بير رستم
بقناعتي الكرد في هذه المرحلة عم يحققوا منجزات هامة أو لنقل؛ بأنهم يمارسون السياسة بشكل عقلاني وذلك بعكس ما كان يقال سابقاً: بأنهم “يخسرون على طاولة المفاوضات ما يحققونه في الحروب والمعارك”. وربما كانت خطوة أوجلان في الدعوة لإعلان “إيقاف العمل العسكري” واحدة من أهم تلك الخطوات والقرارات السياسية الواقعية والعقلانية حيث سحبت الحجة والذريعة من يد تركيا، ليس فقط ضد المنظومة العمالية وقنديل حيث كل عتاد تركيا وآلتها الحربية لن تقدر أن تنهي قنديل والكريلا، بل سحب الذريعة لضرب قوات سوريا الديمقراطية وإنهاء الإدارة الذاتية كمنجز سياسي كردي في روژآڤاي كردستان وشمال شرق سوريا!
نعم أوجلان بهذا القرار أوقع تركيا في شرّ أعمالها والتي ربما كانت تراهن على رفض قنديل أو بعض شخصياتها وقادتها حيث كان ذاك سيخلق انقساماً داخل المنظومة وبالتالي صراعات وحروب داخلية بينية بين الكرد، أو إعطاء الذريعة لتركيا؛ بأن تكف أمريكا والتحالف الدولي عن دعم قسد وبالتالي اجتياح مناطق روژآڤا وشمال شرق سوريا، لكن قبول قنديل بدعوة أوجلان جعلت تركيا هي الدرية وفي موقع الاستهداف بدل أن تجعل من قسد والإدارة الذاتية في ذاك الموقع، طبعاً خطوة أوجلان الذكية لم تأت بقناعتي فقط لإنقاذ نفسه من السجن، نعم ربما يكون للجانب الشخصي ذاك بعض التأثير وإن كان فقد انعكس إيجابياً على القضية حيث ندرك جميعاً وقيادات قنديل قبل الجميع ومنهم أوجلان؛ بأن عدد من الگريلا والبنادق في قنديل لن يسقطوا حكومة أنقرة، بل إن الحروب أساساً هي للذهاب إلى طاولة المفاوضات وها قد أتت الفرصة وأستغلها أوجلان بذكاء وعقلانية.
طبعاً ليست قيادة المنظومة العمالية الكردستانية وبقيادة زعيمها أوجلان كانوا بشكل منفردين قد توصلوا لهذا القرار التاريخي، وإنما الظروف المحلية والإقليمية والدولية قد دفعت بالجميع، ومنهم جماعة الدولة العميقة في تركيا وبمبادرة من الوجه السياسي الذي يمثلهم؛ حركة حزب الأمة القومي الفاشي بقيادة بهجلي للدعوة لحل هذه المعضلة التي تعاني منها تركيا، وطبعاً جاءت مبادرة الدولة التركية لأسباب تتعلق بالظروف الإقليمية والدولية الهادفة لتغيير وجه الشرق النظم السياسية الاستبدادية حيث باتت هذه النظم غير منسجمة مع الواقع الثقافي والحضاري لهذه المرحلة وبأن شعوبها سوف تنتفض، ومنها الشعب التركي، وبالتالي لا بد من تغيير هذه النظم وبأقل الخسائر الممكنة لمصالح الدول الكبرى وبالتأكيد الحراك الثوري الشعبي ومنه مقاومة شعبنا الكردي وبقيادة قنديل وغيرها من القوى السياسية دفعت بالدولة العميقة في تركيا لاتخاذ هذا الموقف ولا نستبعد دور أمريكي في اتخاذ مثل هذا القرار وذلك لم لأمريكا من مصلحة بإبقاء تركيا كدولة عضو في الناتو بعيداً عن هذه الصراعات والأزمات الداخلية.
وهكذا فإن قضية الحل، أو بالأحرى حل القضية الكردية في كل من سوريا وتركيا سلمياً هو أفضل لنا جميعاً، ككرد وترك وأصدقاء مثل الأمريكان، طبعاً ربطنا بين كل من سوريا وتركيا، أو روژآڤا وباكوري كردستان وذلك لم للواقعين والجزأين الكردستانيين من وشائج الربط وذلك على المستوى السياسي والجغرافي والاجتماعي وكذلك العسكري حيث تركيا لها نفوذها في الواقعين وكذلك الطرف الكردي الذي يمسك بالقضية في الجزأين؛ ونقصد قنديل، وأيضاً لعلاقة التحالف الدولي بملف تركيا وسوريا ودورها في إدارة الأزمة وبالتالي انعكاساتها على الواقع العسكري والدور الأمريكي لحل مشكلات المنطقة مع الطرفين الكردي والتركي.. بمعنى أدق؛ أي حل سياسي في تركيا سينعكس على واقع روژآڤا وسوريا عموماً والعكس صحيح ولذلك قلنا؛ بأن دعوة أوجلان للحل ستكون له تبعات ايجابية على الملف الكردي السوري أكثر ما يكون على ملف أشقائنا في باكوري كردستان (تركيا)!!
وأخيراً دعوني أضع هذه الملاحظات السريعة كردود على بعض التعليقات والتي كانت السبب في كتابة هذا المقال، وأولى هذه الملاحظات هي التالية؛ هناك قرارات وإرادات فوق طاقة الكرد، لربما لو سألت أي كردي من الذين يفاوضون عن قراره الداخلي، لطالب أكثر مما تطالب به، لكن هو محكوم بإرادات وقرارات إقليمية ودولية وبالتالي مجبر على القبول ببعض التنازلات والحلول التي على مقاس مصالح الدول وليس مقاس حقوقنا الكردية.. بالمناسبة ستكون قسد جزء من المنظومة الدفاعية يعني ما راح تذوب داخل المؤسسة الدفاعية كأفراد، بل ستبقى ككتلة موحدة صلبة داخل الجيش.. فقط للتطمين. أما الملاحظة التالية فإننا نقول؛ بأن هناك ما يمكن التفاوض عليه مرحلياً وتأجيل قضايا أخرى للمستقبل.. أما رفع الشعارات الكبيرة على طريقة حماس وحزب الله وحتى العمال الكردستاني في المراحل السابقة، قد تذهب بنا للمحرقة كحال حماس وجنوب لبنان.. لا تنسى بأنك لست وحدك من تقرر الحلول، بل مصالح دول هي الأكثر حسماً في الوصول لبعض هذه الاتفاقيات
وأخيراً وآخر الملاحظات فنقول لمن يفرح بأنه سوف يتخلصون من “حزب العمال الكردستاني”، بأن مؤسف حال شعبنا مع هذا التفكير البائس المنغلق على الذات القبلية الحزبوية.. ولعلمكم من يفاوض تركيا لحل القضية الكردية، من جماعة حزب المساواة والديمقراطية، هم أبناء نهج المنظومة العمالية الكردستانية، لكن يا حسافة عليكم وعلى تفكيركم البائس.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=66976