السبت, ديسمبر 21, 2024

سوريا: القانون رقم 10 لعام 2018 أداة مستمرة للمصادرة التعسفية للأملاك

عرفت سوريا أول تشريع لتنظيم المدن أو التخطيط الحضري في فترة الانتداب الفرنسي، حين صدر أول قانون لتنظيم المدن بتاريخ 22 كانون الثاني/يناير 1933. وظلَّ سارياً حتى ألغي بالقانون رقم 9 لعام 1974، والصادر بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير، والذي ظلَّ بدوره نافذاَ حتى ألغي بالقانون رقم 23 لعام 2015 الصادر في 8 كانون الأول/ديسمبر.

وقبيل صدور قانون التنظيم الأخير رقم 23، صدر المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، بتاريخ 18 أيلول/سبتمبر، وقضى بإحداث منطقتين تنظيميتين في مدينة دمشق. الأولى: تنظيم منطقة جنوب شرق المزة من المنطقتين العقاريتين مزة، كفرسوسة، وسميت لاحقاً “ماروتا سيتي“. والثانية: تنظيم جنوبي المتحلق الجنوبي من المناطق العقارية مزة، كفرسوسة، قنوات بساتين، داريا، قدم، وسميت لاحقاً “باسيليا سيتي“. أخضع المرسوم المنطقتين لأحكام تنظيمية خاصة نصَّ عليها بمتنه تختلف عن الأحكام المعمول بها بموجب القانون الساري آنذاك رقم 9 لعام 1974.

وفي عام 2018 صدر القانون الإشكالي رقم 10 موضوع هذه الورقة الموجزة، ليعدّل المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 الآنف الذكر، ويوسع من نطاقه المكاني، ليشمل مناطق سوريا بكاملها، بدلاً من المنطقتين الواردتين في المرسوم 66 المذكور. ولفت القانون رقم 10 الأنظار محلياً ودولياً، إلى المشاكل العقارية التي تعاني منها سوريا وإلى الانتهاكات التي تطال حقوق الملكيات العقارية فيها، طوال العقود السابقة، والتي ازدادت وتيرتها خلال سنوات الحرب المدمرة.

المرتكزات الأساسية للقانون 10 لعام 2018:

صدر القانون رقم 10 لعام 2018 في 2 نيسان/أبريل، وقد تناول في جوهره مسألتين:

الأولى: تفويض رئيس الجمهورية صلاحية إصدار مراسيم بإحداث عدد من المناطق التنظيمية ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية (المدن، البلديات) في كافة أنحاء سوريا، بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية، واستناداً إلى دراسات ومخططات عامة وتفصيلية مصدقة، والى دراسة جدوى اقتصادية معتمدة، وتسري عليها أحكام المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 المذكور سابقاً.
الثانية: تعديل عدد كبير من مواد المرسوم التشريعي 66 لعام 2012.[1]

يعد القانون رقم 10 لعام 2018 من القوانين العمرانية المتعلقة بتنظيم وعمران المدن، والتي تعرف باسم قوانين التخطيط الحضري.[2]

الغاية المعلنة لسن القانون رقم 10 لعام 2018:

نظرياً، وعلى غرار قانون تنظيم وعمران المدن رقم 23 لعام 2015، يهدف هذا القانون لتنظيم أو إعادة تنظيم أية منطقة عمرانياً واقعة ضمن المخطط التنظيمي العام،[3] سواء كانت تحتاج لإعادة إعمار أم لا، وسواء كانت من مناطق السكن العشوائي والمخالفات أم لم تكن؛ حيث كما أشرنا سابقاً، تحدد هذه المنطقة بموجب مرسوم يصدر عن رئيس الجمهورية بناء على اقتراح وزير الإدارة المحلية استناداً إلى دراسة جدوى اقتصادية معتمدة.

لكن القانون رقم 10 لعام 2018 يختلف عن قانون عام 2015، من ناحية التصرف بالملكية والاقتطاع المجاني ومسائل أخرى سيتطرق إليها هذا التقرير.

الحد من حرية التصرف بالأسهم التنظيمية:

عند شمول التنظيم لمنطقة ما تتعرض الملكية العقارية فيها لعملية إعادة تنظيم، وتتحول الملكية الصحيحة لكامل العقار إلى أسهم تنظيمية على الشيوع تشمل كامل المنطقة، وفق حسابات فنية هندسية تقوم بها لجان قضائية وفنية يحددها القانون.

بحسب قوانين التنظيم والعمران المتعاقبة منذ عام 1933 وحتى 2015؛ كان مصير هذه الأسهم التنظيمية الشائعة التوزيع الإجباري؛ حيث تقوم اللجان القضائية والفنية المشار إليها أعلاه، بتوزيع الأسهم على المقاسم الجديدة، وتسعى قدر الإمكان لإعطاء مالك الأسهم حصته في موقع عقاره القديم أو قريباً منه.[4]

أما القانون رقم 10 لعام 2018 فقد اعتمد طريقة أخرى مختلفة عن أسلوب التوزيع الإجباري، فحدد للمالك خيارات حصرية وشروط صارمة للتصرف بملكية الأسهم التنظيمية وفقاً للمرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012:

أ. المادة 28(أ) من المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012:

يمكن لمالكي أسهم المقاسم التنظيمية على الشيوع خلال سنة فقط من تاريخ إعلان جدول التوزيع النهائي تداول ملكية الأسهم فيما بينهم أو للغير كلياً أو جزئياً وتوثيق الوقوعات في السجل.

ب. المادة 29(أ) من المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012:

منح القانون لمالك الأسهم التنظيمية مهلةَ ستة أشهر فقط من تاريخ إصدار الشهادات بأسهمه ليختار أحد الطرق الثلاث المحددة بالمادة 29(أ) من المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 وهي:

التخصص بمقسم تنظيمي: يوجب هذا الخيار مالك الأسهم أن يتفق مع مجموعة من مالكي الأسهم ليتخصّصوا بأحد مقاسم التنظيم، شريطة أن يكون المقسم خالياً من أي إشارة تمنع التصرف أو الترخيص بالبناء، كإشارة الرهن أو الحجز الاحتياطي.
المساهمة في تأسيس شركة مساهمة مغفلة: وذلك وفق قانون الشركات النافذ أو قانون التطوير والاستثمار العقاري لبناء وبيع واستثمار المقاسم. يمنح هذا الخيار المالك حق تقديم أسهمه كحصة عينية في شركة مساهمة مغفلة غايتها استثمار مقاسم في المنطقة التنظيمية بطريقة تجارية، وتوزيع أرباح سنوية على المساهمين. فيتقدم المالك بطلب للوحدة الإدارية يعرب فيه عن رغبته هذه خلال ستة أشهر من تاريخ إصدار شهادات الأسهم، شرط أن تكون أسهمه غير مثقلة بإشارات حجز أو رهن.
بيع الأسهم بالمزاد العلني: إذا لم يمارس المالك أحد الخيارات السابقة، تقوم الوحدة الإدارية ببيع أسهمه بالمزاد العلني، وفق أحكام المادة 32 المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012.

الانتقاص من حق الملكية المصان بالدستور:

لحق الملكية ثلاث خصائص نص عليها القانون السوري؛ فهو حق جامع، ومانع، ودائم.[5]

حق جامع: أي أن المالك مخول بالانتفاع بالشيء، واستغلاله، والتصرف فيه. وله أن يصنع بملكه ما يشاء، إلا ما منع منه القانون.[6] ما يعني أن له الحق بالتصرف في ملكه كيفما يشاء دون إلزامه بخيارات محددة.
حق مانع: أي لا يجوز لأحد أن يشاركه في ملكه، أو أن يتدخل في شؤونه.[7] وبالتالي لا يجوز مشاركة المالك بملكه تحت ذريعة الاقتطاع المجاني، ولا إرغامه على التصرف به على نحو معين.
حق دائم: أي لا يجوز أن تقترن بأجل وإلا كانت الملكية مؤقتة.[8] فلا يجوز فرض التصرف بها خلال فترة زمنية معينة.

تتنافى هذه الخصائص مع نص القانون رقم 10 لعام 2018 في ذكره للمادتان 28 و29 من المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 المشار إليهما آنفاً. كما يتنافى مع ذكره للمادة 30(و) من المرسوم التشريعي رقم 66 التي تنص على على أنه ما أن يصدر مرسوم بتنظيم منطقة ما وفقاً لأحكامه، حتى تصبح عمليات التصرف بأي أسهم في المقاسم التنظيمية المملوكة على الشيوع (كالبيع أو الهبة أو العارية أو إحلال العضوية أو التنازل أو حوالة الحق أو أي عقد تأمين أو رهن أو وكالة مهما كانت صيغتها) باطلة بطلاناً مطلقاً.

ترى “سوريون” بأن حصر حق المالك بالخيارات الثلاث وضمن مددٍ محددة، وكذلك منعه من التصرف بعقاره بطريق البيع أو الهبة أو العارية أو حوالة الحق أو أي شكل آخر من أشكال التصرف بعد إحداث المنطقة التنظيمية، واعتبار هذا التصرف باطلاً بطلانا مطلقاً، يخالف ما تم النص عليه في المادة 768 من القانون المدني السوري التي تؤكد بأن لمالك الشيء وحده في حدود القانون حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه.

منح أصحاب الحقوق مهل لا تتوافق مع واقع النزوح والتهجير في سوريا:

نصت المادة 2 من القانون رقم 10 بأن الوحدة الإدارية، وخلال مدة أسبوع من تاريخ صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيمية، تطلب من مديرية المصالح العقارية ومديرية السجل المؤقت -أو أي جهة عامة أجاز صك إحداثها مسك سجلات توثيق الملكيات- إعداد جداول بأسماء أصحاب العقارات مطابق للقيود العقارية أو السجل الرقمي. يجب أن تتضمن الجداول الإشارات المدونة على صحائف العقارات.

على الجهات المعنية تأمين الجداول المطلوبة خلال مدة أقصاها خمسة وأربعون يوماَ من تاريخ تسجيل كتاب الوحدة الإدارية لديها. كما تقوم الوحدة الإدارية، وخلال شهر من تاريخ صدور مرسوم إحداث المنطقة التنظيمية، بتشكيل لجنة أو أكثر لحصر وتوصيف عقارات المنطقة، وتنظيم ضبوط مفصلة بمحتوياتها من بناء وأشجار ومزروعات وغيرها، مع إجراء مسح اجتماعي للسكان، ولها أن تستعين بصور الأقمار الاصطناعية والصور الجوية، وينص قرار تشكيلها على المدة اللازمة لإنجاز عملها.

نصت المادة 2 كذلك على أن تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة المالكين وأصحاب الحقوق العينية فيها، بإعلان ينشر في صحيفة محلية واحدة على الأقل وفي إحدى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والموقع الالكتروني لها وفي لوحة إعلاناتها ولوحة إعلانات المنطقة، للتصريح بحقوقهم. على هؤلاء وكل من له علاقة بعقارات المنطقة التنظيمية أصالة أو وصاية أو وكالة أن يتقدم إلى الوحدة الإدارية خلال سنة ميلادية واحدة من تاريخ الإعلان،[9] بطلب يعين فيه محل إقامته المختار ضمن الوحدة الإدارية، مرفقاً بالوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقه أو صور عنها إن وجدت. وفي حال عدم وجودها عليه أن يذكر في طلبه المواقع والحدود والحصص والنوع الشرعي والقانوني للعقار أو الحقوق التي يدعي بها وجميع الدعاوى المرفوعة له أو عليه.

إن إلزام أصحاب الحقوق بالتصريح بحقوقهم وتقديم الوثائق والمستندات المؤيدة لها خلال مدد محددة، لا يتوافق مع واقع النزوح والتهجير والاغتراب الذي يعيشه السوريون منذ ما يزيد عن عقد من الزمن، خاصة أن الكثير منهم غير قادرين على تنظيم وكالات لأقاربهم الموجودين في سوريا بسبب عدم إمكانية الحصول على الموافقة الأمنية المطلوبة لذلك.[10]

سلب صلاحية النظر في الخلافات العقارية من القضاء صاحب الاختصاص الأصيل:

تمّ بموجب القانون رقم 10 لعام 2018 والمراسيم والقوانين ذات الصلة به، ولا سيما المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 والقانون رقم 23 لعام 2015،[11] إحداث لجنة تسمى بلجنة حل الخلافات. لهذه اللجنة اختصاص قضائي، وتختص بالنظر في جميع الاعتراضات والادعاءات المتعلقة بالملكية أو بالمنازعات العينية على العقارات الداخلة في المنطقة التنظيمية. كذلك تحال إليها جميع الدعاوى المماثلة المتعلقة بالمنطقة، والمنظورة أمام المحاكم المختصة والتي لم يبت فيها بحكم مبرم.[12] كما تنظر اللجنة في القضايا المتفرعة عن مخالفات البناء والإشغالات المرتكبة على العقارات الخاصة في المنطقة، وتحدد ملكية المباني والإنشاءات المخالفة.

تتمتع هذه اللجنة في سبيل الفصل في الادعاءات أو المنازعات المقدمة أو المحالة إليها بجميع الاختصاصات التي تتمتع بها المحكمة المختصة أصلاً بالنظر في النزاع، وتكون اللجنة معفاة من التقيد بالأصول والمهل المقررة في قانون أصول المحاكمات.[13]

تشكَّل هذه اللجنة بقرار من رئيس الوحدة الإدارية، وتتألف من قاضي بمرتبة مستشار يسميه وزير العدل رئيساً، وممثل لمديرية المصالح العقارية في المحافظة من حملة الإجازة في الحقوق يسميه المدير العام عضواً، وممثل عن الوحدة الادارية من حملة الإجازة في الحقوق يسميه رئيس الوحدة الادارية عضواً. يشترط ألا تقل خدمة ممثل كل من المديرية العامة للمصالح العقارية والمحافظة في الدولة عن عشر سنوات من تاريخ حصولهما على شهادة الإجازة في الحقوق.

ومما لا شك فيه أن منح هذه اللجنة صلاحية النظر والبت في الإدعاءات العينية العقارية، سيؤدي إلى حرمان أصحاب الحقوق من حق التقاضي المنصوص عليه في الدستور،[14] لأن اللجنة المذكورة هي لجنة إدارية وليست قضائية، وجميع أعضائها -عدا رئيس اللجنة- ليسو قضاة. والقول بأن قرارات اللجنة المذكورة تقبل الاستئناف لا يغير في الأمر الشيء الكثير، لأن الطعن أمام محكمة الاستئناف لا ينشر الدعوى، أي لا توجد محاكمة علنية ولا تقوم المحكمة بالاستماع لأطراف الدعوى، بل ستنظر في قرارات اللجنة في غرفة المذاكرة ودون دعوة الخصوم، ووفق المواعيد والأصول المتبعة في استئناف قرارات قاضي الأمور المستعجلة.[15]

كما إن إسناد مهمة تشكيل اللجان المنصوص عنها في القوانين المذكورة إلى الوحدة الإدارية، والتي هي إما أن تكون محافظة أو مدينة أو بلدة أو بلدية، يشكل تدخلاً في شؤون السلطة القضائية، وذلك لأن رؤساء الوحدات الإدارية المذكورة هم من ركائز السلطة التنفيذية. كذلك يعتبر مخالفة لمبدأ استقلال السلطة القضائية المنصوص عليه في الدستور،[16] ومخالفة أيضاً لما تم النص عليه في قانون السلطة القضائية رقم 98 لعام 1961، والذي يؤكد بأن مجلس القضاء الأعلى هو صاحب الاختصاص في تعيين القضاة وترفيعهم وعزلهم، وليس المحافظ أو رؤساء الوحدات الادارية.

عدم الإعفاء من الضرائب والرسوم:

نَظَرَ قانون تنظيم وعمران المدن العام (القانون رقم 23 لعام 2015) في المادة 49 منه بعين الرحمة لمالكي ‌العقارات المنكوبة بسبب الكوارث الطبيعية أو الحروب، فأعفاهُم من الرسوم المالية والتكاليف المحلية والرسوم الأخرى المترتبة على إعادة البناء، إضافة لإعفاء الأملاك الداخلة ضمن المنطقة التنظيمية من رسوم التسجيل في السجل العقاري.

أما المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، فقد جعل الإعفاء قاصراً على رسوم تسجيل الأملاك الداخلة ضمن المنطقة في السجل العقاري،[17] ولم يعدل القانون رقم 10 لعام 2018 هذا الأمر.

إخضاع المقاسم التنظيمية للمرسوم التشريعي رقم 82 لعام 2010 (إعمار العرصات):

عدل القانون رقم 10 لعام 2018 المادة 59 من المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، لتنص على أن المقاسم التنظيمية المحدثة في المنطقة التنظيمية يسري عليها قانون إعمار العرصات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 82 لعام 2010.

إن خضوع المقسم التنظيمي لهذا القانون، يعني إخضاع الملكية للشروط الصارمة المنصوص عليها فيه، وأهمها المادة 9 التي توجب على مالكي العرصة الحصول على رخصة إشادة البناء خلال سنة؛ وإذا لم يتم ذلك، يُفرض رسم سنوي على العَرَصَة قدره 10% من قيمتها لمدة أربع سنوات. فإذا انقضت هذه المدة، ولم يحصل الملاك على رخصة البناء، تقوم الوحدة الإدارية بيعها بالمزاد العلني.

العلاقة بين القانون رقم 10 لعام 2018 والمرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015:

في 30 نيسان/أبريل صدر المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015، الذي سمح للوحدات الإدارية بتأسيس شركة قابضة مساهمة مغفلة خاصة[18] تملك الوحدة الإدارية كافة أسهمها، وتتكون هيئتها العامة من رئيس وأعضاء مجلس الوحدة الإدارية، ويرأس مجلس إدارتها رئيس الوحدة الإدارية، وتخضع لأحكام قانونيّ الشركات والتجارة، ويحق لها تأسيس أو المساهمة في شركات أموال تابعة أو مساهم بها وإدارتها.[19]

وبالرغم من أن القانون رقم 10 لعام 2018، لم يأتِ على ذكر هذا المرسوم، غير أن التشريعين تجمعهما أهداف مشتركة. تهدف الشركة القابضة التي تحدثها الوحدة الإدارية بموجب المرسوم المذكور إلى إدارة واستثمار أملاك الوحدة الإدارية أو جزء منها،[20] وإدارة المناطق التنظيمية بواسطة “شركة إدارة” تابعة لها، من خلال:

تنفيذ البنى التحتية وإدارة النظم الإلكترونية في المنطقة التنظيمية.
منح تراخيص البناء ومراقبة تنفيذها ومنح إجازات السكن ومطابقة إفراز الأقسام المنفذة، لصالح الوحدة الإدارية وتحت رقابتها.
تحصيل الرسوم والبدلات والغرامات لصالح الوحدة الإدارية.
تولي مهام صناديق المنطقة التنظيمية المحدثة، وتحصيل الأقساط، ومتابعة سداد القروض وفوائدها.
إحداث وإدارة مراكز خدمة المواطن.[21]

أطلقت محافظة دمشق شركة قابضة في كانون الأول/ديسمبر 2016، استناداً للمرسوم المذكور، حملت اسم “دمشق الشام القابضة” ونقلت لها ملكية المقاسم الخمسين في المنطقة التنظيمية “ماروتا سيتي” المذكورة سابقاً، والخاضعة للمرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012، الذي اعتمد عليه القانون رقم 10 لعام 2018، وعدل العديد من مواده.

الخاتمة:

لا يتضمن القانون رقم 10 لعام 2018 الحدّ الأدنى المطلوب لحماية حقوق المالكين، بل على العكس من ذلك، يمكن استخدامه كأداة في يد الحكومة السورية لنزع الملكية وحرمان الناس من حقوقها. وعلى الرغم من تبرير ذلك بأن الغاية هي تنظيم مناطق السكن العشوائي والمخالفات وإعادة إعمار تلك المناطق وتجميل المدينة إلا أن هذا القانون يشكل تعسفاً من قبل الحكومة السورية في استعمال الحق، وإثراءاً بلا سبب.

يثير هذا القانون المخاوف بأن تكون الغاية المبطنة منه هي إنتزاع الملكيات العقارية الخاصة من أصحابها، ولا سيما المهجّرين والنازحين واللاجئين منهم، وبالتالي أن يكون عائقاً أمام عودة السوريين إلى ديارهم، خاصة أن النزاع جعل الكثيرين منهم مطلوبين بسبب آرائهم السياسية، مما قد يمنعهم من المجازفة بالمثول أمام اللجان المذكورة في تلك القوانين. والقول بأنه يحق لأقارب المالك حتى الدرجة الرابعة أو لوكيله القانوني الحضور نيابة عنه لإثبات ملكيته ليس مجدياً، حيث غالباً لن يجرؤ أقارب المالك أو وكيله على القيام بهذا الفعل، إضافة إلى أن الكثير من العائلات قد هُجِّرَتْ بأكملها ولم يتبقَ أحد منها في المناطق التي يمكن أن تكون هدفاً للتنظيم العقاري المزعوم.

[1] نصت المادة 2 من القانون رقم 10 لعام 2018 على تعديل مواد المرسوم التشريعي 66 لعام 2012 ذوات الأرقام 5- 6، 8، 9، 10، 12، 13، 17، 19، 20، 21، 22، 25، 26، 27، 28، 29، 30، 31، 33، 34، 35، 38، 44، 45، 51، 59، 61، 63.

[2] هناك قوانين أخرى أيضاً في سوريا تندرج تحت ذات التصنيف وهي: تنظيم وعمران المدن رقم 23 لعام 2015، إعمار العرصات رقم 82 لعام 2010، تثبيت الملكية في مناطق السكن العشوائي رقم 33 لعام 2008، التخطيط العمراني رقم 26 لعام 2010، التخطيط الإقليمي رقم 5 لعام 1982.

[3] المخطط التنظيمي العام حسب تعريف المادة 1 من قانون تنظيم وعمران المدن رقم 23 لعام 2015 هو “المخطط الذي يوضح الرؤية المستقبلية للتجمع السكاني وتوسعه بفعالياته كافة ويتم ذلك عن طريق تحديد الحدود العمرانية وشبكة الطرق الرئيسية واستعمالات الأراضي الواقعة ضمنه ومنهاج الوجائب العمراني بما لا يتعارض مع أسس التخطيط العمراني والبرنامج التخطيطي”.

[4] المادة 37 من القانون رقم 23 لعام 2015.

[5] انظر: السنهوري، الوسيط، ج8، فقرة 324.

[6] المرجع السابق، فقرة 325.

[7] المرجع السابق، فقرة 326.

[8] المرجع السابق، فقرة 331.

[9] تم تعديل المدة لتصبح سنة ميلادية بدلاً من ثلاثين يوماً، بموجب المرسوم رقم 42 تاريخ 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 وذلك بسبب كثرة الانتقادات التي وجهت بسبب قصر المدة.

[10] للمزيد انظر تقرير بعنوان “فوق المؤسسات والقضاء: تدخلات الأجهزة الأمنية السورية“. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، نشر في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2022.

انظر كذلك تقرير “سوريا: تعميم من وزارة العدل يفرض موافقات أمنية لوكالات الغائب والمفقود“. سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، نشر في 22 تشرين الأول/أكتوبر 2021.

[11] نصت المادة 2 فقرة 29 من القانون 10 بأنه “في كل ما لم يرد فيه نص في المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 وهذا القانون تطبق أحكام القانون رقم 23 لعام 2015″، كما نصت المادة 5 من القانون 10 بأنه “تطبق أحكام المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 وتعديلاته المنصوص عنها في هذا القانون على المناطق التنظيمية التي يتم إحداثها وفق أحكام المادة 1 من هذا القانون”.

[12] المادة 14 من المرسوم التشريعي 66 لعام 2012.

[13] المادة 16 من المرسوم التشريعي 66 لعام 2012.

[14] حيث نصت المادة 51 من دستور 2012 على “….حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون، وتكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقاً للقانون، ويُحظّرُ النصُ في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء”.

[15] المادة 2(8) من القانون رقم 10 لعام 2018..

[16] نصت المادة 132 من دستور 2012 على أن “السلطة القضائية مستقلة، ويضمن رئيس الجمهورية هذا الاستقلال، ويعاونه في ذلك مجلس القضاء الأعلى”. كما نصت المادة 134 على أن “القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون..”.

[17] المادة 41 من المرسوم التشريعي 66 لعام 2012.

[18] تنص المادة 204 من المرسوم التشريعي 29 لعام 2011 الخاص بقانون الشركات على تعريف الشركة القابضة: “الشركة القابضة هي شركة مساهمة مغفلة عامة أو خاصة يقتصر عملها على تملك حصص في شركات محدودة المسؤولية أو أسهم في شركات مساهمة أو الاشتراك في تأسيس مثل هذه الشركات والاشتراك في إدارة الشركات التي ملك فيها أسهما أو حصصاً”.

[19] المادتان 1، 2 من المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015.

[20] المادة 1 من المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015.

[21] المادة 4 من المرسوم التشريعي رقم 19 لعام 2015.

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة

شارك هذه المقالة على المنصات التالية