السبت, مايو 4, 2024

شاهين جيلو (مظلوم كوباني): نحن “جاهزون للعمل” مع دمشق

أخبار
الرقّة، سوريا – مظلوم كوباني هو قائد قوّات سوريا الديمقراطيّة، وبالتالي، المتحدّث الرئيسيّ باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتّحدة الأميركيّة ضدّ تنظيم الدولة الإسلاميّة (“داعش”). ويدير هذا القائد البالغ من العمر 45 عاماً، والمعروف بالجنرال مظلوم، الحملة الهادفة إلى استرجاع الرقّة، عاصمة “داعش” المزعومة، والتي أصبحت في مراحلها الأخيرة. وقد اكتسب كوباني، الذي لديه اهتمام كبير بالسياسة بالإضافة إلى مهاراته العسكريّة، شهرة في واشنطن حيث يُذكر اسمه بشكل متكرّر في مناقشات مختلفة.

25d825b425d825a725d9258725d9258a25d925862b25d825ac25d9258a25d9258425d92588-7253092

ويشيد المسؤولون في التحالف الذين يعرفون كوباني بقائد قوّات سوريا الديمقراطيّة، الذي يحافظ منذ فترة على اتّصال وثيق بمبعوث الرئيس الأميركيّ الخاصّ لدى التحالف ضدّ “داعش”، بريت ماكغورك، والقادة العسكريّين الأميركيّين، ما يثير غضب أنقرة التي تصرّ على أنّه ينتمي إلى حزب العمّال الكردستانيّ. ووفقاً لبعض المسؤولين في التحالف، يتصرّف كوباني بشكل مستقلّ عن حزب العمّال الكردستانيّ – الذي أدرجته كلّ من تركيا والولايات المتّحدة في لائحة المنظّمات الإرهابيّة – وقد يدير ظهره تماماً للحزب في فترة لاحقة.

اجتمع “المونيتور” بالقائد الغامض عند جبهة الرقّة لإجراء المقابلة الأولى له مع الصحافة. كان مرحاً وودوداً وواثقاً من نفسه، وتحدّث بالتركيّة بطلاقة وأظهر براعة كبراعة الدبلوماسيّين، متجاهلاً عدداً من الأسئلة من دون أن يرفض الإجابة عليها. وعلّق كوباني، الذي ولد في بلدة كوباني الحدوديّة السوريّة، التي يحمل اسمها، على عدد كبير من المواضيع المتعلّقة بالأكراد ومستقبل سوريا ودور القوى العظمى.

في ما يأتي نصّ المقابلة:

المونيتور:  -كيف تجري حملة الرقّة؟

كوباني:  تجري حملة الرقّة كما خطّطنا لها. لقد خطّطنا لمراحل متعدّدة، ويمكننا القول الآن إنّنا نقترب من المرحلة الأخيرة، أو بالأحرى، نحن على وشك إكمال المرحلة ما قبل الأخيرة.

المونيتور:  أين يتركّز القتال في الوقت الحاليّ؟

كوباني:  في وسط المدينة. لقد تمّ تحرير الأجزاء الشرقيّة والغربيّة عند بوّابة المدينة الجنوبيّة. وما زال هناك الوسط وجزء صغير من الشمال. لقد حرّرنا 75% من المدينة.

المونيتور:  هل تتقدّمون أسرع ممّا كنتم تتوقّعون؟

كوباني:  لا، تجري الأمور كما خطّطنا لها.

المونيتور:  كم مقاتل من “داعش” لا يزال في الرقّة حاليّاً؟

كوباني:  حوالى 700، وفقاً لاستخباراتنا وللمعلومات التي تلقّيناها من أعضاء سابقين في [“داعش”]. هؤلاء هم مقاتلون، وأكثريّتهم مواطنون أجانب. بالإضافة إلى ذلك، هناك 1500 ميليشويّ مؤيّد [لـ “داعش”] في المدينة.

المونيتور:  ما كان الجزء الأصعب في عمليّة الرقّة بالنسبة إليكم؟

كوباني:  كانت العمليّة صعبة من ناحيتين. أوّلاً، ضرورة عدم إصابة المدنيّين. فكما تعلمون، يستعمل [“داعش”] المدنيّين كدروع بشريّة. وثانياً، [الاستعمال] الشائع لتكتيك الألغام. فقد زُرعت الألغام في جميع المنازل وأماكن العمل تقريباً. وقد وقع نحو 2000 مدنيّ في قبضة [“داعش”]، وهم يفرّون متى سنحت لهم الفرصة.

المونيتور:  هناك انتقادات مفادها أنّ ضربات التحالف الجويّة بشكل خاصّ تسفر عن عدد كبير من الإصابات المدنيّة.

كوباني:  نتابع ذلك في الصحافة. أعتقد أنّه يتمّ المبالغة في هذه المسألة عمداً بهدف إبطاء العملية. لقد وقعت بعض الإصابات، لكن ليس بقدر تلك التي سُجّلت في العراق. أعتقد أنّ العدد هو بالعشرات، لا بالمئات. وحصل ذلك في المناطق التي استعمل فيها [“داعش”] المدنيّين كدروع بشريّة. هذا هو السبب الرئيسيّ الذي دفعنا إلى إبطاء العمليّة.

المونيتور:  هناك أيضاً انتقادات بشأن مخيّمات اللاجئين.

كوباني:  واجهنا صعوبات طبعاً في هذه المسألة. لدينا مشكلة أمنيّة هنا. أوّلاً، يتسلّل مقاتلو [“داعش”] مع المدنيّين الهاربين من المدينة. وقد رأينا حالات كثيرة من هذا النوع – مئات الحالات وأكثر. إنّ هؤلاء الأشخاص هم في غالبيّتهم من مواليد الرقّة، أي عرب سوريّون. لكن هناك أيضاً أجانب في صفوفهم، وطبعاً عائلات [تابعة لـ “داعش”].

ثانياً، ليست الأمم المتّحدة متواجدة رسميّاً هنا. ونحن نبذل جهوداً لحلّ هذا الوضع. لقد تأخّرت المجموعات المدنيّة في تقديم المساعدة، ووسائل مؤسّساتنا الحكوميّة ضئيلة.

المونيتور:  هل قدّمت الحكومة المركزيّة أيّ مساعدة؟

كوباني: لا، لا علاقة لها بما يحصل، بل إنّ الحكومة المركزيّة تعيق مساعدات الأمم المتّحدة.

المونيتور:  واجهتهم مشاكل كبيرة مع حكومة إقليم كردستان العراق بشأن إبقاء الحدود مفتوحة وبشأن المداخل والمخارج عند المعابر الحدوديّة. لكننّا لاحظنا، منذ انطلاق عمليّة الرقّة، أنّ هذه المشاكل خفّت وأنّ المساعدات الإنسانيّة والأسلحة الأميركيّة المخصّصة لقوّات سوريا الديمقراطيّة تدخل بسهولة الآن.

كوباني:  تدخل جميع المساعدات عند معبر سيمالكا الحدوديّ عبر كردستان الجنوبيّة [كردستان العراق]. لا تقدّم الحكومة المركزيّة أيّ مساعدة على الإطلاق، وقد حافظت حكومة إقليم كردستان على موقفها المعوّق في بداية عمليّة الرقّة، أي في حزيران/يونيو وتموز/يوليو. وهدأ الوضع في آب/أغسطس، وبذلت الولايات المتّحدة جهوداً مهمّة للمحافظة على هذا الهدوء.

وكانت الأمور لتكون أسهل بكثير لو أبقت تركيا الحدود مفتوحة. فلما كانت كلّ هذه المشاكل حصلت ربّما، ولما واجهنا ربّما انتقادات بشأن الاعتناء بالمدنيّين الهاربين من الرقّة. لقد حاول بريت ماكغورك جاهداً إقناع تركيا بالتخلّي عن موقفها الحاليّ، وأبلغنا بذلك، لكنّه فشل للأسف.

المونيتور:  بعيداً عن الرقّة، لقد بدأ التحرّك باتّجاه دير الزور. وتشير بعض التقارير إلى أنّ القوّات النظاميّة عبرت نهر الفرات وأنّ هناك سباقاً بين قوّات سوريا الديمقراطيّة والنظام. ما هو هدفكم الاستراتيجيّ بعد الرقّة؟ يبدو أنّكم انطلقتم باتّجاه دير الزور في وقت أبكر ممّا خطّطت له الولايات المتّحدة والتحالف.

كوباني:  هذا صحيح. إنّ تحرير دير الزور هو أمنية لدى الشعب السوريّ. تأسّس مجلس دير الزور العسكريّ قبل سنتين. وشارك سكّان دير الزور في المعارك من أجل استرجاع منبج والرقّة وقدّموا الكثير من الشهداء. وهم مكوّن أساسيّ من مكوّنات قوّات سوريا الديمقراطيّة أيضاً. لقد أطلقنا العمليّة في وقت أبكر بناء على طلبهم، وهي جارية حاليّاً.

المونيتور:  هل تنوون الوصول إلى البوكمال؟

كوباني:  إنّ هدفنا هو الوصول إلى أبعد ما يمكن. يجب تحرير دير الزور من قبصة [“داعش”].

المونيتور:  هناك غموض بشأن الفترة التي تعتزم فيها الولايات المتّحدة الاستمرار في العمليّات المشتركة مع قوّات سوريا الديمقراطيّة بعد الرقّة. وهي تحاول أيضاً تفادي النزاع مع روسيا، لكنّ الوضع يحتدم.

كوباني:  هذا صحيح. لا نريد الاشتباك مع أحد غير [“داعش”]. هناك توازنات حسّاسة جداً في هذا الإطار. وهناك قوّات عدّة متداخلة. فهناك مخطّطات النظام السوريّ والميليشيا الإيرانيّة وحزب الله من جهة، ووعد التحرير الذي أطلقناه للسكّان المحليّين الذين ندعمهم من جهة أخرى. إنّ هذين الأمرين متضاربان. فالجانب الآخر يتلقّى الدعم الجويّ من روسيا، فيما نتلقّاه نحن من التحالف. هناك صعوبة في هذا الخصوص. يحاول التحالف تفادي النزاع، ونحن أيضاً. أعتقد أنّه سيتمّ التوصّل إلى تفاهم في وقت من الأوقات.

في السابق، لم يكن هناك فاصل بيننا وبين النظام. كان [“داعش”] القاسم المشترك بيننا. وكنّا كلانا نحارب [“داعش”]. والآن قد اجتمعنا. ووصلت الأمور إلى حدّ خطير. نحن نحاول تفادي الاقتتال مع أيّ جهة غير [“داعش”]، لكنّنا سندافع عن أنفسنا إذا دعت الحاجة.

المونيتور:  لقد أجريتم تعاوناً نموذجيّاً مع الولايات المتّحدة والتحالف حتّى الآن. لكنّه اقتصر على عمليّات عسكريّة ضدّ “داعش”، مع أنّه لديكم أيضاً مطلب من الولايات المتّحدة والمجتمع المدنيّ يتعلّق بالحكم الذاتيّ. ولم تتمّ الموافقة على هذا المطلب، بسبب الضغوط التركيّة في الدرجة الأولى. وتقول لكم الولايات المتّحدة إنّه سيتعيّن عليكم في نهاية المطاف التوصّل إلى تسوية مع النظام، ومن الأفضل حصول ذلك عندما لا يكون [الرئيس بشار] الأسد في الحكم. بالإضافة إلى ذلك، تعتزم الولايات المتّحدة تسليم روسيا الوصاية على الأكراد السوريّين. وهي متردّدة في التدخّل بشكل كبير سياسيّاً.

كوباني:  هذا صحيح. لقد اعتمدت الولايات المتّحدة هذه المقاربة وما زالت. لكنّها ليست في نظرنا المقاربة الصحيحة. فنحن نرى أنّه يتعيّن على الولايات المتّحدة التدخّل. فالمجتمع الدوليّ لديه مسؤوليّة تجاه الأكراد وجميع الشعب السوريّ. والولايات المتّحدة لديها مسؤوليّة، تماماً كروسيا. ونحن نعتقد أيضاً أنّه من المهمّ تفادي حرب أهليّة أخرى في سوريا [في المستقبل]. فإذا اندلعت حرب أخرى، ستبرز مجموعات إرهابيّة مثل [“داعش”] من جديد وتهدّد العالم. إذا أراد المجتمع الدوليّ القضاء على الإرهاب، فلا بدّ من تحقيق الاستقرار في سوريا. ولهذا السبب، يتعيّن على جميع القوّات، بما في ذلك الولايات المتّحدة، تحمّل مسؤوليّاتها في هذا الخصوص. نريد أن تبقى الولايات المتّحدة هنا.

المونيتور:  إلى حين تغيّر النظام؟

كوباني:  من وجهة نظرنا، ما نحتاج إليه هو حكومة تمثّل الشعب السوريّ تمثيلاً حقيقيّاً.

المونيتور:  ما تصفه هو تغيير في النظام، لكنّ الولايات المتّحدة وروسيا غير متحمّستين له. وحتّى تركيا، التي ناصرت تغيّر النظام، تخلّت عن جهودها.

كوباني:  هذا صحيح.

المونيتور:  حتّى لو بقيت الولايات المتّحدة، يبدو أنّها سبقى ضمن إطار مكافحة الإرهاب. وبعد هزيمة “داعش”، قد تركّز على مجموعات أخرى مثل الميليشيا الشيعيّة والفصائل المتّصلة بتنظيم القاعدة. وقد يكون لقوّات سوريا الديمقراطيّة دور في هذا السياق أيضاً. أنتم الأكراد تحاربون “داعش” إلى جانب التحالف خارج مناطقكم وتضحّون بحياتكم. مع ذلك، ترفض الولايات المتّحدة والمجتمع الدوليّ الاعتراف بالنظام الاتحاديّ الديمقراطيّ لشمال سوريا الذي يجمع كلّ المجموعات الإثنيّة والدينيّة في المنطقة، بما في ذلك الأكراد. إلى أيّ مدى أنتم مستعدّون إذاً للاستمرار في التضحية بحياتكم فيما يحرمونكم من الدعم السياسيّ ويرفضون الاعتراف بوضع لكم أو إقامة علاقات دبلوماسيّة معكم؟

كوباني:  نحن الأكراد حرّرنا مناطقنا من النظام أوّلاً – من دون خسارة كبيرة في الأرواح. أنا أتكلّم عن العام 2012. كانت نيّتنا الابتعاد عن الحرب بين النظام والمعارضة وتنمية مناطقنا وتقويتها والدفاع عنها. لكنّ المناطق التي حرّرناها تعرّضت لهجوم [من]المجموعات المعروفة بالجيش الحرّ ثمّ [جبهة] النصرة والآن [“داعش”]. وكان جميع هؤلاء المعتدين جيراننا. وحصلت معظم الهجمات من الرقّة ودير الزور. لذلك، اضطررنا إلى القتال دفاعاً عن أنفسنا. هذا هو السبب الأساسيّ وراء استمرارنا في القتال في الرقّة ودير الزور. كم سيطول هذا الوضع هو سؤال مهمّ… لكنّنا نعلم أنّ [“داعش”] سيُهزم عسكريّاً في دير الزور. لكنّ ذلك لا يعني أنّ الإرهاب سينتهي في سوريا، وسيتطلّب ذلك استمرار الحرب. وعندما يُهزم [“داعش”] عسكريّاً، سيعود إلى حرب العصابات – نوع الحروب المفضّل لديه.

يشكّل النظام خطراً علينا في الوقت الحاليّ. وهناك أيضاً المجموعات الشيعيّة المصطفّة مع النظام، التي تشكّل خطراً علينا أيضاً. لا نريد الاقتتال مع أحد، لكنّنا سندافع عن أنفسنا. إذا أطلق النظام وحلفاؤه عمليّة ضدّنا، فلن تؤثّر علينا نحن فحسب، بل أعتقد أنّها ستؤدّي إلى موجة جديدة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.

لكن نعم، ينبغي تقبّل النظام الحاليّ. فالنظام السوريّ واقع. وعسكريّاً، فاز النظام على المعارضة – أعني المعارضة غيرنا نحن – على الأقلّ في المناطق التي يتواجد فيها حاليّاً. وإن نظرنا إلى الأمور موضوعيّاً، نرَ أنّ النظام باقٍ.

المونيتور:  وماذا عن الأسد؟ هل سيسقط قريباً؟

كوباني:  لا أرى مؤشّراً في الوقت الحاليّ على سقوطه قريباً.

المونيتور:  هل يمكن أن تتقبّل الولايات المتّحدة بقاء الأسد؟

كوباني:  لا أدري، لكنّ مستقبل المناطق التي حرّرناها مهمّ بالنسبة إلينا. إنّ هدفنا الأساسيّ هو التفاوض مع الحكومة المركزيّة والحصول على وضع معيّن للمناطق التي حرّرناها. وإذا دعت الحاجة، نحن مستعدّون للتحاور مع الحكومة المركزيّة بشأن هذه المسألة.

المونيتور:  ألا تعتقد أنّكم ستواجهون صعوبة في الحصول على الحقوق التي تريدونها من النظام من دون دعم جهة قويّة لكم، مثل الولايات المتّحدة أو روسيا؟

كوباني:  لدينا علاقات جيّدة مع الولايات المتّحدة وروسيا. لدينا قنوات سياسيّة مفتوحة مع روسيا، والولايات المتّحدة موجودة هنا أصلاً.

المونيتور:  ما هو في رأيك موقع عمليّة أستانة، ولا سيّما إدلب، في المفاوضات بين القوى العظمى بشأن مستقبل سوريا؟

كوباني:  لدى النظام خطط أولويّة لإدلب في المستقبل القريب. فالنظام، وبالتالي روسيا والقوى الأخرى، تريد وقف إطلاق النار هناك لكي يتمكّن النظام وحلفاؤه من الهجوم على دير الزور بكامل قوّتهم. هذا هو الهدف المباشر، ولقد نجحوا في تحقيقه إلى حدّ ما. فإذا كانت القوّات النظاميّة تتقدّم في صحراء دير الزور، في البادية اليوم، يعود الفضل في ذلك إلى انتقال القوّات بعيداً عن جبهة إدلب. إنّ الهدف طويل الأمد هو التحرّك باتّجاه إدلب. وسيسيطرون على إدلب، ما سيلحق الأذى بتركيا في اعتقادي.

المونيتور:  لماذا؟

كوباني:  لدى تركيا رهاب كرديّ. لقد تخلّت عن طموحاتها في حلب لكي تمنعنا من الانضمام إلى [كانتوناتنا]. وهي الآن على وشك التخلّي عن طموحاتها في إدلب لكي تمنع قوّات سوريا الديمقراطيّة والأكراد من [التقدّم هناك].

المونيتور:  لكنّ تركيا تخلّت عن حملتها من أجل تغيير النظام في سوريا، فلماذا قد تهتمّ بإدلب – خصوصاً إذا تقدّمت على الأكراد مقابل تعاونها؟

كوباني:  صحيح. لقد أعطت روسيا تركيا الضوء الأخضر للدخول إلى جرابلس مقابل التخلّي عن طموحاتها في حلب. والآن تفعل [روسيا] الأمر نفسه في ما يخصّ دير الزور. فإذا نجحت تركيا في وقف إطلاق النار في إدلب، يصبح بإمكان القوّات النظاميّة التركيز على دير الزور واسترجاع هذه الأرض قبل أن تتمكّن قوّاتنا من فعل ذلك.

المونيتور:  عندما تفكّر في ما يحصل في شمال العراق، ما هي الاستنتاجات التي تتوصّل إليها في ما يتعلّق بكم وبموقعكم؟ لقد بذلت الولايات المتّحدة جهوداً كبيرة لمنع إجراء الاستفتاء حول الاستقلال. ما تقييمك لهذا الأمر؟

كوباني:  نحن نؤيّد استفتاء الاستقلال في كردستان العراق. فجميع الأكراد يحلمون بتوحيد الأجزاء الأربعة [في تركيا وإيران والعراق وسوريا] وتحقيق استقلال كردستان. هذا هو الهدف. لكن هناك أيضاً وقائع… سأكون واضحاً تماماً: إنّ هدفنا هو تأسيس نظام فدراليّ في سوريا، والبقاء جزءاً من سوريا.

المونيتور:  يقول المسؤولون الأميركيّون إنّهم يشجّعونكم أنتم ووحدات حماية الشعب على النأي بأنفسكم عن حزب العمّال الكردستانيّ. وفي الوقت نفسه، يقال إنّ الولايات المتّحدة تناقش عمليّات مشتركة مع تركيا ضدّ حزب العمّال الكردستانيّ. وتشمل هذه العمليّات، بحسب ما يُزعم، استهداف قادة بارزين في حزب العمّال الكردستانيّ مثل جميل بايك.

كوباني:  لا أعتقد أنّ تنفيذ أيّ عمل [عدائيّ] ضدّ حزب العمّال الكردستانيّ يصبّ في مصلحة الولايات المتّحدة. لا أعتقد ذلك. وإذا كانوا يناقشون مخطّطات اغتيال، فهذا ليس بالأمر الجيّد.

نحن نمثّل شعب روج آفا. ولا يمكن أن يقيم شعب روج آفا أيّ علاقات قد تلحق الضرر بمصالح الأكراد المقيمين في الأجزاء الأخرى من كردستان. لا يمكنهم فعل ذلك. لدينا سياساتنا الخاصّة في روج آفا، ونحن نبحث عن مصالحنا الخاصّة. من المستحيل أن نعتمد موقفاً عدوانيّاً تجاه حزب العمّال الكردستانيّ أو أيّ قوةّ كرديّة وطنيّة، أيّاً كانت الجهة التي تطلب منّا ذلك. لن نفعل ذلك. نريد إقامة علاقات جيّدة مع تركيا. صحيح أنّ حزب العمّال الكردستانيّ يحارب تركيا، لكنّ شعب روج آفا وتركيا لديهما مصالح مشتركة. قبل مجيء أميركا إلى هناك، إلى كوباني سنة 2015، كانت علاقاتنا جيّدة مع تركيا. وكان سياسيّونا يذهبون إلى أنقرة ويجتمعون بالمسؤولين الأتراك. لقد انهارت علاقاتنا مع تركيا بعد مجيء أميركا والتحالف إلى روج آفا.

المونيتور:  هل تقصد أن تقول “إذا كان حزب العمّال الكردستانيّ يحارب تركيا، فهذا لا يعنينا، ونحن منفصلون عنه”؟

كوباني:  نعم.

المونيتور:  لكنّ تركيا تنظر إلى الأمور بطريقة مختلفة. فهي تضعكم في الخانة نفسها مع حزب العمّال الكردستانيّ. وفي العام 2013، عندما كانت محادثات السلام بين الدولة التركيّة و[زعيم حزب العمّال الكردستانيّ] عبدالله أوجلان مستمرّة، يقال إنّ روج آفا شاركت في المفاوضات التي حصلت. لكن عندما عجز الجانبان عن التوصّل إلى اتّفاق بشأن روج آفا، انهارت المحادثات. إذا استؤنفت المحادثات بين أوجلان وحزب العمّال الكردستانيّ وتركيا، ستشارك روج آفا بلا شكّ في المفاوضات مجدداً.

كوباني:  هذا صحيح. لكنّ السبب الرئيسيّ وراء انهيار علاقاتنا مع تركيا ليس حزب العمّال الكردستانيّ. هذه حجّة. إنّ السبب الرئيسيّ هو العلاقة الاستراتيجيّة التي نشأت بيننا وبين الولايات المتّحدة. فقد عزّز ذلك رهاب تركيا ومخاوفها. بالإضافة إلى ذلك، يقيم العدد الأكبر من الأكراد في تركيا، ولهذا السبب أيضاً، تعارض تركيا مكاسبنا في روج آفا. وتعارض أيضاً استفتاء الاستقلال في كردستان.

المونيتور:  هل تقصد أنّ علاقتكم مع تركيا ستتحسّن إذا انسحبت الولايات المتّحدة من روج آفا؟

كوباني:  لا، لا أقصد ذلك.

المونيتور:  لماذا، في رأيك، لم تنضمّ تركيا إليكم في محاربة “داعش”، الذي يهدّد تركيا أيضاً؟

كوباني:  كانت لتركيا حساباتها الخاصّة في ما يتعلّق بـ [“داعش”]. كانت تركيا تتوقّع سقوط كوباني [في قبضة “داعش”]، ولهذا السبب لم تدعمنا، بل تعاونت مع [“داعش”]. لو حارب محمد من تركيا وأزاد من روج آفا جنباً إلى جنب ضدّ [“داعش”]، لعزّز ذلك عمليّة السلام في تركيا وقضى على الأحكام المسبقة ضدّنا في الرأي العامّ التركيّ.

المونيتور:  هل يمكن التصالح مع الرئيس رجب طيب أردوغان؟

كوباني:  والله هذا صعب. لكن إذا استنتج أنّ تركيا لن تحقّق شيئاً بسياساتها الحاليّة، فسوف يتقبّلنا في نهاية المطاف. إنّ أردوغان شخص براغماتيّ. وإذا استؤنفت عمليّة السلام في تركيا، فسيكون لذلك طبعاً تأثير إيجابيّ علينا أيضاً.

المونيتور:  بدأت نضالك في صفوف حزب العمّال الكردستانيّ؟

كوباني:  نعم، لكنّ ذلك حصل منذ زمن بعيد.

المونيتور:  أنت تعرف عبدالله أوجلان شخصيّاً، ويقال إنّه يحبّك كما لو أنّك ابنه؟

كوباني:  نعم. أعرفه منذ أن كان مقيماً في سوريا. عاش القائد آبو هنا لمدّة 20 سنة. وتعرّف إلى جميع العائلات [الكرديّة] هنا تقريباً. في حلب، في دمشق، في عفرين. إنّ القائد آبو هو واقع في هذه المنطقة لا يمكن إنكاره. اسمح لي أن أفسّر. إنّ القائد آبو هو فلسفة وإيديولوجيا. وحزب العمّال الكردستانيّ هو منظّمة وحزب وحركة. لا يمكننا حصر روج آفا بحركة واحدة. يقيم هنا أشخاص متنوّعون. فهناك عرب من الرقّة ومن الحسكة… وهناك شركس. وهناك حزب العمّال الكردستانيّ. وهناك المجلس الوطنيّ الكرديّ المعارض. وهناك من يؤيّدون [الزعيم الكردستانيّ العراقيّ مسعود] بارزاني. وهناك من يؤيّدون نظام [الأسد]. لكنّ مناصري حزب العمّال الكردستانيّ يشكّلون الأكثريّة. وهناك عرب يريدون الاطّلاع على فلسفة القائد آبو ويعتنقونها. وهناك الآلاف من شعبنا الذين استشهدوا وهم يقاتلون في صفوف حزب العمّال الكردستانيّ. لكنّ روج آفا لا تتألّف من مناصري حزبّ العمّال الكرستانيّ دون سواهم.

المونيتور:  هل يمكنك أن تفسّر أكثر؟

كوباني:  نحن مسؤولون عن المناطق [ذات الأكثريّة الكرديّة والمختلطة] التي نحكمها بقيادة النظام الاتحاديّ الفدراليّ لشمال سوريا، وأيضاً عن المناطق التي حرّرنا مؤخّراً. إذا عجزنا عن التوصّل إلى اتّفاق مع الحكومة المركزيّة في دمشق، فسيسود الوضع الراهن في المنطقة. وسيكون هناك إمّا اتّفاق وإمّا حرب، تماماً كما كان الوضع في شمال العراق [الخاضع لسيطرة الأكراد] في التسعينيّات.

المونيتور:  لكن هناك اختلافات كبيرة بين شمال العراق وروج آفا. فقد ساعدت تركيا الأكراد العراقيّين، وإن بتردّد. وفتحت حدودها للأكراد العراقيّين. ولم يحارب الأتراك والأكراد العراقيّون بعضهم بعضاً. وكانت تركيا أشبه بنظام لحفظ الحياة بالنسبة إلى كردستان العراق. لكنّها بنت جداراً على طول حدودها السوريّة. وهي تعتبركم أعداء لها ومشابهين لحزب العمّال الكردستانيّ.

كوباني:  إنّ مزاعم تركيا بأنّ “روج آفا مؤلّفة من حزب العمّال الكردستانيّ ليس إلا” أو أنّ “حزب العمّال الكردستانيّ يتّخذ كلّ القرارات في روج آفا” لا تعكس الواقع. لكن على الرغم من ذلك، هكذا تسعى تركيا إلى تصوير روج آفا. فتركيا تقول إنّ “روج آفا تساوي حزب العمّال الكردستانيّ”. هذا غير صحيح.

المونيتور:  يقال إنّكم، لولا دعم حزب العمّال الكردستانيّ، لما حقّقتم القوّة والنفوذ اللذين تتمتّعان بهما حاليّاً في سوريا.

كوباني:  قدّم حزب العمّال الكردستانيّ بالفعل الكثير من الدعم [إلى روج آفا]. وساهم إلى حدّ كبير في نجاحها. لكنّ المصدر الأهمّ لنجاحنا هو شعب روج آفا نفسه. إنّه الشباب. كيف تأسّست وحدات حماية الشعب؟ نعم، لقد حارب بعض مؤسّسيها في صفوف حزب العمّال الكردستانيّ وغيره، وعندما نشب النزاع في سوريا، عادت مجموعة من هؤلاء الأشخاص إلى سوريا. لكنّها لم تكن مجموعة كبيرة.

المونيتور:  هل كنت أنت من بين تلك المجموعة؟

كوباني:  نعم. عدتُ في ربيع العام 2011. كنّا نحو 30 شخصاً. لكن لو لم ينضمّ آلاف الشبّان المحليّين ولو لم يقدّم السكّان المحليّون الدعم المعنويّ والماديّ، لما تأسّس جيش بقوّة قوّات سوريا الديمقراطيّة. لم يبدأ التحالف [ضدّ “داعش”] بتزويدنا بالأسلحة إلا مؤخّراً. وقبل وصول الأميركيّين، حرّرنا مناطق كثيرة بواسطة رشّاشاتنا. إذا لم يُعتبر دعم شعبنا وبسالة شبابنا السبب الأساسيّ لنجاحنا، فسنخرج بالاستنتاجات الخاطئة. إنّ نجاح هذا المكان هو قوّته بحدّ ذاتها.

المونيتور:  لماذا لا ترتاح تركيا لكم؟

كوباني:  نحن جيران تركيا منذ ستّ سنوات. وتقع مراكزهم الحدوديّة في [الجانب التركيّ] فيما تقع مراكزنا في الجهة المقابلة. ولم تحصل أيّ مشكلة أمنيّة في تلك السنوات الستّ. لكنّ حزب العمّال الكردستانيّ نفّذ هجمات في داخل تركيا في خلال تلك السنوات الستّ. وانقلبت الدنيا رأساً على عقب. قبل أن ننجح في السيطرة على تلك الحدود، وقعت اشتباكات بين حزب العمّال الكردستانيّ والقوّات التركيّة هنا. لكن أكرّر أنّه لم تحصل أيّ مشاكل في خلال السنوات الستّ الماضية. كما تعلمون، تقع القامشلي ونصيبين [مدينة ذات أكثريّة كرديّة في تركيا] الواحدة بجوار الأخرى. تدمّرت نصيبين أمام أعيننا. لو كنّا مثلنا مثل حزب العمّال الكردستانيّ أو لو كنّا حزب العمّال الكردستانيّ نفسه، لدخلنا الحرب ضدّ تركيا بدورنا. ولما تردّدنا. ولحاربت القامشلي من أجل نصيبين. وكذلك الأمر بالنسبة إلى دريك وكوباني، لكنّهما لم تفعلا ذلك. هذا يعني أنّ هذا المكان لديه [طابعه الفريد] الخاصّ. ألا ترافق ذلك تداعيات؟ إنّ هذا [الفرق] بحاجة إلى تفسير. تبيّن تجربتنا على مدى ستّ سنوات أنّنا لا نشكّل خطراً على تركيا. فتلك السنوات الستّ كانت السنوات الأكثر هدوءاً التي شهدتها تركيا على حدودها مع روج آفا. وهذا يعني أيضاً أنّ حزب العمّال الكردستانيّ ووحدات حماية الشعب ليسا متشابهين. فلدى شعب روج آفا وحكّامها وأحزابها السياسيّة استراتيجيّاتهم ومبادئهم الخاصّة. وهم يتصرّفون بما فيه مصلحة روج آفا. ما علاقة ذلك بحزب العمّال الكردستانيّ؟ عوضاً عن التركيز على من عمل أين في الماضي، يتعيّن على تركيا الانتباه للواقع الموجود أمامها.

بالإضافة إلى ذلك، تتواجد أميركا هنا منذ سنتين، وهي أيضاً مدركة للواقع الذي وصفتُه. عندما انهار وقف إطلاق النار [سنة 2015] بين تركيا وحزب العمّال الكردستانيّ، لم ننضمّ إلى الحرب. في الواقع، هاجمتنا تركيا واستهدفتني أنا مباشرة… في في قراتشوك [في نيسان/أبريل 2017]. وقد استشهد عدد كبير من رجالي وصديق مقرّب جداً منّي. في النهاية، استخدمنا حقّنا في الدفاع عن النفس. ولم ندع زملاءنا يموتون عبثناً. فرددنا على تركيا. وإذا ضربتنا مجدداً، سنردّ عليها.

المونيتور:  إذا هاجمكم النظام، هل تدافع عنكم أميركا؟

كوباني:  لقد وعدوا بالدفاع عنّا. و[عندما هاجمتنا القوّات النظاميّة] في مدينة الطبقة، دافعوا عنّا. وأسقطوا طائرة تابعة للنظام. نودّ الوثوق بأميركا.

المونيتور:  بالنسبة إليك كشخص عضو في حزب العمل الكردستانيّ منذ فترة طويلة، وعايش الإيديولوجيا اليساريّة، كيف كان العمل مع مع القوّة الامبرياليّة الأولى في العالم، أي أميركا، وهل أثّر جنودها ودبلوماسيّوها على نظرتك إلى العالم؟

كوباني:  يتعلّم الانسان طوال حياته. لا عيب في ذلك. لقد اكتسبنا خبرة كبيرة من الناحية العسكريّة. قبل مجيء الأميركيّين، كنّا نحارب [“داعش”]. وكنّا نعتمد على وسائلنا الخاصّة. وبعد مجيء الأميركيّين، بدأت الضربات الجويّة وطوّرنا نظاماً قتاليّاً جديداً.

المونيتور:  هل تعلّم الأميركيّون أيّ شيء منكم؟

كوباني:  نحن نضحّي بأنفسنا. ولدينا اعتماد على النفس. ولدينا شجاعة. هذا ما تعلّموه منّا. لقد أنشأنا قوّات سوريا الديمقراطيّة مع الأميركيّين. وأنا أطلقت عليها هذا الاسم.

المونيتور:  لقد ذكر جنرال أميركيّ ذلك في إحدى المناقشات، وقال إنّ الاسم خطر على بالك بين ليلة وضحاها.

كوباني:  صحيح.

المونيتور:  إذا انسحبت الولايات المتّحدة من سوريا، يتوقّع البعض أن ينهار تحالفكم مع العرب وأن ينشب خلاف بينكم. هل تخشى حصول ذلك؟

كوباني:  لدينا مصالح مشتركة. لكنّ تحالفنا مع العرب لا يستند إلى المصالح المشتركة فحسب، بل أيضاً إلى مصير مشترك. فنحن نعمل من أجل مستقبل مشترك لسوريا اتحاديّة ديمقراطيّة يعيش فيها الجميع بمساواة. لقد حاول [العرب العمل مع] الجميع. في البداية، كانوا مع النظام، ثمّ هربوا من النظام وانضمّوا إلى الجيش السوريّ الحرّ. وانضمّوا إلى جبهة النصرة وأخيراً إلى [“داعش”]، وفي النهاية أتوا إلينا ويريدون البقاء معنا. فهم يثقون بنا.

المونيتور:  يُزعم أنّكم تجنّدون عرباً بالقوّة في قوّات سوريا الديمقراطيّة وأنّكم تقتلون من يرفض الانضمام.

كوباني:  لم يحصل شيء من هذا القبيل، ولا نسمح بحصوله. لقد أرسلنا من رفضوا القتال في الرقّة إلى ديارهم.

المونيتور:  من يدفع رواتب وحدات حماية الشعب؟

كوباني:  إدارتنا.

المونيتور:  ورواتب المقاتلين العرب؟

كوباني:  ندفعها نحن أيضاً، علماً أنّ أميركا بدأت تدفع قسماً منها – لحوالى خمس المقاتلين. كما سبق وقلت، نودّ أن تبقى أميركا هنا. وتريد القوّات الأميركيّة الموجودة هنا البقاء أيضاً. لكنّ السياسيّين هم من يقرّرون البقاء أو عدم البقاء، لا الجنود.

بقلم آمبرین زمان “المونيتور”

شارك هذا الموضوع على

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *