يصادف اليوم الذكرى الثلاثين لرحيل الفنان الكردي البارز تحسين طه، الذي ترك وراءه إرثاً فنياً خالداً، لا يزال صداه يتردد في أرجاء كردستان، حاضراً في وجدان محبيه وصوت الشعب.
يُعد تحسين طه من أبرز الفنانين الكرد الذين لمع نجمهم في الساحة الموسيقية في جنوب كردستان، إذ ترك بصمات واضحة وإسهامات جليلة في تاريخ الفن الكردي.
ولد تحسين طه عام 1941 في قضاء آميدية التابعة لمحافظة دهوك. والده طه محمد سليم آميدي، ووالدته غوربت سليم خانم. نشأ في كنف عائلة وطنية محبة للفن والموسيقى. ونظراً لطبيعة عمل والده، تنقل منذ صغره بين مناطق مختلفة، وأكمل دراسته الابتدائية في عدة نواحٍ من محافظة دهوك.
في عام 1958، التحق بمركز الحدباء في مدينة الموصل، لكن مشاركته في التظاهرات الطلابية خلال عامي 1956 و1957 أدت إلى فصله من الدراسة، فعاد إلى مسقط رأسه آميدية، حيث أنهى دراسته المتوسطة، ومن ثم توجه إلى بغداد والتحق بكلية الفنون الجميلة – فرع المسرح عام 1960. هناك واصل التزامه الوطني وشارك في النشاطات السياسية، ما أدى إلى اعتقاله وفصله مجدداً من الدراسة.
بعد صدور العفو العام وعودة الرئيس أحمد حسن البكر إلى السلطة، استأنف تحسين طه دراسته عام 1963، وتخرج لاحقاً من المعهد وأصبح أستاذاً للفن، عُيّن بعدها في بلدة مخمور.
مع بداية السبعينيات، عاد إلى الغناء عبر إذاعة وتلفزيون بغداد، وقدم ما يقارب 120 أغنية، وتعاون مع عدد من الفنانين أمثال عزيز ملا وفاضل آكريي. وفي عام 1987، وبتعاون مع فرقة الفن في دهوك بقيادة الموسيقي البارز دلشاد محمد سعيد، سجل مجموعة من الأغاني باللهجة الكرمانجية، بمشاركة نخبة من الفنانين.
وبعد الانتفاضة الشعبية عام 1991، أقيم له حفل خاص في دهوك تكريماً لمسيرته الفنية.
في آذار 1994، غادر تحسين طه إلى أوروبا لإقامة عدد من الحفلات، لكنه تعرض لأزمة قلبية بعد عام من طلبه اللجوء، وتوفي في 28 أيار 1995. وفي الرابع من حزيران، ووسط مشاركة جماهيرية واسعة، وُري جثمانه الثرى في مقبرة آميدية، حيث مسقط رأسه.
امتزجت في أغانيه الروح الوطنية والتراثية والأكاديمية، وكان لصوته طابع احتجاجي قوي دخل القلوب دون استئذان.
ورغم ارتباطه بالقضية الكردية، لم ينتهج طه مساراً سياسياً عنصرياً، بل حافظ على علاقات فنية وثيقة مع فنانين من مختلف أجزاء كردستان، فغنّى مع العديد من الفنانين من غرب وشمال كردستان. كما لا يُنسى تسجيله المشترك مع الشهيد الفنان سرحد، الذي اشتهر بأغانيه الثورية وانخراطه في صفوف حركة التحرر الكردستانية.
رحل تحسين طه، لكن صوته لا يزال حياً، يروي حكاية شعب وأرض وقضية لا تموت.
المصدر: روج نيوز
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=69971