الخميس, نوفمبر 21, 2024

ملف || قرية بعرافا… الجنة التي عُرفت بالماء تتلظى بنار الاحتلال التركي وميليشاته

 

قرية بعرافا Berava أو علي بازنلي تتبع ناحية شرّا/ شران، وتبعد عن مركزها 5 كم وعن عفرين 20 كم إلى الشمال،

تعود التسمية إلى اللغة الكرديّة وهي “بر آفا” وتعني الواقعة قرب الماء، نسبة للينابيع في القرية، ونهر عفرين الذي كان يمر بأطرافها الغربيّة، فيما أصبحت تطلُّ على بحيرة سد ميدانكي لاحقاً.

عدد البيوت فيها 100 منزل، وعدد السكان يتجاوز 400 نسمة من الكرد الأصليين. يعملون في الزراعة وبخاصة الزيتون والخضار وصيد السمك من البحيرة.

تطل بعرافا على بحيرة ميدانكي من الجهة الغربيّة يحدها شمالاً مُنحدر ومجرى نهر عفرين على بعد أمتار، وقرية ميدانكي وقرية قارقين الصغير، وجنوباً وادي وسهل وسلسلة جبلية مزروعة بأشجار الزيتون والأشجار الحراجية، وقرية “كوبه لك” وشرقاً مُنحدر ووادي عميق وقرية قارقين كبير وقرية جمانلي، وغرباً نهر عفرين وسهل مزروع بأشجار الزيتون وبلدة ميدانكي.

خلال العدوان التركيّ على عفرين اضطر سكان القرية للنزوح بسبب القصف العشوائيّ لمدفعية وطيران الاحتلال التركيّ، وكانت وجهتهم إلى مدينة عفرين بداية وخلال الحرب، ومنها إلى منطقة الشهباء بعد الاحتلال. وتعرضت القرية لقصفٍ مدفعيّ في 11/2/2018. كما تعرضت للقصف في 27/2/2018.

ودارت فيها اشتباكات عنيفة وسيطرت على القرية ميليشيا “السلطان مراد” في 4/3/2018، وأثناء العدوان تم تدمير /8/ منازل تعود اثنان منها للشقيقين محمد وصادق رشيد عيسى، والباقي للمواطنين محمد حجي عارف محمد، رمضان سيدو عمر، خالد إبراهيم رشيد، والمرحومين الأشقاء تتر ورشيد وحنان محمد محمد بشكلٍ كامل و /4/ بشكلٍ جزئيّ.

السرقات والإتاوات

تم تعفيش معظم المنازل وسرقة محتوياتها من مؤن وأدوات وتجهيزات واسطوانات الغاز وأواني نحاسية و/25/ مجموعة توليد كهربائية وغيرها من قبل ميليشيات “فرقة السلطان مراد” المسيطرة على القرية، التي اتخذت من منزلي المواطنين “عبد الرحمن شيخو، محمد مصطفى” مقرّين عسكريين، كما سرقت /20/ مجموعة ضخ مياه الري وجرار زراعيّ تعود للمواطن “رمضان سيدو” وكوابل وتجهيزات شبكتي الكهرباء والهاتف الأرضي العامة.

اُستولي على أكثر من /70/ منزلاً، ونبش المسلحون أنقاض المنازل المدمّرة واستخرجوا الحجارة السليمة وحديد البناء وسرقوه، كما سرقوا محتويات المدرسة الابتدائية في القرية، وأُغلقت المدرسة.

واُستولي على نحو حوالي /75%/ من ممتلكات أهالي القرية من أراضي وحقول زيتون وكروم عنب وغيرها، منها ما يقارب /25/ ألف شجرة زيتون، تعود لأهالي القرية منهم: عائلة مست خليلا – نحو /10/ آلاف شجرة، أبناء منان عمر، أبناء منان عبدو، أبناء سيدو إيبش، أبناء عبدي صفر، محمد مصطفى، لقمان سيدو، فوزي عمر، رمضان إيبو، نصيب إيبو.

وفرض المدعو “أبو عبد الله” على العائلات الكرديّة إتاوة مقدارها 20% من موسم الزيتون، وفيما يستبيح مسلحو الميليشيا القرية فهم يمنعون أهالي القرية من القيام بأعمال الفلاحة والتقليم في حقول الزيتون العائدة لهم. أما بالنسبة لأملاك المواطنين المهجرين فالإتاوة تبلغ نسبة 50% من الموسم. ويجري نهب كامل مواسم المهجرين

كما تفرض الميليشيا على الأهالي الباقين إتاوة على الموسم مقدارها 10%، إضافة إلى إتاوات العبور على الحواجز والدوريات.

الاستيطان

بقي في القرية بعد الاحتلال /15/ نسمة فقط من كبار السن، ومُنعت نحو 45 عائلة (ما يعادل 140 نسمة) من العودة إلى منازلهم رغم وجودهم في مدينة عفرين وفي قرى مجاورة لقريتهم، أما البقية فهُجِّروا قسراً إلى خارج المنطقة، وتم توطين حوالي /45 عائلة ما يعادل 225 نسمة/ من المستوطنين في القرية.

يتزعم المدعو “أبو عبد الله” مسلحي ميليشيا “السلطان مراد” في القرية، ويمنع سكانها الأصليين الكُرد من العودة إلى منازلهم وأقدموا على طرد عائلة “رفعت ياسين خليل” منها.

وفور احتلال القرية منع المسلحون عوائل كردية من العودة أو البقاء في القرية منهم: 1ــ عثمان عارف عمر وزوجته، 2ــ حاجي عارف وابنه عارف، 3ــ رمضان سيدو عمر وعائلته، 4ــ عبد الرحمن ياسين خليل وزوجته، 5ــ  محمد سيدو مصطفى وعائلته، 6ــ شكري سيدو مصطفى وعائلته، 7ــ محمد حميد بكر وزوجته، 8ــ  حنيفة زوجة يوسف قنجو، 9ــ  رفعت ياسين خليل وزوجته.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 20/10/2018، أنّ المسلحين منعوا أهالي قرية بعرافا بناحية شران من دخول أراضيهم لحصر الزيتون وأبلغوهم أنه سيسمح لهم بحصاد موسم الزيتون مقابل إتاوة مقدارها 30% من الموسم.

وذكرت “عفرين بوست” أنّه حتى 23 فبراير/ شباط 2019 أي بعد مضي ما يقارب عام من إطباق الاحتلال العسكريّ، لا زالت القرية شبه خالية من سكانها الأصليين، وتمكنت 6 عائلات فقط من العودة إلى منازلهم، فيما استولى المستوطنون على 14 منزلاً وهم من التركمان المستقدمين من ريف حمص.

ونهب مسلحو الميليشيا والمستوطنون القرية بالكامل وأفرغوها من الأثاث المنزلي، حيث لايزال نحو 70 منزلاً فارغاً، بينما باقي سكان القرية موزّعون في القرية المجاورة ومدينة عفرين منهم 9 عائلات تسكن قرية “جمان” المجاورة، وأكثر من 15 عائلة في مدينة عفرين، وحاول الأهالي الباقون العودة إلى بيوتهم من خلال مراجعة مجالس الاحتلال المحلية وقوات الاحتلال التركيّ دون جدوى. أما بقية الأهالي فهم مهجّرون قسراً في منطقة الشهباء ومخيماتها.

تحطيب وحرائق بحق الأشجار

وقطعت أشجار الأحراش المحيطة بالقرية (70% في كورتيه كريجيه- غربي القرية وعمرها بحدود 30 سنة، 90% في جبل قره خَلو- شرقي القرية) و/100/ شجرة زيتون عائدة للمرحومة زينب كنجو و/100/ لثلاثة من أبنائها. وتم قطع معظم أشجار الزيتون المستولى بشكلٍ جائر بغية التحطيب.

وأضرمت النيران مرات عديدة في الحقول والغابة في محيط القرية، ففي 9/6/2019 أُضرمت النيران في الطرف الشمالي للقرية ما أدّى إلى حرق /300/ شجرة زيتون وألف كرمة عنب ومنزل المرحوم رفعت ياسين. وفي 18/8/2022، اندلعت النيران في أرض زراعية وغابة حراجية سبق أن قُطعت منها سابقاً معظم الأشجار من قبل المسلحين. وفي 9/6/2022، أُضرمت نيران بموقع حراجيّ قرب القرية.

خلال أكتوبر 2020 واصل مسلحون من ميليشيا “السلطان مراد” في القرى المسيطرين عليها منها بعرافا، قطع الأشجار الواقعة على التلال المطلة على نهر عفرين وكانت تتم عملية القطع ليلاً ويمنع الأهالي من الاقتراب من المنطقة. وتم سرقة محصول نحو 250 شجرة زيتون عائدة ملكيتها للمواطن (منان أبو آزاد).

في ديسمبر 2022 تم قطع حوالي 35 شجرة زيتون للمواطن “حسن جاويش” بحجة أن مالك الحقل كان عضو في “كومين” المنطقة الصناعية بمدينة عفرين المحتلة.

في 4/3/2023، قطع مستوطنون ينحدرون من حمص ويعملون لصالح ميليشيا “ملكشاه” 30 شجرة زيتون وأربع اشجار جوز قرب بحيرة ميدانكي، تعود للمواطن “محمد بحري رشيد”.

في يناير 20223 قطعت ميليشيات “فرقة السلطان مراد” أشجار الزيتون بشكلٍ جائر (/12/ لـ محمد فوزي خليل، /12/ لـ مصطفى خليل، /12/ لـ زياد خليل).

البحث عن الآثار

في 20/6/2018 أفادت مصادر محليّة أنّ جيش الاحتلال التركي يستخدم التقنيات المتطورة التي بحوزته للكشف عن المعادن الثمينة والكنوز التي تحتويها المنطقة، خاصة الباطنية منها، والتي لم يتم الكشف عنها سابقاً، وأضاف المصدر أن الجيش التركي الغاصب عثر على كميات من الذهب في القرية، باستخدام كاشفات الألغام الحديثة التي بحوزته، ولم يتمكن المصدر من تحديد كميات الذهب التي تم العثور عليها ضمن القرية نفسها، وذلك عقب البحث في موقع قديم ضمنها، بحجة البحث عن الألغام.

رصدت “عفرين بوست” في 21/4/2020 قيام مسلحين من ميليشيا “السلطان مراد” بعمليات تجريف ونبش في موقع “سري كركيه” أثريّ الكائن بين قريتي بعرافا وقرقينا من الجهة الشمالية، باستخدام آليات ثقيلة مملوكة لعائلة “عبد ربه” المُنحدرة من منطقة الليرمون بحلب، وذلك من قبل فرق متخصصة وبإشراف الاستخبارات التركية، رغم أن التل مزروع بكروم العنب والزيتون. وخلال شهري نوفمبر ــ ديسمبر 2020 تجددت عمليات الحفر والتجريف في تلك المنطقة.

في يوليو 2020 أظهر مقطع مصور متداول عمليات حفر وتجريف للتربة بين الأراضي المنطقة الواقعة بين قرية “جما وبعرافا” بهدف التنقيب عن الاثار، يقوم بها مسلحون من ميليشيا “السلطان مراد”.

عنصريّة وتكفير

في سلوكٍ يؤكد النزعة العنصريّة لدى ميليشيات الاحتلال وحاضنته من المستوطنين، رفض إمام مسجد بعرافا وهو مستوطن يعرف باسم “الشيخ الحمصيّ” حضور جنائز الوفيات الكرد في قرية بعرافا والقرى المحيطة بها ويعتبر ذلك حرام شرعاً، معللا ذلك بأن ”الأكراد كفار وملحدين”. ويسكن الشيخ الحمصي منزلاً مستوى عليه ويفتي بشرعيّة استحلال القرية وممتلكات الأهالي.

الشيخ المستوطن الذي ينحدر من ريف حمص، طرد شيخ القرية الكرديّ ”أبو محمد الكردي” وحلَّ مكانه، يعملُ بالتعاون مع ثلاثة مسلحين من ميليشيا “السلطان مراد”، في نبش وحفر في تلة أثرية قرب القرية، بحثاً عن الدفائن والكنوز الأثريّة، وقام “الشيخ الحمصي” بترميم جامع القرية بواسطة الأحجار المسروقة من المنازل المدمرة التي تعود لمهجّري القرية.

المصادر:

ــ شبكة عفرين بوست الإعلامية.

ــ التقارير الأسبوعية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي (يكيتي).

ــ كتاب جبل الكُرد للدكتور محمد عبدو علي.

المصدر: عفرين بوست

شارك هذه المقالة على المنصات التالية