءاً من استراتيجية أوسع لترهيب السكان ومنعهم من التفكير في العودة.[33]
ترافقت عمليات الاستيلاء هذه مع نهب واسع للممتلكات. في شهادات متعددة، تحدث الضحايا عن سرقة أثاثهم، أجهزتهم الكهربائية، وحتى ممتلكاتهم الشخصية، حيث كانت الفصائل المسلحة تجمع هذه المسروقات وتبيعها في أسواق خاصة أُنشئت لهذا الغرض. في إحدى الشهادات، ذكر ضحية كيف وجد منزله خالياً تماماً بعد أن تمكن من دفع رشوة لأحد العناصر للسماح له بالدخول، وعندما سأل عن ممتلكاته، قيل له ببساطة: “ربما سرقه آخرون قبلنا”.[34] هذه الشهادات تعكس انعدام أي نوع من المساءلة أو المحاسبة للفصائل المسلحة، وتظهر كيف أن عمليات النهب كانت جزءاً من النشاط اليومي لهذه الفصائل في المناطق المحتلة.
إحدى الاستراتيجيات الأخرى التي استخدمتها الفصائل كانت بيع المنازل التي استولت عليها إلى مستوطنين جدد، غالباً من النازحين الذين جلبتهم تركيا إلى المنطقة. هذه البيوع كانت تتم باستخدام وثائق مزورة، مما جعل من المستحيل على السكان الأصليين استعادة حقوقهم في الملكية. أحد الضحايا ذكر أن منزله تم بيعه إلى نازح جديد باستخدام أوراق مزورة، وعندما حاول الاعتراض، هُدد بالقتل.[35]
كما لجأت الفصائل المسلحة إلى ابتزاز السكان المهجرين مالياً. في رأس العين، طُلب من السكان دفع مبالغ كبيرة لاستعادة منازلهم،[36] ومع ذلك، حتى بعد دفع هذه المبالغ، لم يتمكن الضحايا من العودة إلى منازلهم. في إحدى الحالات، دفع أحد الضحايا المبلغ المطلوب منه لاستعادة منزله، لكن الفصائل لم تلتزم بالاتفاق واستمرت في احتلال المنزل، بل وهددوه بالقتل إذا حاول المطالبة بحقه مجدداً.[37]
بناءً على شهادات متعددة، يبدو أن هذه الممارسات لم تكن مجرد استيلاء عشوائي على الممتلكات، بل كانت جزءاً من استراتيجية متعمدة وممنهجة تهدف إلى طرد السكان الأصليين من رأس العين وتل أبيض، وإحلال سكان جدد مكانهم من العناصر المسلحة وعائلاتهم. هذا النهج لم يكن مجرد محاولة للاستفادة الاقتصادية من الممتلكات المسروقة، بل كان يسعى إلى فرض تغيير ديموغرافي وسياسي في المنطقة، مما يجعل من الصعب على السكان الأصليين العودة أو استعادة ممتلكاتهم.
في ظل هذه الانتهاكات، لم تُتخذ أي إجراءات من قبل السلطات التركية أو الفصائل المسلحة لحماية حقوق السكان الأصليين. بل على العكس، يظهر من الشهادات أن هناك تسامحاً وتواطؤاً ضمنياً مع هذه الممارسات، مما يعزز من شعور الضحايا بالعجز وعدم القدرة على استعادة حقوقهم. وفقاً لشهادة أحد الضحايا: “لقد شعرنا بأننا لسنا فقط بلا مأوى، بل بلا حقوق، وكأننا لم نعد ننتمي لهذه الأرض”.[38]
من الواضح أن الانتهاكات التي وقعت في رأس العين وتل أبيض لم تكن مجرد تجاوزات فردية أو حالات منعزلة، بل كانت جزءاً من سياسة أوسع تهدف إلى تغيير الوضع القائم في هذه المناطق لصالح القوى التي تمارس السيطرة الفعلية على المنطقة، عبر تهجير السكان الأصليين، والاستيلاء على ممتلكاتهم، وتحويلها إلى أدوات لخدمة مصالح الفصائل المسلحة والقوات التركية.
الاستيلاء على الأراضي الزراعية:
إلى جانب الاستيلاء غير المشروع على منازل المدنيين، شهدت المنطقة استيلاءً واسعًا على الأراضي الزراعية، التي تشكل مصدر رزق أساسي للسكان المحليين. وفقًا للشهادات الموثقة، تم تسجيل العديد من حالات الاستيلاء على الأراضي الزراعية.وقد أكدت لجنة التحقيق المستقلة الدولية بشأن سوريا (لجنة التحقيق) حدوث واستمرار هذه الانتهاكات في تقريرها الأحدث الصادر بتاريخ 12 آب/أغسطس 2024. [39]
تفاقمت معاناة النازحين نتيجة هذه الانتهاكات، حيث حُرم العديد منهم من حق العودة إلى أراضيهم الزراعية التي وقعت تحت سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا. في بعض الشهادات الموثقة من “سوريون” ، ذكر النازحون أن أراضيهم تُزرع بشكل غير قانوني من قبل الفصائل المسلحة. على سبيل المثال، أفاد أحد المزارعين الكرد النازحين من رأس العين أن فصيلًا مسلحًا استولى على أرضه في عزودنكة التابعة لمنطقة رأس العين دون موافقته. قال الشاهد: “لم يتصل بي أحد ولم يأخذ الإذن مني بزراعة أرضي.”[40] وقد استمر الفصيل في زراعة الأرض والاستفادة من المحاصيل بينما ظل المالك الأصلي مشردًا.[41]
في شهادة أخرى، أكد نازحون من تل أبيض أن أراضيهم الزراعية، المجهزة بمحركات الري وغيرها من المعدات، أصبحت تحت سيطرة عناصر نافذة من مناطق أخرى. هؤلاء الأفراد استغلوا الأرض دون تعويض أو استشارة أصحابها الشرعيين. أحد المزارعين قال إن قريته تحولت إلى “معبر عسكري تستخدمه القوات التركية والفصائل المتحالفة معها”[42]، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية الزراعية بالكامل، بما في ذلك شبكات الري.[43]
ومن جانب آخر، أشار نازح من قرية سوسك في تل أبيض إلى أن أراضيه وأراضي عائلته أصبحت الآن تحت سيطرة الفصائل المسلحة. قال الشاهد: “كنت أملك جميع الآلات الزراعية ولم أكن أحتاج أحداً، أما الآن فأنا أعيش بالإيجار وأعمل في الزراعة لدى الآخرين.” أوضح أن الفصيل المسيطر على المنطقة قام بدمج أراضي القرى المجاورة، مما منع السكان الأصليين من الوصول إلى ممتلكاتهم واستغلالها.[44]
تشير شهادات أخرى موثقة من منظمة بيل إلى أن قادة الفصائل المسلحة استولوا على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، التي كانت في الأصل ملكًا للمهجرين الكرد في كل من رأس العين وتل الأبيض. تم استغلال هذه الأراضي لتحقيق مكاسب اقتصادية للفصائل، في حين بقي أصحابها محرومين من حقوقهم.[45]
وفي حالات أخرى، تم تحويل القرى إلى قواعد عسكرية. وفقًا لشهادات النازحين، دُمرت قراهم، وتم تجريف أراضيهم، وتحويلها لجزء من المنشآت العسكرية. قال أحد الشهود: “استولت القوات العسكرية التركية على أراضي زراعية وضمت 40 دونما من أصل 113 ألى القاعدة العسكرية التركية.”[46] وأكدته شهادة أخرى من سكان قرية شراكراك التابعة لمدينة تل أبيض الذي ايضا تم الاستيلاء على أرضه البالغ مساحتها 2- دونم وتم تجريفها من 200 شجرة زيتون كانت مزروعة فيها وتحويلها لقاعدة عسكرية للجيش التركي. [47]
هذه الشهادات تؤكد أن الاستيلاء على الأراضي الزراعية لم يكن مجرد عمل عشوائي، بل تم بشكل ممنهج لاستغلال الموارد الطبيعية والاقتصادية للسكان المهجرين. تشير الأدلة المذكورة بالشهادات الواردة سابقا إلى أن هذه العمليات كانت تهدف إلى تعزيز السيطرة العسكرية والاقتصادية للفصائل المدعومة من تركيا، مع تغيير التركيبة السكانية للمنطقة وإحباط محاولات السكان الأصليين للعودة إلى أراضيهم.
6. التحليل القانوني:
-
- مسؤولية الحكومة التركية:
- حسب القوانين الدولية:
- مسؤولية الحكومة التركية:
استناداً إلى المادة 42 من اللائحة المتعلقة بقوانين وأعراف الحرب البرية ضمن اتفاقية لاهاي لعام 1907، التي تنص على أن “تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون تحت السيطرة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يُمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها”، تتطلب هذه المادة أن تكون السيطرة مباشرة أو من خلال وكلاء في المنطقة. بناءً على الشهادات والعديد من التقارير السابقة التي أوردتها منظمة “سوريون”،[48] تُظهر أدلة أن تركيا تمارس سيطرة فعلية على مناطق مثل رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، من خلال وجود حوالي 41 نقطة وقاعدة عسكرية، إدارة مباشرة للخدمات عبر مكتب والي شانلي أورفا، ورفع العلم التركي على مختلف المؤسسات الرسمية.[49] كما أن منظمات حقوقية دولية مثل منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش قد صنفت الوجود التركي في هذه المناطق كاحتلال، وذلك في جميع التقارير التي وثقت الانتهاكات هناك.[50] بما أن تركيا تمارس السيطرة الفعالة، يُعتبر وجودها في سوريا وسيطرتها الشاملة على أجزاء من الأراضي السورية عقب عملية “نبع السلام” احتلالاً.
بصفتها “قوة احتلال”، تخضع تركيا لالتزامات إيجابية تتراوح بين الالتزامات المباشرة والفورية والالتزامات الإضافية التي تصبح سارية مع مرور الوقت. تركيا ملزمة بضمان احترام واجباتها كسلطة احتلال كما هو منصوص عليه في المواد 42-56 من لوائح لاهاي لعام 1907 والمواد 27-34 و47-78 من اتفاقية جنيف الرابعة[51]، بالإضافة إلى المادة (2) المشتركة من اتفاقيات جنيف التي تدعو إلى تطبيق مبادئ قانون النزاع المسلح الدولي لحماية الأفراد تحت السيطرة.[52]
ممارسات الجيش الوطني السوري، الذي تدعمه تركيا، تُنسب أيضاً إلى الدولة التركية وفقاً للمادة (8) من المواد المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً، التي تنص على أن التصرفات التي تُنفذ بناءً على توجيهات الدولة أو تحت رقابتها تُعتبر فعلاً صادراً عن الدولة بموجب القانون الدولي. هذا يشمل الأفعال التي يقوم بها أشخاص يعملون فعلياً بتوجيه من الدولة أو تحت رقابتها.[53]
كدولة احتلال، تركيا ملزمة قانونياً، استناداً إلى اتفاقية جنيف الرابعة، بحماية ممتلكات السكان المدنيين وعدم الاستيلاء عليها أو تدميرها، كما هو مُنص عليه في المادة 43 من لائحة لاهاي.[54] ويتوجب على تركيا محاسبة المتورطين في الانتهاكات، خاصة وأن الاستيلاء على العقارات والمنازل كان يهدف في الغالب إلى إسكان العسكريين وعائلاتهم أو لأغراض الحصول على الفدية، مما يدفع بالسكان إلى المغادرة ويساهم في تغيير الديموغرافي في المنطقة دون أي ضرورة عسكرية حتمية تبرر تلك الأفعال.[55]
- حسب القانون السوري:
من منظور التشريعات السورية ينص الإعلان الدستوري على التزام الدولة السورية بالحفاظ على وحدة الأرض السورية وتجريم دعوات التقسيم والانفصال وطلب التدخل الأجنبي أو الاستقواء بالخارج . بناءً عليه، يُعتبر الوجود التركي في مناطق مثل رأس العين/سري كانيه وتل أبيض انتهاكًا صريحًا لسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها. [56]كما يؤكد الإعلان على أن الدولة وحدها هي التي تنشئ الجيش، ويحظر على أي فرد أو جهة إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، ويُحصر السلاح بيد الدولة .[57] وبالتالي، فإن دعم تركيا للفصائل المسلحة في هذه المناطق يُعد خرقًا لهذا المبدأ الدستوري.
7. الاعتداء على حق السكان في الملكية والسكن اللائق وتدمير والاستيلاء على الممتلكات:
-
- حسب القوانين الدولية:
فيما يتعلق بحق الملكية والسكن، المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد على أهمية الحق في الملكية الفردية أو المشتركة، وتحظر تجريد الأفراد من ممتلكاتهم بشكل تعسفي.[58] كما أن حق السكان في الملكية الخاصة محمي أيضا بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966، والذي تعد تركيا طرفاً فيه. وفقًا للمادة 11 من العهد، يحق لكل فرد الحصول على مستوى معيشي لائق، بما في ذلك حق السكن المناسب، ولا يجوز حرمان الأشخاص من ممتلكاتهم دون مبرر قانوني.[59] كما أكدت لجنة حقوق الإنسان في قرارها رقم 77/1993 تاريخ 10 آذار/مارس أن “ممارسة الإخلاء القسري تشكل انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان، ولا سيما الحق في السكن اللائق”، وحثت “الحكومات على أن تتخذ تدابير فورية على جميع المستويات، بقصد القضاء على ممارسة الإخلاء القسري”، وفي المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي كررت لجنة حقوق الإنسان التأكيد على أن “لكل إنسان الحق في الحماية من ان يشرد تعسفاً من مسكنه أو من محل إقامته المعتاد”. [60]
المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة تصف التدمير الواسع النطاق للممتلكات بدون ضرورة عسكرية مبررة بأنه انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.[61] في هذا السياق، فإن عمليات التدمير التي قامت بها القوات التركية والفصائل المدعومة منها في مناطق مثل تل أبيض ورأس العين، سواء فيما يتعلق بتدمير المنازل أو الاستيلاء على الأراضي الزراعية ون مبرر قانوني أو ضرورة عسكرية، تُعتبر انتهاكاً صارخاً لأحكام هذه الاتفاقية. هذه الأفعال تستدعي المساءلة ليس فقط للدولة كقوة احتلال، ولكن أيضًا للأفراد المتورطين وفقاً لأحكام المادة 146 من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي تنص على ملاحقة المسؤولين عن الجرائم الجسيمة أمام المحاكم الدولية أو المحلية.[62]
من ناحية أخرى، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، في المادة 8(2)(ب)(13)، يحظر تدمير أو الاستيلاء على الممتلكات دون وجود ضرورة عسكرية، ويصنف هذه الأفعال كجرائم حرب.[63]هذه الانتهاكات هو ما حدث في تل أبيض ورأس العين، حيث جرت عمليات نهب واستيلاء على الممتلكات دون وجود ضرورة عسكرية، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية. المادة 8(2)(ب)(16) من نظام روما الأساسي تصف السلب في النزاعات المسلحة الدولية كجريمة حرب، وتطالب بمحاسبة الأفراد والجماعات المتورطة في مثل هذه الجرائم.[64] علاوة على ذلك، فإن تحريم السلب والنهب هو جزء من القانون الدولي العرفي، وهو ملزم لكافة الدول والجماعات المسلحة، وفقًا للقاعدة 52 من قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي.[65]
المادة 46 من لائحة لاهاي لعام 1907 تحظر كذلك مصادرة الملكية الخاصة في الأراضي المحتلة، وهو ما يعني أن عمليات الاستيلاء على المنازل والأراضي الزراعية دون تعويض أو مبرر قانوني تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني.[66] إن تدمير الممتلكات أو السيطرة عليها من خلال القوة العسكرية أو الميليشيات المدعومة، كما هو موثق في هذه الحالات، يُعتبر خرقاً للالتزامات الدولية التي تنص على حماية الملكية الخاصة في النزاعات المسلحة.
علاوة على ذلك، فإن المادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحظر عمليات النهب أو السلب، وهو حظر يتماشى مع المواد 28 و47 من لائحة لاهاي لعام 1907[67]، التي تنص على حماية ممتلكات المدنيين الخاصة وتحظر استغلالها لأغراض عسكرية أو لتحقيق مكاسب اقتصادية من قبل القوى المحتلة. هذه القوانين تهدف إلى ضمان حماية حقوق الملكية في النزاعات المسلحة، ومنع الأطراف المتورطة من استغلال الوضع لتحقيق منافع غير مشروعة. المادة 46 من لائحة لاهاي لعام 1907 تحظر كذلك مصادرة الملكية الخاصة في الأراضي المحتلة، وهو ما يعني أن عمليات الاستيلاء على المنازل والأراضي الزراعية دون تعويض أو مبرر قانوني تُعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. إن تدمير الممتلكات أو السيطرة عليها من خلال القوة العسكرية أو الميليشيات المدعومة، كما هو موثق في هذه الحالات، يُعتبر خرقاً للالتزامات الدولية التي تنص على حماية الملكية الخاصة في النزاعات المسلحة. في هذا السياق، دعا المقرر الخاص المعني بالحق في السكن اللائق إلى تصنيف هذه الانتهاكات الجسيمة تحت مسمى “جريمة إهلاك السكنى”، وهي جريمة قائمة بذاتها في القانون الجنائي الدولي. هذا المفهوم يتضمن التدمير المتعمد للمنازل، أو جعلها غير صالحة للسكن، أو أي شكل آخر من أشكال الحرمان المنهجي من السكن، عندما يحدث ذلك في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد مجموعة من السكان المدنيين.
- حسب القانون السوري:
من منظور التشريعات السورية، نص الإعلان الدستوري في المادة 16 على أن “حق الملكية الخاصة مصون، ولا تنزع إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل”[68]. كما الإعلان الدستوري ينص على أن الدولة تمهد الأرضية المناسبة لتحقيق العدالة الانتقالية من خلال إلغاء جميع القوانين الاستثنائية التي ألحقت ضررًا بالشعب السوري وتتعارض مع حقوق الإنسان، وإلغاء مفاعيل الأحكام الجائرة الصادرة عن محكمة الإرهاب التي استخدمت لقمع الشعب السوري بما في ذلك رد الممتلكات المصادرة، وإلغاء الإجراءات الأمنية الاستثنائية المتعلقة بالوثائق المدنية والعقارية والتي استخدمها النظام البائد لقمع الشعب السوري.[69]
كما ذكر الإعلان الدستوري على إحداث هيئة لتحقيق العدالة الانتقالية تعتمد آليات فاعلة تشاورية مرتكزة على الضحايا، لتحديد سبل المساءلة، والحق في معرفة الحقيقة، وإنصاف الضحايا والناجين، بالإضافة إلى تكريم الشهداء[70] بناءً عليه، فإن توفير سبل انتصاف فعّالة للمتضررين من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات التركية والفصائل المدعومة منها يُعد التزامًا دستوريًا على الدولة السورية.
القانون المدني السوري لعام 1949 ينص في المادة 771 على أن الملكية لا يمكن نزعها إلا وفق القانون ومقابل تعويض عادل، ويعتبر حرمان أحد من ملكه دون وجه حق خرقًا صريحًا لأحكام القانون،وأكدت المادة 768 بأن لمالك الشيء وحده وفي حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه، أما المادة 770 فقد ذكرت بأن لمالك الشيء الحق في كل ثماره ومنتجاته وملحقاته ما لم يوجد نص أو اتفاق يخالف ذلك .[71] كما أن قانون العقوبات السوري حسب المادة 723 يعاقب على جريمة غصب العقار بعقوبات تتراوح بين الحبس لمدة تصل إلى ستة أشهر، وقد تصل العقوبة إلى ثلاث سنوات في حال كان الفاعلون يحملون السلاح أو ارتكبوا الجرم بشكل جماعي. إضافةً إلى ذلك، يحظر القانون السوري دخول المنازل بالقوة أو بدون موافقة المالكين. المادة 557 من قانون العقوبات تفرض عقوبات على من يدخل عنوة إلى منازل الآخرين، وقد تصل العقوبة إلى ثلاث سنوات إذا وقع الجرم ليلاً أو باستخدام السلاح أو العنف.[72] وهو ما ينطبق على العديد من الحالات التي وردت في هذه الشكاوى.
إلا أن هذه العقوبات، بالرغم من وجودها في التشريعات السورية، لا تتناسب مع جسامة الأفعال المرتكبة في سياق النزاع المسلح الجاري في سوريا، حيث أن التشريعات السورية تعامل هذه الجرائم باعتبارها أفعالاً فردية، ولم تعالج القوانين السورية مسألة ارتكاب هذه الجرائم في إطار نزاع مسلح أو سياسة ممنهجة. علاوة على ذلك، فإن المحاكم السورية لا تطبق العهود والمواثيق الدولية بشكل كافٍ، حيث لا يُعتبر القانون الدولي في سوريا أسمى من القوانين المحلية. كما أن سوريا ليست طرفًا في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي لا تطبق القواعد الخاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، التي تشمل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الملكية والسكن اللائق. هذه الثغرات في النظام القانوني السوري تؤكد الحاجة إلى الالتزام بالقانون الدولي، سواء في النزاعات المسلحة أو في الأوقات العادية، لضمان حماية حقوق الأفراد ومنع التعدي عليها.
8. التهجير القسري:
تشكل عمليات التهجير القسري التي قامت بها القوات التركية والفصائل المدعومة منها خرقاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني. المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة تحظر النقل القسري للسكان المدنيين في المناطق المحتلة،[73] ما يعني أن أي تهجير للسكان دون ضرورة عسكرية يعتبر غير قانوني. في حالة التهجير الذي يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية، كما حدث في تل أبيض ورأس العين، يعتبر هذا التهجير انتهاكاً صارخاً لهذه القواعد. وبموجب المادة 8(2)(ب)(8) من نظام روما الأساسي[74]، فإن مثل هذه العمليات تعد جريمة حرب عندما تحدث في إطار خطة أو سياسة تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي واسع النطاق.
هذه العمليات لا تقتصر فقط على تغيير التركيبة السكانية، بل تؤدي إلى انتهاكات أوسع للقانون الدولي الإنساني. تغيير التركيبة السكانية يمثل أيضًا انتهاكاً للقواعد الأساسية للنزاع المسلح الدولي، حيث تُعتبر عمليات التهجير القسري التي تؤدي إلى تغيير ديموغرافي كبير جريمة ضد الإنسانية.[75] هذه الانتهاكات تقوض الحق الأساسي للسكان في العودة إلى منازلهم، وهو حق محمي بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لعام 1966، الذي تنص المادة 12 منه على حق كل فرد في حرية التنقل واختيار محل إقامته.[76] لا يجوز تهجير الأفراد بشكل قسري إلا بموجب قانون واضح وصارم. وفي هذه الحالة، التهجير الذي يستهدف إعادة توطين سكان جدد وإحداث تغييرات ديموغرافية يناقض هذا الحق ويشكل انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي.
علاوة على ذلك، فإن المبادئ التوجيهية بشأن التشريد الداخلي، التي اعتمدتها الأمم المتحدة في عام 1998، توضح بجلاء ضرورة حماية المشردين داخليًا في جميع الظروف، بما في ذلك حماية ممتلكاتهم من النهب والتدمير والاستيلاء غير القانوني.[77] استمرار انتهاك حقوق الملكية الخاصة للمشردين داخليًا، كما هو موثق في هذه الشهادات، يُعد خرقاً لهذه المبادئ. هذا التجاهل التام لحقوق النازحين يتعارض مع الالتزامات الدولية المتعلقة بحماية المشردين داخلياً.
في تقريرها الصادر في نيسان/أبريل 2021، أشارت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً إلى أن فقدان الأراضي والسكن هو سمة رئيسية من سمات التشريد الداخلي. هذه الانتهاكات المتكررة لحقوق الإسكان والأراضي والملكية تحدث في كثير من الأحيان نتيجة لاستراتيجيات تمييزية تهدف إلى تهجير بعض الجماعات بناءً على انتمائها الديني أو الإثني أو الاجتماعي أو السياسي، ومنعها من العودة إلى ديارها.[78] كما أن المادة 5 من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965 تُلزم الدول الأطراف بضمان التمتع الكامل بحق التملك دون تمييز بسبب العرق أو الأصل القومي.[79] في هذه الحالة، عمليات الاستيلاء والتهجير القسري التي تستهدف بشكل رئيسي السكان الأكراد تثير قضايا متعلقة بالتمييز العرقي وانتهاك الاتفاقية، حيث أن كل من سوريا وتركيا طرفان في هذه الاتفاقية. التمييز العرقي الممنهج الذي تُمارسه الفصائل المدعومة من تركيا ضد الأقليات القومية، خصوصاً الأكراد، يعد انتهاكًا واضحاً لالتزامات تركيا الدولية بموجب هذه الاتفاقية.
كما لا يمكن تجاهل الانتهاكات المرتبطة بالتغييرات الديموغرافية القسرية في المنطقة، التي تتعارض مع التزامات تركيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. تهدف هذه التغييرات إلى إعادة توزيع السكان لتحقيق أهداف سياسية وعسكرية[80]، مما يمثل انتهاكاً لحقوق السكان الأصليين في البقاء في أراضيهم وممتلكاتهم. وفقاً للقانون الدولي، تُعتبر عمليات التهجير القسري التي تستهدف تغيير التركيبة السكانية جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة 7 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.[81] علاوة على ذلك، فإن التغيير الديموغرافي المتعمد عبر توطين عائلات جديدة، بما في ذلك عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في المنازل المصادرة، يعد انتهاكاً لحقوق الأقليات الأصلية في المنطقة ويخالف إعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية، دينية ولغوية لعام 1992[82]، الذي يؤكد على ضرورة احترام حقوق الأقليات في السكن والعيش بسلام في أراضيهم.
9. حق الانتصاف الفعال:
من الضروري أن تتوافر للأشخاص الذين تم انتهاك حقوقهم، خاصة فيما يتعلق بحق الملكية والسكن، سبل انتصاف فعّالة وملائمة، تضمن إعادة الحقوق إلى أصحابها وتعويضهم عما لحق بهم من أضرار. ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الفقرة (3) من المادة (2) على التزام الدول بضمان توفير سبيل انتصاف فعال لكل من انتهكت حقوقه، بما في ذلك حق الملكية، حتى وإن كان الانتهاك قد صدر عن أفراد يتصرفون بصفتهم الرسمية.[83]
وفقاً للتعليق العام رقم (31) الصادر عن مجلس حقوق الإنسان، يجب على الدول الأطراف، إلى جانب الحماية الفعالة للحقوق المشمولة بالعهد، أن توفر سبل انتصاف ميسّرة وفعالة.[84] وهذا يشمل إنشاء آليات قضائية وإدارية مناسبة للتحقيق في انتهاكات حقوق الملكية ومعالجتها بسرعة وكفاءة. إن فشل الدول في التحقيق أو تقديم الجناة للعدالة يُعد بحد ذاته انتهاكاً لالتزامات الدولة بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.[85]
وفي حالة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الملكية والسكن كما هو الحال في تل أبيض ورأس العين، يتطلب الإنصاف الفعّال تعويضات تشمل إعادة الحقوق لأصحابها، أو تعويض مالي مناسب، أو إعادة التأهيل، وضمانات بعدم تكرار الانتهاكات. تلزم المادة 13 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان[86] تركيا بتقديم تعويض فعال لضحايا الانتهاكات، سواء كانت الانتهاكات صادرة عن كيانات رسمية أو جهات غير حكومية تابعة للسلطات التركية. هذا الالتزام يتماشى أيضاً مع مبادئ المقرر الخاص للأمم المتحدة باولو بينيرو التي تضمن حق اللاجئين والمشردين في استعادة ممتلكاتهم أو الحصول على تعويضات عادلة في حال تعذر استردادها.
في ضوء جميع هذه الانتهاكات، يتوجب على تركيا، كدولة طرف في هذه المعاهدات الدولية، اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء هذه الانتهاكات وتعويض المتضررين، وضمان عودة النازحين والمشردين داخلياً إلى ممتلكاتهم بطريقة آمنة وكريمة، مع ضمان الحماية من أي أعمال انتقامية أو عقوبات جماعية إضافية.
في سياق العدالة الانتقالية في سوريا، يجب أن تشمل سبل الانتصاف الفعّالة معالجة انتهاكات حقوق الملكية تحديداً، من خلال إنشاء آليات واضحة لاستعادة الممتلكات أو تقديم تعويضات عادلة في حال تعذر استرداد الممتلكات. يجب توفير الدعم القانوني اللازم لضمان وصول الضحايا إلى العدالة، وإصلاح القوانين والإجراءات التي أدت إلى انتهاك هذه الحقوق. كما يجب ضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات من خلال إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية المسؤولة عن حماية الممتلكات وحقوق أصحابها.[87]
[1] رغم تفاهمات دمشق- “قسد”.. عزلة ومعاناة مستمرة بتل أبيض ورأس العين، عنب بلدي،13 نيسان/أبريل 2025 https://www.enabbaladi.net/748706/%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D9%82%D8%B3%D8%AF-%D8%B9%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA
[2] ماذا بعد دمج كافة الفصائل العسكرية ضمن وزارة الدفاع السورية؟ https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/23/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AF%D9%85%D8%AC-%D9%83%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B5%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B6%D9%85%D9%86
[3] “بعد انطلاقها.. تعرف إلى أهداف عملية ’نبع السلام‘ التركية بشمال سوريا”، الجزيرة نت، 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://www.aljazeera.net/politics/2019/10/9/%d8%aa%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a7-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d8%a7-%d8%b4%d8%b1%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d9%85%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9 انظر أيضأ: وزير تركي يتفقد مشروع بناء مساكن في تل أبيض السورية”، وكالة الأناضول، 19 حزيران/يونيو 2022 https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D8%AA%D9%81%D9%82%D8%AF-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9-%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B3%D8%A7%D9%83%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9/2616910
[4] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa /
[5] Sirwan Kajjo, Which Syrian Groups Are Involved in Turkey’s Syria Offensive?, VOA, 09 October 2019 https://www.voanews.com/a/extremism-watch_which-syrian-groups-are-involved-turkeys-syria-offensive/6177353.html
[6] Turkey’s Operation Peace Spring in northern Syria: One month on, Aljazeera, 08 Novembr 2019 https://www.aljazeera.com/news/2019/11/8/turkeys-operation-peace-spring-in-northern-syria-one-month-on
[7] “النزوح واليأس: الغزو التركي لشمال شرق سوريا” (بالانكليزية)، منظمة اللاجئين الدولية، 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 https://www.refugeesinternational.org/reports-briefs/displacement-and-despair-the-turkish-invasion-of-northeast-syria/
2019.
[8] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة حول سوريا. الصادر في 13 آذار/مار س 2023.A/HRC/52/69 https://documents-dds-ny.un.org/doc/UNDOC/GEN/G23/010/22/PDF/G2301022.pdf?OpenElement
[9] “انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024. https://pel-cw.org/16468/
[10] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar/
[11] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar
[12] الولايات المتحدة وتركيا تتفقان على وقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا”، البيت الأبيض، 17 تشرين الأول/أكتوبر 2019. https://trumpwhitehouse.archives.gov/briefings-statements/united-states-turkey-agree-ceasefire-northeast-syria
[13] السلطات السورية تعلن حل الجيش وتعليق العمل بالدستور وتعيين الشرع رئيساً للبلاد، BBC news، 29 يناير/كانون الثاني 2025 https://www.bbc.com/arabic/articles/cwyp1knn3wno
[14] Ozcelik, Burcu, and Serhat Erkmen. Can Turkey Stabilise Syria? Long Read. 13 January 2025.
[15] Ibid
[16] Heading towards Turkey | “National Army” factions continue to withdraw from Tal Abyad and Ras Al-Ain. 10 April 2025. https://www.syriahr.com/en/359619/#:~:text=Al,their%20families%20toward%20Turkish%20territory
[17] رغم تفاهمات دمشق- “قسد”.. عزلة ومعاناة مستمرة بتل أبيض ورأس العين13 أبريل 2025 https://www.enabbaladi.net/748706/%D8%B1%D8%BA%D9%85-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%87%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D9%82%D8%B3%D8%AF-%D8%B9%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D9%85%D8%B3%D8%AA/
[18] تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa /
[19] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[20] خلال مقابلة عبر الانترنت أجراها باحث في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”15 آيار,2025
[21] خلال مقابلة عبر الانترنت أجراها باحث في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”19 آيار,2025
[22] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية (A/HRC/57/86)، الصادر بتاريخ 12 آب/أغسطس 2024، الفقرات 81 و82.
[23] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa
/
[24] انظر الى الشهادات في كل من التقارير التالية : “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa
/، “انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024 https://pel-cw.org/16468/، أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar/
[25] U.S. Department of the Treasury, Treasury Sanctions Syrian Regime Prisons, Officials, and Syrian Armed Group, 28 July 2021 https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy0292
U.S. Department of the Treasury, Treasury Sanctions Two Syria-Based Militias Responsible for Serious Human Rights Abuses in Northern Syria, 17 August 2023 https://home.treasury.gov/news/press-releases/jy1699
[26] “انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024 https://pel-cw.org/16468/
[27] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 13 أيار/مايو 2024. انظر أيضا : تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية (A/HRC/45/31)، الصادر بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2020، الفقرة 49
[28] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 11 أيار/مايو 2024. انظر أيضا: “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[29] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 8 أيار/مايو 2024
[30] خلال مقابلة عبر الانترنت أجراها باحث في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 1 حزيران/يونيو 2024
[31] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 8 تموز/يوليو 2024
[32] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[33] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar/
[34] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 2 تموز/يوليو 2024. انظر أيضا : تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية (A/HRC/45/31)، الصادر بتاريخ 15 أيلول/سبتمبر 2020، الفقرة 50
[35] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar/
[36] كل شي بقوة السلاح”، هيومن رايتس ووتش، 29 شباط/فبراير 2024 (آخر زيارة للرابط: 27 آب/أغسطس 2024). https://www.hrw.org/ar/report/2024/02/29/387395#771
[37] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[38] “تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[39] تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالجمهورية العربية السورية (A/HRC/57/86)، الصادر بتاريخ 12 آب/أغسطس 2024
[40]خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 2 حزيران/يونيو 2024.
[41]“تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[42]“تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[43] خلال مقابلة فيزيائية أجراها الباحث الميداني في “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بتاريخ 23 حزيران/يونيو 2024.
[44]“تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[45]“انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024 https://pel-cw.org/16468/
[46]“انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024 https://pel-cw.org/16468/
[47]“انتهاكات حقوق السّكن والأراضي والملكية بعد عام 2019 رأس العين/سري كانيه وتل أبيض”، بيل، 25 كانون الثاني/يناير 2024 https://pel-cw.org/16468/
[48] انظر على سبيل المثال: “نبع السلام: التعذيب كأداة للاضطهاد وتكريس التهجير القسري”. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة. 26 حزيران/يونيو 2023. https://stj-sy.org/ar/%d9%86%d8%a8%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%b9%d8%b0%d9%8a%d8%a8-%d9%83%d8%a3%d8%af%d8%a7%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b6%d8%b7%d9%87%d8%a7%d8%af-%d9%88%d8%aa%d9%83
[49] تعب العمر كلو راح بليلة وحدة “خمس سنوات على عملية “نبع السلام”: انتهاكات السكن والأراضي والممتلكات مستمرة في رأس العين/ سري كانيه وتل أبيض” ، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة https://stj-sy.org/ar/%d8%aa%d8%b9%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85%d8%b1-%d9%83%d9%84%d9%88-%d8%b1%d8%a7%d8%ad-%d8%a8%d9%84%d9%8a%d9%84%d8%a9-%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%87%d8%a7%d9%83%d8%a7%d8%aa/
[50] سوريا: يجب على تركيا وضع حد للانتهاكات التي ترتكبها الجماعات الموالية لها والقوات المسلحة التركية ذاتها في عفرين”، العفو الدولية، 2 آب/أغسطس 2018 (آخر زيارة للرابط: 17 أيلول/سبتمبر 2024). https://www.amnesty.org/ar/latest/news/2018/08/syria-turkey-must-stop-serious-violations-by-allied-groups-and-its-own-forces-in-afrin/
انظر أيضاً: “نقل غير قانوني لسوريين إلى تركيا”، هيومن رايتس ووتش، 3 شباط/فبراير 2021 (آخر زيارة للرابط: 17 أيلول/سبتمبر 2024). https://www.hrw.org/ar/news/2021/02/03/377722
[51] Geneva Convention Relative to the Protection of Civilian Persons in Time of War (Fourth Geneva Convention), 12 August 1949, Art 27-34- 47-78
[52] The Geneva Conventions of 1949 – Art. 2
[53] Articles on Responsibility of States for Internationally Wrongful Acts 2001 – Art 8
[54] Convention (IV) respecting the Laws and Customs of War on Land and its annex: Regulations concerning the Laws and Customs of War on Land. The Hague, 18 October 1907. Art.43.
[55] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar
[56] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية مادة 7 (1) ، 13 أذار 2025 https://sana.sy/?p=2198312
[57] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية مادة 9 ، 13 أذار 2025 https://sana.sy/?p=2198312
[58] Universal Declaration of Human Rights ( 1948) – Art 17.
[59] International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (1966) – Art 11
[60] تقرير المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق كعنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب، والحق في عدم التمييز في هذا السياق (A/77/190)، الصادر بتاريخ 19 تموز/يوليو 2020.
[61] The Geneva Conventions of 1949. Art.147
[62] The Geneva Conventions of 1949. Art.146
[63] The Rome statute of 1988, Art. 8 (2)(b)(viii).
[64] The Rome Statute of 1988, Art. 8 (2)(b)(xvi).
[65] ICRC, Customary IHL Database, Rule 52.
[66] Convention (IV) respecting the Laws and Customs of War on Land and its annex: Regulations concerning the Laws and Customs of War on Land. The Hague, 18 October 1907, Art 46
[67] Convention (IV) respecting the Laws and Customs of War on Land and its annex: Regulations concerning the Laws and Customs of War on Land. The Hague, 18 October 1907. Art. 28 and 47.
[68] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية مادة 16، 13 أذار 2025 https://sana.sy/?p=2198312
[69] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية مادة 48 (1) (3) ، 13 أذار 2025 https://sana.sy/?p=2198312
[70] الإعلان الدستوري للجمهورية العربية السورية مادة 49، 13 أذار 2025 https://sana.sy/?p=2198312
[71] القانون المدني السوري لعام 1949، الجمهورية العربية السورية-مجلس الشعب، متوافر على الرابط التالي: http://www.parliament.gov.sy/arabic/index.php?node=201&nid=12162&ref=tree
[72] قانون العقوبات السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 148 لعام 1949، الجمهورية العربية السورية-وزارة العدل، متوافر على الرابط التالي: http://jus.moj.gov.sy/ar/node/574
[73] The Geneva Conventions of 1949 – Art.49
[74] The Rome Statute of 1988, Art. 8 (2)(b)(xiii).
[75] The Rome Statute of 1988, Art. 7 (1)(d).
[76] International Covenant on Civil and Political Rights ( 1966) – Art 12.
[77] United Nations Commission on Human Rights, ‘Guiding Principles on Internal Displacement’ (1998) UN Doc E/CN.4/1998/53/Add.2.
[78] تقرير المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخلياً، سيسليا خيمينيس-داماري (A/HRC/47/37)، الصادر بتاريخ 21 نيسان/أبريل 2021.
[79] International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (1966) – Art 11
[80] أين بيتي: انتهاكات حقوق الملكية في شمال سوريا تُكرّس التغيير الديمغرافي”، رابطة تآظر للضحايا، 19 كانون الثاني/يناير 2023 https://hevdesti.org/ar/violations-of-property-rights-in-northern-syria-ar
[81] The Rome Statute of 1988, Art. 7
[82] United Nations General Assembly, ‘Declaration on the Rights of Persons Belonging to National or Ethnic, Religious and Linguistic Minorities’ (1992) UNGA Res 47/135.
[83] International Covenant on Civil and Political Rights ( 1966) – Art 2 -3
[84] لجنة حقوق الإنسان ، التعليق العام رقم 31 ؛ طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ، CCPR / C / 21 / Rev.1 / Add.13 ، 26 أيار/مايو 2004 ، الفقرة. 15.
[85] لجنة حقوق الإنسان ، التعليق العام رقم 31 ؛ طبيعة الالتزام القانوني العام المفروض على الدول الأطراف في العهد ، CCPR / C / 21 / Rev.1 / Add.13 ، 26 أيار/مايو 2004 ، الفقرة. 16-17-18.
[86] European Convention on Human Rights, 4 November 1950,Art 13
[87]see A/77/162: Sustainable Development Goals and transitional justice: leaving no victim behind – Report of the Special Rapporteur on the promotion of truth, justice, reparation and guarantees of non-recurrence, Fabián Salvioli, 14 July , 2022
المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=72956