منطقة تل كوجر عبر التاريخ المعاصر “لمحة موجزة”

برادوست ميتاني
ـ الموقع:
تقع بلدة كرى كوجران في منطقة كوجران الكردية من الجزيرة، في الزاوية الشرقية من روج آفا وسوريا، وهي جنوب منطقة “دشتا هسنا” المسمى بهذا الاسم نسبة الى عشيرة هسنا الكردية المنتشرة في شمال كردستان.
في شمالها أراضي ديرك ونهر صفين. وتمتد جنوباً نحو شنكال وشرقاً صوب جنوب كردستان والعراق. أما في الغرب الشمالي تتداخل عقاراتها مع عقارات مدينة كركى لكى وغرباً مع عقارات جل آغا.
ضوء على التسمية
حملت البلدة وموقعها أسماء مثل “كرى علي قاسما” نسبة إلى علي قاسما الكوجري الكردي من عشيرة ميران و”كر كمبر” حيث كلمة “كر” تعني تل و”كمبر” يعني زنار وذلك لأن كوجر ميران أثناء التصدي لهجوم الدخلاء كانوا يستعدون لهم بحيث يلتفون حول التل مثل “زنار” ويهجمون عليهم هجمة واحدة. أما “كرى كوجران” فهو نسبة إلى أهلنا كرد “الكوجر” التي سميت فيما بعد تل كوجر لأن كلمة تل تلصق بأسماء قرى ومعالم كردية عديدة تكون ذات تلال، ولكلمة تل جذور وتحولات في اللغة الكردية مثل تلك أي “تل” صغير و”تلمان” تل أصغر وأحياناً تطلق على كوفية رأس الرجل (شاشك) لذا نقول: إنها كردية وسميت هذا التل بتل كوجر نسبة إلى عشيرة ميران الكردية الكوجرية.
كما أن الموقع سمي بعد 1912م أحيانا باسم المحطة نسبة إلى محطة القطار الذي يمر منها إلى العراق. كما أن لصعوبة اللفظ عند البعض من الأخوة العرب سميت أحياناُ “تل كوجك” أو “تل كوشك” ودخل هذا الاسم في بعض الحالات إلى السجلات الرسمية ومذكرات الرحالة. بعد سياسة التعريب الظالمة التي أصابت المعالم والثقافة الكردية في سوريا منذ عام 1957م صارت في سجلات النظام تحمل اسم اليعربية.
محطات من تاريخها
منذ ما قبل 300 سنة كانت منطقة تل كوجر خالية من السكان باستثناء تنقل عشائر كوجرات الكردية فيها في فصل الشتاء لذا عرفت ـ كما نوهنا سابقاُـ بكرى كوجران، هؤلاء الذين كانوا يسكنون برية شنكال والموصل ويذهبون في الصيف إلى جبال هركول وزوزان في شمال كردستان.
كانت أراضي تل كوجر منذ القرون الوسطى تابعة لحكام إمارة بوتان الكرد، كأزيزان وما تبعهم من بعدهم من الكرد في حكم أمارة الجزيرة، وذلك قبل اتفاقية سايكس ـ بيكو، وظهور الدول الحديثة على حساب تقسيم كردستان، حيث كانت منطقة تل كوجر مرتعاً لمواشي كوجرات الكردية وعرفت كذلك بـ “كرى علي قاسما” ولانتشار كوجر ميران فيها وبناء خيمهم حيث نمط الحياة في تلك المنطقة، حينذاك سميت بتل كوجر، ولم يوجد فيها أي وجود للعرب إلا بعد مجيء قبيلة شمر العربية القادمة من جنوب وغرب العراق، ومن ثم بعض العشائر العربية الأخرى.
أثناء الخلاف بين عشيرة ملان الكردية والسلطان العثماني عبد الحميد على مناطق النفوذ، لم يرضخ إبراهيم باشا الملي له،  فقد كان نفوذه يصل إلى عقارات “كرى كوجران” وينافسهم في النفوذ، ليأس السلطان العثماني من رضوخه استعان ببعض العشائر الحليفة له منها عشيرة شمر العربية التي وفدت إلى المنطقة، بعدما هاجرت مجبرة أمام آل سعود من منطقة نجد في شبه الجزيرة العربية من السعودية بالذات، وسكنت في قسم من منطقة شنكال، وتوافدت بمساعدته وتشجيعه في سنوات الجفاف إلى مناطق الكرد الأخرى للبحث عن مرعى لمواشيهم منها قدومهم إلى منطقة تل كوجر وجنوب وادي الرد، وخاصة منطقة تل علو. نجح حينها إبراهيم باشا الملي من إبعاد شمر من منطقة جنوب شنكال 1904م وجنوب قامشلو ولكنها انتقلت الى منطقة تل كوجر وسكنتها بمساعدة كوجر ميران الذي كان رئيس العشيرة إبراهيم مصطفى.
بعد عشرينات القرن الماضي؛ شهدت المنطقة نزاعات بين القبائل العربية وخاصة شمر والكرد، وبدعم وتأجيج من السلطات الحاكمة “الفرنسية والعربية”، واستمرت حتى الستينات.
بعد ستينات القرن العشرين تحسنت العلاقات بين عشيرة شمر وكوجر ميران خاصة والكرد عامة تحولت إلى حالة ايجابية شهدتها مواقف عديدة منها العلاقة الحسنة مع  عائلة البرزاني في جنوب كردستان، ورحيلهم بقطعانهم من الماشية إلى مراعي منطقة برزان في إقليم كردستان، وزيارة مسعود برزاني إليهم في روج آفا وقد كان لهم موقفهم المشرف في موضوع بلدة جل آغا وكيف لم يرضخوا لطلب النظام في محاربة الكرد في انتفاضة قامشلو12 آذار 2004م وتوطدت أواصر العلاقات العامة والخاصة بين قبائل الشمر والكرد والكثير من المصاهرات والاندماج المجتمعي وخاصة بعد ثورة روج آفا وتأسيس الإدارة الذاتية، حيث انخرط الجميع في مؤسسات الإدارة الدفاعية والعسكرية والمدنية الخدمية ليبنوا منطقتهم وفق أسس حديثة وحياة كريمة تليق بمجتمع منفتح وإدارة تعمل على مبدأ أخوة الشعوب والعيش المشترك.

صحيفة روناهي  

 

Scroll to Top