مع إعلان اسم “النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سوريا “في الاجتماع رميلان قبل نهاية 2016 ، و الذي حضره أكثر 150 شخصية تمثل مختلف المكونات و القوى السياسية السورية من الكورد و العرب و السريان و تركمان .ظهر ردود أفعال مختلفة من الكورد و غير الكورد حول هذه الخطوة ، و الذي تركز بشكل خصوصي حول إزالة اسم “روجافا” من اسم النظام المعلن .
العديد من القوى السياسية و الشخصيات الكردية المقربة من الإدارة الذاتية عبرت عن قلقها من إزالة اسم روجافا من اسم النظام الفيدرالي المعلن ، وكأنه نوع من التنازل عن المبادىء و القيم .
أما القوى و الشخصيات الكردية المعروفة بمعارضتها لكل خطوات الإدارة الذاتية ، و الذين كانوا حتى الأمس القريب يستهزؤن بمفردة و كلمة “ROJAVA ” و يعتبرونها كلمة لا معنى لها ، بل إن البعض كان يعتبرها من كلمات التي فرضها النظام السوري على الإدارة الذاتية ، أصبحوا الآن من أشد المدافعين عن هذه الكلمة .و أعتبروا أن إزالة كلمة روجافا من اسم النظام الاتحادي خيانة و استهزاء بدماء الشهداء.
أما القوى و الشخصيات التي تعتبر نفسها من المعارضة و المرتبطة بأجندات خارجية و إقليمية فاعتبرت التغير هو ثمرة لقاءات الحميميم بين الكورد و روسيا ، بل هو تكتيكي من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD من أجل السماح له بالمشاركة في محادثات أستانة التي تجري برعاية روسية و تركية .
و لكن ما هو الأسباب الحقيقية وراء التغير ؟
أولا-غربي كوردستان أو روجافاي كوردستان هو حقيقة تاريخية لا يمكن لأي قوة سياسية إنكارها .و هو اسم يشير إلى جزء من كوردستان المنقسمة و الخاضعة بنتيجة الاتفاقيات الدولية و بشكل خصوصي اتفاقية سايكس -بيكو . و يحق للكورد أن يقرروا مصيرهم بانفسهم مثل كافة الشعوب الأخرى .
و ليس هناك اي نية للكورد بتأسيس كيانات معادية لتطلعات اي شعب ، بل إن الكورد لا يسعون ألا إلى تحقيق طموحاتهم في الحرية و التحرير و تقرير مصيرهم دون أي تدخل خارجي و بالعيش في سلام مع كافة الشعوب و الأمم المجاورة لهم .
ثانيا- مشروع الفيدرالية هو استكمالا لعدة مشاريع بدأت مع انطلاق الثورة و الحراك الشعبي في مناطق روجافا ، ففي أوسط عام 2013 كان هناك مشروع تشكيل الإدارة المرحلية المشتركة و التي تم تغيرها و تطويرها مع نهاية 2013 لتصبح في 21 كانون الثاني من عام 2014 و بشكل رسمي “الإدارة الذاتية الديمقراطية ” في ثلاثة مقاطعات هي الجزيرة و كوباني و عفرين. و في 27 آذار من نفس العام أعلن عن تشكيل منسقية عام للمقاطعات الثلاثة ، و هذه المشاريع و التجارب لم تحمل وقتها اي صبغة قوموية و عنصرية .بل كانت الادارات بمجمل وثائقها و قوانينها و عقدها الاجتماعي، تعبر عن رؤية ديمقراطية تدعو إلى الشراكة الحقيقية بين كافة المكونات العرقية و الديانات و المذاهب على قاعدة المساواة و العدالة و عدم التفرقة .
ثالثا – رغم أن الإدارة الذاتية الديمقراطية في المقاطعات الثلاث كانت بمبادرة من قوى و فعاليات كوردية تؤمن بالحل الديمقراطي و العيش المشترك. ألا إن مشاركة أغلب المكونات في روجافا أكد أن المشروع هو مشروع ديمقراطي و غير قوموي يهدف إلى التغير ،عبر مشاركة كل المكونات و القوى السياسية الكردية و الغير الكوردية ، و دون إقصاء أي مكون أو أي قوة تؤمن بالعيش المشترك . و رغم أن الكورد كانوا يمتلكون القوة العسكرية و السياسية و لكنهم لم يسعوا إلى تأسيس اي كيانات قوموية تعادي المكونات الأخرى ، بل كان سعيهم هو تحقيق الحل الديمقراطي ليس كتكتيك أو ضعف أو مراوغة كما يصفها البعض من العنصريين ، بل هو إيمان و قناعة نابعة من فكر و نهج يؤمن بالعيش المشترك و الأخوة بين الشعوب على قاعدة الحرية و المساواة .
رابعا – ليس هناك في إعلان “النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سوريا ” أي تنازل عن حقوق الكورد .فالوثيقة السياسية الصادرة عن اجتماع رميلان و كذلك العقد الاجتماعي لنظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سوريا تؤكد حقيقة روجافا بشكل واضح . و يتمتع الشعب الكردي مثل كافة الشعوب و المكونات الأخرى بكامل حقوقه دون أي نقصان . ما يجب التركيز عليه هو مضمون الوثيقة السياسية و العقد الاجتماعي التي هي تمثل وثائق تؤكد على الحقوق و إدارة كل مكون لنفسه بطريقة ديمقراطية ، و الاعتراف بهوية القومية لشعب الكردي دستوريا و كافة المكونات السورية الأخرى.
خامسا – النظام الاتحادي الديمقراطي لشمال سوريا ” هو مشروع لا يشمل روجافا فقط ، و هو و أن كان اسمه شمال سوريا فهو يخص سوريا ككل و ليس منطقة واحدة بعينها .و هو نظام ديمقراطي بديل عن كافة المشاريع و الأنظمة القوموية و الإسلامية المتطرفة .و هو في مرحلته الحالية ستضم مناطق روجافا ، بالإضافة إلى مناطق أخرى من المحافظات الشمالية ، و هي قد تتوسع مع الأيام ، و حسب ما ينجزه قوات سوريا الديمقراطية من تحرير مناطق جديدة ،و قد تكون مستقبلا مدينة الرقة و ديرالزور جزء من هذه الفيدرالية المعلنة .
فأهداف المشروع تأسيس نظام ديمقراطي فيدرالي لكافة مناطق سوريا .و هو ليس مشروع تقسيمي كما يحاول البعض وصفه ، بل هو المشروع الذي يمنع التقسيم و يسعى إلى تحقيق الحرية لكل المكونات عبر تأسيس إدارات ذاتية تمثل كافة المكونات دون إقصاء احد.
و أخيرا قد يكون الإعلان و التأسيس فهي نواقص و أخطاء و بعض الهفوات، و قد نكون نحن الكورد مرتبطين بإسم كوردستان و روجافا ، و نعتبرها أرضنا و وطننا .و لكن المشروع الديمقراطي الحقيقي سيحافظ على حقوقنا ككورد و سيحافظ على حقوق كافة المكونات الأخرى و سيعيد الحقوق لأصحابها .
نزعتتا القومية يجب أن لا تجعلنا، سببا في اندلاع حروب إهلية اخرى قد نكون نحن و كل المكونات الاخرى ضحاياها و سببا في خسارتنا و خسارة كل المكونات الأخرى للعيش المشترك . هذا المشروع هو يفيد الكورد كما يفيد كل المكونات الأخرى . و ليس مهما التسميات بقدر أهمية المضامين ،و بقدر قابلية المشروع لأحداث التغير الديمقراطي الحقيقي .

 

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية