يا أخي درزي.. إعدام ميداني على خلفية طائفية في ريف السويداء جنوبي سوريا

أقدمت عناصر من “وزارة الدفاع” و”الأمن العام” التابعين للحكومة السورية، بمساندة مسلحين من أبناء العشائر ، على تنفيذ إعدام ميداني في بلدة الثعلة بريف السويداء، بحق المدني منير الرجمة (أبو وئام)، الذي يعمل حارساً لبئر مياه في المنطقة، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وبحسب شريط مصور حصل المرصد السوري على نسخة منه، فإن الرجمة أوقف من قبل المجموعة المسلحة عند مدرسة محمد صالح نصر، وتم استجوابه عن طائفته فبعد استجوابه عن دينه ليرد الرجمة أنه سوري (المسلحون: إيش يعني سوري.. مسلم أو درزي.. ليجب الرجمة يا أخي درزي)، ولدى معرفتهم بأنه من أبناء الطائفة الدرزية، جرى إعدامه ميدانياً دون محاكمة أو توجيه تهمة.

الحادثة أثارت موجة من الغضب والاستنكار بين أهالي المنطقة، الذين اعتبروا أن ما جرى يمثل جريمة قتل بدوافع طائفية، مطالبين بمحاسبة المسؤولين عنها، وبتدخل فوري لوقف الانتهاكات التي تطال المدنيين في ريف السويداء.

إلى ذلك قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنه يواصل توثيقاته لليوم الحادي عشر على التوالي، بشأن ضحايا الاشتباكات العنيفة التي اندلعت على مدى سبعة أيام بين مسلحين من أبناء الطائفة الدرزية من جهة، وعناصر من وزارتي الدفاع والداخلية وعشائر البدو من جهة أخرى، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، بالإضافة إلى ضحايا من المدنيين، وانتهاكات وعمليات إعدام ميدانية.

وفي هذا السياق، ارتفعت حصيلة القتلى منذ صباح الأحد 13 تموز، نتيجة الاشتباكات وعمليات الإعدام الميداني والقصف
الإسرائيلي، إلى 1339 قتيلاً، موزعين على النحو التالي:

-657 من أبناء محافظة السويداء، بينهم 124 مدنيين، منهم 10 أطفال و24 سيدة

-464 من عناصر وزارة الدفاع والأمن العام، بينهم 40 من أبناء العشائر البدوية ومسلح لبناني الجنسية

-15 من عناصر وزارتي الدفاع والداخلية قتلوا جراء الغارات الإسرائيلية

-3 أشخاص، بينهم سيدة واثنان مجهولو الهوية، قتلوا جراء قصف الطيران الإسرائيلي مبنى وزارة الدفاع

-إعلامي واحد قتل خلال الاشتباكات في السويداء

-196 شخصا، بينهم 30 امرأة و8 أطفال ورجل مسن، أعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية

-3 من أبناء عشائر البدو، بينهم سيدة وطفل، أعدموا ميدانيا على يد المسلحين الدروز

وأشار المرصد إلى أن هذه الحصيلة غير نهائية نظراً لوجود جثث مجهولة ومفقودين في حين تتواصل عمليات التوثيق والتحقق.

ويسود الهدوء مختلف مناطق التماس منذ 21 تموز، مع تسجيل خروقات محدودة منذ التوصل إلى اتفاق يتضمن وقفا لإطلاق النار بضمانة أميركية، ودخوله حيز التنفيذ، ترافقت مع تهديدات بإبقاء سوريا على لائحة الدول الراعية للإرهاب في حال الإخلال ببنود الاتفاق.

إلى ذلك حذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من تصريحات المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك وقال في بيان إنها تفتح الباب أمام مجازر جديدة بحق مكونات سورية أخرى مطالبا أن يكون دوره وسيطاً لا محامي دفاع عن سلطة مؤقتة.

وجاء في البيان:

يعرب المرصد السوري لحقوق الإنسان عن رفضه الشديد واستنكاره لتصريحات المبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، التي أدلى بها مؤخراً وبرّأ فيها عناصر في وزارة الدفاع السورية من الانتهاكات الدامية التي شهدتها مدينة السويداء، وذهب إلى حد القول أن منفذي الجرائم قد يكونون عناصر من تنظيم “داعش” متنكرين بزي القوات الحكومية.
ويعتبر المرصد هذه التصريحات، تفتقر إلى الحد الأدنى من الموضوعية والحيادية، ولا تمثل فقط انحرافاً خطيراً في دور المبعوث الدولي الذي يفترض أن يكون وسيطاً بين السوريين لبناء السلام والاستقرار، بل تفتح الباب واسعاً أمام ارتكاب مجازر جديدة بحق مكونات سورية أخرى، على غرار ما جرى بحق الدروز والعلويين في السويداء ومناطق أخرى.

ويؤكد المرصد امتلاك أدلة موثقة، تشمل مقاطع مصوّرة وشهادات ميدانية موثوقة، تؤكد أن الانتهاكات البشعة من إعدام مدنيين ميدانياً، ورمي شبان من الطوابق العليا، وصولاً إلى قتل المواطن الأميركي من أصل سوري بدوافع طائفية، جرت يوم دخول عناصر من وزارة الدفاع السورية إلى مدينة السويداء.
ويضيف المرصد أن المبررات التي ساقها السيد باراك، والتشكيك في مصداقية التسجيلات المصورة، ليست سوى محاولة للتغطية على الجناة الحقيقيين، وتبعث برسالة خاطئة مفادها أن هناك حصانة لمن يرتكب الجرائم تحت مظلة السلطة.
ويأتي ذلك في وقت أكد فيه مسؤول أمريكي لقناة CNN أن مقتل المواطن الأميركي في السويداء جرى بدافع طائفي، مشيرًا إلى أن الجناة رفعوا راية “الله أكبر” أثناء تنفيذ الجريمة. فكيف يمكن تجاهل هذه المعطيات الصريحة؟ وما الهدف من تلاعب السيد باراك بالوقائع وإطلاق نتائج أولية قبل إجراء تحقيق دولي مستقل؟ يتساءل المرصد

ويشير المرصد أن موقف المبعوث الأمريكي يضاعف من خطورة الأوضاع في البلاد ويفاقم الأزمات خاصة في ظل وجود وسائل إعلام مارست تضليلاً ممنهجاً في التعاطي مع المجازر التي طالت العلويين والدروز، وتعمّدت التعتيم على الانتهاكات بهدف الحفاظ على دعمها السياسي للسلطة المؤقتة، وهو أمر غير أخلاقي ويستحق الإدانة، فضلاً عن كونه يفقد تلك الوسائل مصداقيتها وحياديتها.

ويطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان السيد توماس باراك:

-بالكف عن لعب دور “محامي الدفاع” عن سلطة مؤقتة فشلت في حماية السوريين، بل وتورط إعلامها ورموزه في تغذية الصراع الطائفي والمناطقي.
-العودة إلى مهمته الأصلية كمبعوث دولي، يسعى إلى جمع السوريين لا تفريقهم، وبناء مصالحات حقيقية لا اصطفافات سياسية.
-عدم المشاركة، من خلال تصريحاته، في هندسة التفرقة، وتبرير الجرائم التي قد تُرتكب مستقبلاً تحت الغطاء ذاته.
-فتح تحقيق دولي مستقل في مجازر الساحل السوري والسويداء تشرف عليه لجان دولية مختصة في جرائم الإبادة والتطهير العرقي والطائفي.

ختاماً، يؤكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن التهاون في تحميل المسؤولية للجناة الحقيقيين، والتبرير المتكرر للجرائم الطائفية والسياسية، سيؤدي إلى مزيد من الانقسام الدموي في سوريا، ويُفقد الشعب السوري أي أمل حقيقي في العدالة والمحاسبة والمصالحة.

العدالة لا تُبنى على التبريرات، بل على الحقيقة. وعلى المجتمع الدولي أن يختار: حماية المدنيين أم التواطؤ مع الجلادين.

 

Scroll to Top