بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الافلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين كشف اتحاد الإعلام الحر ومنظمة حقوق الإنسان في سوريا وبمشاركة صحفيين وحقوقيين مستقلين، خلال مؤتمر بمدينة قامشلو عن الانتهاكات التي ارتكبت بحق الصحفيين في سوريا.
وأدلى بنياد جزيري، مستشار الرئاسة المشتركة لاتحاد الإعلام الحر ببيان للراي العام وجاء فيه: “في هذا اليوم العالمي المصادف 2 تشرين الثاني الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة لأول مرة في 18 كانون الأول 2013 بهدف جذب الانتباه إلى مستوى الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، والذي لا يزال مرتفعاً على مستوى العالم خاصة أثناء النزاعات المسلحة”.
وأكد البيان أن الصحفي أصبح في كثير من الأحيان هدفاً للقوى المتصارعة، بهدف طمس الحقائق والتستّر على الانتهاكات التي تُرتكب أثناء تغطية الأحداث، وهي انتهاكات جسيمة وواسعة النطاق تقع في سياق الاعتداء على الشعوب.
وأوضح البيان: “إننا في هذا اليوم العالمي نقف مع الصحفيين والصحفيات حول العالم، ونحيي شجاعتهم في كشف الحقيقة، ونجدد التزامنا بحرية الصحافة، وندين بشدة استمرار الإفلات من العقاب على الجرائم التي تُرتكب بحقهم.”
وأشار إلى البيانات التي نشرتها اليونسكو بشأن جرائم قتل الصحفيين، والتي أفادت بأنه بين عامي 2006 و2024 قُتل أكثر من 1700 صحفي في مختلف أنحاء العالم، فيما بلغت نسبة الإفلات من العقاب على هذه الجرائم 86%، وهي نسبة مرتفعة بشكل مقلق لما تخلّفه من نتائج سلبية على مبادئ العدالة وقيمها. كما تؤدي إلى ضياع حقوق الضحايا وطمس الحقائق، وتحدّ من حرية التعبير، وتلحق ضرراً بالمجتمعات عبر إخفاء انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان والفساد والجريمة، فضلاً عن تقييد العمل الصحفي الذي يهدف إلى توثيق الحقائق ودعم العدالة بالأدلة والبراهين.
وسلّط البيان الضوء على الوضع في سوريا، موضحاً أن هذا اليوم يأتي في وقت يشهد فيه العالم واحدة من أكبر الأزمات التي جعلت الشعب السوري بأكمله يعاني من صراع مرير تدخلت فيه قوى عديدة، ما أدى إلى تدمير مقدرات البلاد في حرب استنزاف أنهكتها وشوّهت معالمها. كما أشار إلى أن هذه الحرب سعت إلى تقويض السلم الأهلي وسط فوضى وخطاب كراهية طائفي وعرقي يهدد بتمزيق النسيج الوطني ووحدة الأراضي السورية، في أزمة ممتدة منذ 14 عاماً، وسط إفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة واستمرار للفوضى ونزيف الدم.
وأكد البيان أن المخاطر بحق الصحفيين في سوريا تتضاعف نتيجة عملهم في بيئة شديدة التعقيد والتناقضات، وسط نزاع مسلح وانتهاكات مستمرة وتهديدات متكررة من أطراف متعددة. وذلك رغم التغييرات السياسية التي شهدتها البلاد العام الماضي، حيث لا تزال بيئة العمل الصحفي محفوفة بالمخاطر. وقد دفع العديد من الصحفيين السوريين حياتهم ثمناً لنقل الحقيقة، فيما لا تزال حياة آخرين مهددة وسط حملات تشويه وتهديدات متواصلة دفعت بعضهم إلى مغادرة البلاد وطلب اللجوء.
وكشف البيان عن توثيق تصاعد ملحوظ في الانتهاكات خلال عام 2025، شملت القتل والاعتقال والاحتجاز القسري والاعتداءات المباشرة والتوقيف عن العمل والمنع من التغطية. وأشار إلى أن هذه الانتهاكات ارتُكبت في ظل غياب إطار قانوني واضح لحماية الصحفيين، ومع تعدد الجهات المسيطرة.
ولفت البيان إلى تفاقم هشاشة الوضع الإعلامي بشكل ملحوظ، مشيراً إلى توثيقات اتحاد الإعلام الحر لعام 2025 التي رصدت أبرز الانتهاكات بحق الصحفيين والإعلاميين في سوريا بمناطق عدة، والتي شملت القتل والاستهداف المباشر والاعتداءات بغرض الترهيب ومنع توثيق الحقائق.
وجاء في البيان: “تم تسجيل ست حالات قتل لصحفيين سوريين أثناء تغطية الأحداث في البلاد، إضافة إلى صحفيَّين كانا يعملان في وكالة هاوار للأنباء ووكالة فرات للأنباء (ANF)، حيث استُهدفت عربتهما بشكل مباشر بطائرة مسيّرة أثناء عودتهما من تغطية الهجمات على سد تشرين. كما فقد الصحفي شرفان سيدو حياته خلال تغطية الأحداث ذاتها جراء قصف تركي مباشر.”
وبيّن البيان أنه تم توثيق استهداف 9 إعلاميين أثناء تغطيتهم للهجمات التي شنّها الاحتلال التركي والمرتزقة على سد تشرين، ما أسفر عن إصابتهم بجروح متفاوتة. كما تم تسجيل 6 حالات اعتداء وترهيب بحق صحفيين في عدة مناطق سورية، بهدف منعهم من أداء عملهم، وقد نتج عنها إصابات مختلفة. كذلك تم توثيق حالة استهداف مباشر لأربعة صحفيين بالرصاص الحي أثناء تغطيتهم للأحداث في السويداء من قبل مجموعات مسلّحة، من دون أن يسفر ذلك عن إصابات بشرية.
كما تضمن البيان رصد حالات اعتقال تعسفي للصحفيين، حيث تم تسجيل 7 حالات اعتقال في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الانتقالية، إضافة إلى الرقابة المشددة على وسائل الإعلام ومنع التغطية في العديد من الأحداث، إذ تم تسجيل 6 حالات في سوريا. كما وثّق البيان أربع حالات أخرى في أحداث متفرقة بالبلاد، بلغت ذروتها بعد الهجمات التي استهدفت الساحل السوري والسويداء، وما رافقها من تحريض إعلامي خلال الهجمات على حي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب. وأشار البيان أيضاً إلى وجود شبكات إعلامية منظّمة تنتهج نشر خطاب الكراهية بين السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي بأسلوب تحريضي يتسم بتمييز طائفي وعرقي وديني واضح.
وأوضح البيان: “نحن في لجنة تقصّي الحقائق في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، والتي تشكّلت للمرة الأولى عام 2024 في مناطق شمال وشرق سوريا، نهدف إلى متابعة الانتهاكات المرتكبة بحق الصحفيين في سوريا والتحقيق فيها والمطالبة بمحاسبة قانونية. وفي ظل التحديات التي يواجهها الصحفيون أثناء تغطية الأحداث، توجب علينا في هذا اليوم العالمي أن نؤكد من جديد التزامنا بالدفاع عن حرية الصحافة، رغم التهديدات الأمنية التي تعيق العمل الصحفي المهني وغياب الضمانات القانونية في المحاكمات المتعلقة بالجرائم المرتكبة ضد الصحفيين حول العالم. ونؤكد ونجدّد مطالبنا التالية:
ـ تفعيل الإرادة السياسية الشاملة لضمان التنفيذ الفعّال للقرارات الأممية وضمان سلامة الصحفيين.
ـ التأكيد على ضرورة إنشاء آلية مستقلة للرصد والإبلاغ فيما يتعلق بالجرائم والانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب ضد الصحفيين في مناطق النزاعات المسلحة تكون قادرة على التحقيق والمساءلة في كل المناطق دون قيد أو شرط، ودعم الجهات العاملة في هذا المجال لتوفير بيئة اعلامية حرة آمنة تعزز دور الصحافة في بناء العدالة والمصالحة.
ـ التشديد على وجوب احترام دور الصحفيين والمراسلين في مناطق النزاعات المسلحة.
ـ دعم وإصلاح الآليات والهيئات والمحاكم الدولية عن طريق الدفع باتجاه إبرام صك دولي ملزم لحماية الصحفيين.
ـ حث الحكومات والمؤسسات الوطنية على العمل من أجل تعزيز الامتثال لقواعد القانون الدولي الإنساني
ـ التحقيق في كل الانتهاكات الجسيمة التي وقعت بحق الصحفيين السوريين ومحاسبة جميع مرتكبي الجرائم بحقهم عبر آليات قضائية شفافة وطنية ودولية.
ـ إطلاق حملة عالمية مستمرة بهدف تعزيز الوعي بحماية الصحفيين في أوقات النزاعات المسلحة، وتحقيق المساءلة، وإنهاء الإفلات من العقاب.
ـ تعزيز الالتزام بأخلاقيات المهنة ومكافحة خطاب الكراهية والطائفية في الإعلام السوري حفاظاً حيادية العمل الصحفي .
وأكد البيان في ختامه أن حماية الصحفيين تمثل هدفاً أساسياً وحجر الزاوية في بناء مجتمع حرّ وعادل ومستنير. كما أشار إلى أن لجنة تقصّي الحقائق في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، والمؤلَّفة من اتحاد الإعلام الحر ومنظمة حقوق الإنسان في سوريا، إلى جانب مجموعة من الحقوقيين والصحفيين المستقلين، قد أعدّت 7 ملفات سيتم تسليمها إلى الجهات الدولية المعنية بحقوق الصحفيين والصحفيات.
نص البيان:
بيان-بمناسبة-اليوم-العالمي-لإنهاء-الإفلات-من-العقاب- PDF
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd-online.com/?p=79141



