مقارنة بين الإدارة الذاتية والإدارة الجديدة
بير رستم
القضية ليست قضية إرهاب وسلطات أمر واقع وشرعية هذا أو ذاك الطرف، وإنما هي قضية أجندات ودعم وإمكانيات وذلك وفق مصالح كل جهة وطرف سياسي! للأسف يخرج الكثير من السوريين وبينهم العديد من أبناء شعبنا الكردي وهم يريدون أن يتحفوننا باكتشاف “القارة الجديدة”، أو النظرية السياسية الخرندعية في التسويق لأحد الأطراف دون الأخرى من الأطراف السورية، وبالأخص المقارنة بين الإدارة الذاتية والإدارة الجديدة لتجدهم يميلون إلى تسويق هذه الأخيرة ورفض الأخرى لحجج ومبررات هي أساساً ستكون لصالح الإدارة الذاتية، لو كان أحدهم صادقاً مع ذاته وضميره الأخلاقي.
ولكي لا نبقى في الكلام النظري سنحاول وبإيجاز عمل مقارنة سريعة بين الإدارتين؛ الذاتية في قامشلو والجديدة في دمشق حيث الجماعة السياسية والعسكرية التي تقود الأولى (الذاتية)، وقائدها مظلوم عبدي، هم ليسوا على لوائح الإرهاب، بل شاركوا وما زالوا قوى التحالف الدولي في محاربة الإرهاب وقدموا في سبيل ذلك آلاف التضحيات، بينما الأخرى (الجديدة) فإنها بجسمها السياسي والعسكري وقائدها محمد الجولاني، ما زالوا على لوائح الإرهاب، وهذه نقطة أولى لصالح الإدارة الذاتية في قامشلو!
أما النقطة الأخرى، والتي تتحجج بها تركيا وجماعة الإخوان وأذيالهم من “الكرد التابعين المتخاذلين”، فهي قضية وجود “عناصر أجنبية” في صفوف هذه الفصائل والإدارات، وهنا المقارنة بين الإدارتين، وهذه أيضاً ستكون لصالح الإدارة الذاتية حيث تلك العناصر الأجنبية والتي يقصدون بها أتباع العمال الكردستاني من الأجزاء الأخرى الذين جاؤوا لمساعدة إخوتهم ضد القوى الظلامية الإسلامية التكفيرية، فهم أولاً كرد من أجزاء أخرى وكذلك ليسوا في واجهة العمل السياسي والعسكري للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بينما لدى الإدارة الجديدة، فإنك تجد الإيغوري والشياشاني والطاجيكي.. ناهيك عن العرب من الإسلاميين الراديكاليين الجهاديين والبعض منهم في قيادة العمل، بل ويتم تعيينهم كقادة وأمراء حرب على السوريين.
النقطة الثالثة والأخيرة والتي نود ذكرها في هذه المقارنة السريعة بين الإدارتين الذاتية والجديدة تتعلق بقضية المحاصصة والمكونات وسورية كل إدارة حيث وللأسف هناك ضخ إعلامي تم بثه من الماكينة الإعلامية للإخوان وبقيادة الاستخبارات التركية ويرددها الكثير من السوريين، ألا وهي؛ بأن الإدارة الذاتية “كردية انفصالية” وبأن “الكرد مسيطرين على كل مفاصلها” مع أن المتابع الموضوعي يدرك بأن مكونات سوريا، المتواجدة في مناطق شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان.. كلهم يشاركون في مؤسسات الإدارة الذاتية، إن كانت العسكرية أو السياسية أو غيرهما من الإدارات الخدمية، وكذلك هناك اعتراف بحقوق مكونات المنطقة على قدمٍ وساق، بينما نجد لدى الإدارة الجديدة في دمشق نوع من المحاصصة الإقليمية الجهوية وذلك بالاعتماد على لون سوري واحد؛ مناطقي إدلبي ومذهبي ديني إسلامي سني، ناهيك عن عدم وجود ملامح بخصوص سوريا التعددية ثقافياً وسياسياً في المرحلة الحالية أو حتى القادمة.
وهكذا بالأخير يمكننا الاستنتاج؛ بأن النقاط كلها لصالح الإدارة الذاتية وليس لصالح الإدارة الجديدة ومع ذلك يأتي من يريد منا أن نطبل لهذه الأخيرة ونشيطن الأولى، وبالأخص هؤلاء الكرد الذيليين الذليلين، مع أن من يطبل للإدارة الجديدة هم بالأساس ينطلقون من فكرة؛ “أنا وأخي على ابن عمي”، بمعنى إنهم ينطلقون من فكر وعقيدة مذهبية دينية سلفية ومنكهة بطعم قومي عنصري، وليس من منطلق وطني سوري وفكر علماني ليبرالي ديمقراطي، وإلا كانوا دعموا قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية حيث وجدنا كل النقاط لصالحها، بل هناك ما لم نذكره؛ مثلاً تكريم أمراء حرب من قبل الإدارة الجديدة وإلباسهم رتب ومناصب عسكرية وهم معروفين لدى السوريين بتورطهم في جرائم حرب وكأدوات بيد المحتل التركي.. يعني وباختصار كل النقاط لصالح الإدارة الذاتية وبالتالي القضية ليست قضية إرهاب وسلطات أمر واقع وشرعية.. كما ذكرنا سابقاً، فهل يكف البعض عن التطبيل المجاني الرخيص، وبالأخص الكرد الذيليين الذليلين.
طبعأ هذه المقارنة لا تعني بأي حال من الأحوال أن لا نعطي فرصة جديدة للإدارة الحالية (الجديدة) في دمشق، وإنما جاءت المقارنة فقط لنقول؛ الكفة تميل لصالح أي الإدارتين مع إننا نتمنى فعلاً للإدارة في دمشق، بأن تنجح حيث هي الأمل للكثير من السوريين لمرحلة جديدة. وبالمناسبة؛ لو كان لدى هؤلاء الأخيرين (الكرد الذيليين) بعض الأخلاق والضمير، وشاهدوا كيف أن ابنهم الذي لا يتجاوز العاشرة من عمره يجيد لغته كتابةً وقراءة ومحادثة، أفضل من سكرتير حزبه، الذي يجلس متختخاً على كرسيه الحزبي منذ أكثر من نصف قرن، لخجلوا من أنفسهم من الدخول بهكذا جدال ومقارنة عقيمة وكانت هذه وحدها تكفيهم؛ بأن يعرفوا حجم المنجز الذي تحقق لشعبنا في ظل الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، لكن يا حيف القبلية الحزبية تقتلنا، كما سبق وقتلتنا القبلية العشائرية والعائلية وللأسف.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=62744