نطالب بفك العزلة الأيديولوجية عن القضية الكردية في غرب كردستان

د. سربست نبي

المنظومة القائمة في غرب كردستان، بأحزابها وتنظيماتها ومؤسساتها ومشاريعها، مارست كلَّ شيء طوال هذه السنوات الأخيرة، إلّا السياسة. مارست المقاومةَ بشجاعةٍ وتفانٍ ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه مارست الأيديولوجيا بترفٍ وإفراط، وبموازاة ذلك اعتقدت أنّ الشعارات الأيديولوجية وحدها كفيلةٌ بتغيير العالم وصناعة التاريخ. ولهذا فشلت في إقناع العالم ومراكز القرار العالمي بجدوى مشاريعها، وبأنها بديلٌ محتمل لنظام بشار الأسد أو خيارٌ عمليٌّ لمستقبل سوريا. ومن هنا سارعت مراكز القرار السياسي والأمني إلى الاستعانة بالبديل الأبعد عن التوقّع، والمصنَّف إرهابياً على المستوى العالمي، لأنّ الأخير كان الأكثر براغماتية وقدرةً على التخلّي عن شعاراته العقائدية دون أيّ تأنيب ضمير أو قلقٍ في إيمانه الديني، وفي الوقت نفسه الأكثرَ قدرةً على قراءة المطالب السياسية الدولية، دون تسويفٍ أو تنازل.

منذ سنوات عديدة نصرخ في وجوهكم، نستجدي سمعكم دون جدوى ، ونقول: انظروا إلى ذرائعية جبهة النصرة التي تخلّت بسهولةٍ عن مرجعيتها المقدّسة لأجل أهدافها السياسية المباشرة. راقبوها، واعتبروا من تحوّلاتها. أنتم ـ المصنَّفين كحركاتٍ علمانيةٍ وديمقراطيةٍ ـ عاجزون عن أن تكونوا براغماتيين وتتخلَّصوا من مرجعياتكم الأيديولوجية، التي لا تقلّ قداسةً عن لاهوت الحركات الدينية.

حتى يومنا هذا ما زلتم عاجزين عن فهم السياسة وممارستها وفق منطقها العملي. أنتم مجرّدُ أساتذةٍ كبار في اختراع الشعارات الأيديولوجية الفاشلة، وغير الصالحة تاريخياً، وممارستها على نحوٍ كاريكاتوري. و لهذا تجدون اليوم الإرهابي، الذي كان مطلوباً رأسه بثمن باهظ حتى قبل أقل من عام، داخل أروقة البيت الأبيض، بينما عيونكم ترنو إلى المشهد وأفواهكم شاغرة من الحيرة والدهشة، دون أن تجدوا تفسيراً لبانوراما التحولات هذه.. عودوا لترسانة شعاراتكم الأيديولوجية الصدئة، لكن يقيناً لن تسعفكم في شيء. كلما أتذكر شعار( تحالف النساء والشعوب)!! ألعن حظي على هذا القدر.

 

المصدر: https://t.me/sarbastnabi2024/18264

Scroll to Top