بير رستم
كلنا تابع خلال الأيام الماضية زخماً إعلامياً كبيراً لتصريحات المبعوث الأمريكي؛ توم براك، على صفحات التواصل الاجتماعي وكذلك على مواقع إخبارية عدة، ممن يحملون حقداً أسوداً على قوات سوريا الديمقراطية والكرد عموماً وقد كان العديد من هؤلاء يسن السكاكين لغزوات جديدة مع أن كل المؤشرات والوقائع تؤكد؛ بأن الأمور في سوريا تتجه نحو الحلول السياسية وليس للمواجهات العسكرية وخاصةً مع التطورات الأخيرة على الساحة الشمالية من كردستان (تركيا)، ناهيك عن أن أي مواجهة بين قسد وقوات الحكومة الانتقالية في دمشق ستكون لصالح قسد وليس الأخيرة.
لكن وخلافاً أو بالأحرى دحضاً للكثير من الكلام والتصريحات المفبركة والتي روّجت على لسان براك، فها هو الأخير يصرح لقناة رووداو بخصوص العلاقة مع قسد، بما يلي: (“هناك تأييداً قوياً لقوات سوريا الديمقراطية، خاصةً في الكونغرس، ولقد كنا واضحين جداً في رغبتنا بتمهيد الطريق وتوفير مدخل لهم للانضمام إلى الحكومة السورية”.
وأكد توم باراك على وحدة سوريا، قائلاً: “ما هو موجود هو سوريا. هناك كيان يتطور في سوريا. سيكون لديهم دستور سوري. سيكون لديهم برلمان جاد. يجب أن يكون لدى الجميع القدرة على مناقشة كيفية حدوث ذلك”.
وجدّد باراك دعم حكومة بلاده لقوات سوريا الديمقراطية، ولكن في إطار سوريا، مردفاً: “لسنا طرفاً في هذه القضية، إلا أننا نريد التأكد من أن هذه المناقشات تُجرى وتُطرح بشكل عادل. بالطبع، لدينا طرف مفضل في هذا السباق وهو قوات سوريا الديمقراطية، التي كانت جيدة جداً معنا على طول هذا الطريق. نريد التأكد من أنهم يحصلون على معاملة عادلة وأنهم يُمنحون فرصة للدخول في العملية، إذا رغبوا في ذلك. وإذا لم يرغبوا في ذلك، فهذا قرارهم. ليس قرارنا”). (إنتهى الاقتباس من رووداو).
طبعاً ما نلاحظه العديد من النقاط الهامة والتي تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية والدعم الأمريكي وتفضيلهم على باقي التشكيلات الموجودة في الساحة السورية، ضمناً ما يعرف بتشكيلات الجيش السوري والتي هي ليست إلا تجميع لفصائل وميليشيات إسلامية راديكالية غير متحدة والكثير منها، إن لم نقل كلها تتحرك بمنطق فصائلي وليس بنفس جيش وطني حقيقي، ثم إنه يكشف حجم الدعم في أمريكا والكونغرس خاصةً لقوات قسد، وبأن كل ما في الأمر هي أن أمريكا تريد أن تمهد الطريق لانضمام قسد لحكومة وطنية جامعة لكل الأطراف، لكن بالأخير القرار يعود لقيادة قسد وليس لأحد آخر حتى أمريكا!
يعني وباختصار شديد يقول: بأن قوات سوريا الديمقراطية “قسد” هو الحليف الأمريكي الأهم في سوريا والذي يدعمه الكونغرس، وبأن ما تقوم به أمريكا عبر مبعوثها الخاص هو فتح المجال للحوار والتلاقي وصولاً لتشكيل جيش يكون قسد جزءً أساسياً منه وذلك وفق رؤيتهم وليس وفق رؤية أمريكا، أو حتى دمشق، وبأن الهدف من هذا الاندماج هو توحيد القوى جميعاً لقيام سوريا حرة بدستور وبرلمان جاد حقيقي، يمثل كل الطيف السوري وليس وفق عقلية بعض الجماعات العنصرية السلفية وهذه رسالة كافية بقناعتنا لإسكات الكثير من الأبواق التي روّجتها بعض وكالات إخبارية تركية وتناولها هؤلاء وهم يعتقدون؛ بأن نهاية قسد قربت وبأن سيكون هناك حسم عسكري إن فشل الحوار والطرق الدبلوماسية، وها هو حبيبهم براك يصدمهم بالموقف الأمريكي الرسمي.
ملاحظة وتوضيح؛ صحيح أتى في سياق تصريح المبعوث الأميركي براك، بأن “لا يوجد أي مؤشر على قيام كوردستان حرة”. ويضيف قائلا أيضاً؛ بأن “لا يوجد أي مؤشر على وجود دولة مستقلة لقسد. بالنسبة لي”، وكذلك “لا يوجد أي مؤشر على قيام دولة علوية مستقلة أو دولة يهودية مستقلة”! والتي ربما البعض يستغلها ويروج لمقولة أن ها هي أمريكا ترفض الانفصال وإلى آخر تلك الاسطوانة التي يكررها البعض بغباء والبعض الآخر بقصد الفتنة، فإن ردنا وببساطة هو التالي: إن قوات سوريا الديمقراطية ولا حتى الأحزاب الكردية في سوريا وبمختلف تياراتها لم تطالب بالاستقلال التام، وليس الانفصال والفرق كبير بين المصطلحين في المعنى والدلالات السياسية، بل ان مطلب شعبنا هو دولة وطنية ديمقراطية يشارك بها كل مكونات سوريا وتضمن حقوق الجميع على مبدأ التكافؤ والمساواة التامة ولذلك لا داع لذاك العلاك الفاضي عن التقسيم والانفصال.
نعم سوريا ستكون حرة ديمقراطية مدنية وليست إمارة إسلامية راديكالية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=71909