مفاوضات قسد مع دمشق ومستقبل البلاد!

بير رستم

هناك الكثير من الإخوة والأصدقاء عم يشككوا بمدى جدية الحكومة الانتقالية بتنفيذ تلك الوعود التي أعطتها لوفد قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، بل ذهب البعض وبنوع من العتاب الأخوي للأخ مظلوم عبدي، وبأنه استعجل في إطلاق تلك الوعود لشعبنا وذلك لتخوفهم من التدخل التركي والضغط على دمشق بالتراجع وعدم تنفيذ تلك الوعود حيث مباشرةً تم استدعاء وزير الخارجية السوري؛ الشيباني.

طبعاً نحن نقدر حرص وتخوف هؤلاء الإخوة من حجم تأثير الدور التركي على حكومة دمشق وكذلك البنية التكوينية والعقائدية لهذه الحكومة وما تتشكل منها كقوى وفصائل جهادية أغلبها ولائها لتركيا والفكر التكفيري، لكن علينا أن لا ننسى بنفس الوقت؛ بأن كل الأطراف والقوى المحلية والإقليمية – وفي المقدمة منها؛ تركيا – تدرك تماماً بأن ربما تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لها لإبقاء هؤلاء في السلطة وذلك بعد أن أدركوا جدية الموقف الأمريكي في دعمها لقوات سوريا الديمقراطية كحليف وشريك استراتيجي في محاربة الفكر الجهادي التكفيري، ليس فقط في مناطق شمال وشرق سوريا، بل على مجمل الخارطة السورية وبأن لا ثقة للتحالف الدولي بأي قوات أخرى غير قسد كشريك في محاربة الإرهاب.

ولذلك لا أعتقد أن تكون أمام أنقرة الكثير لتناور وخاصةً هناك عدد من الملفات الداخلية والخارجية؛ الملف الأمني ومفاوضاتها مع العمال الكردستاني وكذلك صراعها مع إسرائيل على السيطرة على المنطقة، ناهيكم عن الملفات الاقتصادية والأزمات التي تعاني منها تركيا والانقسام الداخلي والتي تعاني منها تركيا ومحاولة ايجاد بعض الحلول الممكنة وبأقل الخسائر، والأهم من كل ذلك هو الدور الأمريكي والدولي عموماً، كما سبق وأشرنا حيث تعلم أنقرة معنى أن يتم الاتفاق بين قيادات الحكومة الانتقالية وقيادات قسد والإدارة الذاتية بوجود الراعي الأمريكي وبالتالي فإن الأخيرة هي التي ستجبر كل الأطراف على المضي قدماً في تنفيذ تلك البنود وهو ما سيدفع بتركيا والآخرين على الرضوخ.

ثم علينا أن لا ننسى بأن المرحلة الماضية وسياسة الحكومة أو الدولة المركزية بهوية عقائدية متشددة مع مفهوم “أمة واحدة، علم واحد، وطن واحد، دولة واحدة”، أو ما يعرف ب”شعار رابعة” والذي رفعه أردوغان والاخوان ووراثة عن الفكر العنصري القوموي أنتهى تماماً ولم يعد ممكناً مع عصر التعددية العرقية ومفهوم الدولة الاتحادية الوطنية وإلا فإن الأزمات والصراعات ستمتد لجغرافيات وعقود أخرى كثيرة.. باختصار ليس أمام دمشق وأنقرة إلا القبول بالاتفاق وبأن المناورة ستكون على التفاصيل ومحاولة كل طرف أن لا يكون التعديل الدستوري كبيراً، بل هامشياً بخصوص الدور السياسي لمكونات سوريا ولذلك المطلوب من شعبنا وباقي مكونات البلد هو تشكيل وفود من أصحاب الاختصاص للحوارات القادمة حول التعديل الدستوري وشكل الحكم والعلاقة بين الأقاليم والمركز في دمشق.

Scroll to Top