الخميس, نوفمبر 21, 2024

عقود على كونفرانس الخامس من آب ١٩٦٥ التحول العميق الأول في بنية الحركة الكردية السورية

صلاح بدرالدين
سرد بانورامي سريع

مشهد ماقبل التحولات :
بعد نحو تسعة أعوام على قيام ( الحزب الديموقراطي الكردستاني – سوريا – الذي تغير الى الكردي بعد ثلاثة أعوام من الميلاد من دون اية توضيحات ) ، خلافات بين أعضاء القيادة ذات طابع فكري ، وسياسي ، وشخصي ، ومن دون الإفصاح عنها في وثائق ، تكتلات ، وتجمعات متمردة على الحزب خصوصا بالجزيرة ، انفكاك الجسم التنظيمي ، اعتقالات ، وملاحقات ، لم تشمل نشطاء اليمين خاصة بالجزيرة الذين استغلوا الفرصة لافراغ الحزب من زخمه الثوري ، وتحويله الى جمعية موالية للسلطة ، حصول بعض الاختراقات الأمنية في التنظيمات الحزبية .
*
تحركت القواعد ، والكوادر ، وبينهم فلاحون فقراء ، وكسبة ، وطلبة ، ومعلمون ، ووطنيون حريصون على صيانة ، وتعزيز الحركة في المناطق ، وإنقاذ الحزب بمعزل عن جميع أعضاء القيادة الموجودون منهم بالسجون او خارجها ، وتم التوافق بينهم على عقد الكونفرانس الخامس للحزب الذي انعقد بقرية جمعاية من التالية أسماءهم :
*
١ صلاح بدرالدين. 2- محمد نيو. 3- هلال خلف. 4- محمد بوطي. 5- عزيز أومري. 6- عبد الحليم قجو. 7- يوسف اسماعيل. 8- محمد حسن. 9- نوري حاجي. 10- أحمد بدري. 11- فخري هيبت. 12- شمو ملكي. 13- محمد قادو. 14- ملا محمد أمين ديواني. 15- غربي عباس. 16- محمد خليل. 17- ملا شريف. 18- عبد الرزاق ملا أحمد. 19- ملا داود. 20- نوري حجي حميد. 21- محمد علي حسو. 22- ملا هادي. 23- عيسى حصاف. 24- ملا أحمد قوب. 25- ابراهيم عثمان. 26- سيد ملا رمضان. 27- رشيد سمو.
*
الثقل الأساسي للمشاركين من الجزيرة ، مع تمثيل رمزي لجياي كرمينج – عفرين – بسبب الاعتقالات ، والملاحقات ، وغياب أي تمثيل لمنطقة – كوباني – لضعف او حتى انعدام وجود التنظيم هناك بتلك المرحلة .
*
أقر الكونفراس مشروع البرنامج السياسي الجديد ، وانتخب قيادة مرحلية ، التي انتخبت بدورها كل من : ( محمد نيو وهلال خلف وصلاح بدرالدين ” كهيئة سياسية عاملة ، وقامت بأداء وظيفتها بالتواصل مع جميع أعضاء القيادة السابقين ودعوتهم لتحمل المسؤليات ، فقط استجاب كل من ( آبوا وصمان صبري ومحمد ملا احمد – توز – ) وفي نشر جملة من الوثائق النظرية والتحضير للمؤتمر العام الذي عقد وانتخب لجنة مركزية ، وبدورها انتخب مكتبا سياسيا وسكرتيرا ” اوصمان صبري ” .
*
انضم الشاعر الكبير – جكرخوين – وكذلك – محمد ملا احمد – الى القيادة المرحلية ، وانسحب الاثنان بعد عدة اجتماعات قيادية لانهما لايستطيعان العمل التنظيمي مع آبوا وصمان لانه يرفض القيادة الجماعية كما اخبراني ، وبقيا صديقين للحزب ، وحضر – جكر خوين المؤتمر الأول مابعد الكونفراس بالهلالية ( ١٩٦٦ ) وترشح ولم ينل الأصوات المطلوبة ، وعلى اثر ذلك حصلت لديه ردود فعل غاضبة والتحق باليمين فيما بعد .
*
كان العالم يتوزع في ذلك العصر بين القطبين : الاشتراكي ، والغربي ( الامبريالي ) ، والحرب الباردة على اشدها ، وكانت حركات تحرر الشعوب جزء من الحركة الثورية العالمية ، وقوتيها الاساسيتين : الدول الاشتراكية ، والحركة العمالية العالمية ، وكانت الحركة الكردية ضمن اطار القطب الأول بشكل عام لاسباب عديدة موضوعية وتاريخية ، من بينها مبدأ حق تقرير مصير الشعوب الذي تبناه هذا القطب ، وكذلك بسبب وقوف القطب الغربي مع الأنظمة في الدول المقسمة لوطن الكرد ، وارتباطه معها باحلاف عسكرية وامنية ، واجندات لمحاربة الكرد ، وقد انبثق اليسار الكردي عموما تحت تاثير الظروف ، والوقائع الداخلية والخارجية وبينها القضايا الاجتماعية .
*
( البارتي اليساري – الاتحاد الشعبي ) انجز مهاما تاريخية مثل : إعادة احياء الحزب وانقاذه – إعادة تعريف الشعب والقضية والحقوق ، إعادة بناء التحالفات الوطنية ، والكردستانية ، والإقليمية ، والاممية على أسس برنامجية جديدة ، وانتصر في تثبيت مبدأ وحقيقة وجود شعب كردي سوري من السكان الأصليين ، وحل قضيته في اطار مبدا حق تقرير المصير ، وتنشيط الحراك الفكري والثقافي ، ودمج النضال القومي بالكفاح الوطني من اجل الديموقراطية والتقدم ، وطرح فكرة استقلالية القرار ، وصيانة الشخصية الوطنية الكردية السورية ، وبناء علاقات اخوة و،تضامن ، وتنسيق مع العمق الكردستاني وخاصة كردستان العراق والزعيم الراحل مصطفى بارزاني ، على قاعدة احترام خصوصيات البعض الاخر ، استطاع الحزب ايفاد نحو – ٣٠٠ – طالبة وطالب للدراسة بالخارج ، وانشا ( رابطة كاوا للثقافة الكردية ) ، و ( جمعية الصداقة الكردية العربية ) ، وقدم الدعم المادي ، والسياسي ، والإعلامي للحركات الكردية في العراق ، وتركيا ، وايران وقام بتربية كوادر في الاكاديميات ، ومعاهد الكادر في المنطقة وأوروبا .
*
كان للحزب أربعة لجان منطقية بالوطن ، وكان يتناوب على ادارتها كل من الرفاق : محمد نيو ، وسامي ناصرو أبو جوان ، وآخرون ، وثلاث منظمات : تنظيم دمشق العاصمة باشراف الرفيق ربحان رمضان أبو جنكو ، تنظيم لبنان ومسؤوله الرفيق مصطفى جمعة ، وتنظيم أوروبا ومسؤوله الرفيق د سعد الدين ملا لفترة محدودة ، وكان الأمين العام صلاح بدرالدين يشرف عليهما بقرار من اللجنة المركزية ، كما كان الرفيق سامي مكلفا من الأمين العام للاشراف العام على الحزب بالوطن وبمثابة نائب له ، وقد تولى كل من الرفيقين الشهيد مشعل تمو ، وجلال ابوروزين وكل لمدة عامين تقريبا ، مسؤولية التواصل مع الأمين العام خلال اقامته باوروبا بتكليف من القيادة .
*
فضح الحزب منذ ان حصل على وثيقة محمد طلب هلال عام ١٩٦٦ مخطط الإحصاء والتهجير والحزام في الداخل والخارج حتى قبل المباشرة بتطبيقه ، ووقف أعضاؤه من فلاحي عدد من القرى ( علي فرو – كري بري ) على سبيل المثال في مواجهة السلطة بالتظاهرات الاحتجاجية ، وتوزيع المنشورات بتوقيت واحد ، في جميع المدن ، والبلدات ، والمراكز بالجزيرة ، وقامت السلطة على اثرها باوسع حملة اعتقالات طالت رفاقنا ومناصرينا بشكل أساسي .
*
كانت منظمة الحزب في لبنان من مؤسسي الحركة الوطنية اللبنانية بقيادة الشهيد كمال جنبلاط ، وممثلة في كل مؤسساتها ، كما اعتمدت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلية للحزب في – غزة – ولاحقا – رام الله – ودامت عدة أعوام ، كما أبدت قيادة جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية موافقتها على افتتاح ممثلية للحزب ب – عدن – وبسبب الظروف الداخلية هناك لم يتم ذلك .
*
تم افتتاح ممثليتين لكل من ( حزب عمال كردستان تركيا – عمر جتن ) ، و( حزبي ديموقراطي كوردستان – ايران ) ضمن مكاتب حزبنا في بيروت ، كما نظمت دورات سياسية ، وعسكرية ، وامنية ، لكوادر الحركة الكردية داخل لبنان ، وفي أوروبا الشرقية .
*
ظل آبوا وصمان كسكرتير للحزب مايقارب ثلاثة أعوام ثم استقال في كونفرانس عامودة ١٩٦٨ ، وتوجه الى تركيا لاشعال ثورة هناك ، وعاد الى دمشق واصبح مقربا من – ب ك ك – حتى وافته المنية عليه الرحمة .
*
قيام ،ونمو ، وانتشار الحزب بفكره ، ومواقفه السياسية الواضحة ، في كل المناطق الكردية ، والعاصمة ، والمدن الكبرى ، وفي الخارج ، وبذلك الزخم الملحوظ ، اثار مخاوف نظام حافظ الأسد ، فوضع المخططات الأمنية لضربه ، واضعافه ، والى جانب الاستهدافات العديدة ، ومحاولات الاختراق ، وتقديم سكرتير الحزب ، وعضوين من المكتب السياسي ( آبوا وصمان صبري و محمد نيو ، وصلاح بدرالدين ) للمثول امام محكمة امن الدولة العليا بدمشق عام ١٩٦٩ حيث هذه المحكمة تعقد للمرة الأولى حول القضية الكردية ، تعرض الحزب الى محاولتي – انشقاق – الأولى عام ١٩٧٥ عبر عنصرين من القيادة ، بدعم مباشر من – جلال الطالباني – بالتنسيق مع اللواء – علي دوبا – رئيس المخابرات العسكرية ، والثانية عام ١٩٩٠ عبر عناصر ثلاث من القيادة ، باشراف مباشر من العميد – محمد منصورة – رئيس المخابرات العسكرية بالقامشلي ، الأولى أخفقت ، والثانية نجحت جزئيا .
*
كان ضمن صفوف التنظيم الحزبي نسبة مقبولة من العنصر النسائي وذلك للمرة الأولى في تاريخ الحركة السياسية الكردية ، وكانت المرأة وخاصة في الوسط الطلابي مشاركة في مختلف الفعاليات النضالية ، كما كان للطالبات حصة من المنح الدراسية بالخارج .
*
لن يغيب عن بالي رفاقي الذين عملنا معا في هيئات واحدة ، وواجهنا المخاطر ، والصعاب سوية ، والذين غيب الموت العشرات بل المئات منهم ( على ارواحهم السلام ) ، ومازال البعض منهم على قيد الحياة ( طالت أعمارهم ) ، وبينهم : جميع أعضاء الكونفرانس الخامس ( السبعة والعشرون ) الذين اتذكرهم واحدا واحدا ، ومعلمي سيد رمضان برزنجي ، وآبوا وصمان ، ومحمد نيو ، وهلال خلف ، ومصطفى جمعة ، وسامي أبو جوان الذي كنا نطلق عليه في مراسلاتنا – شيخ الجبل – ومحمد ملا احمد – توز – ، وعزيز اومري ، والشهيد مشعل التمو ، وجلال أبو روزين ، ومحمد امين أبو جلنك – وربحان رمضان – أبو جنكو – ، ونيازي ، – وأبو لورين ، والشهيد خضر شانباز ، وسليمان شريف ، وعبدالله رشيد ، وغيرهم بالمئات ،( مع الاعتذار لمن لم تنشر أسماؤهم هنا ) .
*
ملحوظة : الهدف من سرد صفحات من نضال الماضي هو اطلاع الذين لم يعاصرو تلك المرحلة ، والاستفادة من دروسها التي تحمل الصواب والخطأ ، قدر الإمكان ، ولست بوارد إعادة انتاج الحزب الذي عملت فيه اكثر من ستة عقود .

شارك هذه المقالة على المنصات التالية