هل الكرد سوريين بالأصالة أم المواطنة؟!
بير رستم
هناك مقولة يرددها البعض بخصوص التاريخ والوجود الكردي بالمنطقة، ونقصد روژآڤا أو ما يعرف بالشمال السوري؛ بأنه وجود حديث جاء مع “هجرة الكرد من تركيا مع اندلاع ثورة الشيخ سعيد عام ١٩٢٥”، بل علق أحد الإخوة العراقيين -وأعتقد بأنه من المكون التركماني- على بوستي السابق قائلاً؛ بأن “الأكراد سوريين بالمواطنة وليس الأصالة”، بمعنى أن الكرد هجروا من تركيا لسوريا وتم توطينهم فيها، فكيف تطالبون بإقليم فيدرالي وأنتم أساساً مهاجرون ولستم الأصلاء من سكان هذه المناطق التي تدعون بأنها مناطق كردية وكردستانية؟!
بالمناسبة هذه المقولات يرددها الكثيرين من الأخوة العرب والسريان والتركمان وغيرهم من مكونات سوريا، منهم من يرددها نتيجة جهل بالحقائق التاريخية وهناك من يفبركها ويروّجها على الإعلام بقرار وتحريض وتمويل من أجهزة الاستخبارات لهذه الدول الغاصبة لكردستان.. ولكي لا ندخل في باب المهاترات سنحاول تقديم الجواب لهؤلاء لربما نساهم في رفع الغشاوة عن أعين البعض مع أن الكثيرين لن يتقبلوها وذلك لدوافع عنصرية شوفينية، لكن لا يضر بأن نكشف زيف تلك الإدعاءات السابقة لعل البعض يرتدع عن ترديد تلك الفبركات والأكاذيب التي يدحضها الواقع على ألأرض.
بدايةً نقول لأولئك الذين يروجون لتلك المقولات؛ دعونا نصارح بعضنا؛ بأن كل طرف منا يحاول أن يشد اللحاف لجانبه، كما يقول مثلنا الشعبي، بحيث ينكر على الآخر وجوده التاريخي مع أن الواقع يدحض الكثير من الأقاويل، كما أسلفنا؛ فمثلاً عفرين، والتي أنا أحد أبنائها، كانت قبل الاحتلال التركي الإخواني الميليشاوي، أي قبل عام ٢٠١٨ كردية خالصة مع نسبة لا تتجاوز بين ٣٪ إلى ٥٪ من الإخوة العرب، وقد جاؤوا إليها على دفعتين؛ الأولى عندما استولت تركيا على لواء إسكندرون فنزحت عدد من العوائل العربية منها واستقرت في عفرين وأغلب تلك العوائل تكردت؛ أصبحوا كرداً!
أما الأغلبية الأخرى من المكون العربي، فقد جلبهم النظام البعثي الأمني العروبي البعثي الأسدي تحت مسمى مشروع “الحزام العربي” وسلب الأراضي من الإقطاعيين الكرد ووزع على تلك العشائر والعوائل العربية التي جلبت للمنطقة بهدف التغيير الديموغرافي من جانب ومن جانب آخر لكي يكونوا عيون وعملاء ومخبرين لأجهزة الاستخبارات السورية، طبعاً ليس كلهم فهناك من الشرفاء الذين رفضوا أن يكونوا مخبرين، لكن كان هناك الكثيرين الذين يقومون بذاك الدور وللأسف.
وبالتالي كل الإدعاءات عن أن الكرد هاجروا لهذه المناطق هي ادعاءات لتشويه الحقيقة، مع أن الواقع على الأرض يكذبهم ويكفي أنه يؤكد على الوجود الأصيل للكرد حيث ببساطة يمكننا السؤال؛ أين شعوبها الأصيلة إذا كان الكرد جاؤوا إليها مهاجرين، فأين ذهبت شعوبها التي كانت في تلك المناطق، فهل تم إبادتهم من قبل الكرد وأنتم تقولون؛ بأن الكرد هربوا من الاعتداءات التركية بعد عدد من الثورات وبالأخص ثورة شيخ سعيد بيران عام ١٩٢٥ فكيف لشعب ضعيف يهرب من ظلم دولة مثل تركيا أن تهجر شعب آخر من مناطقه إن كان هناك فعلأ شعب آخر وإن كانوا الكرد جاؤوا إليها مهاجرين أساساً!
ولكن دعونا نوضح لكم الحقيقة الساطعة والتي يريد الشوفينيين إخفاءها والتغطية عليها من خلال فبركة عدد من الأكاذيب التاريخية والحقيقية والتي هي ببساطة كالتالي؛ أن المناطق الكردية في سوريا هي عبارة عن شريط حدودي لتخوم حدود جغرافية كردستان مع هذه الشعوب الأخرى في المنطقة وبالتالي خضعت أو شهدت العديد من التداخل نتيجة الحروب مرات بين تلك الأمم ودولها وممالكها بحيث امتدّت كل أمة إلى الجانب الآخر بحسب قوة الدولة والمملكة حينذاك، كما أن الشعوب في تلك المرحلة ومنها الشعب الكردي كان يعتمد الحياة الرعوية في المعيشة وكانت القبائل ترتحل بين السهول والجبال بحسب المواسم السنوية. وهكذا كانت تلك القبائل تسكن السهول في الشتاء، بينما تنتقل في الربيع والصيف للجبال والجزيرة السورية وباقي المناطق الكردية المتاخمة لحدود الأمم الأخرى شهدت الكثير من هذه الحركة والتداخل والتمازج السكاني.
باختصار نقول؛ بأن الكرد لم يهاجروا من مناطق أخرى لهذه الجغرافيا، بل هم سكانها الأصليين حيث وكما قلنا سابقاً؛ بأن الواقع على الأرض في يومنا يشهد بأن هذه المناطق كردية وإلا كانت هناك شعوب أخرى تم تهجيرها منها ليسكنها الكرد وهذه لا تتوافق مع الواقع، كون المقولة العنصرية تدعي أن الكرد نتيجة الاعتداءات التركية عام ١٩٢٥م هربوا من ظلم الأتراك وجاؤوا سكنوا هذه الجغرافيا، يعني كيف شعب مهزوم ضعيف استطاع أن يأتي ويستولي على كل هذه الجغرافيا الممتدة على الشريط الشمالي السوري ويطرد منها سكانها الأصليين، سؤال يجب أن يطرحها العنصريين على أنفسهم، أصحاب مقولة؛ أن الكرد مهاجرين وليسوا أصلاء في هذه المناطق.
بالمناسبة الكرد أقدم شعوب هذه الجغرافيا والآخرين جاؤوا بعدهم إليها وآخرهم الأتراك.. ولذلك كفوا عن ترديد كل هذه الفبركات عن هجرة الكرد حيث التاريخ والواقع يكذب كل تلك المقولات المفبركة في دوائر استخبارات دولكم الغاصبة لكردستان وبالتالي إن كان هناك من أصيل في هذه الجغرافيا؛ فهم الكرد وليس الآخرين.. و أخيراً نقول لمن يردد على مسامعنا؛ بأننا “دخلاء في سوريا ولسنا أصلاء”، بأن معكم كل الحق، كوننا كرد أصلاء في جغرافيتنا كردستان والتي تحتل سوريا جزء منها وبالتالي فإن أصالتنا هي على أرضنا وأصبحنا دخلاء على سوريا عندما أرادت الدول الاستعمارية رسم خرائط دولكم على حساب جغرافيتنا وسنصبح أصلاء في سوريا عندما نصبح شركاء في الوطن.
بعبارة واحدة؛ نحن أصلاء في جغرافيتنا؛ كردستان، ولكن دخلاء في كياناتكم الغاصبة، طبعاً دخلاء غصباً عنا، وليس أمامنا إلا شراكة وطنية بين أقاليمنا وحينها نصبح كلنا أصلاء، أو الذهاب للخيار الآخر؛ ألا وهو حرية واستقلال بلادنا وشعوبنا ليصبح كل منا أصيلاً على أرضه وبين شعبه، وبالتالي طرح السؤال؛ بأن الكرد سوريين بالمواطنة أم الأصالة هو فاسد بالأساس، كون الكردي أصيل في جغرافيته وسوريا كيان غاصب، مثل الكيانات الأخرى ولتصحيح الوضع هناك أحد الخيارين الذين أشرنا إليهما؛ إما شراكة تامة حقيقية بالمواطنة وتكون الأصالة حينها متزاوجة مع المواطنة أو الاستقلال ويمارس كل منا أصالته في جغرافيته.. مؤسف أن يأتي من يستولي على أرضك وبيتك وبعدها يدعي؛ بأنك غريب عن الديار والبلاد!!
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=62264