عبد الرحمن محمد_
كلنا يعتزُّ بقوميتهِ، ويتغنّى بهويته، والأغلبية منا يتغنّى بمنبتهِ ونشأته، ولو كانت نشأة متواضعة، لكن مرابع الصبا والنشأة؛ تحتل مكانة تكاد تكون مُقدسة في الذاكرة.
الشعراء خُلفاء الرُّسل، وسفراء المحبة، وحواريو الكلمة والحرف الباسق الموشى بعطر الربيع الدائم، والشعر الكردي ومذ كان الكرد، كان لسان حالهم وذاكرتهم وحاضرهم وماضيهم العريق، وكذلك التقدير للقامات الشعرية التي قالت جميلاً، وتركت إرثاً أثيراً، ومن هؤلاء الشعراء “سيداي كلش”.”
و”سيداي كلش” وكما عُرِف بهذا اللقب، واسمه هو حسين محمد كلش حسين ولِد في قرية “بزكوري”، بماردين في باكور كردستان، من مواليد 1930، ينحدر من عشيرة “أومريان”، وكان الابن البكر لعائلة متواضعة مكونة من الأب والأم وثلاثة أولاد وفتاة واحدة.
تأثر سيداي كلش بروّاد المدرسة الكلاسيكية، والقصيدة الكردية منظومة القافية والوزن، وكان مع القامات الشامخة في الشعر الكردي أمثال الشاعر (جكر خوين)، (سيداي تيريج)، (أوصمان صبري)، (صبري بوطاني)، (كمال درويش) و(فرهاد عجمو) وسواهم، ممن حافظوا على هذا الشعر الكردي الجميل والعابق بالأصالة.
قصدت عائلة سيداي كلش سوريا وعمره عشر سنوات، وانضم إلى حلقات المدارس الدينية، وتتلمذ على يد عدد من علماء الدين في عدة قرى في ريف قامشلو وعامودا، فأجاد العربية التي تعلمها بدايةً، ثم بدأ بقراءة اللغة الكردية مع شعر الشعراء “جكر خوين وأحمدي خاني”، بالأحرف العربية أولاً ومن ثم بالحروف اللاتينية.
جمع سيداي كلش بالشاعر القدير جكر خوين علاقة متينة، ما أثر كثيراً في تقدّم وتطور ملكة الشعر لديه، والكتابة الغزيرة فيما بعد، وكان الشاعر جكر خوين ناصحاً ومرشداً ومعلماً، وكان سيداي كلش مثال التلميذ النجيب، وكانا لقرابة العشر سنوات من أعضاء الحزب الشيوعي السوري.
يعدُّ سيداي كلش وبشهادة الكثيرين من المهتمين بالأدب والثقافة الكردية، من أبرز شعراء القصيدة الكلاسيكية، ومن أكثرهم طرحاً لقضايا الشعب الكردي، وكانت منبع شعره وجوهر خطابه الشعري.
العذاب الكردية، الظلم، الفقر، الحض على التعليم، والتعلّق بالأرض، وكذلك الحب والتغنّي بالجمال، والتاريخ الكردي، كانت مواضيع ومواد دائمة على مائدة شعر سيداي كلش، وكذلك /كما معلمه جكر خوين/ كانت المرأة دائمة الحضور في شعره، فأبدع في كل هذه المجالات وترك بصمته فيها.
صدر للشاعر قبل وفاته أربعة دواوين شعريّة، وكتاب في أمثال وأقوال مأثورة، كما صدر له عدة دواوين بعد وفاته، بينما يجري التحضير من قبل عائلته لإصدار ديوان آخر ما زال مخطوطاً، وكتاب آخر كتبه الراحل عن سيرته الذاتية. حظيَ سيداي كلش بتقدير مُحبيه، والغيارى على الأدب والثقافة الكردية، ونظراً لجهوده، كُرِّم لأكثر من مرّة ونال شهادات وجوائز تقدير لجهوده العظيمة في خدمة الأدب والشعر الكردي، ورحل عن محبوبته قامشلو وعن مُحبيه وعشّاق الشعر الجميل في الثامن عشر من حزيران عام 2007.
الثقافة – صحيفة روناهي
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=26108