الجمعة, مارس 29, 2024
آراء

فتح الله حسيني: تركيا- روسيا – والجنيفات والأستانات

25d9258125d825aa25d825ad2b25d825a725d9258425d9258425d925872b25d825ad25d825b325d9258a25d9258625d9258a-3252672

مذ بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جولاته الماكوكية إلى عواصم الدول التي تهم وتتدخل بالشأن السوري، بدأ معه مرحلة جديدة من تفاصيل وتشعبات وتعقيدات الأزمة السورية الخانقة والمميتة معاً، الأزمة التي تلبدت سواداً على سواد منذ أول تفاوض غير مجدي كمحطة سياسية أولى في “جنيف”، والتي سميت بمفاوضات جنيف “1”، لتتالى الـ جنيفات إلى أن بدأت مرحلة الأستانات، هباء على هباء.
الإخفاقات، بشكل جلي، لاحقت كل اجتماعات المعارضة والنظام، والتوازنات التي أرادت الدول الإقليمية خلقها من أجل إيجاد مناخ تفاوضي بين الأطراف المتصارعة عسكرياً في المناطق السورية الساخنة مثل “حلب، حماة، حمص، إدلب” لم تفض كلها رغم الاجتماعات الماراثونية إلى أية تسوية سلمية وسياسية ولم تفض إلى أية نتيجة تذكر، إلا أنها في حقيقتها كانت مضيعة للوقت ومضيعة أكثر لأرواح مئات الألوف من السوريين موتاً والملايين من السوريين الجرحى والنازحين قسراً وطوعاً في طول البلاد وعرضه حتى حدود الدول القريبة والبعيدة.
إذا تمعنّا جيداً في الخارطة السورية سياسياً وعسكرياً، سنراها بلاداً مقسمة بين أطرف كثيرة أهمها: قوات النظام السوري، تنظيم داعش الإرهابي، جبهة النصرة الإرهابية، وبين القوات الكردية التي باتت تسيطر على مساحة واسعة من جغرافيا الشمال السوري عدا عن سيطرتها السابقة على عموم جغرافيا روجآفا.
كل ما طرحه الكرد من مشاريع سياسية أو تقديمهم للتسويات المفضية إلى الحل الوطني، كانت لصالح الهدنة أولاً، ومن ثم الوصول إلى صيغ توافقية لمصير البلاد ثانياً، وثالثاً إخراج البلاد من معمعة المعارك والنزاعات الإقليمية التي تثار وتصير على الأرض السورية، التي كانت وما زالت في أوجها نزاعاً طائفياً بامتياز.
فضاء الحوار لن يجدي، بإقصاء الكرد من معادلة الحوار، لان الكرد باتوا أصل الحوار، وما فشل مفاوضات: فيينا، موسكو، جنيف بـ حلقاتها، وآستانة أيضاً بحلقاتها لن يجد حاضريها أي مخرج سلمي وهادئ للأزمة المزمنة، إذ لم تتمكن جميع الأطراف من الحوار، الحوار السوري السوري، وصولاً إلى صيغة المصالحة الوطنية كحل أكيد لجميع الأطراف الصغيرة والكبيرة.
الكرد لن يكونوا إلا مفتاح حل، وإلا فإن النزاع الدامي سيستمر، والموت سيستمر أيضاً، وتركيا ستخسر أكثر، مثلما بدت دولياً دولة محتلة للأرض السورية.
بين كل هذا وذاك، هناك مساحة يجب أن تفضي إلى التقرب على الأقل من الحل السلمي والسياسي، بعد فشل الحلول العسكرية التي راهنت عليها المعارضة وربيبتها تركيا، وراهن عليها النظام وربيبته روسيا.
جولات المبعوثين الأمميين: ستيفان دي مستورا، وقبله الأخضر الإبراهيمي، وقبلهما كوفي انان، لم تفض إلى أية نتيجة تشج على التسوية السياسية والهدنة العسكرية.
أي الواقع شيء وأحلام الحالمين بسدة السلطة، والمتمسك بالسلطة شيء آخر تماماً، وهي أحلام بعيدة كل البعد عن نزيف الدم السوري، ذلك النزيف الذي بات حالماً أكثر من أي وقت مضى بهوية جديدة، هوية وطنية سورية دون هويات مفروضة بقوة السلاح الطائفي.
بات لزاماً فرض الحل السلمي، سورياً، وأعتقد أن المطبخ السياسي موجود فقط في روجآفا وشمال سوريا، لتحتض مؤتمراً جامعاً، يحضره جميع الفصائل الراغبة في الحل السلمي، لنكون كلنا حيال واقع جديد غير مفروض، واقع ننهض به وليتخلص بعض الأطراف العربية من عقدة التبعية التي لازمت بعض قوى المعارضة العربية الإسلامية، ومن ثم التخلص من عقدة العمل بسلاح الغير الذي لازم الفصائل العربية المسلحة في المدن السورية والتي أدت إلى الدمار والخراب والتشريد بدلاً من الوصول إلى فضاء الحرية والكرامة والتغيير.

partiyacep.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *