الأربعاء, ديسمبر 18, 2024

محمد البشير يعلن تكليفه برئاسة حكومة انتقالية في سوريا

رويترز
أعلن رئيس الوزراء الجديد في سوريا أمس الثلاثاء توليه رسميا مسؤولية حكومة انتقالية مدعومة من جماعات المعارضة المسلحة التي أطاحت بالرئيس السابق بشار الأسد قبل ثلاثة أيام.

وفي كلمة قصيرة بثها التلفزيون، قال محمد البشير، وهو شخصية غير معروفة في سوريا وأدار في السابق منطقة صغيرة تحت سيطرة المعارضة المسلحة في شمال غرب البلاد، إنه سيقود حكومة انتقالية حتى الأول من مارس آذار.

وأضاف البشير “اليوم تم عقد جلسة مجلس الوزراء، ضمت فريق العمل في حكومة الإنقاذ السورية التي كانت عاملة في منطقة إدلب وما حولها، بالإضافة للحكومة السورية للنظام المخلوع”.

وأضاف “عنوان الجلسة هي عبارة عن نقل المؤسسات والملفات من حكومة النظام المخلوع إلى الحكومة السورية المؤقتة من أجل استلام هذه الملفات وتسيير الأعمال”.

وكان البشير يتحدث من غرفة اجتماعات ويظهر من خلفه علم المعارضة المسلحة طوال فترة الحرب الأهلية بألوانه الثلاثة، الأخضر والأبيض والأسود، وعلم أبيض مكتوب عليه الشهادتان باللون الأسود، والذي ترفعه عادة الجماعات الإسلامية السنية المسلحة في سوريا.

وفي دمشق، أعادت البنوك فتح أبوابها للمرة الأولى منذ الإطاحة بالأسد. وأعادت المتاجر فتح أبوابها وعادت حركة المرور إلى الطرق وبدأ عمال النظافة تنظيف الشوارع، مع وجود أعداد قليلة من الرجال المسلحين.

وقال مصدران مقربان من مقاتلي المعارضة السورية لرويترز يوم الثلاثاء إن قيادة قوات المعارضة أمرت مقاتليها بالانسحاب من المدن وبنشر وحدات من الشرطة وقوات الأمن الداخلي التابعة لهيئة تحرير الشام.

وولدت هيئة تحرير الشام من رحم فرع لتنظيم القاعدة شارك في محاربة الأسد، وسعت الجماعة في الآونة الأخيرة إلى تهدئة المخاوف بشأن جذورها المتشددة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الثلاثاء إن الولايات المتحدة تدعم عملية الانتقال السياسي في سوريا دعما تاما وتريد أن تؤدي العملية إلى حكم جدير بالثقة وشامل وغير طائفي.

وقال جون فاينر نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي إن الولايات المتحدة لا تزال تعمل على تحديد سبل التعامل مع جماعات المعارضة، مضيفا أنه لم يحدث تغير رسمي في السياسة حتى الآن وأن ما يهم هو تصرفات هذه الجماعات.

* حذر أمريكي

رفض المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر ذكر ما إذا كانت واشنطن ستلغي تصنيف هيئة تحرير الشام منظمة إرهابية أجنبية، وهو التصنيف الذي يمنع الولايات المتحدة من مساعدتها.

وقال “لقد رأينا على مر السنين عددا كبيرا من الجماعات المتشددة التي استولت على السلطة، وتعهدت باحترام الأقليات، وتعهدت باحترام الحرية الدينية، وتعهدت بالحكم بطريقة شاملة، ثم رأيناها لا تفي بهذه الوعود”.

وأضاف ميلر إن الولايات المتحدة طلبت من هيئة تحرير الشام المساعدة في تحديد مكان الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي خُطف في سوريا في عام 2012 وقضى أكثر من عقد من الزمان رهن الاحتجاز. وقال إن هذه القضية “أولوية” بالنسبة لواشنطن.

وبعد الإطاحة بالأسد يوم الأحد، هرع الناس إلى سجن صيدنايا شمال دمشق، حيث قالت جماعات لحقوق الإنسان إن التعذيب والإعدامات الجماعية كانت شائعة، وأطلقوا سراح عدة مئات من المعتقلين.

كما عثر رجال الإنقاذ الذين كانوا يحفرون بحثا عن زنازين مخفية في سجن صيدنايا على عشرات الجثث، وتفحص أشخاص يبحثون عن أقارب مفقودين جثثا مشوهة ملقاة في مشرحة مستشفى مظلمة في العاصمة.

وقال بلينكن إن عملية الانتقال السياسي لا بد أن تمنع تحويل سوريا إلى قاعدة للإرهاب، وتتأكد من تدمير أي مخزونات من الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية على نحو آمن.

وقال فاينر إن القوات الأمريكية في شمال شرق سوريا التي تعمل في إطار مهمة لمكافحة الإرهاب ستبقى هناك، وزار القائد الأعلى الأمريكي المسؤول عن الشرق الأوسط هذه القوات يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والمدعومة من الولايات المتحدة.

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنها توصلت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في مدينة منبج بشمال سوريا مع قوات المعارضة المدعومة من تركيا بوساطة أمريكية “حفاظا على أمن وسلامة المدنيين”.

وقال الكرملين يوم الاثنين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن قرر منح الأسد اللجوء، وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف لشبكة إن.بي.سي نيوز الأمريكية في مقابلة بثت يوم الثلاثاء إن الزعيم المخلوع تم نقله إلى روسيا بشكل آمن للغاية.

وعندما سئل عما إذا كانت روسيا ستسلم الأسد للمحاكمة، قال ريابكوف: “روسيا ليست طرفا في الاتفاقية التي أسست المحكمة الجنائية الدولية”.

* توغل إسرائيلي

قصفت إسرائيل قواعد للجيش السوري، الذي انهارت قواته في مواجهة تقدم المعارضة.

وقال الجيش الإسرائيلي في وقت لاحق إنه قصف معظم مخزونات الأسلحة الاستراتيجية خلال اليومين الماضيين. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه أعطى توجيهات بإنشاء “منطقة دفاعية خالصة” في جنوب سوريا لحماية إسرائيل من الإرهاب.

وقالت إسرائيل، التي أرسلت قوات إلى منطقة منزوعة السلاح في سوريا، يوم الثلاثاء إن قواتها اتخذت أيضا بعض المواقع خارج المنطقة العازلة، ونفت تقدمها باتجاه دمشق.

ويضيف التوغل الإسرائيلي، الذي نددت به تركيا ومصر وقطر والسعودية، أزمة أمنية إضافية للحكومة الجديدة. وتصف إسرائيل التوغل بأنه إجراء مؤقت.

وفي إشارة إلى استعداد قوى غربية للعمل مع هيئة تحرير الشام، قلل مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا من أهمية تصنيفها منظمة إرهابية.

وقال جير بيدرسن في إفادة صحفية في جنيف “الواقع حتى الآن هو أن هيئة تحرير الشام والجماعات المسلحة الأخرى تبعث برسائل جيدة إلى الشعب السوري… عن الوحدة والشمول”.

ولا يحظى رئيس الحكومة الانتقالية الجديد بمكانة سياسية كبيرة خارج إدلب، وهي منطقة ريفية صغيرة في شمال غرب البلاد كانت خاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة خلال سنوات طويلة من الجمود على خطوط المواجهة في الحرب الأهلية السورية.

وذكرت صفحة تابعة للمعارضة على موقع فيسبوك أن رئيس الحكومة الانتقالية حصل على تدريب في الهندسة الكهربائية ودرجة في الشريعة والقانون في وقت لاحق، وشغل مناصب في عدة مجالات منها التعليم.

* احتفال البوظة

إعادة إعمار سوريا ستكون مهمة كبيرة بعد 13 عاما من الحرب الأهلية التي قتلت مئات الآلاف. وتعرضت بعض المدن للقصف حتى أصبحت كومة من الركام، وأُخليت مساحات شاسعة من المناطق الريفية، وتعرض الاقتصاد المتدهور لعقوبات دولية، وما زال ملايين اللاجئين يعيشون في المخيمات بعد واحدة من أكبر عمليات النزوح في العصر الحديث.

ولا تزال الأجواء الاحتفالية سائدة في دمشق، حيث بدأ اللاجئون في العودة إلى وطن لم يروه منذ سنوات.

وسارع أنس إدريس (42 عاما)، وهو لاجئ منذ بداية الحرب، بالعودة من لبنان إلى سوريا للاحتفال بسقوط نظام الأسد. وبعد ترتيب أوضاع عائلته، ذهب إلى سوق الحميدية الكبير في دمشق القديمة قاصدا متجر بكداش الشهير للمثلجات، حيث طلب البوظة (الآيس كريم) بعلكة المستكة.

وقال إدريس بعد تناول ملعقة من الآيس كريم إن طعمه أصبح أفضل الآن لأنهم يشعرون بالسعادة في داخلهم.

شارك هذه المقالة على المنصات التالية