عامودا رنكين ح (3)

برادوست ميتاني 

العشائر وملامح من الحالة الاجتماعية

القبائل والعشائر في عامودا وريفها

أولاً – الملّية: وتتكون من مجموعة عشائر عربية وكردية يترأسها أحمد علي العيسى العبد الكريم آغا الملي وتتكون من عشائر (البهدينية واليزيدين والسادة والجمال دين والبكارة والشرابيين وعشائر أخرى مختلفة) وتمتد من شرق مدينة الدرباسية مروراً بريف عامودا باتجاه مدينة القامشلي (قامشلو)

ثانياً – الدقورية: وهي أيضاً تتكون من مجموعة عشائر عربية وكردية يترأسها مصلح شكري الدقوري وتتكون من عشائر (الكابارة والخواتنة والحجيان والسليفية والقركيج والكركرية والمانديان والبوبلان والكبكان وعشائر أخرى) ومركزها مدينة عامودا وريفها وهي من العشائر التي تذكر بتاريخها الوطني ومقاومتها للاحتلال الفرنسي

ثالثاً- الولْدة: وهم مجموعة من العشائر العربية هاجرت إلى محافظة الحسكة من محافظتي الرقة وريف حلب في سبعينيات القرن الماضي نتيجة غمر مياه بحيرة الأسد قراهم بعد إقامة سد الفرات، ويترأسهم محمود شواخ البورسان وتتكون من عشائر (الناصر والبو سلطان والبو صلاح وأعداد من عشائر أخرى مختلفة) وهذه العشيرة معروفة بمواقفها الوطنية والقومية وتشارك مشاركة فعالة في الحياة الاجتماعية والسياسية ولا زالت متمسكة بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة

رابعاً – الأومريان: مجموعات كردية هاجرت في خمسينيات القرن الماضي من مناطق جنوب تركيا نتيجة ظروف اقتصادية واجتماعية وسكنت مدينة عامودا وقراها ويترأسهم سعيد نذير آغا الأومري والجميع يسمون بأسماء قراهم سابقاً في تركيا (المرجيون والآلوجيون والتخوبيون والبيرتيون والكرميتيون …إلخ) وجميعهم يعملون في الصناعة والتجارة ويسميهم أهالي عامودا الجبليون أي القادمون من المناطق الجبلية.

خامساً – مجموعات عربية أخرى:

المردليون – القبلاتيون – الراشدينية – الصلاخية – التاتاوية وجميعهم يتحدثون العربية وبلهجات مختلفة وجميلة ومتقاربة وأغلبهم يسكنون المدينة ويعملون بالحِرف اليدوية والتجارة (17)

يوجد إيزيديون أيضاً ولهم قرى عديدة ولكنها أصبحت قليلة السكان بسبب الهجرة.

يتناول لنا أ. بدرخان علي الحالة الاجتماعية العريقة للمدينة قائلاً: المدينة التي يعود تاريخها المثبت في ذاكرة المعمرين إلى أكثر من ثلاثة قرون، إذ هناك أسر كثيرة في المدينة يعدد المسنون فيها أسماء أجدادهم حتى الرقم الثامن والتاسع وربما العاشر أحياناً. كما أن مقابر المدينة تشهد على تاريخها، إذ يعود تاريخ مقبرتها الحالية إلى عام 1929 وهو العام الذي توفي فيه الملا عبيد الله “سيدا” وكان أول من دفن فيها، في حين أن المسنين لا يعرفون شيئاً .عن بدايات المقبرة الأقدم في المدينة ومن المعالم الأثرية في المدينة، تلها الشهير كرى شرمولا وجامعها المعروف في المنطقة بأسرها، إذ كانت تتبعه مدرسة دينية، تخرج منها منذ بدايات القرن العشرين وحتى منتصف الستينات العشرات من حملة الإجازة العلمية في الفقه والشريعة وعلوم التفسير، فضلاً عن النحو والصرف والبلاغة والمنطق، بلغت هذه المدرسة أوج ازدهارها في العشرينات من هذا القرن تحت إشراف المرحوم العالم ملا عبيد الله هيزاني “سيدا”. حيث كان يتوافد طلبة العلم من مختلف مناطق كردستان على المدرسة ونذكر من طلاب هذه المدرسة المرحوم العالم ملا عبد الحليم إسماعيل الذي كان ضليعاً في المذاهب الفقهية الإسلامية الأربعة، وكان معروفاً لدى العلماء المسلمين في العديد من الدول الإسلامية. كما أن الشاعر الكردي الشهير جكرخوين “ملا شيخموس” هو نفسه من بين طلبة هذه المدرسة. هذا بالإضافة إلى كل من ملا عبد اللطيف إبراهيم، وملا شيخموس قرقاتي رحمهم الله جميعاً.. ومما تجدر الإشارة إليه هنا هو أن تل عامودا أصبح في الجانب التركي من الحدود، وذلك بموجب الاتفاقية الفرنسية – التركية السالفة الذكر. في حين أن الطريق التي كانت تربط عامودا بماردين أصبحت غير سالكة بفعل التقسيم، علماً بأن هذه الطريق ما زالت تعرف حتى الآن بين السكان بطريق المدينة كما توجد طرق أخرى تسمى ريا دارى أي طريق داري التي كانت تربط بين عامودا وقرية داري الشهيرة. تستمد عامودا حيويتها من كونها المركز الإداري التجاري للمنطقة الزراعية الخصبة التي تحيط بها. ففيها توجد المحلات التجارية التي تلبي حاجة المستهلكين، بالإضافة إلى الورشات الصناعية التي تخدم القطاع الزراعي، وتسد الحاجات المنـزلية (18).

لا تخلو أية مدينة في الجزيرة السورية بشكل خاص وفي سوريا بشكل عام من تنوع اجتماعي وأثني كذلك بالنسبة لمدينة عامودا التي هي في الأصل ذات غالبية كردية كبيرة ولكنها تضم بين ثناياها أخوتنا من الشعبين السرياني والأرمني المسيحيين.

أجرت وكالة بوير بريس ريبورتاجاً في عامودا نقتطف منه ما يخص ذلك بعض المعلومات:

كان السيد “آرتين” وهو المعلم الأساسي لصناعة الخبز في عامودا وحين توفّي دفن في مقابر المسلمين

يسرد لنا السيد كيورك غازار موشيخيان سير سكنهم في عامودا قائلاً: حينما جاء والدي من حلب, استقرّ بداية في تل براك, ثم انتقل إلى قامشلو فعامودا, كان أبنائه يقضون حتفهم بسبب مرض مرتبط بنوع الماء وتلوّثه حينها, وقد بنى جدي عندما استقرّ في عامودا بيت “حميدي, بعدها اشترى والدي هذا البيت الذي نسكنه بمبلغ 3000 آلاف ليرة سوريّة وبسند تمليك, وكان بمقدور المرء حينها – أي في العام 1958- شراء أربعة منازل بهذا المبلغ ,كما سكنّا في بيت فصيح رشواني ذو الطابقين والذي يقابل مشفى داري الآن من الجهة الجنوبيّة, أما البيت الذي أمامه فقد بناه جدي كربيت وشكيان الذي كان يعمل في بيع وشراء القطع النحاسيّة, وكان يملك دكاناً بجانب مشفى بهزاد الحالي وقد بُني البيت الذي نسكنه حوالي العام 1915-1916 من قبل خليل مقدسي, أما التخطيط فكان لـ ”رصبو أبو حنا ” والذي وضع أساسه من اللبن, التأسيس كان بزوج من اللبن وضع بجانب بعض, لتكون القاعدة قوية ومتينة, وكل واحدة بعرض 50 سم أي أن عرض قاعدة الجدار في الطابق الأول كانت متراً كاملاً, وفي الطابق الثاني تصبح نصف متر. ومثل هذا البناء لا تؤثر فيه العوامل الجوية مثل الزلازل. وعامودا مشهورة ببيوتها الثلاث من هذا النوع ذو الطابقين وهي بيت “صرّاف” و “رشواني” وبيتنا. ورغم قدمه إلا أننا نهتم به قدر الممكن, ولم نغير فيه شيئا, بل حافظنا عليه كان والدي يعمل ميكانيكياً ويحمل شهادة المكنيسيان والقيادة من حلب منذ خمسينات القرن المنصرم, والوالدة درست في مدارس ” الفرانسيسكان” وتجيد من اللغات, الايطاليّة, التركيّة, والأرمنيّة, وتتحدّث الفرنسية بطلاقة, كما تعلّمت الكردية, العربية هنا. أصولها حلبيّة, والدها كان مثقفا ومهندساً في بلدية حلب هاجرنا من تركيا أثناء مجازر الأرمن 1915, “الجينوسايد ” الذي لا تعترف بها تركيا حتى الآن, جدة أمي كانت شاعرة ومحامية, العائلة بأكملها كانت مثقّفة, ونحن نحاول أن نسير على خطاهم, بالنسبة لي أحمل ” لسانس ” إجازة في العلوم الزراعية, شقيقي يحمل إجازة في اللغة الإنكليزية, وشقيقتي تحمل إجازة في اللغة الفرنسية, بينما تعمل الأخرى في سلك التمريض, في حين يعيش أصغرنا في أمريكا,مَلكَ والدي في الخمسينات سيارة تنقّل بها بين قامشلو وديريك وعمل عليها عمي سركيس, كما اشتغلنا بالزراعة كثيرا. ومازال “الكميون” والحصادة لدينا منذ الخمسينات, وهما في حالة جيّدة قابلتان للعمل ساعة ما تشاء, يلزمها تركيب بطارية فقط قبل أكثر من خمسين سنة اشترى والدي “الكميون” بـ 36 ألفا حينها.. وهو موديل ” جيمس امريكي 53“, حتى ذلك الحوش الإضافي اشتريناه لأجل الحصادة والكميون. وقد عمل مع الوالد الكثير من أهالي عامودا وكنا عائلة واحدة مثل صديق اوسي, وسليمان ومحمود وعبد الرحمن وعبد العزيز بكى . يخطئ الكثير من الأخوة بإطلاق مصطلح (فِلّهْ) علينا، ويقصدون به المسيحيّ، هذا تعبير خاطئ, وليست له جذور في الكرديّة أو العربيّة, وقد أوضح الدكتور أحمد عبدالحليم في إحدى نقاشاتنا أن الكلمة تعني (في الله) أي في دين الله, وهذا أيضاً خطأ شائع, وذهب آخرون أن الكلمة مشتقة من كلمة (فلاح) العربيّة, وهذا أيضاً بعيد عن المنطق كليّاً إذ لم يعمل المسيحيّ فلاحاً لدى أحد. وأفضّل إطلاق كلمة مسيحي، أمّا كقومية فنحن “أرمن أرثوذكس

وعن تاريخ ظهور الأرمن في عامودا يقول السيد كيورك : يعود وجود الأرمن في عامودا إلى ثلاثينيّات القرن المنصرم, وكانت حينها أكثر من 150 عائلة, فيما بعد أصبح عمي مدير مدرسة دجلة الخاصة, ومدير مدرسة الأرمن والتي كانت مقامة على أرض المركز الثقافي الحالي (رئاسة المجلس التنفيذيّ), وفيها درس الدكتور يوسف دقوريّ أيضاً.

السجل المدني في عامودا خير شاهد على النسبة الكبيرة للأرمن فيها. ولكن معظمهم سافر..!

لم يبقَ في عامودا سوى بيت الأستاذ جوزيف هيلون( سرياني) وسعيد ومروان جرجس, وهم أيضا من السريان,. أيضاً مازال طوني بائع الأحذية وحارس الكنيسة التي لم يبق منها غير الجرس.

أغلب المهن والحرف في عامودا أتى بها الأرمن وكانت بيدهم مثل “الطورنو” بيد معلم آرتين كابريليان, وآليان سالوني. وكذلك الخياطة، حتى صناعة الكازوز كانت موجودة في عامودا, في الثلاثينات والأربعينات, وكان المعمل مكان منزل عبدالستار بركات الحالي, وكان المعلم أرمني, ولُقّبوا ببيت “الكازوزجي”, انتقلوا فيما بعد للقامشلي (قامشلو). المعلم اسرائيل هو من أسّس الميكانيك في عامودا، ومعلم كيفورك كان مختصّاً في صناعة الشبابيك والأبواب، أما نعل الأحصنة نعلبند (نالبند) فكان يختص بها بيت ”حناني” (المرجع أقدم البيوت وأعرق العوائل المسيحيّة في عامودا.

يتبع….

المصدر: PYD

Scroll to Top