الخميس, نوفمبر 21, 2024

صلاح قيراطة: إسرائيل العقل المدبر وإيران العضلات في صياغة الشرق الأوسط

لقد استطاعت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة الأمريكية أن تنسج سياسات إيران على قدر مصالحهما في المنطقة والذي يرتكز إلى صياغة شرق أوسط جديد تكون فيه إسرائيل العقل، وربما إيران ولجزء كبير هي العضلات أما في باقي العرب فهم مصدر مواد أولية وعمالة رخيصة وسوق لتصريف المنتجات.

طبعا إذا تجاوزنا الحالة العقائدية التي في حقيقتها التطبيقية السياسية هي ذات أبعاد ورؤى إيديولوجية وضعية، إنما وضعت برسم الحصر في الدوائر الصهيونية لإخضاع المنطقة واستنزافها مدعومة وبلا حدود غالبا من قبل الغرب من خلال تحكم اللوبي الصهيوني بالحكومات العميقة في معظم هذه الدولة.

فكان لهؤلاء أن صنعوا ثورة إسلامية لإيران بنيت تناسبا مع مصالحهم في المنطقة بالتلاقي مع نهم حكومات الملالي المتعاقبة لإعادة بعث أمجاد الإمبراطورية الفارسية، فكما وجد الغرب ضالته لجهة زرعه في قلب المنطقة العربية بهدف فصل مشرقها عن مغربها وإبقائها راسخة في التخلف بعيدة عن مواطن التقدم، وجدوا في إيران الدور المكمل والداعم لدور الكيان.

وسأفاجئ المتابع العزيز إن قلت إن (النظام) السوري ومن خلال (براغماتية) معهودة كان قد اتخذ منها ديدنا في التعاطي مع أزمة البلاد، وقبل أن تتحول إلى اختلاف فخلاف فحرب فقضية دولية بامتياز ربما وضعت خلفها القضية الفلسطينية لجهة وعورتها وتعقيداتها واستعصائها.

أعود لأقول ربما سورية من ضمن هذه الجمع الدولي أيضا كانت قد استثمرت في إيران كما استثمر الغرب والأمريكان وكذا الكيان في إيران، ولكل من هؤلاء الفرقاء غاياته ومصالحه واستثماراته، وعن السوري لا أفشي سرا إن قلت إننا ربما نظرنا وفي الغرف مغلقة الأبواب إلى ما تقوله إيران لجهة مقاومة وتحرير القدس وفلسطين، ونحن من أشد العالمين أنهم ليسوا سوى أفاقين ومنافقين وهنا كان الاستثمار بأن تم توظيفهم في مصلحة مواجهة (النظام) مع (معارضيه) أو بالأصح من شقوا عصى الطاعة عليه، فلا علم لنا أن حافظ الأسد، ترك في مرحلة حكمه لمعارضة أن تؤسس أو توجد، أو حتى تفكر بالتواجد والصيرورة، وقد تم نقل ذلك لولي عهده بشار الأسد، من خلال نقل النظام بكل مؤسساتها ولاننسى كيف تم التنكيل بكوادر أول (ربيع عربي) شهدته المنطقة هو ربيع دمشق.

وكذا لا أفشي سرا أن أعلمتكم أن بعضا من كبار العسكريين السوريين عندما يسمعون أن عدوانا (إسرائيليا) قد بوشر به لاستهداف مواقع لإيران في سورية يبدأوا ( بالتهاني) همسا ليست خشية من (النظام) فهم من أركانه، اقصد متبادلي التهاني بل خشية أن يصل صدى همساتهم لمسامع أي من “عواينية” ايران، لأنها لم تنجز بعد ما تم إعطائها الضوء الأخضر ومن أجله فتحت لها الأبواب.

وكذا ليس سرا أيضا إن قلت أن (النظام) السوري لغاياته لم يعطي إيران أي موطئ قدم منفصل لأي من قواتها النظامية أو الميليشياوية في أي من الأراضي السورية، بل هي في ثكنات ضمن التشكيلات السورية.

وليس هذا فقط فالقاصي والداني يدرك أنه ومع وصول أي شحنة أسلحة إيرانية وقبل أن تفرغ يتم استهدافها ولا أعتقد أن هذا يأت من فراغ.

 وعليه فلطالما وصفت حال إيران في سورية بالمثل الشعبي الذي يطلقه السوريون كناية عن من يسند له عمل مؤقت ويتعاطى معه وقد صدق أنه ذو حصانة ومسؤولية وماهي إلا فترة انقضاء ما كلف به إلا ليوضع له في لباسه الداخلي السفلي سطل ماء بارد ويقولوا له (اخلع).

أعود لأقول إن لطالما مثلت حال إيران مع (النظام) السوري حالة (سموك مسحر انتهى رمضان) هذا بالضبط ما سيكون عليه حال إيران مع انتهاء دورها في سورية الذي فصل على قدر نهمها، أما تصديرها لثورتها فيصح فيه القول (من له ثمن لا يؤتمن) فكل المعلومات التي تصلنا يوميا أن من يتم تشييعهم بفعل ضخ الأموال ومع أول تقصير في دفع المعلوم يرتدون عن تشيعهم وعلى العلن.

إيران في سورية يمكن تشبيهها بالحمار الذي يعزم أصحابه على العرس في الذهاب يحملون عليه هداياهم لآل العرس، وفي العودة يركبون عليه.

فلتاريخها لم تقدم إلا عتاد عسكري ومقاتلين على حساب لقمة عيش أبنائها حيث تضربهم أزمة اقتصادية ساحقة ماحقة نتيجة العقوبات الأمريكية، وبالتوازي ليس لها على ما يبدو جليا أن تستفيد من أي مغنم اقتصادي في سورية، فالكل يعلم أنها كانت قد ناورت يوما على توقيع عقد لاستثمار الفوسفات في سورية ووصلت الأمور إلى مرحلة التوقيع ليأتي الروسي ويخرجها أيضا مع سطل ماء في مؤخرتها، وكذا فهي ما فتئت تطمح بعقود إعادة البناء وكل المؤشرات المنبعثة من دوائر الحكم التي تخضع لهيمنة روسية تؤكد أن إيران أيضا ستخرج لجهة هذه الجزئية كما المقولة التي فحواها (طلع من المولد بلا حمص).

حتى موضوع الميناءين الساحلين فقد تمكنت روسيا من أخذ استثمار ميناء طرطوس لمده (74) عاما ( 49+25) بينما أقصى ما حصلت عليه إيران في ميناء اللاذقية هي التشغيل بالقطعة كما (العتالين) تماما، فهي تقوم بدور تفريغ شحنات السفن وشيء من هذا القبيل ليس إلا.

طبعا لن ننسى هنا أن روسيا وبسيطرتها الفعلية على ميناء طرطوس باتت المتحكم بالصادرات الإيرانية من وإلى سورية عبر البحر.

وكرؤية مستقبلية إن فكرت إيران بأن تضغط على الروسي عبر السوري في الساحل فإنا لا استبعد أن تقوم الطائرات (الإسرائيلية) باستهداف أي مخازن أو قواعد أي مكان لإيران تواجد فيه في الساحل السوري بصمت روسي يصل حد التنسيق والتعاون.

تموز نت

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *