تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019.
تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد رصد ووثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر السادس من العام 2022.
حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الشهر الفائت 7 قتلى وفقاً لتوثيقات المرصد السوري، توزعوا على النحو التالي:
– 4 مدنيين، هم 3 بقصف بري طال مناطق في مدينة تل أبيض، و1 بجريمة قتل على يد سارقين في مدينة رأس العين (سري كانييه).
– 3 عسكريين، 2 قتلا باشتباكات فصائلية في قرية تل ذياب بريف رأس العين/سري كانييه، و1 بقصف بري على مدينة تل أبيض.
في حين لم تشهد مناطق نبع السلام خلال شهر حزيران أي تفجير، لكنها شهدت 2 من الاقتتالات والتناحرات الفصائلية أدت لمقتل عسكريين اثنين، بالإضافة لإصابة 5 منهم بجراح متفاوتة.
الاقتتال الأول كان بتاريخ 15 حزيران، حين شهدت منطقة رأس العين (سري كانييه) بريف الحسكة، اقتتالاً مسلحاً بين فصيل أحرار الشرقية من طرف وفصيل “فرقة الحمزة” من طرف آخر، بسبب خلافات بين الطرفين على الاستيلاء على منازل الأهالي لتسلميه لعنصر من فرقة الحمزة، وعلى خلفية هذا الاقتتال أصيب اثنين من فرقة الحمزة بجراح باستهدافهم بالرصاص في اليوم الذي تلا الاقتتال من قبل مسلحين مجهولين في رأس العين.
أما الاقتتال الثاني، فكان بتاريخ 18 حزيران، حيث شهدت قرية تل ذياب بريف رأس العين اقتتالاً عنيفاً بين فصيل “أحرار الشرقية” من جهة و”الفرقة 20″ وفصيل “فرقة الحمزة” من جهة أخرى، استخدم خلال الاقتتال أسلحة ثقيلة وقذائف RPG، وتسبب الاقتتال العنيف بنزوح الأهالي من من قرية تل ذياب بشكل كامل، وتسببت الاشتباكات بمقتل عنصرين وإصابة 3 آخرين بجروح خطيرة كما استولى عناصر “الحمزة” على مقرات ونقاط لفصيل “الشرقية”.
في حين أجرت القوات التركية وفصائل من مختلف تشكيلات “الجيش الوطني” الموالية لها، بتاريخ 4 حزيران مناورات عسكرية في منطق رأس العين/سري كانيه، شمال غربي محافظة الحسكة على الحدود التركية – السورية
يأتي ذلك في ظل الحديث الإعلامي التركي عن عملية عسكرية مرتقبة تستهدف مناطق شمال شرقي سوريا.
وفي 18 حزيران، عمدت فصائل موالية لأنقرة وبحضور ضباط أتراك إلى إجراء تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية بريف رأس العين/ سري كانيه الشرقي بريف الحسكة، ضمن منطقة “نبع السلام” بالقرب من خطوط التماس من مناطق سيطرة قسد وقوات النظام غرب أبو راسين، كما وصل في ذات اليوم وزير الداخلية التركية”سليمان صويلو” إلى مدينة تل أبيض شمالي الرقة، في جولة تفقدية على المستوطنات التي يجري إنشائها من قِبل المنظمات التركية في المنطقة تحت ذريعة “إنشاء منطقة آمنة للسوريين”.
على صعيد آخر، شهد 27 حزيران، مظاهرة لأصباح محال تجارية في مدينة رأس العين أمام”المجلس المحلي” التابع لتركيا بعد أن أضربوا عن العمل و أغلقوا محالهم التجارية احتجاجا على سرقة محل تجاري وسط سوق المدينة من قبل عناصر بفصيل “فرقة الحمزة” التابع لـ “الجيش الوطني” ونتيجة التجاوزات من قبل عناصر الفصائل بحق أصحاب المحلات، الذين يفرضون إتاوات عليهم بقوة السلاح ناهيك عن أخذ العناصر البضائع من بعض المحلات عنوتاً دون دفع الأموال.
وفي 28 حزيران أغلقت لجنة الصحة برفقة الشرطة المدنية صباح اليوم، بعض الصيدليات وصادرت كميات من الأدوية في مدينة رأس العين “سري كانييه” ضمن مناطق عملية “نبع السلام” بريف الحسكة.
وفي سياق ذلك، حصل خلاف بين أصحاب الصيدليات من جهة، ولجنة الصحة التابعة للمجلس المحلي والشرطة المدنية من جهة أخرى، فيما أطلق عناصر الأخيرة النار، لإنهاء الخلاف.
وأفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن لجنة الصحة التابعة للمجلس المحلي في رأس العين، منحت أصحاب الصيدليات مهلة زمنية لاستخراج تراخيص وشهادات صادرة عن المجلس المحلي، دون أن يتجاوب بعض الصيادلة، ما أدى إلى تزايد الاحتقان.
كما تدخل عناصر من فصيل صقور الشمال واطلقوا الرصاص الحي في الهواء لإنهاء الخلاف وإيقاف عمل لجنة الصحة إلى حين حل الخلاف بين الطرفين.
وكانت قد صادرت لجنة الصحة كميات كبيرة من الأدوية في الأسبوع المنصرم وقامت بحرق البعض منها إعلاميا وإعادة قسم من المصادرات لأصحابها بعد دفع رشاوى للجنة.
وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.
المصدر: المرصد السوري لحقوق الإنسان