شمال شرق سوريا.. هل ستكون نقطة انطلاق حرب أم أيقونة سلام؟

سؤال يخطر ببال كل مواطنٍ في شمال شرق سوريا التي تؤوي الكثير من الوافدين والنازحين من ريف الحسكة الذي تحتله تركيا، ومن عفرين وحلب ودير الزور، والعديد من المناطق الأخرى. فضلا عن قاطني المخيّمات الكثيرة المنتشرة في مناطق الإدارة الذاتية؛ هل سيضطرون مجدّداً للنّزوح إن نشبت أي نزاعات مسلّحة في هذه الأجواء المشحونة على الجبهات؟. رغم أنه في الاعلام التابع للحكومة المؤقتة، وفي إعلام قوات سوريا الدّيمقراطية تتداول كثيراً عناوين فضفاضة حول المفاوضات والحوار تتخللها بعض تصريحات أو تلميحات التهديد، ولكن على الأرض نشهد حشوداً عسكرية وتصعيدات.

والحديث الآن وبعد أسبوعين من إغلاق الطرقات، والتوترات المتصاعدة، وبوقت تشهد فيه محاور ريف حلب الشرقي توترًا واستنفارًا متبادلًا، واشتباكات متقطعة بين الجانبين. عشرات السّيارات للقوى الأمنية التابعة للحكومة الانتقالية محمّلة بالأسلحة والمسلحين تصل إلى خطوط التّماس مع قوات سوريا الديمقراطية في محيط دير حافر وسدّ تشرين بريف حلب الشرقي.

سبق ذلك في بداية تشرين الأول اندلاع اشتباكات متقطّعة في محيط سدّ تشرين عقب محاولات للمجموعات المسلحة الموالية للحكومة الانتقالية إلى نقطة عسكرية تابعة لقوات سوريا الديمقراطية. حيث بدأت الأولى بهذه الاشتباكات، والأخيرة قامت بالرد عليها وصدّها وإحباطها.

علاوة على ذلك، تسود المنطقة حالة من الحذر والتخوّف. كما يلفّها هدوء مخيف. حيث شاركت وفي تطور متزامن، فصائل موالية لتركيا بقصف محيط مساكن سد تشرين بقذائف المدفعية،كما استهدفت طائرة مسيّرة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية نقطتين عسكريتين لفصائل الجيش الوطني الموالي لتركيا بريف حلب الشرقي.

ويعاني سكان مناطق شمال وشرق سوريا من صعوبات كبيرة في التنقّل والحركة وتأمين المستلزمات الأساسية، بعد إغلاق معبر دير حافر – حلب، ما يضطر السائقين والمواطنين إلى استخدام طريق أطول وأكثر خطورة يمتد عبر أثريا – السلمية – خناصر وصولاً إلى مدينة حلب. الأمر الذي يزد من معاناة المواطنين على المستويين الأمني والاقتصادي، فضلًا عن الضغوط الجسدية، خصوصًا في الحالات الطارئة مثل المرضى والطلاب.

كما أفادت مصادر خاصة للمرصد السوري لحقوق الإنسان بأن حواجز تتبع لفصيلي “الحمزات” و”العمشات” التابعَين للجيش الوطني، والمنتشرين على طريق أثريا-خناصر بريف حلب الشرقي؛ تواصل منذ الأيام الأخيرة من شهر أيلول/سبتمبر المنصرم فرض إتاوات مالية على السيارات العابرة للطريق. حيث يتم إجبار سائقي السيارات الخاصة والحافلات وشاحنات البضائع على دفع مبالغ مالية نقدية قد يصل إلى 100 دولار أمريكي عن كل سيارة للسماح لها بالمرور.

يأتي كلّ ذلك وسط غياب لأي تحرّك من سلطات الحكومة الانتقالية في دمشق لوقف هذه الانتهاكات التي تحوّل الطرقات الرئيسية إلى مصدر للجباية والابتزاز وانتهاك حقوق المواطنين.

كما تشهد مناطق ريف حلب الشرقي الخاضعة لسيطرة الفصائل الموالية لتركيا تفاقماً في مظاهر الفوضى والانتهاكات. من انعدام للأمن إلى فرض إتاوات وابتزاز على المعابر والطرقات ووقوع اشتباكات مسلحة متفرقة؛ الأمر الذي يزيد من توتر الوضع الميداني.

أما في ريف الحسكة الشمالي التي تشهد توترات عسكرية أيضاً، وتحديدًا في ريف تل تمر، حيث القصف المتبادل بالمدفعية الثقيلة بين فصائل الجيش الوطني الموالية لتركيا، وقوات مجلس تل تمر العسكري بمنطقة نبع السلام. ورغم الهدوء النسبي إلا أن أهالي هذه المناطق يتوقعون اندلاع مواجهات دامية بين الأطراف المتصارعة في أي لحظة. ما سيؤدي بهم إلى الاضطرار للنزوح في حال وقوع معارك واشتباكات، وبالتالي العودة للمعاناة المعيشية والأزمات الإنسانية مرة أخرى وخصوصًا وأننا على أبواب فصل الشتاء.

ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان في آب/أغسطس أيضا محاولة تسلل من قبل الجيش الوطني باتجاه ريف تل تمر التابع لقوات سوريا الديمقراطية انتهت باشتباكات مسلحة مع مجلس تل تمر العسكري. ونتج عنها إصابة عنصرين من العناصر المهاجمة.

كما سبق وتوعّدت قوات سوريا الديمقراطية بالرد على أي قوة مهاجمة لمناطق سيطرتها ردًّا عنيفًا وقويًا ولا محدود. محذرة في الوقت نفسه من أي محاولة لتغيير الواقع على الأرض من خلال عمليات عسكرية ضدها تشنها قوات الحكومة الانتقالية أو الفصائل الداعمة لها.

وتأتي هذه التطورات في إطار التصعيد المستمر والتوتر الأمني المتصاعد في مناطق شمال وشرق سوريا، ولا سيما في محيط سد تشرين الذي يحظى بأهمية استراتيجية بالغة. وفي حقيقة الأمر لا أحد يستطيع التنبؤ اليوم هل ستكون منطقة شمال شرق سوريا نقطة انطلاق حرب أم ستكون أيقونة سلام بين الفرقاء السوريين؟.

المصدر: المرصد السوري لحقوق الإنسان

Scroll to Top