الجمعة, نوفمبر 22, 2024

على الولايات المتحدة دعم قوات سوريا الديمقراطية لا إعادة تأهيل الأسد

تغلبت إدارة بايدن على العقبات الدبلوماسية والبيروقراطية واللوجستية لحشد تحالف يضم أكثر من 50 دولة لدعم أوكرانيا منذ شباط/ فبراير 2022. وجاء الرد الأمريكي على الغزو الروسي لأوكرانيا في إطار سياسة خارجية أمريكية في أفضل حالاتها. وفي الحين الذي تبدو فيه الحرب الأهلية السورية صراعاً أكثر تعقيداً، إلا أن سياسة إدارة بايدن تجاه سوريا كانت متذبذبة وهشة في أحسن الأحوال. وللقيام بعمل أفضل، يتوجب على الولايات المتحدة مضاعفة دعمها لقوات سوريا الديمقراطية) قسد) بدلاً من الرضوخ لإعادة تأهيل بشار الأسد.

إن ديكتاتور دمشق رئيس بلا دولة. وقد مكنت كل من روسيا وإيران ووكلاؤهما نظام الأسد من قتل ما لا يقل عن 230224 مدنياً (بما في ذلك 30007 طفل و 553 صحفياً) وتشريد ما يقرب من 14 مليون سوري وإسقاط ما لا يقل عن 81916 برميلاً متفجراً وشن ما لا يقل عن 217 هجوماً بالأسلحة الكيميائية وتدمير ما يصل إلى 50 في المائة من جميع البنية التحتية الحيوية في سوريا منذ عام 2011. ولزيادة الطين بلة، قامت موسكو بشل الأمم المتحدة من خلال استخدامها حق النقض ضد 17 قراراً لمجلس الأمن تتعلق بسوريا.

وبعد ما يقارب 12 عاماً من العزلة نتيجة الجرائم التي ارتكبت ضد الشعب السوري، اتخذت جامعة الدول العربية قراراً بإعادة قبول سوريا وتطبيع العلاقات مع نظام الأسد. وبالإضافة إلى مكافحة تجارة الكبتاغون في سوريا، نوهوا إلى إضعاف نفوذ طهران في دمشق وتأمين عودة اللاجئين السوريين. ومن المرجح ألا يؤدي السعي إلى تحقيق هذه الأهداف إلى أي نتيجة. ففي الحين الذي تم فيه ترسيخ نفوذ إيران في سوريا، لا يبدي معظم اللاجئين السوريين أي نية للعودة إلى سوريا في ظل بقاء الأسد في السلطة. وعلى الرغم من وجود خيارات أفضل من الرضوخ، قامت الولايات المتحدة بتشجيع صامت لإعادة تأهيل الأسد.

وتعتبر قوات سوريا الديمقراطية حليف واشنطن الأكثر ولاءً في سوريا. وتشمل مصالحهم المشتركة القضاء على “داعش” وجعل الشرق الأوسط آمناً لتطبيق الديمقراطية وتعزيز تمكين المرأة والحفاظ على الوصول إلى حقول النفط والغاز. وقوات سوريا الديمقراطية بعيدة كل البعد عن الكمال، لكنها تقاتل لبناء مجتمع متعدد الأعراق وعلماني وديمقراطي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ويجب على واشنطن لعب دور محوري في ضمان بقاء ونجاح التجربة الديمقراطية لقوات سوريا الديمقراطية التي تتمثل بالإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

وتواجه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا قائمة لا حصر لها من العقبات، لكن التحدي الرئيسي لها هو تركيا. وعلى الرغم من رفض حلفائها، قامت أنقرة بتمديد صراعها المطول ضد حزب العمال الكردستاني في العراق لتشمل قوات سوريا الديمقراطية في سوريا. وتوسطت واشنطن من أجل عملية وقف إطلاق النار بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية في عام 2019. إلا أن تركيا انتهكت الهدنة أكثر من 800 مرة في عام 2020 وحده. وفي الشهر الماضي، حاولت تركيا اغتيال الجنرال مظلوم عبدي – إلى جانب ثلاثة جنود أمريكيين – في السليمانية بالعراق. وبينما فشل الهجوم التركي باستخدام مسيرة، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي تهاجم فيها تركيا، الحليفة في الناتو، الجنود الأمريكيين ومن غير المرجح أن تكون الأخيرة.

ويعرض عداء تركيا حياة الجنود الأمريكيين للخطر ويهدد القتال الذي تقوده قوات سوريا الديمقراطية للقضاء على “داعش”. وهذا يضعف فعالية عمليات التحالف الدولي المكون من 85 عضواً لمكافحة الإرهاب داخل سوريا من خلال تقليل قدرة قوات سوريا الديمقراطية على حراسة أكثر من 10 آلاف من عناصر “داعش” المتمرسين في القتال الذين يقبعون في 26 مركزاً للاحتجاز. وتفتقر قوات سوريا الديمقراطية إلى الموارد والقوة العسكرية للقيام بكل شيء وفي كل مكان ودفعة واحدة. لذلك، عندما تهاجم تركيا ويتخلى جنود قوات سوريا الديمقراطية عن مواقعهم للاشتباك مع المعتدي، يهرب معتقلو “داعش” من الاعتقال.

قال رجل حكيم ذات مرة، “أنت لا تصنع السلام مع الأصدقاء؛ يمكنك فقط صنع السلام مع أعدائك.” وإذا لم تستطع واشنطن التوسط في معاهدة سلام بين أهم شريك سوري لها وتركيا، حليفتها في الناتو، فعليها أن تضع الأساس لاستكمال الوجود العسكري للقيادة المركزية في سوريا بمهمة دبلوماسية دائمة في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي تقيم فيها الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية مع منطقة تتمتع بحكم ذاتي، فقد كان هناك البعثة الدبلوماسية لواشنطن في كوسوفو كخدمة معلومات في عام 1996 ومكتب دبلوماسي من عام 1999 إلى 2008 ومن ثم أصبحت سفارة عام 2012.

إن حل الصراع بين أهم حليف لواشنطن في سوريا وتركيا «حليفة» الناتو أمر لا بد منه. قد لا يُترك لقوات سوريا الديمقراطية، المحاصرة في الزاوية، أي خيار سوى التعاون مع ديكتاتوري دمشق وموسكو ضد أنقرة. وهذا من شأنه أن يعرض الأهداف الديمقراطية لقوات سوريا الديمقراطية للخطر، ويزيد من إعادة تأهيل أحد أسوأ مجرمي الحرب في القرن الحادي والعشرين. وكلتا النتيجتين ستكون كارثية على المصالح الأمريكية في سوريا والشرق الأوسط.

لنكن واضحين: لقد استجابت واشنطن بشكل فعال للأزمات من قبل. وهي تستجيب للصراعات الأخرى حول العالم اليوم بشكل حاسم، ولديها المعرفة والخبرة والموارد لفعل الشيء نفسه في سوريا الآن.

كتبه جورج موناستيرياكوس لمجلة نيوز ويك الأمريكية وترجمته نورث برس

شارك هذه المقالة على المنصات التالية