مروان فلو
في خطوة تُعدّ من أبرز التحوّلات في الملف العسكري السوري خلال السنوات الأخيرة، سلّمت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) إلى التحالف الدولي قائمة بأسماء قادة الفرق العسكرية الثلاث التي ستندمج ضمن الجيش السوري، وذلك في إطار اتفاق يهدف إلى إعادة هيكلة المؤسسة العسكرية على أسس جديدة تراعي التوازن الإقليمي والميداني (1).
تضم القائمة، وفقًا لمصادر مطّلعة، ثلاث فرق موزعة جغرافيًا بين منطقة الجزيرة السورية، ومنطقة الفرات، ودير الزور، إضافة إلى ثلاثة ألوية خاصة تتبع لقيادة الأركان، أحدها مخصص لمهام مكافحة الإرهاب، وسيعمل بتنسيق مباشر مع قوات التحالف الدولي المنتشرة في عموم الأراضي السورية (2).
ويشير الاتفاق إلى أن 30% من المناصب القيادية داخل هيئة الأركان ستُمنح لشخصيات من قسد، وهو ما يُعتبر مؤشرًا على شراكة تنظيمية وهيكلية جديدة داخل المؤسسة العسكرية، بعيدًا عن نمط الاندماج التقليدي القائم على الخضوع الكامل للقيادة المركزية في دمشق (3).
دمج لا يعني الخضوع
رغم أن الاتفاق يمثل خطوة نحو وحدة عسكرية سورية أوسع، إلا أن الأوساط السياسية في شمال وشرق سوريا تؤكد أن الاندماج لا يُفهم على أنه تراجع عن تجربة الإدارة الذاتية أو خضوع لسلطة مركزية مطلقة. بل على العكس، يُنظر إليه كآلية لتثبيت وجود نموذج لامركزي في إدارة الشؤون الأمنية والعسكرية، يُبقي على خصوصية قوات قسد ودورها في حماية المناطق التي تسيطر عليها منذ عام 2015 (4).
كما ترى شخصيات قيادية نسائية في شمال وشرق سوريا أن هذه الخطوة تشكل فرصة تاريخية لإدماج التجربة النسائية في الدفاع والتنظيم والمجتمع المدني ضمن إطار الدولة السورية، بما يسهم في إعادة تعريف مفهوم الانتماء الوطني على أساس المشاركة لا الإقصاء (5).
تحليل: بين التوازن الإقليمي والتنافس الدولي
تحمل الخطوة أيضًا أبعادًا سياسية تتجاوز الإطار المحلي. فـالتحالف الدولي بقيادة واشنطن يسعى من خلال هذا الترتيب إلى ضمان استمرار نفوذه الميداني شرق الفرات، مع الحد من احتمالية تمدد النفوذ الإيراني والروسي في تلك المناطق الحساسة (6). وفي المقابل، يبدو أن دمشق تحاول الاستفادة من هذا الاتفاق لتوسيع نطاق سيادتها الرمزية على الشمال الشرقي من البلاد، دون الدخول في مواجهة مباشرة مع قسد أو حلفائها (7).
ويرى مراقبون أن نجاح هذه العملية مرهون بقدرة الأطراف على تحويل الاندماج العسكري إلى شراكة سياسية حقيقية، تتيح إعادة بناء مؤسسات الدولة على أساس التعددية والتمثيل المتوازن، وهو ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التهدئة وإعادة الثقة بين المركز والأقاليم (8).
وفي الوقت نفسه، يبقى التساؤل الأبرز: هل سيؤدي هذا النموذج من الاندماج إلى بناء جيش وطني جامع يمثل جميع المكونات السورية، أم أنه سيكون مجرد صيغة مؤقتة لتقاسم النفوذ بين القوى الفاعلة؟
++++++++++++++++++++++++++++++&&&
المراجع
(1) موقع “نورث برس” – تقرير حول تسليم قسد قائمة قادتها للتحالف الدولي (تاريخ 2025/10).
(2) مصادر ميدانية من مناطق الجزيرة والفرات – مقابلات صحفية متقاطعة.
(3) تحليلات مراكز دراسات سورية مستقلة (2025).
(4) بيانات الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وتصريحات قسد الأخيرة.
(5) مقابلات مع ناشطات من وحدات حماية المرأة (YPJ) – أرشيف 2024–2025.
(6) تقارير مراكز بحث أميركية حول استراتيجية التحالف شرق الفرات (2025).
(7) تصريحات مسؤولين سوريين نقلتها وسائل إعلام محلية مقربة من دمشق.
(8) تحليل سياسي صادر عن معهد الشرق للدراسات، العدد 112 – أيلول 2025.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=78805





