أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن الاثنين أن الولايات المتحدة قتلت أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة وأحد أهم المطلوبين في العالم الذي يشتبه بكونه العقل المدبر وراء هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001.
وقال بايدن في خطاب تلفزيوني إنه أعطى الضوء الأخضر للغارة عالية الدقة التي استهدفت الظواهري بنجاح في العاصمة الأفغانية خلال نهاية الأسبوع.
وأضاف بايدن “العدالة تحققت وتم القضاء على هذا الزعيم الإرهابي”، مضيفا أنه يأمل بأن يساعد مقتل الظواهري عائلات ضحايا هجمات 11 أيلول/سبتمبر على “طي الصفحة”.
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، إن الظواهري كان مختبئا منذ سنوات، مضيفا أن عملية تحديد مكانه وقتله كانت نتيجة عمل “دقيق ودؤوب” لمجتمع مكافحة الإرهاب والمخابرات، وفقا لـ”رويترز”.
وأكد مسؤول أميركي آخر، أن العملية تمت عبر طائرة دون طيار تابعة للمخابرات المركزية الأميركية، مشيرا إلى أن العملية تضمنت تعقبه “عبر أسرته”، وفقا لصحيفة “بولتيكو”.
ووقعت العملية في الساعة 6:18، من صباح الأحد، بالتوقيت المحلي في كابول بينما كان زعيم القاعدة يقف على شرفة منزله.
وهذا العام، حدد المسؤولون أن عائلة الظواهري، زوجته وابنته وأطفالها، انتقلوا إلى منزل آمن في كابل قبل أن يحددوا أن الظواهري في المكان نفسه.
وقال المسؤول الأمريكي الذي نقلت عنه “بولتيكو”: “حددنا هذا العام أن عائلة الظواهري، انتقلت إلى منزل آمن في كابل”، مضيفا “ثم حددنا الظواهري في الموقع نفسه من خلال طبقات متعددة من الاستخبارات”.
وعلى مدى عدة أشهر، ازدادت ثقة مسؤولي المخابرات في أنهم حددوا هوية الظواهري بشكل صحيح في المنزل الآمن في كابل.
وفي أوائل أبريل، بدأوا في إطلاع كبار مسؤولي الإدارة، وبعد ذلك أطلع مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، الرئيس جو بايدن.
وأشار المسؤول في الإدارة الأميركية إلى أن “عادة وقوف القائد الإرهابي على شرفته سمحت للولايات المتحدة بمراقبته والتأكد من هويته”، حسب ما نقلته “رويترز”.
قال المسؤول إنه بمجرد وصول الظواهري إلى المنزل الآمن في كابل، لم يغادره وتم رصده على شرفته حيث استُهدف في نهاية المطاف، وفقا للوكالة.
وحقق المسؤولون في طريقة بناء المنزل الآمن وطبيعته ودققوا في قاطني المنزل للتأكد من أن الولايات المتحدة يمكن أن تنفذ بثقة عملية لقتل الظواهري دون تهديد سلامة المبنى وتقليل المخاطر على المدنيين وعائلة الظواهري، بحسب ما نقلته “رويترز”.
في الأسابيع القليلة الماضية، عقد الرئيس بايدن اجتماعات مع كبار المستشارين وأعضاء الإدارة لفحص معلومات المخابرات وتقييم أفضل مسار للعمل.
وفي أول يوليو، أطلع أعضاء الإدارة، ومن بينهم مدير وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه)، وليام بيرنز، الرئيس بايدن، على عملية مقترحة في غرفة العمليات بالبيت الأبيض.
وطرح بايدن “أسئلة تفصيلية عما عرفناه وكيف عرفناه” وفحص عن كثب نموذجا للمنزل الآمن الذي أعدته المخابرات، بحسب المسؤول.
وقال بايدن، الاثنين، إن الظواهري قتل بغارة من طائرة مسيرة “من دون وجود قوات أميركية على الأرض”، مضيفا أن العملية “تم الإعداد لها وتنفيذها بدقة عالية”.
وأكد أنه “بعد مراجعة المعلومات بدقة، صرحت بالضربة الدقيقة التي ستخرجه من ميدان المعركة، مرة وإلى الأبد”.
وأضاف أنه “لم يتعرض أي من أفراد عائلته أو أي مدنيين آخرون إلى الضرر بسبب الضربة”.
وقال المسؤول إنه الرئيس سأل عن الإضاءة والطقس ومواد البناء وعوامل أخرى قد تؤثر على نجاح العملية، كما طلب الرئيس تحليل التداعيات المحتملة لضربة في كابل، وفقا لما نقلته “رويترز”.
وعمدت مجموعة منتقاة من كبار المحامين المشتركين بين الوكالات إلى فحص تقارير المخابرات وأكدوا أن الظواهري هدف قانوني بناء على قيادته المستمرة للقاعدة.
وقال المسؤول إن الرئيس دعا في 25 يوليو، أعضاء إدارته الرئيسيين ومستشاريه لتلقي إحاطة أخيرة ومناقشة كيف سيؤثر قتل الظواهري على علاقة أميركا مع طالبان، من بين أمور أخرى، حسب “رويترز”.
وبعد التماس آراء الآخرين في الغرفة، أذن بايدن “بضربة جوية دقيقة” بشرط أن تقلل من خطر وقوع إصابات في صفوف المدنيين.
ونفذت طائرة مسيرة الضربة في النهاية الساعة 9:48 مساء بتوقيت شرق الولايات المتحدة (0148 بتوقيت جرينتش) في، 30 يوليو، باستخدام صواريخ “هيلفاير”.
إلى ذلك قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن حركة طالبان انتهكت “على نحو صارخ” اتفاق الدوحة من خلال استضافة أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة وإيوائه.
وقال بلينكن في بيان “في مواجهة عدم رغبة طالبان أو عدم قدرتها على التقيد بالتزاماتها، سنواصل دعم الشعب الأفغاني بمساعدات إنسانية قوية والدعوة لحماية حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات”.
وتابع البيان “العملية تأتي في إطار تحقيق العدالة، وأن الولايات المتحدة حققت هذا الالتزام وستواصل القيام بذلك في مواجهة أي تهديدات مستقبلية”.
أضاف البيان: “لقد تمكنا من القيام بذلك في هذه الحالة نتيجة لمهارة واحتراف زملائنا بوكالة الاستخبارات ومكافحة الإرهاب”، وقالت الخارجية إنها والرئيس بايدن يعبران عن “الامتنان العميق” لهم.
ولفتت إلى أنه “من خلال استضافة وإيواء زعيم القاعدة في كابول، انتهكت طالبان بشكل صارخ اتفاق الدوحة، وتأكيداتها المتكررة للعالم بأنها لن تسمح باستخدام الأراضي الأفغانية من قبل الإرهابيين لتهديد أمن البلدان الأخرى”.
وأضافت الخارجية أن طالبان “خدعت الشعب الأفغاني”، وذلك لا يتوافق مع “رغبتها المعلنة في الاعتراف والتطبيع مع المجتمع الدولي”.
وأكدت أن “العالم أصبح مكانا أكثر أمانا بعد مقتل الظواهري، وستواصل الولايات المتحدة العمل بحزم ضد أولئك الذين يهددون بلدنا أو شعبنا أو حلفائنا وشركائنا”.
والظواهري صاحب تاريخ أسود في صناعة الإرهاب العالمي، إذ يرتبط اسمه بالتخطيط لتفجيرات سفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا في أغسطس 1998، وهو نفس الشهر الذي أعلن فيه عن مقتله.
الطبيب المصري الذي تحول الى أحد أكبر المطلوبين في العالم بعد اتهامه بتدبير هجمات أيلول/سبتمبر عام 2001 في الولايات المتحدة التي أودت بحياة قرابة ثلاثة آلاف شخص، ظل متواريا عن الأنظار منذ ذلك الحين.
وتسلم الظواهري زعامة تنظيم القاعدة بعد مقتل أسامة بن لادن في باكستان عام 2011، وقد خصصت الولايات المتحدة جائزة قدرها 25 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عنه.
ولد الظواهري في 19 يونيو 1951، في حي المعادي بالقاهرة، لأب هو أستاذ الصيدلة، محمد ربيع الظواهري، وكان قائد مجموعة عملت في أفغانستان قبل أن يدمج مجموعته بتنظيم القاعدة في التسعينيات.
وحصل الظواهري على شهادة في الطب من جامعة القاهرة، وخدم في الجيش المصري كجراح، وافتتح عيادة بالقاهرة، وتزوج “عزة نوير” وله منها ابن وخمس بنات.
ونوير هي ابنة عائلة ثرية ذات علاقات سياسية، وفقا لواشنطن بوست.
وعمل الظواهري في عيادة طبية تابعة للإخوان المسلمين، ومنها دعي للقيام بأول زيارة له إلى أفغانستان، حيث قدم العلاج في مخيمات اللاجئين على طول الحدود الأفغانية الباكستانية.
وتقول صحيفة Washington Post إن الظواهري هو صاحب فكرة هزيمة “العدو البعيد” أي الولايات المتحدة قبل هزيمة “العدو القريب” المتمثل في الأنظمة والحكومات في الدول العربية والإسلامية.
وكالات