لماذا لم تشكل القضية الكردية مادة في منافسة الحزبين الانتخابية ؟
صلاح بدرالدين
الان ولنا كلمة بعد انقضاء امد الدعاية الانتخابية او حلول الصمت الانتخابي ….
من الواضح ان الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان العراق : الحزب الديمقراطي الكردستاني ، والاتحاد الوطني الكردستاني قد دخلا مبكرا معترك الدعاية الانتخابية البرلمانية بكل قواهما البشرية ، والاعلامية ، حتى موعد اجرائها في العشرين من الشهر الجاري ، وقد وصلت نشاطات قيادات الحزبين وانصارهما ذروتها وبشكل غير مسبوق منذ عام ١٩٩٢ تاريخ قيام البرلمان الكردستاني للمرة الأولى ، فقد قرر الحزبان توظيف كل شيئ من اجل المعركة الانتخابية ، بمافي ذلك وقف البرامج المعتادة لمنابرهما الإعلامية التلفزيونية ، والاذاعية ، وتسخير الوقت الأكبر للدعاية الانتخابية ، وياتي هذا التطور بحسب المراقبين من تسارع الاحداث الإقليمية ، وترقب نتائج الحرب المشتعلة بين إسرائيل من جهة ، وايران واذرعها في فلسطين ، ولبنان ، والعراق ، واليمن ، وسوريا ، حيث الموقع الجيوسياسي لإقليم كردستان العراق في بؤرة الصراع ، والمجاور لساحات مرشحة للاشتعال ( العراق – ايران – سوريا ) .
الامر الآخر الذي يقلق قيادات الإقليم هو خروج مسار ومآل الانتخابات من تحت السيطرة باشراف الهيئة المستقلة العراقية في بغداد على انتخابات الإقليم للمرة الأولى بعد اعلان الفيدرالية ، وقطع الطريق على من يحاول الاقدام على عمليات التزوير المحلية المحتملة من جانب الأحزاب والجماعات المتنافسة ، واحتمالات حدوث اختراقات لدوافع سياسية قد تؤثر سلبا على النتائج المتوخاة .
ومن اجل تفادي كل الاحتمالات وضع الحزبان كل ثقلهما من اجل اقناع الناخبين المترددين خاصة للتصويت لصالحهما ، وذلك بافتتاح المشاريع الخدمية في مختلف المناطق ، واطلاق الوعود السخية لتحسين الأوضاع المعيشية ، والصحية ، ومعالجة مشكلة الكهرباء ، وتصليح وتشييد طرق المواصلات ، وتوفير الوظائف للفئات الشبابية ، وفي جانب آخر ارتفاع وتيرة الاتهامات المتبادلة الى حدود التخوين ، والمس بخصوصيات الأشخاص .
القضية القومية
بداية أقول اننا في الحركة الكردية السورية ليست لدينا تجربة في العمل الديموقراطي الحر ، والمنافسة لانتخابات برلمانية في ظل تحكم الأنظمة والحكومات المتعاقبة على سوريا منذ الاستقلال وخاصة بعد سيطرة حزب البعث منذ بداية الستينات ، وانتهاء بالسيطرة العسكرية من جانب سلطات الامر الواقع ، والاحتلال الأجنبي ، ولكن بحسب متابعاتي للعملية الدعائية في الإقليم لم تبق قضية داخلية الا وشملتها الدعايات بما فيها المسائل الشخصية ، فقط ( وهذا امر لافت ) لم يتطرق أي من الحزبين في المهرجانات ، والخطابات ، ووسائل الاعلام ، الى مستقبل الفيدرالية ، وقضية حق تقرير مصير شعب كردستان العراق ، والمناطق المقتطعة ، التي من المفترض انها مثار خلاف بين الحزبين الرئيسيين ، كما لم يتم طرح علاقات الحزبين بالعمق الكردستاني أي مع الحركة الكردية في تركيا ، وسوريا ، وايران ، وحتى حول الحقوق المشروعة للكرد وكذلك معاناتهم ، ومستقبل العلاقات القومية وكيفية حل الازمة الراهنة بين سائر الأطراف في جميع الأجزاء ، هذه مجرد تساؤلات تطرح نفسها بإلحاح امام ضرورة ان يملك أي حزب برنامجه الانتخابي السياسي ، والمستقبلي ، وان يطرحه للجمهور عندما يسعى الى استلام السلطة .
كما تتوالى التساؤلات حول مااذا كان الامتناع عن طرح الموضوع القومي باعتباره مجرد تكتيكات عابرة لتلبية مصالح حزبية وقتية ؟ ام انه لم يرتقي بعد الى مصاف استراتيجي ؟ ام انتفاء الحاجة لمناقشة وطرح الموضوع القومي المصيري لانه لاخلاف عليه ؟ ام ان هناك افتقار الى مشروع قومي واضح ، وناضج ؟ هل ان تجنب الخوض في القضايا القومية يعني اعفاء البرلمان القادم ، وتاليا الرئاسة ، والحكومة المنبثقة عنه ، من أي التزام قومي تجاه الشعب الكردي في الأجزاء الأخرى وترك الموضوع – سائبا – رهن امزجة الافراد ، وتطورات الاحداث ؟ .
من جهة أخرى فقد لوحظ توافد معظم مسؤولي ومنتسبي أحزاب ( الانكسي ) في سوريا والخارج نحو الإقليم في ذروة عملية المنافسة الانتخابية التي يجب على كرد العالم احترامها وعدم التدخل بها ، وذلك احتراما للتجربة الفيدرالية الواعدة في حل القضية الكردية في جزء عزيز يعود الفضل في ذلك الى تضحيات شعب كردستان العراق برمته ،وبكل مكوناته القومية ، والثقافية ، والاجتماعية ، والدور البارز لثورة أيلول وقائدها الزعيم الراحل مصطفى بارزاني .
فقد شهدت فنادق أربيل ودهوك زيارات متبادلة غير معهودة بين متزعمي الأحزاب وكذلك الحزيبات الكردية السورية والتي اثارت استغراب العديد من المتابعين على صفحات التواصل الاجتماعي ، حول قدوم مسؤولي أحزاب من القامشلي ليتبادلوا الزيارات في فنادق دهوك على سبيل المثال ؟؟!! .
وفي هذا السياق لوحظ غياب شبه كامل لحضور مناصري ، وأصدقاء الحزبين الرئيسيين من الأحزاب الكردية في كل من ايران ، وتركيا ، واقتصاره على أحزاب ( الانكسي ) ،والملفت أيضا ان سلطة الامر الواقع المسيطرة من الجانب السوري على المعابر المشتركة مع الإقليم ، لم تمنع أعضاء – الانكسي – من العبور ، وفسر البعض هذا الامر بنوع من – الكمين !؟ – المحكم ، والسؤال الذي يتبادر الى الاذهان إزاء هذا المشهد هو : هل ان الاشقاء الكرام في أربيل أرادوا من انتشار منتسبي أحزاب – الانكسي بهذا الشكل وفي هذا التوقيت غير المعتاد – من اجل اظهار علاقاتهم القومية !!– أقول : ان مؤسسات إقليم كردستان العراق البرلمانية ، والحكومية ، والإدارية مبنية بشكل ديموقراطي حر ، ولايجوز بهذه الحالة الرهان على أحزاب كردية سورية غير ديموقراطية ، وغير منتخبة ، وغير مستقلة ، وغير شرعية ، والأولى في مثل هذه الحالات واذا كان لابد من الحضور ان تتم استضافة وفود كردية من كل الاجزاء ومن جميع الاتجهات السياسية وفي المقدمة الوطنييون المستقلون لمواكبة الانتخابات .
والاهم من هذا وذاك فان غالبية الكرد السوريين ياملون ان تسير الانتخابات في ذلك الجزء العزيز ، بسلاسة ، وان تكون النتائج لمصلحة تعزيز وحدة الإقليم ، وتعميق التجربة الفيدرالية ، وإرساء الأسس السليمة لتحسين العلاقات الكردستانية ، وعدم التدخل في شؤون البعض الاخر ، واحترام خصوصيات كل جزء ، واولا وآخرا دعم وتمويل مشروع عودة النازحين الكرد السوريين في الإقليم الى ديارهم لاعادة التوازن البشري المختل ، وتوفير الدعم الاخوي لاعادة بناء الحركة الكردية السورية من خلال عقد المؤتمر الكردي السوري الجامع .
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=53262