احمد علي اليعقوبي
عادة ما أتابع موقعا ظريفا وجميلا على اليوتيوب عنوانه مقهى الخطيب الثقافي الذي يعرض مقاطع لشيوخ وفقهاء ورجال دين مسلمين وغير مسلمين ويعلق عليها كما يعرض فيديوهات ثقافية واستعراضات لكتب مهمة تحمل أفكارا رفيعة ذات فائدة وأهمية. قبل بضعة أسابيع لفت نظري أن صاحب الموقع يتحدث عن كتاب قال أنه مهم ومثير بعنوان (قراءة في تاريخ الإسلام المبكر طبعة ثانية منقحة ومزيدة). وهو كتاب يتحدث عن بدايات الإسلام ولكن ليس مثل أي كتاب. فهو كتاب يخالف كل الرواية التقليدية عن تاريخ الإسلام التي نعرفها ونؤمن بها.
ولأن هذا الموقع نشر الكتاب على التليغرام لم م أتمكن من تحميله لكني استطعت أن اجده في موقع آخر إذ وحجته في موقع https://www.academia.edu فقمت بتحميله وقراءته في عشرة أيام. الكتاب في واقع الأمر صدمني وشككني لكنه حفزني لمزيد من البحث فيما قرات منه.
صدمني الكتاب بتشكيكه في عروبة العرب وعروبة لغتهم وعروبة شعرهم وينسف عبر سردية جديدة كل ما تعلمناه عن الشعر الجاهلي ولغة العرب وفصاحتهم وبلاغتهم. ويرى الكتاب أن الشعر الجاهلي مجرد خرافة تم اختراعه في العصر العباسي. ومع إننا تعلمنا أن لغتنا العربية مقدسة وهي لغة ادم ولغة السماء والملائكة فاجأني الكتاب بالقول أن اللغة العربية مولدة من الآرامية وانها جديدة لم تكن موجودة إلا من ألف عام ونيف تقريبا.
لكن أكثر ما صدمني قول الكتاب أن الإسلام لم يكن قد ابتدأ في مكة والمدينة بل في بلاد الشام ثم العراق وان كل شخصيات التاريخ الإسلامي في بداياته ماهي إلا اختراع من خيال المؤرخين المسلمين وكانوا في حقيقة الأمر من الفرس.
المفاجأة الأكبر حديث الكتاب عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شخصية غير حقيقية بل وهمية ومخترعة في العصر العباسي لتركيب دين جديد هو الإسلام لمحاربة اليهودية والمسيحية. ويواصل القول أن الإسلام وليد النصرانية المناهضة للدين المسيحي الذي كانت تتبعه بيزنطة.
ويتعرض الكتاب بصورة مفصلة لنظرية الأصل السرياني للقران الكريم وهي النظرية التي نادى بها باحث ألماني هو كريستوف لوكسنبرغ الذي يقول أن القرآن في اصله كان مكتوبا باللغة السريانية ثم نقل أو ترجم إلى العربية الناشئة وهذا هو السبب في صعوبة فهمه أو تفسيره. وهذا الباحث لوكسنبرغ يدعو إلى مراجعة النص القرآني على اصله السرياني لكي يتم فهم مراده وقصده وتسهيل دراسة معانيه وما غمض واستعصى من كلماته وآياته.
يشرح الكتاب أن الدولة العربية قامت على أكتاف الأمويين الذين لم يكونوا مسلمين إنما كانوا من اتباع مذهب مسيحي منحرف قد يكون النصرانية أو الأبيونية. وينكر الكتاب وجود المرحلة الجاهلية أو حتى مرحلة الخلافة الراشدية ويقول أن العباسيين اخترعوا الخلافة الراشدية حتى لا يعطوا الأمويين شرف الأسبقية في إقامة دولة مستقلة للعرب. ويعتبر الكتاب أن كل ما يسمى بمعارك الفتوح الإسلامية ما هي إلا وهم وخيال وفي حقيقة الأمر لم تقع بالفعل.
الكتاب مثير للغاية ويحفز على مواصلة القراءة للوصول إلى الخلاصة التي يريدها المؤلف مستندا إلى فرضيات غير واضحة بأن دين الإسلام ليس دينا حقيقيا وإنما هو توليفة صنعها العرب لمواجهة الفرس والبيزنطيين.
في واقع الأمر لا ارغب في كتابة نقد علمي أو اكاديمي لهذا الكتاب فلست مؤهلا لنقد الكتاب والرد عليه لكنني انصح بقراءته والتمعن في أفكاره.
يتضن الكتاب 25 فصلا وعدة ملاحق تقدم إيضاحات مهمة لكثير من الأفكار التي يتضمنها. وهو مكتوب بلغة جميلة وسلسلة تسمح بمواصلة قراءته بمتعة بدون عوائق وبدون تعقيدات.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=69213