دمشق – أعربت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” عن قلقها إزاء قدرة “اللجنة الوطنية للتحقيق وتقصي الحقائق”، التي شكلتها السلطات الانتقالية السورية في 9 آذار/مارس 2025، على إجراء تحقيقات مستقلة وفعّالة في أحداث الساحل السوري التي اندلعت يوم 6 آذار/مارس 2025. ودعت المنظمة اللجنة إلى “نشر نتائج التحقيق والتوصيات على العلن، وإشراك الضحايا في جميع أدوار التحقيق، والتعاون الحقيقي مع الهيئات الأممية ومنظمات المجتمع المدني السورية”.
تفاصيل الأحداث
وفقًا لتقرير المنظمة، بدأت الأحداث في 4 آذار/مارس 2025، عندما استهدفت مجموعة مسلحة، وصفتها وكالة “سانا” بأنها “فلول ميليشيات الأسد”، دورية للأمن العام في حي الأزهري ذي الغالبية العلوية بمدينة اللاذقية، ما أسفر عن مقتل عنصرين من الأمن العام. وأفادت “سانا” أن السلطات ردت “بحملة أمنية واسعة في حي الدعتور وعدة أحياء محيطة”، بينما انتشرت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت تخريب منازل وقتل مدنيين وحملة اعتقالات شملت طفلاً أُفرج عنه لاحقًا بعد ضغوط من الأهالي. ونقلت “سوريون” عن مصدر محلي أن “الحملة رافقتها عمليات اعتقال عشوائية وإطلاق نار عشوائي على منازل وممتلكات المدنيين، أدت إلى مقتل عدد من السكان بينهم طفل”، إضافة إلى “استخدام عبارات طائفية وخطاب كراهية شديد بحق الطائفة العلوية”.
في اليوم التالي، 5 آذار/مارس 2025، شهدت مدينة الصنمين في درعا اشتباكات بين قوات الأمن العام ومجموعة مسلحة يقودها “محسن الهيمد” المرتبط بنظام الأسد السابق، أسفرت عن مقتل وأسر عشرات من عناصر المجموعة وسقوط ضحايا مدنيين. وأشار التقرير إلى أن قوات الأمن “أوقفت الاشتباكات مؤقتًا وأعطت مهلة زمنية لتأمين خروج المدنيين”، وهو ما ساعد في حماية أرواح العشرات، على عكس ما حدث في حي الدعتور حيث قُتل أربعة مدنيين على الأقل، بينهم طفل، باستخدام أسلحة متوسطة وطائرات بدون طيار.
تصاعد الأزمة
في 6 آذار/مارس 2025، أعلنت إدارة العمليات العسكرية عن حملة واسعة ضد “فلول النظام” في محافظات حمص واللاذقية وطرطوس، مع فرض حظر تجوال. وذكر التقرير أن “اشتباكات اندلعت في جبلة وقرى الساحل بعد مقتل أكثر من 15 عنصرًا من الأمن العام بكمائن منسقة”، وأفاد باحث ميداني لـ”سوريون” بأن “طائرات حوامة عسكرية قصفت مواقع في قريتي بيت عانا والدالية”، تلاها تحليق طيران يُعتقد أنه روسي. وأشار التقرير إلى أن المرصد السوري لحقوق الإنسان وثّق “مقتل نحو 70 شخصًا، غالبيتهم من قوات الأمن والمسلحين الموالين للأسد”، بينما تظاهر مدنيون في طرطوس وحي الدعتور، وأصدر المجلس الإسلامي العلوي الأعلى بيانًا دعا فيه إلى “إيقاف الحملة العسكرية فورًا”، محذرًا من “تجاوزات موثقة بالصوت والصورة”.
خطاب الشرع وتشكيل اللجنة
في 7 آذار/مارس 2025، ألقى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خطابًا دعا فيه إلى “حماية المدنيين” وتوعد بـ”حساب شديد” للمتجاوزين، مؤيدًا “النفير العام” في مناطق سورية. وفي 9 آذار/مارس، أعلن تشكيل “اللجنة الوطنية للتحقيق” للكشف عن ملابسات الأحداث وتحديد المسؤولين، وتضم سبعة أعضاء من قضاة وضابط ومحامٍ.
مخاوف حول اللجنة
اعتبرت “سوريون” أن “طريقة تشكيل اللجنة من رئاسة الجمهورية وآلية عملها تثير شكوكًا حقيقية حول مدى جدية التزام السلطات بتحقيق العدالة”. وأوضحت أن “عدم إنشائها من هيئة تشريعية مستقلة، ووجود شخصية عسكرية سابقة متورطة في النزاع ضمن أعضائها، يضع تساؤلات حول حيادها”. كما انتقدت “غياب إطار قانوني واضح يحكم عملها، وعدم التزامها بنشر التقرير علنًا”، محذرة من أن “الإطار الزمني الضيق (30 يومًا) لن يسمح بتحليل عميق للانتهاكات”.
توصيات
دعت “سوريون” اللجنة إلى “ضمان استقلاليتها وحيادها، وتوثيق الانتهاكات بتقنيات حديثة، والتعاون مع منظمات المجتمع المدني والدولية”، وحثت الحكومة على “نشر نتائج التحقيق، ومحاسبة المتورطين دون تمييز، والتصدي لخطاب الكراهية”، مؤكدة ضرورة “توفير بيئة آمنة لعودة النازحين وتعويض الضحايا”.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=66869