الخميس, أبريل 18, 2024

“سوريون”: “منظمة إحسان” تقطع مئات الأشجار لبناء قرية غير قانونية في جنديرس بـ عفرين

حقوق الإنسان
  1. ملخص تنفيذي:

تكشف “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في هذا التقرير، تواطئ ثلاث منظمات إنسانية، سوريّة ودولية، في عمليات توطين غير قانونية لمقاتلين من الجيش الوطني السوري/المعارض وعائلاتهم، في إحدى المشاريع التي تمّ الإعلان على أنّها صممت من أجل إيواء النازحين داخلياً في منطقة عفرين السوريّة ذات الغالبية الكردية.

المشروع الذي أطلقته منظمة “إحسان للإغاثة والتنمية” في ناحية “جنديرس” قرب بلدة “كفرصفرة” بدأ العمل عليه في العام 2019 بقطع مئات الأشجار الحراجية على سفح تلّة محلية[1] بحسب صور أقمار اصطناعية حصرية حصلت عليها “سوريون”.

وتم تنفيذه على الأراضي التي تمّ الاستيلاء عليها بعد العملية العسكرية التركية المسمّاة “غصن الزيتون” عام 2018، وهي العملية التي أدّت إلى نزوح عشرات الآلاف من سكان المنطقة الأصليين إلى مناطق أخرى.

تخضع المنطقة التي تمّ بناء “المستوطنة” عليها لسيطرة مباشرة من فصيل “لواء سمرقند” التابع للفيلق الأول في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

وقد علمت “سوريون” أنّ “إحسان” اتفقت مع الفصيل على السماح للمنظمة ببناء “القرية” وتسهيل مهمتها دون التعرّض لها، بحكم سيطرة الفصيل الفعلية على المنطقة، لقاء حصول مقاتلي الفصيل على عدد معين من المساكن، وهو ما يفسّر إعطاء المنظمات المشاركة في المشروع ما نسبته 16 % من البيوت لصالح مقاتلي الفصيل الذي ينحدر معظمهم من محافظة إدلب السورية.

إلى جانب منظمة “إحسان” التي تشكّل إحدى برامج “المنتدى السوري“، ساهمت منظمة “شام الخير الإنسانية” وبإشراف من “منظمة الرحمة العالمية/الكويتية”، بعملية تخديم جزء آخر من جوانب المشروع وترغيب النازحين من مناطق سوريّة أخرى بالاستيطان في تلك القرية. وهما المنظمتان اللتان لعبتا دوراً أساسياً في بناء مشروع “جبل الأحلام” الذي خصص بمعظمه لإسكان مقاتلين وعائلاتهم فيها؛ في مثال صارخ لإحدى عمليات التغيير الديموغرافية القسرية في زمن النزاع السوريّ.

تتألف القرية التي تمّ إنشاؤها من قبل “إحسان” من كتلتين سكنيتين (كتلة شرقية و كتلة غربية)، وتشكّل واحدة من تسع قرى ومستوطنات بشرية، تمّ البدء في بنائها بعد خضوع منطقة عفرين لاحتلال تركي كما وصّفته لجنة التحقيق الدولية في عدة تقارير[2] خاصة من خلال الإشارة المتكررة إلى أحد خلاصات مؤتمرها حول انتهاكات القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في سوريا عام 2017، والتي أكدت فيها على انطباق حالة الاحتلال عند قيام أي دولة تقوم باحتلال جزء أو كافة أراضي دولة أخرى، وبالتالي انطباق كافة الأحكام القانونية النافذة على الاحتلال.[3]

وهو الأمر الذي أكدتّه عدة منظمات حقوقية دولية أخرى مثل منظمة العفو الدولية، التي وثقت أنماطاً مختلفة من الانتهاكات بعد احتلال المنطقة عسكرياً.

وأيضاً المركز السوري للعدالة والمساءلة والذي خلص إلى أنّ تركيا تمارس سيطرة فعالة على أجزاء من شمال سوريا، جنباً إلى جنب، مع الوجود العسكري المستمر، بالإضافة لفرض القانون التركي وإدارة المدارس والوظائف العامة الأخرى. وأكّدت أنّ عليها التزامات كقوة احتلال بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.

بُنيت جميع تلك القرى غير القانونية، بحسب مصادر موثوقة لسوريون بموافقة من المجلس المحلي لعفرين بناء على توجيهات من والي ولاية هاتاي التركية (رحمي دوغان –  Rahmi Doğan)، والمسؤول المباشرة عن إدارة المنطقة من طرف تركيا.

  1. الموقع الجغراقي لمشروع “إحسان”:

تقع القرية التي ورد اسمها في بعض المصادر المحلّية باسم (قرية الأمل) في أرض حراجية على سفح تلّة شمالي شرقي بلدة كفر صفرة في ناحية جنديرس، ويّعرف الموقع محلياً باسم “جيايي شاوتي”، وتعود ملكية الأرض/الجبل للدولة السورية؛ أيّ أنها ليست ملكية فردية.

وفي الوقت الراهن تقع المنطقة ضمن نطاق نفوذ فصيل “لواء سمرقند” التابع لـ”اللواء 121″ التابع لـ”الفرقة 13″ المنضوية ضمن “الفيلق الأول” التابع لوزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة”، المنبثقة عن “الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة”.

وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أن سفح التل كان مغطى بالأشجار الحراجية، قبل أن يتمّ قطع الأشجار من الجزء الذي بنيت عليه القرية السكنية، فيما بقيت الأحراج في باقي التل والأراضي المحيطة بالمشروع كما هي عليه، ما يعني أن قطع الأشجار كان متعمداً وجاء بهدف بناء هذه القرية.

استناداً إلى شهادة أحد العاملين في المشروع ذاته (مصدر أول)، فإن المنظمة المنفذة للمشروع وهي “إحسان للإغاثة والتنمية”  قطعت الأشجار ووزعتها على عدد من العائلات المستفيدة من برامجها الإغاثية في المنطقة. وأردف المصدر في إفادته قائلاً:

“عمدت الجمعية إلى قطع الأشجار في موقع البناء ومحيطه بحجة أنها تعيق عمليات بناء وإدخال الآليات الثقيلة وتعبيد الطريق إلى سفح التل، ولم تكن كمية الأشجار المقطوعة كبيرة جداً. لقد تمّ تحطيب تلك الأشجار وتوزيعها على المحتاجين من قبل الجمعية نفسها. أي أن الجمعية لم تقم ببيعها أو المتاجرة بها.”

صور مأخوذة بواسطة الأقمار الاصطناعية تُظهر موقع القرية قبل عملية قطع الأشجار وبعدها.
  1. تفاصيل بناء المشروع والهدف منه:

كان الهدف المعلن للمشروع هو بناء 247 منزلاً دائماً للنازحين داخلياً/المهجرون قسراً من مختلف المحافظات السورية، وبدأ العمل على عملية البناء أيار/مايو 2020، سبق ذلك وفي العام 2019، عملية قطع الأشجار وتمهيد الأرض، وفي شهر أيلول/سبتمبر 2021 أعلنت “إحسان للإغاثة والتنمية” عبر حسابها الرسمي في “فيس بوك” عن قرب إنهاء بناء 247 وحدة سكنية/منزل في المشروع ذاته، وتم نقل بعض العائلات من محافظات حلب وإدلب للسكن ضمن القرية بالفعل كما أظهرت صور نشرها موقع “نورث برس” وجود بعض العائلات في القرية خلال شهر أيار/مايو 2022، في حين كانت ما تزال أعمال البناء مستمرة في جزء منها خلال ذات الشهر.

وقد علمت “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” في شهر آب/أغسطس 2022، ومن خلال أحد المدنيين أنّ عمليات الإسكان بدأت بالفعل وتمّ إسكان أكثر من نصف الأشخاص الذين خصص التجمّع السكني من أجلهم.

لقطة شاشة مأخوذة من منشور لمنظمة “إحسان” حول قرب الانتهاء من بناء 247 وحدة سكنية في قرية “كفرصفرة”.

وبحسب المصدر الأول نفسه (العامل في المشروع)، فإن مساحة القرية تتراوح ما بين 40 إلى 50 دونم أي ما يعادل نحو 40 إلى 50 ألف متر مربع، ويضمّ مدرسة وحضانة للأطفال ومسجداً ومعهداً لتحفيظ القرآن ومستوصف وحدائق صغيرة ومحلات تجارية، كما تمّ تخديمها ببئر مياه وتعبيد الطرق وفرشها بالحصى.

كما أفاد (مصدر ثاني) وهو مسؤول إداري في المشروع أن الجهة المنفذة وهي منظمة “إحسان” هي من اختارت العائلات المستفيدة وقامت بالفعل بنقل نحو 60 عائلة إلى القرية، وأشار المصدر إلى أن معظم العائلات المستفيدة والمسجلة هي من المدنيين النازحين ولكن تم تخصيص نحو 40 منزلاً على الأقل لصالح مقاتلي فصيل “لواء السمرقند” الذي يسيطر على المنطقة، وأضاف المصدر ما يلي:

“لقد تم اختيار العائلات المستفيدة من قبل منظمة إحسان، حيث سبق أن قاموا بالتسجيل للحصول على هذا السكن وتم اختيارهم بناء على العائلات الأكثر حاجة، وبالطبع تم تخصيص من 35 إلى 40 منزلاً للفصيل المسيطر على المنطقة حيث طلب منهم الفصيل ذلك بدلاً من طلب مبلغ مالي، وتم تسليم هذه المنازل للفصيل والذي قام بتوزيعها على مقاتليه وعائلاتهم. أيضاً من الممكن أن نجد أن هناك أبناء بعض العائلات المستفيدة هم مقاتلون في فصائل مختلفة أيضاً، ولكن النسبة الأكبر من المستفيدين هم من المدنيين.”

وتابع المصدر:

“سبق أن وقع خلاف بين لواء السمرقند ومتعهد المشروع واسمه (خالد سلامة) وذلك بسبب رفض المتعهد تزفيت الطريق المؤدي إلى القرية وطرقات القرية بشكل كامل، وتسبب الخلاف بتأخير تسليم المشروع لنحو ستة أشهر، وبالنهاية تمّ الاتفاق بين المتعهد والفصيل على فرش الطريق بالحصى بدلاً من التعبيد بالإسفلت بسبب ارتفاع التكلفة.”

وقال (مصدر ثالث) لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة وهو موظف في منظمة إحسان ومستفيد من المشروع إنّه:

 “تمّ اختيار مواد البناء من المواد الثابتة كالحديد والإسمنت والطوب/البلوك، حيث إن المشروع سيكون لإسكان المستفيدين بشكل دائم.”

(مصدر رابع)، وهو شخص مدني، نازح مستفيد من المشروع، قال في شهادة[4] حصرية لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة خلال شهر آب/أغسطس 2022، حول الدور الأمني الذي لعبه “لواء سمرقند” في المشروع:

“المسؤول عن التجمّع السكني أمنياً، شخص منتدب من قبل لواء سمرقند واسمه (ي. الناظم)، ولربما يفسر ذلك حصول مقاتلي الفصيل عن على نسبة غير قليلة من المساكن، وتدخلهم في شؤون المدنيين وإجراء “دراسات أمنية” حولهم.”

أضاف المصدر أيضاً أن “المندوب الأمني” يتحكم بسكان التجمّع ويعطي القرارات والإنذارات للسكان، وأنّ المدنيين الفعليين تضرروا من سيطرة الفصيل الفعلية على الجمّع السكني، حيث حرمهم ذلك من بعض المساعدات الإنسانية. وأضاف:

“قبل فترة، قام فصيل السمرقند بطرد ثلاث عائلات بشكل مفاجئ في منتصف الليل ولم يستطع أحد الاحتجاج. فعلياً، الفصيل المسيطر هو السمرقند ولا تستطيع الشرطة المدنية أو العسكرية أو حتى المجلس المحلي التدخل في شؤون التجمع السكني بسبب وقوعه تحت قطاع السمرقند”.

  1. من هو “لواء سمرقند”؟

تشكّل “لواء سمرقند/نسبة إلى إحدى المدن الأوزبكية في آسيا الوسطى” على يد شخص يُدعى “وائل موسى” في حزيران/يونيو 2016، الذي قتل خلال معارك “غصن الزيتون” عام 2018، وتولى بعده قيادة الفصيل شخص اسمه “ثائر معروف”، وينحدر معظم مقاتلي الفصيل من منطقة جبل الزاوية في محافظة إدلب، وفي الوقت الراهن يتمركز الفصيل في عدد من النقاط في ناحية جنديرس، علماً أنّ الناحية تخضع أيضاً لسيطرة فصائل معارضة أخرى مثل “الجبهة الشامية” و”الفرقة التاسعة” و”جيش الشرقية”.

يبلغ راتب المقاتل لدى الفصيل حوالي 600 ليرة تركية، يحصلون عليها بواسطة الحكومة التركية، وذلك بحسب مصادر من داخل الفصيل نفسه تحدث معها “سوريون”.

شارك الفصيل في عمليات “غصن الزيتون” “نبع السلام” وأرسل العشرات من مقاتليه للقتال كمرتزقة في كل من ليبيا وأذربيجان، من بينهم أطفال. فقد كانت الأمم المتحدة قد تحققت من تجنيد واستخدام جماعات المعارضة السوريّة المسلّحة (المعروفة سابقاً باسم الجيش السوري الحرّ) لثلاثة أطفال في ليبيا، تمّ تهريبهم من سوريا إلى ليبيا من قبل “فرقة المعتصم” و “لواء سمرقند”. جاء ذلك في التقرير الذيّ قدمّه الأمين العام للأمم المتحدة خلا شهر أيار/مايو 2021، إلى مجلس الأمن حول قضية الأطفال والنزاع المسلّح.

 سبق أن ارتكب الفصيل العديد من الانتهاكات بحق أهالي ناحية جنديرس تنوعت ما بين قطع آلاف الأشجار في المنطقة، وعمليات اعتقال تعسفي وابتزاز مالي، والاستيلاء على ممتلكات علاوة على عمليات نهب لممتلكات مدنيين (خاصة في الأيام الأولى للسيطرة على المنطقة) بالإضافة للسيطرة على العديد من معاصر الزيتون التي تعود ملكيتها لأهالي المنطقة.

راية/شعار “لواء سمرقند”
  1. دور المجلس المحلي في عفرين:

كان للمجلس المحلي في مدينة عفرين دوراً بارزاً وأساسياً في المساهمة بإعطاء منظمة “إحسان للتنمية والإغاثة” الأرض التي بُني عليها المشروع، والترخيص على تلك الأرض الزراعية في جنديرس، وذلك قبل اتفاق المنظمة مع الفصيل المحلّي المسيطر على المنطقة (سمرقند).

تمحور دور “المجلس” في شقّين أساسيين: الأول كطرف تنظيمي بين المنظمة/إحسان ومكتب الوالي التركي الذي منح الموافقة الأولية على المشروع لمندوب المنظمة (إحسان).

لاحقاً، وبحسب مصادر “سوريون” فقد أعطى مكتب الوالي التركي أوامر شفهية للمجلس المحلي لعفرين، من أجل تسهيل عمل المنظمة، ليقوم “المجلس” في خطوة لاحقة باقتراح مجموعة من الأماكن على المنظمة من أجل بناء “التجمّع السكني”، ومن ثمّ منح المنظمة “ورقة التخصيص” للمشروع ككل بعد انتهائه. لتقوم المنظمة بتسليم “ورقة تخصيص فرعية للحصة الواحدة” على جميع المستفدين.

أمّا الدور الثاني لمجلس عفرين المحلّي فقد تمحور حول عملية التنسيق ما بين المنظمة (إحسان) والمجلس المحلي لجنديرس (نقصد هنا أنّ عملية التبليغ تأتي من مجلس عفرين إلى مجلس جنديرس مع إخبارها بموافقة الوالي التركي).

وتتشابه هذه الحالة بشكل كبير مع حالة “الترخيص” الذي قدمه المجلس المحلي في مدينة عفرين للمنظمات التي قامت ببناء مستوطنة منطقة جبل الأحلام، وكان اللافت في الأمر أن المجلس المحلي في مدينة جنديرس لم يكن له قرار مباشر بالمشروع بل تمّ الأمر عبر التنسيق مع مجلس محلي عفرين ومن ثم تمرير القرار له، بحسب مصادر “سوريون”.

  1. كيف يتم إدارة منطقة عفرين؟

تخضع منطقة عفرين ككل (النواحي السبع) لسلطة مكتب والي ولاية هاتاي التركية (رحمي دوغان)، والذي يساعده مجموعة من النواب، يتولى كل واحد منهم ناحية في عفرين، وذلك بحسب عدد من أعضاء المجالس المحلّية التي تحدثت معها “سوريون”، والذين أكّدوا أنّ قضية “الوحدات السكنية/المستوطنات” بشكل خاص، هي من صلاحيات نائب والي ولاية هاتاي المسؤول عن ناحية عفرين.

أما حول الآلية العامة لعمل المجالس في باقي الأمور فقد لخّصها الأشخاص الذين تحدثت معهم “سوريون” كالآتي:

“من حيث التبعية الإدارية، تتبع المجالس المحلّية للحكومة السورية المؤقتة/المعارضة، ولكنّها في واقع الأمر تتلقى معظم أوامرها من الولاة الأتراك (نواب والي ولاية هاتاي)، وهم الذين يشرفون على وضع الخطط التنموية والاقتصادية، بالإضافة على التنظيم والنفقات .. إلخ. تأتي الرواتب والمخصصات المالية لموظفي المجالس المحلية من تركيا بشكل شهري، وتسمى منح مالية يقدمها والي هاتاي. بعض هذه المنح (جزء من المبالغ الشهرية) تقدمها قطر عبر الحكومة التركية، وجزء آخر يكون من عائدات الضرائب والرسوم التي تجمعها المجالس المحلّية.”

(مصدر خامس)، وهو موظف في “منظمة إحسان” ومستفيد من المشروع أيضاً (أي أنّه حصل على وحدة سكنية من المشروع)، قال في شهادته لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة ما يلي:

“تمّ التصريح لبناء القرية السكنية من قبل المجلس المحلي في مدينة عفرين وذلك بعدما حصلت المنظمة على رخصة البناء، كما أنّ المجلس المحلي في عفرين هو من وافق على أن تأخذ منظمة إحسان هذه الأرض، حيث تم اختيار هذا المكان بالذات كونها أرض مشاع ولن تدفع المنظمة ثمنها، لكن في نفس الوقت فإن أهالي من بلدة كفر صفرة (الكرد) القريبة من المكان اعترضوا على المشروع معتبرين أن هذه الأراضي من حقهم.[5]“

وأضاف المصدر:

“المجلس المحلي في عفرين أعطى المنظمة ترخيصاً جماعياً لكل الوحدات السكنية التي ستبنيها في المشروع، كما تلقت المنظمة وعوداً من المجلس أن يعطي المستفيدين إثبات ملكية (شبيه بورقة الطابو الأخضر).”

قام فريق عمل سوريون من أجل الحقيقة بمراجعة الحسابات الرسمية للمجلسين المحليين في عفرين وجنديرس ولم يعثر على أي منشور أو إعلان حول القرية السكنية التي يجري بنائها في جنديرس، على عكس مشاريع سكنية أخرى مثل “قرية بسمة” و”قرية كويت الرحمة” التي تمّ الإعلان عنها والاحتفاء بها من قبل المجلس.

تُظهر الصورة التالية المأخوذة بواسطة الأقمار الاصطناعية التجمّع السكني الذي بُني في “جنديرس”.
  1. المنظمات الإغاثية المشاركة:

جمعية إحسان للإغاثة والتنمية” إحدى برامج “المنتدى السوري“: يُعرف “المنتدى السوري” نفسه على موقعه الرسمي بأنه منظّمة غير ربحيّة مسجّلة في تركيا وله شراكات مع ممثلين عنه في كلّ من النمسا والولايات المتحدة الأمريكية، بدأ عمله في 2011، ويعمل من خلال 5 برامج مُتخصّصة، إضافة لفريق عمل مكوّن من 2,318 عضواً مع نهاية 2020، ويضم المنتدى السوري وشركاؤه 17 مكتباً موزّعاً بين سورية، تركيا، النمسا، الولايات المتحدة الأمريكية وقطر.

تعتبر “إحسان” إحدى برامجه الخمسة، وورد مشروع قرية كفر صفرة الذي نفذته “إحسان” ضمن الصفحة 26 -27 في التقرير السنوي لعام 2021 للمنتدى السوري.

جمعية “شام الخير الإنسانية“: تم الترخيص لها في تركيا عام 2014، تحت اسم جمعية شام الخير، برقم/01 – 030 – 073/. ليتوسع عمل الجمعية في الداخل السوري إلى خمسة مكاتب تساهم في كل قطاعات “العمل الخيري”. ساهمت في المشروع من خلال بناء مسجد ومركز “عياد عسكر العنزي” (متبرع كويتي) والذي افتتح في تشرين الأول/أكتوبر 2021 ضمن القرية نفسها. والمسجد بمساحة 130 متر مربع ويتسع لـ200 مصلٍ ويتكون من مئذنة وقبة ومرافق عامة ومجهز بكامل التجهيزات، والمركز بمساحة 80 متر مربع وهو عبارة عن 3 غرف صفية وإدارة وحمامان ومجهز بكافة التجهيزات الدراسية ويستوعب 150 طالباً وطالبة.

جاء هذا المركز “العنزي” ضمن المشروع تحت اشراف “جمعية الرحمة العالمية التي أشهرت كجمعية مستقلة من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية الكويتية بالقرار الوزاري رقم 100/أ لسنة 2018، بهدف تقديم خدماتها للمحتاجين داخل وخارج الكويت، عبر المشروعات التنموية والتعليمية والصحية ورعاية الأيتام والأسر المتعففة وتقديم الإغاثة العاجلة للمحتاجين.

  1. رأي القانون السوري في التصرفات المذكورة:

تعتبر التصرفات التي قام بها “لواء سمرقند” بالاشتراك مع المجلس المحلي لعفرين والمنظمات المذكورة في هذ التقرير فعلاً مجرّماً في القانون السوري، فالاستيلاء على الأملاك العامة والبناء عليها يعتبر تعدياً على هذه الأملاك وغصباً لها سنداً للمادة 724 من قانون العقوبات العام، التي نصت على عقوبة الحبس حتى ستة أشهر لكل من أقدم على غصب قسم من الأملاك العامة.

كما إن قانون مخالفات البناء رقم 40 لعام 2012 فرض عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة لكل من تثبت مسؤوليته سواء كان مالكاً أو حائزاً أو شاغلاً أو متعهداً أو منفذاً أو مشرفاً أو دارساً للبناء.. عندما يكون البناء المخالف واقعاً أو متجاوزاً على الأملاك العامة أو املاك الدولة أو املاك الوحدة الإدارية، وفي حالتنا هذه يعتبر كل من أشرف أو نفذ أو درس مخططات البناء وقام بتجهيزها متورطاً في ارتكاب هذا الجرم (البناء على الأملاك العامة)، ويستحق العقوبة المفروضة بموجب هذا القانون، هذا بالإضافة إلى وجوب إزالة الأبنية المخالفة وعلى نفقة المخالف مع فرض غرامة مالية من ألفي ليرة سورية إلى عشرة آلاف ليرة سورية عن كل متر مربع على كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة (المادة 2).

كما إن قيام الجهات المذكورة في هذا التقرير “بقطع مئات الأشجار الحراجية” تمهيدا لتنفيذ المشروع، يعتبر جرماً يعاقب عليه قانون الحراج رقم 6 لعام 2018، حيث نصت المادة 32 من القانون المذكور بانه: “يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبالغرامة من خمسمئة ألف إلى مليون ليرة سورية كل من أقدم دون ترخيص مسبق على قلع أو قطع أو إتلاف أو تشويه الأشجار والشجيرات في حراج الدولة أو الإتيان بأي عمل يؤدي إلى إتلافها.”

ويعتبر تصرف المجلس المحلي في عفرين “بمنح منظمة إحسان ترخيصاً جماعياً لكل الوحدات السكنية التي ستبنيها في المشروع، وكذلك الوعد بمنح إثبات ملكية للمستفيدين”، وفق ما ورد على لسان أحد مصادر التقرير يعتبر مخالفاً لقانون الحراج المذكور، ويستحق مرتكب الفعل عقوبة الحبس من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات والغرامة من مئة ألف إلى مئتي ألف ليرة سورية، وذلك سنداً للمادة 39 بدلالة الفقرات أ – ي من المادة 14.

كما يعتبر تصرف المجالس المحلية مخالفاً للقانون المدني السوري رقم 84 لعام 1949 الذي منح الشخص الذي يبني أو يغرس في عقار الغير حق تملك العقار بالالتصاق، لكن بشرط أن تكون قيمة البناء أو الغراس أكبر من قيمة العقار المبني عليه، وبشرط أن يكون الباني أو الغارس حسن النية أي يعتقد بأنه يملك العقار الذي يبنى عليه أو يغرس فيه.

وفي حالتنا هذه ترى “سوريون” بأن جميع من تم تخصيصهم بالعقارات (الأراضي) موضوع هذا التقرير، لا يمكن اعتبارهم حسني النية كونهم نازحون من مناطق مختلفة من سوريا كريف دمشق وحمص وغيرها، وبالتالي يعلمون علم اليقين بأن العقارات التي تم تخصيصهم بها ليست ملكاً لهم، وكذلك ليست ملكاً “للمجلس المحلي” الذي منحهم أوراق التخصيص، وهذا ما تم تأكيده من قبل مصادر هذا التقرير، والأهم من كل هذا وذاك، إن حق التملّك بالالتصاق الذي ذكرناه لا ينطبق على العقارات المقيدة في السجل العقاري، وكذلك العقارات التي تخص الدولة، وبالتالي ليس لهؤلاء المتخصصين المطالبة بأي حق في العقارات المذكورة مهما طالت مدة حيازتهم وإشغالهم لها (المواد 925 و 926 قانون مدني).

  1. خلاصات في ضوء القانون الدولي:

من الثابت في القانون والممارسة الدوليين أن المنظمات العاملة بالشأن الإنساني عموماً عليها واجب الالتزام بمبادئ العمل الإنساني الأربعة: الحياد وعدم الانحياز والإنسانية والاستقلال.[6] ويتلخص مفهوم الحياد باعتباره واجب الفاعلين الإنسانيين بعدم تبني مواقف تدعم أو تعارض أي من أطراف النزاع.

وينص عدم الانحياز على أنه يجب على الفاعلين الإنسانيين أثناء اضطلاعهم بمهاهم الإنسانية عدم التمييز أو إعطاء الأفضلية لأي جنسية أو عرق أو معتقد ديني أو طبقة أو انتماء أو رأي سياسي أو على أي أساس آخر. أمّا الإنسانية فهي وجوب أن يكون الدافع الأساسي للعمل الإنساني هو الاستجابة للمعاناة الإنسانية أينما وُجدت وبغض النظر عمّن يعاني منها. ويتطلب مبدأ الاستقلال من الفاعلين الإنسانيين أن يظلوا مستقلين عن الأهداف السياسية أو العسكرية للجهات الفاعلة الأخرى.

بالرغم مما يفرضه القانون الدولي الإنساني لجهة تقديم الإغاثة الطبية حسب أولوية الحاجة وبالتالي دون تمييز بين المدنيين أو المقاتلين أو على أساس الانتماء لطرف في النزاع،[7] يفرض مبدأ الحياد في العمل الإنساني على الفاعلين الإنسانيين التمييز بين المقاتلين والمدنيين والقيام بأقصى ما يمكنهم لضمان وصول المساعدة الإنسانية للمدنيين حسب حاجاتهم.[8]

وعلى المنظمات الإنسانية أن تمنع أطراف النزاع من الاستحواذ بشكل مباشر أو غير مباشر على المساعدات المرصودة للمدنيين.

وقد أجاز القانون الدولي الإنساني للفاعلين الإنسانيين التفاوض مع أطراف النزاع خاصة تلك التي تسيطر على أماكن عبور وتوزيع المساعدات الإنسانية استناداً إلى واجب هؤلاء الأطراف بالسماح لتلك المساعدات بالوصول إلى محتاجيها من المدنيين المتأثرين بالنزاع المسلح،[9] ولكن ليس على أساس تحقيق مكاسب مادية أو عسكرية من خلال تلك المساعدات أو على أساس تكريس أو الاعتراف بوضع قانوني معين لأحد هؤلاء الأطراف، لأن ذلك يرقى ليكون مخالفة لمجمل مبادئ العمل الإنساني.

إن قبول أو اتفاق المنظمات المعنية في سياق هذا التقرير مع فصيل سمرقند – باعتباره طرفاً في النزاع المسلح – على تخصيص ما قد تصل نسبته إلى 16 % من المساكن التي يفترض أن تكون مخصصة للمدنيين المحرومين من حاجاتهم الحياتية الأساسية نتيجة النزاع والتي يجب أن يكون هدفها الوحيد حماية الحياة والصحة والكرامة،[10] يفرغ مضمون المبادئ الإنسانية الناظمة لحق المدنيين في الحصول على المساعدات الإنسانية ولواجب أطراف النزاع بتيسير وصولهم إليها، مما يؤدي إلى تفعيل حق أطراف النزاع الأخرى في إعادة النظر في موافقتهم على الوصول الإنساني على اعتبار أن هذه المساعدات تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تعزيز قوة الطرف الآخر.[11]

والمتضرر الأساسي من هذه النتيجة هم المدنيون ليس فقط في المناطق التي يتناولها التقرير، إنما في مناطق أخرى سيكونون عُرضة لإعادة النظر هذه استناداً إلى التبرير الناتج عن هذه السابقة، حيث أن المساعدات التي لا تستوفي شروط الحياد وعدم الانحياز لن يتم اعتبارها على الأرجح إنسانية.

على جانب آخر، يقترن مبدأ وجوب عدم التمييز في العمل الإنساني باستيفاء شرط عدم الانحياز، الذي يشترط بدوره التناسب في العمل الإنساني من حيث الاستجابة بناءً على مستوى الحاجة.[12] وحيث أن المنظمات المعنية بهذا التقرير تقدم خدماتها في منطقة معينة ولديها قدرة الوصول للجميع دون اعتراض من قبل أطراف النزاع، يفترض بها – بشفافية – أن تستجيب لحاجات المدنيين في المنطقة بناءً على تقييم موضوعي للحاجات الإنسانية، وليس على أساس التقييم الذاتي المتمثل في قيام المنظمة بآلية اختيار غامضة أولاً وخاضعة لإملاءات أحد المنخرطين في النزاع ثانياً.

 ونظراً إلى أن أنشطة المنظمات الإغاثية المذكورة في التقرير تستهدف سياقاً تتقاطع فيه سلسلة من الانتهاكات المحتملة بحق السكان الأصليين (الكرد) خاصة لجهة تهجيرهم قسرياً والعمل على تكريس واقع ديموغرافي جديد عبر تثبيت وجود فئات سكانية أخرى محلهم، فإن توجيه خدمات هذه المنظمات لصالح تلك الفئات السكانية حصراً واستثناء السكان الأصليين من الاستجابة لحاجاتهم الإنسانية قد يرقى ليكون مشاركة مباشرة أو غير مباشرة في السياسة أو الممارسة الممنهجة من قبل السلطات القائمة على هذه الانتهاكات المحتملة.

وتجدر الإشارة إلى أن الدولة المعنية – سوريا في هذه الحالة – يقع عليها واجب عدم رفض مرور وإيصال المساعدات الإنسانية في الحالات التي قد يؤدي فيها غياب أو نقص الإغاثة إلى تجويع السكان المدنيين.[13] وفي هذا السياق أوضح معهد القانون الدولي أن “الدول المتضررة ملزمة بعدم رفض – بشكل تعسفي وغير مبرر – عرض حَسَن النية يقصد به حصراً تقديم المساعدة الإنسانية أو رفض الوصول إلى الضحايا. على وجه الخصوص، لا يجوز لها رفض عرض أو رفض الوصول إذا كان من المحتمل أن يعرض هذا الرفض حقوق الإنسان الأساسية للضحايا للخطر أو سيكون بمثابة انتهاك للحظر المفروض على تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل الحرب.”[14] ومع ذلك، لا يمنح هذا القيد المفروض على الدول في عدم رفض وصول المساعدات والخدمات الإنسانية على أراضيها الفاعلين الإنسانيين الحرية المطلقة في تنفيذ برامج وتدخلات عديدة لمجرد أنها تصنفها “إنسانية”، خاصة وأن هؤلاء الفاعلين عليهم واجب احترام القانون المحلي بخصوص الدخول إلى إقليم الدولة، وكذلك احترام المتطلبات الأمنية المعمول بها.[15]

ووفقاً للتدخلات المرصودة في هذا التقرير، ومقارنة بالمخالفات والانتهاكات المحتملة على مستوى القوانين الوطنية وأحكام القانون الدولي النافذة مما ورد أعلاه، فإن هذه التدخلات قد ترقى لتكون ادعاءً بالمساعدة الإنسانية للتهرب من الإدانة كتدخل في الشؤون الداخلية للدولة المعنية وفقاً لما استنتجته محكمة العدل الدولية عام 1986.[16]

وحيث أن جميع ما ورد يؤدي إلى مساهمة مباشرة أو غير مباشرة في تحقيق الدعم لجهة فاعلة مسلحة غير حكومية طرف في النزاع، تتجلى ضرورة تفصيل المسؤوليات القانونية عن هذا الأمر وما يرافقه من انتهاكات محتملة.

تتحمل تركيا المسؤولية القانونية عن أعمال الإغاثة والمساعدة الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها كقوة احتلال كما صار مثبتاً في المحافل الدولية،[17] ووفقاً لموجبات تركيا في القانون الدولي.[18]ووفقاً للمعلومات التي رصدها التقرير خاصة لجهة الآليات الرسمية المتبعة في حصول المنظمات الإغاثية على التراخيص القانونية والإجرائية الرسمية، من الواضح أن تركيا – نظرياً – تقوم بما تفرضه عليها المادة 59 (1) من اتفاقية جنيف الرابعة بخصوص تيسير أعمال الإغاثة، ويتجلى ذلك من خلال الموافقة الشفهية للوالي للمجالس المحلية التي أصدرت الموافقات و/أو التراخيص اللازمة للمنظمات المرصودة في هذا التقرير لتنفيذ مشروع البناء. إلا أن هذا الإيفاء النظري بهذا الواجب القانوني مُفرغ من هدفه الإنساني لأن تركيا كدولة احتلال – وفقاً للمعطيات الواردة في التقرير – لا تقوم بالعناية الواجبة لضمان أن هذه المساعدات و/أو الخدمات لا تنحرف عن مبتغاها الإنساني، وهو ما تفرضه المادة 60 من اتفاقية جنيف الرابعة، وهو الأساس الذي على أساسه تقرر الدولة أن توافق على دخول ووصول المساعدات الإنسانية عبر/إلى أراضيها وفقاً للمادة 23 من اتفاقية جنيف الرابعة. ولعل الشرط الأخير في هذه المادة – تقييد حق المرور على الشحنات التي يمكن من خلالها تحقيق ميزة محددة “للعدو” – هو الأكثر أهمية بالنسبة لموجبات دولة الاحتلال والمنظمات التي تضطلع بمهام المساعدة الإنسانية سواء عبر عرض خدماتها أو تكليفها من السلطة المعنية.

إن استفادة مقاتلين في فصيل سمرقند من المباني المخصصة – افتراضاً – للاستجابة لحاجات المدنيين دليل واضح على تحقيق ميزة محددة لطرف في النزاع.

وتتضاعف مسؤولية دولة الاحتلال في هذا السياق تحديداً كونها تمارس سيطرة شاملة على هذا الفصيل وغيره، مما يجعل من الأعمال الإنسانية تنحرف عن شرطها في أن تكون لمصلحة المدنيين، بل أن تكون لمصلحة القوة المحتلة ووكلائها. ولا يمكن عزل هذه “المصالح” عن النمط المستمر من الممارسات التي قد تؤدي بشكل مباشر – من خلال عمليات تهجير السكان الأصليين – وبشكل غير مباشر من خلال محاولة تغيير أو دعم تكوين ديموغرافي متغير للمنطقة عبر دعم إسكان فئات محددة بشكل تمييزي عن مكونات ديموغرافية أخرى، بما يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي.[19] وفي هذا السياق، أكدت محكمة العدل الدولية أن ممارسات قوة الاحتلال المرتبطة بالإنشاءات وما يرافق أو ما سبق ذلك من تدابير تدفع السكان المحليين للخروج من مناطقهم هي ممارسات تميل إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي المحتلة.[20]

وتبرز على الجانب الآخر مسؤولية المنظمات المسؤولة مباشرة أو المنخرطة بشكل ما في هذا المشروع. فعدا عما ورد أعلاه من انتهاكات محتملة من قبل المنظمة القائمة على المشروع مباشرة، تتحمل الجهات المانحة أو الممولة لهذا المشروع مسؤولية قانونية تجاه الانتهاكات التي تقع ضد الدولة وضد المدنيين الذين يفترض أن يكونوا المستفيدين الوحيدين من هذه الأعمال الإنسانية. على تلك الجهات أن تلتزم بموجبات العناية الواجبة قبل تمويل هذه المشاريع خاصة لجهة المستفيد النهائي منها والتحقق من خلفيته وممارساته في ضوء القانون الدولي.


[1]  تُعرف التلّة محلّياً باسم “تلّة كفرصفرة”.

[2] See e.g., Human Rights Council, Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 14 August 2020, A/HRC/45/31, § 67; Human Rights Council, Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 11 March 2021, A/HRC/46/55, § 94; and Human Rights Council, Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 08 February 2022, A/HRC/49/77, § 93.

[3] Human Rights Council, Human rights abuses and international humanitarian law violations in the Syrian Arab Republic, 21 July 2016- 28 February 2017, Conference room paper of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 10 March 2017, A/HRC/34/CRP.3, § 103.

[4] اشترط الشاهد عدم الكشف عن هويته لقاء الإدلاء بشهادته التي تم توثيقها بدايات شهر آب/أغسطس 2022.

[5] من حقهم باعتبارها أراضي مشاع تابعة لقريتهم وهم من يستحقون الاستفادة منها

[6] أنظر قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة ٤٦/١٨٢ عام ١٩٩١، و٥٨/١١٤ عام ٢٠٠٤.

[7] القاعدة ٨٨ من قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي (متوفر عبر الرابط: https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1_rul_rule88)، وكذلك القاعدة ١١٠ عبر الرابط: https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1_rul_rule110

[8] Ruth Abril Stoffels, Legal regulation of humanitarian assistance in armed conflict: Achievements and gaps, IRRC September 2004, Vol. 86, No. 855, 515-546, p. 542.

[9] وهو ما يعتبر أحد قواعد القانون الدولي الإنساني العرفي. أنظر القاعدة ٥٥ من قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي (متوفر عبر الرابط: https://ihl-databases.icrc.org/customary-ihl/ara/docs/v1_rul_rule55).

[10] See ICJ, Case concerning Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), Merits, Judgment, 27 June 1986, ICJ Reports 1986, para. 242.

[11] ICRC, Commentary on Convention IV relative to the Protection of Civilian Persons in Time of War, Commentary of 1958, p. 322. See also Article 23 of Geneva Convention IV.

[12] ICRC, Commentary on Convention IV relative to the Protection of Civilian Persons in Time of War, Commentary of 1958, p. 97.

[13] القاعدة ٥٥ من قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر للقانون الدولي الإنساني العرفي، وهي انعكاس للمادة ١٨(٢) من البروتوكول الإضافي الثاني والمادة ٧٠(١) من البروتوكول الإضافي الأول.

[14] Institute of International Law, Resolution of the Institute of International Law on Humanitarian Assistance, Bruges Session 2003, Art. VIII.1.

[15] البروتوكول الإضافي الأول، المادة ٧١(٤).

[16] ICJ, Case concerning Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), Merits, Judgment, 27 June 1986, ICJ Reports 1986, para. 243.

[17] See e.g., UN General Assembly, Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 14 August 2020, A/HRC/45/31, § 67; UN General Assembly, Report of the Independent International Commission of Inquiry on the Syrian Arab Republic, 08 February 2022, A/HRC/49/77, § 93; and UN News, UN rights chief calls for Turkey to probe violations in northern Syria, 18 September 2020 (Available at: https://news.un.org/en/story/2020/09/1072752).

[18] اتفاقية جنيف الرابعة، المادة ٥٥(١)؛ والبروتوكول الإضافي الأول، المادة ٦٩(١).

[19] U.N. Committee on the Elimination of Racial Discrimination, Decision 2 (47) of August 17 1995, on the situation in Bosnia and Herzegovina, U.N. Doc. A/50/18/1995, para. 26.

[20] Legal Consequences cf the Construction of a Wu11 in the Occupied Palestinian Territory, Advisory Opinion, I. C.J. Reports 2004, p. 136, §122 & 133.

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة