كان فخري البارودي قد شكل تنظيم القمصان الحديدية التابع للكتلة الوطنية؛ على غرار التنظيمات الفاشية التي كانت متثشرة في أوربة في تلك الفترة؛ وكان ينشر هذا التنظيم الرعب في صفوف معارضي الكتلة٠
يذهب البعض الى أن الكتلة الوطنية لم تقم جدياً بمقاومة الحاق أنطاكية وإسكندرون بتركية؛ وذلك لحسابات طائفية؛ أي للتخلص من قسم من المسيحيين و لفصل العلويين في هذه المنطقة عن العلويين في جبل العلويين ٠
وكانت الكتلة الوطنية ترى في المسيحيين و خاصة الكاثوليك منهم كعملاء للفرنسيين؛ وكعقبة أمام مشروعها في الإستئثار بالسلطة في عموم الأقاليم الخاضعة للإنتداب الفرنسي٠
****
نترجم في هذه الحلقة وثيقتين، إحداهما مرسلة في 13 و الثانية في 14 آب عام 1937، من قبل مدير الأمن العام، المفتش العام للشرطة، إلى وزارة الخارجية الفرنسية في باريس.
****
(الوثيقة الأولى)
الأمن العام
بيروت في 13 آب 1937
معلومة رقم 4077
أمن حلب، 11-08-37.
أ/س – اجتماع في المطرانية السريانية الكاثوليكة:
انعقد اجتماع في التاسع من شهر آب عام 1937 في الساعة السابعة عشر، و ذلك في المطرانية السريانية الكاثوليكية، و حضره قساوسة و وجهاء هذه الطائفة.
تم في هذا اللقاء بحث الأحداث الدامية التي حدثت في عاموده (الجزيرة).
أبرق الحاضرون في اليوم نفسه إلى الكاردينال تابوني في بيروت لإعلامه و مطالبته بالتدخل.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
(الوثيقة الثانية)
الأمن العام
بيروت في 14 آب 1937
معلومة رقم 4099
أمن عام القامشليه، 10-08-37.
أ/س – الحركة الانفصالية:(1)
لجنة تحقيق مؤلفة من السادة:
توفيق شامية (2)
قطر غاسي
بهيج بك الخطيب (3)
برتقاليان
الكولونيل كويتو
ادموند رابات
وصلت إلى الحسجة في السادس من شهر آب 1937، و اليوم التالي قدّمَ جميع ممثلي الجزيرة المجتمعين في الحسجة جرداً بكل الأعمال غير العادلة المرتكبة من قبل موظفي الكتلة ( الكتلة الوطنية –المترجم)، و التي قد سوغت الانتفاضة في المنطقة. و قدموا بعد ذلك كتابياَ مطالب الجزيرة التي تتكون من:
1ً- الحكم الذاتي للجزيرة.
2ً- تعيين حاكم فرنسي.
3ً- الاحتفاظ بالقوات الفرنسية بعد رفع الانتداب.
4ً- حماية عصبة الأمم.
يقال بأن اللجنة ستزور المنطقة كلها، و هي لا تزال في الحسجة حتى اليوم.
وصل اليوم الكولونيل كويتو لوحده إلى القامشلية. وعاد إلى الحسجة بعد ساعة من التوقف.
خاتم و توقيع
مدير الأمن العام
المفتش العام لشرطة دول المشرق الخاضعة للانتداب الفرنسي
****
****
ملاحظات المترجم:
(1)- كانت تسمي السلطات الفرنسية التيارات الشعبية المنادية بالحكم الذاتي في مختلف المناطق الخاضعة لانتدابها بالحركات الانفصالية، و ذلك للدلالة على ما كانت تصبو إليه تلك الحركات في عدم الخضوع المباشر للسلطات المركزية في دمشق. و كان يتم استخدام مصطلحي الوطني و الوطنيين للدلالة على أعضاء و حلفاء الكتلة الوطنية التي كانت تسعى لمد نفوذها على جميع المناطق السورية الخاضعة للانتداب الفرنسي.
(2) –
توفيق شامية هو من عائلة شامية أرثودوكسية، كان من أعضاء مجلس إدارة حزب الشعب الذي تأسس في عام ١٩٢٥ بزعامة عبد الرحمن الشهبندر٠ سمح له إنضمامه الى الكتلة الوطنية أن يحصل على الكثير من المناصب؛ فشغل منصب محافظ في الحسجة ودير الزور؛ وكان وزيراً للمالية في عام ١٩٣١
(3) -استلم بهيج بك الخطيب الحكم في ظل اجواء من التحضيرات للحرب العالمية الثانية، كما حكم بسلطة تنفيذية وتشرعية من الفترة 1939 م إلى 1941 م كرئيس للدولة وكرئيس لمجلس مؤلف من مُديري الوزارات .
يتبع
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=21233