الإدارة الذاتية تعلن انطلاق مشروع استدراج مياه الشرب من جنوب مدينة عامودا الى مدينة الحسكة

أعلنت هيئة الإدارة المحلية في إقليم الجزيرة اليوم الخميس الموافق /3/ آب لعام 2023 رسمياً عن البدء بتنفيذ مشروع استجرار مياه الشرب من منطقة جنوب مدينة عامودا خط قرية سنجق سعدون و قرية كندور إلى مدينة الحسكة.

وذكرت صفحة المجلس التنفيذي لإقليم الجزيرة في بيان أن “المشروع هو الأول من نوعه ويعتبر من المشاريع المهمة و الريادية في قطاع المياه وذلك لما له من أبعاد إنسانية و اقتصادية و اجتماعية ويهدف المشروع إلى تأمين مياه الشرب لأكثر من مليون نسمة في مدينة الحسكة بالإضافة إلى القرى الموجودة على طول خط الاستجرار ، حيث أنه بعد احتلال تركيا لمدينة سري كانيه عام ٢٠١٩ و قبلها عفرين و كري سبي و تهجيرها لالف الاشخاص فإنها تقوم بقطع المياه الذي يعتبر الشريان الرئيسي للحياة من خلال استخدامها لمحطة علوك ك سلاح ضد المدنيين في مدينتي الحسكة و تل تمر و ممارستها لسياسات قطع نهر الفرات”.

وأضاف البيان “ومنذ ذلك الوقت تعمل الإدارة الذاتية على البحث عن مصادر لتأمين مياه الشرب لأهلنا في مدينة الحسكة و تل تمر و بعد العديد من الدراسات و التجارب من قبل مراكز الدراسات و الأبحاث في مؤسسات و مديريات المياه في الإدارة الذاتية أثبتت التحريات و النتائج عن توفر مياه الشرب بجودة عالية و حوض جوفي متجدد و مستدام في منطقة جنوب عامودا وبعد استكمال الدراسات اللازمة و التدقيق و المصادقة عليها من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا و المؤسسات المعنية”.

وتابع البيان تعلن اليوم عن بدء تنفيذ المرحلة الأولى للمشروع المؤلف من أربعة مراحل هي :

المرحلة الأولى : مشروع حفر /٢٠/ برر بعمق /٥٠٠/م وغزارة ضخ /١٥٠/م٣/سا كحد أقصى .

المرحلة الثانية : مشروع إنشاء محطة ضخ تتضمن /٦/ مضخات أفقية بغزارة ٧٥٠م٣/سا ورفع ٨٠م و حوض التجميع بسعة /٥٠٠٠/م ٣ .

المرحلة الثالثة : مشروع خط جر المياه بطول /٦٢/ كم و قطر /٨٠٠/مم مؤلفة من قساطل GRP.

ومن الجدير بالذكر أن الكلفة التقديرية لكامل المشروع بحدود/١٨,٠٠٠,٠٠٠/$ ثمانية عشر مليون دولار امريكي .

وبحسب البيان “يأتي هذا المشروع في صلب استراتيجية الإدارة الذاتية في دعم مشاريع المياه و ضمن حالة الطوارئ و اعلان مدينة الحسكة وتل تمر و براهما و مخيمي واشوكاني و سري كانيه مناطق منكوبة:

وذكر البيان “أن هذا الدارسة أعدت من قبل خبراء و مهندسين و جيولوجيين ذوي خبرة في مؤسسات الادارة الذاتية و خارجها”.

واختتم البيان بالقول “نعلمكم بأن تنفيذ المشروع لا يؤثر على الحوض المائي ولا على آبار الأهالي و الزراعة المروية في المنطقة. كما نتقدم بجزيل الشكر لأهالي المنطقة لتعاونهم من أجل البدء بالمشروع وايضا بلدية سنجق سعدون و اللجنة العلمية و الخبراء الذين بذلوا جهودا كبيرة لإعداد الدراسة و التدقيق وتأمل الموالية و النجاح للإدارة و جهاز الاشراف و الشركات و المقاولين و كافة العاملين في المشروع”.

قسد تعلن فقدان أربعة مقاتلين لحياتهم باستهداف مسيرة تركية لريف قامشلو

أعلنت قوات سوريا الديمقراطية “قسد” فقدان أربعة مقاتلين لحياتهم وإصابة اثنين آخرين باستهداف مسيرة تركية لسيارة بريف مدينة قامشلو شمال شرقي سوريا.

وقالت قسد في بيان:

في الذكرى التاسعة لمجزرة داعش في شنكال، استهدف الاحتلال التركي مرة أخرى قادتنا ومقاتلينا الذين قاتلوا التنظيم الإرهابي طيلة سنوات الكفاح الماضية، حيث هاجمت طائرة مسيرة تابعة للاحتلال بتمام الساعة ١٩:١٥ من مساء الخميس ٠٣ آب سيارة كانت تقل ستة من قادة قواتنا ومقاتلينا على طريق قرية هرمي شيخو التابعة لمدينة قامشلو أثناء توجههم إلى منازلهم لقضاء إجازتهم الشهرية، حيث استشهد أربع من المقاتلين وأُصيب اثنين آخرين بجروح.

أحد رفاقنا الشهداء هو القيادي في قواتنا آرام محمد إبراهيم وهو أحد الرفاق الجرحى والذي فقد جزءاً من جسده خلال الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي. وكذلك رفاقنا ديار جمعة خليل، أحمد فاضل سمو وبرزان مصطفى شيخموس كافحوا لسنوات طويلة من أجل حماية المنطقة وشعبها، وكان لهم دوراً فعالاً في جميع المعارك ضد الإرهاب.

سيتم نشر المعلومات التفصيلية في فترة لاحقة.

المركز الإعلامي لقوّات سوريا الديمقراطية

٠٤ آب ٢٠٢٣

 

(رأي حركة الإصلاح الكردي – سوريا) لابد من تفعيل الدور القيادي الكردي في حل الازمة القائمة في البلاد 

منذ بدايات الثورة السورية في آذار 2011 و التي طالبت بالحرية والكرامة وقدمت تضحيات كبيرة في مواجهة الاستبداد لايجاد نظام ديمقراطي، وبالرغم من تأييد المجتمع الدولي لمطالب الشعب السوري وشرعيتها إلاّ انه تعثر في تطبيق القرارات التي صدرت من مجلس الامن والجامعة العربية او غيرها وأصبح الشعب السوري يعاني الويلات من اثار وتداعيات تدخلات الدول ذات المصالح المتناقضة ولم تستطع الأطر المعارضة ولأسباب كثيرة من تحقيق أهدافها حتى الآن والاعتبارات عديدة فإن معظم قادتها في الخارج يتعرضون لضغوطات الدول المستضيفة وفي هذا السياق، فاننا نعتقد بأن الشعب الكردي في سوريا له دور مهم في الحل السياسي المنشود ، ان أحسن استثماره كقوة وطنية مهمة لعدة أسباب، منها :

-دحر تنظيم داعش في مناطقه
-تواجد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في مناطقه حاليا .
-طبيعة الشعب الكردي التوّاق للحرية ونبذه التعصب الديني و القومي .
-ارتباط حركته السياسية بمختلف القوى السورية.

_يشكل القومية الثانية في البلاد من حيث عدد السكان ويعيش على ارضه
ارتباط قضيته بشكل وثيق بمسالة الديمقراطية وحقوق الانسان
ولكي يلعب الشعب الكردي دوره في الحل السياسي المنشود، فإن حركته السياسبة مدعوّة إلى القيام بعدة خطوات، منها:
إعادة النظر في برامجها السياسية، وتضع في مقدمة أولوياتها بناء نظام ديمقراطي يضمن حقوق الجميع، بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب.
-يجب أن يتم الاتفاق على أرضية مشتركة من المبادئ والقيم، التي يمكن أن تشكّل أساساً للحوار مع القوى الأخرى في سوريا.
العمل على بناء أوسع جبهة ديمقراطية، بمشاركة مختلف القوى السياسية والمناطقية، من أجل تحقيق السلام والديمقراطية في سوريا.
-طرح برنامج وطني واضح وشفّاف، يحدد أهدافها ووسائل تحقيقها.
– أن تؤكد على خصوصيتها، وضمان استقلالية قرارها السياسي وتعمل وفقا لذلك .
-السعي معا على إعادة النظر في منهج وتنظيم هيئة التفاوض السورية ، وضم القوى المؤمنة بالديمقراطية لهذه الهيئة.
إننا نعتقد بان تحقيق هذه الخطوات والاخذ برؤى القوى الوطنية الديمقراطية ذات المصلحة السورية من خلال عقد اجتماع تشاوري من شأنه أن يؤثر على توجهات الدول ذات الشأن السوري، ويؤدي إلى الانتقال لخطوات أخرى تصب في مصلحة سوريا وشعبها.

كارثة سنجار العظمى ؛ كيف ، ومَنِ المسؤول !؟ [ بمناسبة الذكرى المأساوية التاسعة لمذبحة سنجار ]

مير عقراوي
كاتب بالشؤون الإسلامية والكردستانية

لا أحداً كان يجهل مهما كان مستواهُ المعلوماتيِّ العام متواضعاً بأن منظمة القاعدة التكفيرية المتطرفة ، ثم ما تناسل منها من تنظيمات تكفيرية إرهابية وحشية مارقة ، مثل داعش والنصرة وأشباهها بأنهم لوتمكنوا سوف يفتكون بالكرد الإيزيديين الأبرياء ويشهرون السيوف عليهم ذبحاً كالخراف وقتلاً جماعياً وعدواناً على أعراضهم وكرامتهم وأموالهم ، وهكذا سائر الكرد بشكل عام .

وذلك لسببين أساسيين في فكرهم المنحطِّ المتخلِّفِ والّلاإنسانيّ ، هما : أوله بسبب ديانتهم التاريخية المعروفة بالإيزيدية ، وثانيه بسبب قوميتهم الكردية . هنا لا فرق لدى لهؤلاء الإرهابيين المرتدين في تقديم ، أو تأخير السبب الأول على الثاني أو العكس ، فالأمر سيان في السببان لدى هؤلاء من أشباه البشر الذين توغلوا في الإجرام والوحوشية والنقض الصارخ لحقوق البشر ، حيث قلَّ مثيله ونظيره في التاريخ .

ما ذكرناه هو أمرٌ معلومٌ ومعروفٌ لدينا ، وهو كذلك أمرٌ مفروغٌ منه بالنسبة للتنظيمات التكفيرية الإرهابية ومواقفها إزاء الكرد وكردستان ، بخاصة تجاه الكرد الإيزيديين أو الكرد الكاكائية وغيرهم من الكرد المتباينين على المستوى الديني والعقدي ، كما إن تنظيم داعش إرتكب جرائم كبيرة وشنيعة وبشعة تجاه الكرد الكاكائية والمسيحيين في إقليم كردستان / العراق . أما التساؤلات المركزية والأساسية والأهم هنا ، هي كالتالي : لماذا لم تدافع حكومة إقليم كردستان / العراق وحزب البارزاني ورئاسة الإقليم التي كان يومها مسعود البارزاني رئيسها عن أهالي مدينة سنجار وأطرافها ونواحيها ، حيث كانت سنجار تحت حكمهم وسيطرتهم لا الحكومة المركزية في بغداد ..؟

في هذا الشأن يُذكر إن قوات البيشمه ركه الكردية كانت تتواجد في سنجار بقوام [ 12000 ] بيشمه ركه ، ما عدا العناصر الأمنية والمخابراتية للإقليم ، وهي مسلحة بشكل جيد ، فلماذا ، ومن أصدر الأمر بآنسحاب تلكم القوات الكردية الكبيرة والمسلحة بشتى أنواع وصنوف الأسلحة والذخيرة من سنجار قبيل هجوم تنظيم داعش على سنجار الذي صادف تأريخ 03 / 08 / 2014 وتركهم فريسة لتنظيم داعش الغارق في الإجرام والسفالة والتوحش والإرهاب والتخلف ، ولماذا منعت القوات الكردية الكرد الإيزيديين من مغادرة مدينة سنجار حينما شعروا بقرب هجوم تنظيم داعش على مدينة سنجار وأطرافها في التأريخ المذكور ..؟

ثم كيف لم تستشعر وتتنبأَ رئاسة الإقليم وحكومة الإقليم وأمنها ومخابراتها خطر تنظيم داعش على الكرد الإيزيديين حينما آحتل محافظة الموصل بتأريخ 15 / 06 / 2014 ، ومن ثم لماذا لم يقدموا على تخلية مدينة سنجار وضواحيها من الكرد الإيزيديين وإسكانهم في المدن والمناطق الأخرى لإقليم كردستان ، مثل دهوك وزاخو وعقرة وغيرها ، بخاصة اذا ما علمنا أمرين آثنين ، هما : الأول ، هو إنه كان بين إحتلال داعش لمدينة الموصل [ 15 / 06 / 2014 ] ، و آحتلاله لمدينة سنجار وضواحيها [ 03 / 08 / 2014 ] فترة كافية جداً لنقلهم منها وإبعادهم من الخطر القريب الداهم عليهم .

والثاني ، هو إن تنظيم داعش سوف يفتك بالكرد الإيزيديين فتك الضواري حالما تمكن منهم . بالتالي هذا يعني إنه كان بيد حكومة ورئاسة وقوات إقليم كردستان / العراق مدة [ 48 ] يوماً لإجلاء الكرد الإيزيديين من منطقة الخطر الداعشي الذي هو كان يومذاك يقترب منهم رويداً رويداً من الموصل . لا شك بأن مدة [ 48 ] يومٍ كانت قياسية وكافية لنقل الملايين لا مئة ألف أو يزيدون وحسب ، ولو انهم فعلوا ذلك لكان بالإمكان على وجه القطع واليقين تفادي وقوع الجريمة والمذبحة الكبرى للإيزيديين الكرد ، ولذكر التاريخ مدى إخلاص وحكمة وبعد النظر لرئاسة الإقليم ، ولحكومة الإقليم …!؟

إن المفارقة الكبرى ، بل الصدمة والدهشة ، كل الصدمة والدهشة ، هي في تصريح حكومة ورئاسة إقليم كردستان / العراق بعد آحتلال داعش لمدينة الموصل ، قولهم بأنهم كانوا على آطلاعٍ بهجوم داعش للموصل قبل ستة أشهر كما بثت الخبر فضائياتهم يومذاك ، وهم بدورهم أطْلعوا رئيس وزراء العراق يومها نوري المالكي على الموضوع ، لكنهم لم يتخذوا التدابير اللازمة لعدم سقوط الموصل بيد تنظيم داعش . هنا تكمن المصيبة والفاجعة في نفس الوقت ، وهي : فلماذا لم يحتاطوا هم بالنسبة لمدينة سنجار وضواحيها ويتخذوا التدابير الجدية والقوية اللازمة لردع داعش ودحره لعدم حصول الكارثة العظمى والفاجعة الكبرى إزاء الكرد الإيزيديين الأبرياء …!؟

بعدها قد يأتي أهم تساؤل في هذه المقالة ، وهو : لقد كانت بيد رئاسة إقليم كردستان / العراق وحكومته وقواته الوقت الكافي والإضافي – كما ذكرنا – لإجلاء الكرد الإيزيديين الأبرياء من مدينة سنجار ونواحيها ، فلماذا لم يقدموا على ذلك ، ثم كانت لهم القوات العسكرية الكبيرة والأسلحة الكثيرة والمتنوعة ، منها مجموعة من الدبابات والمصفحات والمدرعات وراجمات الصواريخ والمدافع التي غنموها من الجيش العراقي سابقاً ، مضافاً الى الكثير من الأسلحة المتوسطة إذن ، فلماذا لم تخطط رئاسة وحكومة إقليم كردستان / العراق في التصدي لتنظيم داعش حينما آقترب من مدينة سنجار ، حيث يُقال بأن عدد أفراد داعش كان أقلَّ من [ 500 ] فرد ، وهم – أي رئاسة الإقليم وحكومته – كانوا يملكون [ 12000 ] ألف عسكري – بيشمركة في مدينة سنجار ، مع الأسلحة الضخمة المذكورة تَوَّاً ، فلماذا آنسحبوا وتركوا الكرد الإيزيديين الأبرياء فريسة لتنظيم داعش الذي ذبح وقتل وآختطف الآلاف منهم من النساء والرجال والأطفال وآستباح كرامتهم ونهب أموالهم ، حيث مازال الى اليوم مصير المئات من البنات والنساء الإيزيديات الأبرياء المختطفات مجهول المصير …!؟

هناك روايتان لهذه التراجيديا بالعمق والصميم للكرد الإيزيديين في مدينة سنجار وضواحيها ، في سبب تخاذل رئاسة وحكومة البارزاني لهم ، هما : الأولى ، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كان قد طمأن الرئاسة والحكومة البارزانيتين في الإقليم بأن تنظيم داعش ليس له علاقة بالكرد والمناطق الكردية ، وهو لا يُهاجمهم ، بل هو سوف يُهاجم نوري المالكي وحكومته وجيشه فقط !.

أما الرواية الثانية فهي تقول : إن منصور نجل مسعود البارزاني أو غيره من أفراد العائلة البارزانية كان قد وقع في أسر تنظيم داعش بعد آحتلاله لمدينة الموصل في أحد مناطقها . لهذا – وبحسب الرواية الثانية – فإن تنظيم داعش أبلغ رئيس الإقليم يومها مسعود البارزاني بأنه سوف يذبح إبنه منصور اذا لم يقدم على سحب القوات الكردية من مدينة سنجار ، طبعاً لا نعلم مدى صحة الروايتان المذكورتان . أما الواقع والصحيح مئة بالمئة ، هو إنسحاب القوات الكردية لرئاسة وحكومة الإقليم من مدينة سنجار وعدم دفاعها عنها خلال هجوم تنظيم داعش للكرد الإيزيديين المغدورين بهم …!؟

في هذا الشأن نسجِّلُ شهادة لله تعالى والتاريخ ، هي : لولا تدخل ثوار حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية من كردستان / سوريا وتصديهم الأسطوري لداعش في جبل سنجار لكانت الخسائر أفدح وأعظم ومروعة من جميع النواحي ، لكنهم تمكنوا من الصدِّ البطوليِّ لداعش ووقف زحفه نحو جبل سنجار الذي كان قد آعتصم به ولجأ اليه الآلاف من الكرد الإيزيديين من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب ، ثم لولا تدخل الطيران الأمريكي بقاذفاته وصواريخه بالهجوم المكثف على قوات داعش لتمكن من إحتلال العاصمة أربيل نفسها ، حيث كانت قوات داعش قاب قوسين أو أدنى من إحتلال أربيل التي تتواجد فيها العديد من القنصليات الدبلوماسية للدول الأمريكية والروسية والبريطانية والفرنسية والصينية وغيرها ، لهذا وربما لغيره من العوامل أيضاً تم منع سقوط أربيل العاصمة وآحتلالها من قبل قوات داعش !.

بالحقيقة حينما سقطت مدينة سنجار بيد تنظيم داعش يومها سقطت رئاسة إقليم كردستان / العراق ، وسقطت حكومته على مستوى الشرعية للعدالة والديمقراطية والكوردایەتية ، لكن رغم ذلك لم يقدموا على الإستقالة والإعتذار الرسميِّ من الكرد الإيزيديين والكرد بشكلٍ عام على ما قصَّروا بحقهم ، وعلى تخاذلهم لهم ، وعلى ما فرَّطوا بحقوقهم ومصيرهم وثرواتهم الوطنية . أما إنهم لم يفعلوا وحسب ، بلِ آستمروا في ديمومة سلطتهم العائلية الإستبدادية على الشعب الكردي في الإقليم بالقهر والإكراه والإرعاب ، وكأنَّ شيئاً لم يحدث ، وهيهات من الإستبداد والمستبدين أن يعدلوا وينصفوا ، وهم – بكل الأحوال – مطلوبهم لمحكمة العدالة كردياً والتاريخ عموماً والأخرى ، حيث العدالة المطلقة أمام الله سبحانه ، وهو خير الحاكمين والعادلين …؟

نضال الطلبة ضد المعاهدات العراقية – البريطانية 1922- 1930

سهيل الزهاوي

مفاوضات حول معاهدة عام 1922

فرضت سلطات الاحتلال البريطاني مع الكتل الإقطاعية – البرجوازية الكومبرادورية التي التفت حول الحكومة المؤقتة، تنصيب الأمير فيصل بن حسين وهو المعروف بولائه لبريطانيا، على عرش العراق واعتبار 23 آب 1921 يوم تتويج الملك، حيث اصبح العراق مملكة خاضعة. (1) كانت هذه الحكومة تمثل مصالح الاحتكارات الاجنبية والكومبرادورية والاقطاعيين.

فقد جعلت ثورة 1920، الاحتلال البريطاني يفهم جيداً، أن ما تحقق من نجاح عسكري غير ثابت إلى حد كبير يتطلب العمل من أجل تهدئة البلاد إلى استخدام اساليب اخرى جديدة. (2)

اعتبرت بريطانيا تأسيس الحكم الملكي في العراق الخطوة الأولى في نجاح سياستها الانتدابية. (3)  بعد أن استطاعت سلطات الانتداب من إرجاع ” برسي كوكس” على جناح السرعة الى بغداد، وبدأت تراجعات شكلية في أسلوب الإدارة وشكل حكومة مؤقتة برئاسة عبد الرحمن النقيب وتحت إشرافه.

وشرعت سلطات الانتداب بالمفاوضات لعقد معاهدة تكرس الاحتلال بطريقة جديدة وكانت تجري هذه المفاوضات بصورة سرية بين الحكومة برئاسة عبد الرحمن النقيب الموالية لبريطانيا وممثلي سلطات الانتداب. كانت تتسرب بعض المعلومات من داخل الاجتماع إلى سمع الرأي العام العراقي رغم سرية المفاوضات.

 

تحركات المعارضة ضد معاهدة عام 1922

 

أثارت سياسة سلطات الانتداب موجة عارمة في صفوف الحركة المناوئة للاستعمار البريطاني في البلاد.

بدأت المعارضة العراقية بتنظيم الاجتماعات والمظاهرات وعرائض الاحتجاج وإرسال البرقيات الى الملك ورئيس الوزراء العراق والى الحكومة البريطانية.

وقد جاء في أحد المواثيق التي قدمها المعارضة العراقية في الفرات الاوسط الى السلطات البريطانية تطالب رفض الانتداب وإعلان بريطانيا بإلغائه رسمياً، واطلاق حرية الصحافة لكي يتمكن الجماهير التعبير عن آرائهم في المفاوضات التي كانت تدور بين الحكومة العراقية الموالية وسلطات الانتداب البريطاني في عام 1922. (4)

وعلى اثر تعاظم الحركة المناوئة لسلطة الانتداب البريطاني فقد أصدر وزير الداخلية بيانا منع فيه الاجتماعات السياسية رداً على المظاهرات التي عمت في بغداد والتي أرعبت سلطات الانتداب والحكومة الموالية لها. (5)

فقد تحولت المظاهرات والاجتماعات الحاشدة التي بدأت منذ ربيع 1922 الى حركة جبارة في الثالث والعشرين من آب في العام نفسه، حيث قرر الحزبان العراقيان: ((الحزب الوطني العراقي)) و ((حزب النهضة)) توحيد مساعيهما للمطالبة بحقوق الشعب وكانت المظاهرات الصاخبة مستمرة وكانت من أهم الشعارات التي رفعت في هذه المظاهرات تنادي بسقوط الانتداب وخروج بريطانيا من العراق.

قام المندوب السامي باتخاذ الإجراءات لضرب الحركة الوطنية العراقية وألغي الحزبين ولم يمض على إجازتهما وابعد قادتهما الى جزيرة هنجام وعطل جريدتي المفيد والرافدين ونفى صاحبهما. وأرسل سرباً من الطائرات تقصف مدن وقرى الفرات الاوسط، فدمرت البيوت والأكواخ وأحرقت الزرع والحيوانات كما فصل عدد كبير من الموظفين.

رغم جذرية مواقف الحزبان من الانتداب إلا أن نشاطهم لم يكن مرتبطة بالحركة الجماهيرية

الشعبية. مما حدى بالمندوب السامي البريطاني الى الاسراع في وضع حد لقادة الحركة الوطنية الداعية إلى الاستقلال والمعادية للانتداب ونفي اكثر الوطنيين نشاطاً. وبذا قضى على انتفاضة الشعب ظاهرياً.

وفي التقرير الذي كتبه ((بيرسي گوکس)) والتي بعثتها ((مس بيل)) إلى والدتها، والتي نشرتها في الكتاب الذى يضم رسائلها، وصف الظروف التي وقعت فيها هذه الأحداث بأنها

((ظروف مضطربة، وأن اليوم الثالث والعشرين من شهر آب سنة 1922 كان يوماً صاخباُ بالاضطرابات والمظاهرات وأن ولاية بغداد وعشائر الفرات كانا على شفا ثورة. كانت معالمها تدل على أنها لن تكون أقل خطورة عن تلك التي قامت في ثورة العشرين، منظمة من العناصر نفسها.)) (6)

عقب الإجراءات القمعية التي أقدمت عليه المندوب السامي وفي ظل انعدام الحريات والتعبير عن الرأي، فقد صادقت الوزارة النقيبية الثالثة على المعاهدة في 10 تشرين الأول 1922 على أن تعلن نشرها في لندن وبغداد في اليوم الثالث عشر من الشهر نفسه. (7)

لم يكن المعاهدة إلا صورة من صك الانتداب، بل جَاءَتْ مفصلة وما حواها من صك الانتداب ولا تعتبر اشد وطأة مما جَاءَتْ في المعاهدة وملحقاتها.

فإن الاتفاقيات التي الحقت بالمعاهدة كانت تستهدف التركيز على نفود التركيز على نفوذ بريطانيا وسيطرتها العسكرية وتكبيل العراق بصعوبات مالية لا يقوي عليها، الى جانب ربط البلاد بموظفين بريطانيين مدنيين (8)

وقد نصت المعاهدة على أن تسترشد الحكومة العراقية بنصائح المندوب السامي البريطاني بشأن القضايا الدولية والمالية، وإصدار دستور للبلاد بحيث لا يتناقض مع مواد المعاهدة، وعلى أن تحتفظ بريطانيا بقواتها في العراق. (9)

 

الحركة الجماهيرية تنهض من جديد

 

بدأ نهوض جماهيري جديد ضد محاولات المندوب السامي البريطاني والحكومة المتعاونة معه لإجراء انتخابات المجلس التأسيسي الذي كان عليه أن يبرم معاهدة عام 1922.

لم تظهر أي رد فعل عن قادة الحركة الوطنية المعارضة بعد إعلان المعاهدة والشروع في الانتخابات ما عدى صدور نشرة سرية وقعت تحت اسم الاجتماع الاستثنائي للأحزاب السرية العراقية تشترط عودة الحياة الحزبية بعودة المنفيين من الخارج وترفض اجراء الانتخابات في هذه الفترة وتدعوا ابناء الشعب العراقي الى مقاطعة الانتخابات، وطالب إجراء الانتخابات بعد شهرين بعد أن يتم تنفيذ مطاليب الشعب العراقي وابطال المعاهدة كلياً (10)

ولكن رجال الدين لعب دوراً هاماً في هذا المجال. فقد دعا رجال الدين الشيعة برئاسة مهدي الخالصي الى مقاطعة الانتخابات والذى استجابة اليه رجال الدين من الطائفة السنية ودعمه من رجال الدين المسيحيين. (11)

كما قدم رجال الدين المطالب التالية: –

1 – إلغاء الإدارة العرفية (اي الغاء سياسة الإرهاب).

2 – اطلاق حرية المطبوعات والاجتماعات.

3 – سحب المستشارين من الألوية.

4 – إعادة المنفيين السياسيين إلى وطنهم

5 – السماح بتأليف الجمعيات. (12)

 

 

 

الحركة الطلابية تأخذ زمام المبادرة

 

فقد خلقت غياب القيادات السياسية النشطة للحركة الوطنية في البلاد بسبب الضربة التي وجهت لهم وإبعادهم إلى ” جزيرة هنجام ” فراغاً سياسيا في مجابهة مخططات البريطانية لتكريس الاحتلال للعراق بأشكال أخرى. من هنا تكمن أهمية دور الطلبة والطبقة الوسطى في الحركة الاستقلالية المناهضة للانتداب.   وكان الطلبة في مركز الصدارة من بين المعارضين في الحركة الاحتجاجية المناهضة للانتداب البريطاني. وما ان اعلنت المعاهدة حتى تلقاه الطلبة بالرفض والسخط الشديدين.

وبدأ الطلبة كسائر المثقفين في عقد الاجتماعات لمناقشة المعاهدة وابعادها لما فيها من قيود تكبل الشعب العراقي وأنها ليست أقل وطأة من الانتداب والتنديد بها. (13)

وقد أقدمت الطلبة حملة دعائية واسعة في المقاهي والأسواق والجوامع على تحريض وتعبئة الجماهير الشعبية ضد معاهدة 1922 وقد جاء في تقرير الاستخبارات البريطانية بأن ” جميع الأهالي في المقاهي والأسواق كانوا ينتقدون المعاهدة وكان التركيز يدور حول المواد 4، 8، 12.. ويذكر التقرير نفسه ” أن بيان الملك قد لاقى ترحيباً من المعتدلين بينما لم يلاق ذلك الترحيب عند اليسار المتطرف. (14)

كما ساهم الطلبة في الاجتماع الحاشد الذي عقد في مدرسة الشيخ مهدي الخالصي والذي ندد الشيخ بالمعاهدة واعلن قائلاً: ” بايعنا فيصل ليكون ملكاً على العراق بشروط وقد أخل الملك بتلك الشروط فلم تعد له في أعناقنا وأعناق الشعب العراقي أيّة بيعة. (15)

لقد حظيت فتوى رجال الدين حول مقاطعة الانتخابات بمساندة وتأييد تلاميذ المدارس الدينية والحديثة وبقية الفئات المتوسطة من السكان في بغداد وبقية أنحاء العراق وخاصة في المناطق الوسطى والجنوبية.

كان طلاب مدرسة التفيض الأهلية في بغداد أول من استجابة لدعوة رجال الدين لمقاطعة الانتخابات. ولعبوا دورا هاماً ومؤثراً في تحريض وتحريك الجماهير الشعبية لرفض المعاهدة وعدم المساهمة في الانتخابات وقاموا بمقابلة رجال الدين وأخذوا منهم الفتاوى واستنساخها على الكاربون وجرى توزيعها على أبناء الشعب في كافة انحاء العراق.

عندما أعلنت الحكومة الموالية للاحتلال البريطاني قرارها في الشروع في الانتخابات، فقد تحرك طلاب المدارس في الكاظمية بشكل واسع بشكل واسع وقاموا بحملة دعائية واسعة في سبيل مقاطعة الانتخابات المزمع عقده لتشكيل المجلس التأسيسي الذي كان عليه أن يبرم المعاهدة فيه. (16)

كما عبر الطلبة عن احتجاجهم ورفضهم للمعاهدة من خلال تنظيم تظاهرة، حيث تجمعوا أمام دار رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب، يتقدمهم نشطاء الطلبة كل من الطلاب عبد الفتاح ياسين، حسين جميل، وعبد القادر اسماعيل ومحمد حديد، فخرج إليهم بنفسه من شرفة داره وصاح بهم ((باسم من تحتجون)) فأجابوا ((باسم البلاد)) فرفع عصاه قائلاً:

* من أنتم لتحتجوا، انا اعلم منكم بحاجة البلاد واغراضها، عودوا إلى بيوتكم. * (17)

لقد اكتسب مقاطعة نطاقاً واسعاُ بالرغم من نفي بعض قادة الحركة الوطنية ورجال الدين وعلى رأسهم مهدي الخالصي.

اتخذ مجلس الوزراء قراراً على أن يبدأ الشروع في الانتخابات في 24. 10. 1922 إلا أن المقاطعة الواسعة عرقلت مسيرتها، بحيث لم يتم انتخابات النواب إلا في 25.2.1924، أي بعد سنة وأربعة أشهر من الموعد المقرر سابقاً بعد أن اتخذت الحكومة بعض الإجراءات القمعية من أجل إنهاء حركة المقاطعة. (18)

ان هذه الاجراءات لم تثني الجماهير، بل ازداد من عنادها واستمر في نضالها حتى انعقاد المجلس التأسيسي مما حدى بسلطة الانتداب والحكومة الموالية لها الاستجابة إلى مطاليب الحركة المعادية للانتداب فيما يتعلق بالنفي، فقد سمحت لبعض قادة الحركة الوطنية بالعودة الى البلاد وبشكل تدريجي بعد أن طلبوا منهم نبذ العمل في السياسة. (19)

بدلاً أن ينهمك القيادات السياسية للبرجوازية الوطنية بعد عودتهم في محاولة لاستعادة قواها وتنظيماتها بعد الضربة التي ألمت بها من جراء الحملة الإرهابية الشعواء في مظاهرات (آب 1922). إلا أنه برزت خلافات وصراعات حول المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها وبل انهمك قسم منهم في التمتع بوظائف الدولة. (20)

مع هذا لم تستطع السلطة ومن ورائها من جمع المجلس التأسيسي لإبرام المعاهدة إلا في أيار 1924.

مع اشتداد الصراع السياسي والخلافات بين أطراف قادة الحركة الوطنية حول شكل وأسلوب النضال المعادي للانتداب، لم يكن بمقدور الطلاب أن يقف على الهامش ويلعب دور المشاهد.

بينما كانت سلطة الانتداب والحكومة الموالية لها تعد الترتيبات لعقد اجتماع المجلس التأسيسي التي كانت عليه ابرام المعاهدة فيه. فقد تم التنسيق بين الفئات المختلفة من المثقفين من طلاب الحقوق والمحامين وأساتذة المدارس والشباب المتعلم من جهة وبين رجال الدين من جهة اخرى ليكون المتحدثين باسم جماهير الشعب العامل والتي تناضل ضد الانتداب بعد غياب الأحزاب الوطنية. وبدأت العمل من اجل اقامة المظاهرات والاجتماعات، واصبحوا يعتقدون انه لا مفر من النضال في إعلان سخطهم وغضبهم على المعاهدة الجائرة والمطالبة بتعديلها لكي يحفظ للعراق استقلاله التام، وقد ساندتهم في ذلك بعض الجرائد المعارضة. (21)

عقد محامو بغداد اجتماعاً في بناية بناية “رويال سينما ” (22) في يوم 19 نيسان 1924 تكلم فيه خطباء الاجتماع بتوجيه النقد إلى المعاهدة وعيوبها وتوجه الأنظار الى قيودها الثقيلة، حيث قدم المحامون بياناً كان بمثابة عرض للمعاهدة من الناحية القانونية محذرين منها ومن إبرامها وطالب ياسين الهاشمي الذي كان حاضراً في الاجتماع * بوحدة الصف الداخلي من اجل احباط ما يضر البلد التي تعرقل تقدمه. (23)

في 29 أيار 1924 وعندما كان المجلس التأسيسي يناقش المعاهدة، قامت مظاهرة صاخبة في بغداد وأحاطت بمقر المجلس احتجاجاً على تحدي إرادة الشعب ومعارضته للمعاهدة.

كتبت “مس بيل” في 4 حزيران رسالة مطولة عن هذه المظاهرة، عرضتها “بورغون” على الوجه التالي ((اكتسح المتظاهرون من أبناء الشعب ضد المعاهدة أعضاء المجلس، واوصلوا جلسة التالية إلى نتيجة شائنة.

وكانت الشرطة عاجزة عن العمل تقريباً، مما اضطر المسؤولين إلى الاستعانة بالخيالة. واستمرت هذه المناورات لو بشيء اقل من العنف بسبب التنظيمات الافضل التي اتبعتها الشرطة، بحيث لم يصبح للاجتماعات التالية في المجلس إلا قيمة قليلة، حتى استقر في ذهن “مس بيل” و”المستر كورنواليس” * انه ليس هناك جهد بشري يتمكن من إمرار المعاهدة من المجلس الحالي * (24)

في 31 أيار من نفس السنة قامت الجماهير بمظاهرة حاشدة أمام المجلس التأسيسي، سرعان ما سيطرت الشرطة على الموقف. (25)

رغم التدابير التي اتخذتها السلطة ضد المعارضين من أبناء الشعب العراقي من اجل ان تؤمن بقاء المندوبين المجلس إلى جانبها، تأثر عدد غير قليل من المندوبين من الذين يميلون إلى المعاهدة باتخاذ مواقف معاكسة، كما تردد عدد من من الوزراء من الإدلاء بآرائهم حول المعاهدة وتحمل تصديق المعاهدة أمام الرأي العام الصاخب (26). وكذلك توقف جلسات المجلس التأسيسي مراراً، إلا أنه قوى حركة الجماهير المنتفضة قد خمدت بسبب أعمال القمع القاسية من جهة، ولأسباب أخرى تتعلق بموقف قادة الحركة الوطنية وضعف علاقته بالجماهير.

ويكمن السبب الأساسي لضعف الحركة الوطنية في الفترة 1922-1924 يعود الى طبيعة قيادتها من قبل البرجوازية الوطنية المساندة من رجال الدين. وهما اللذان حمل الراية ضد الانتداب ومعاهداته الاسترقاقية، ولكن الاعتماد على هذين العنصرين يحمل معها عامل التذبذب والضعف وصلاتها المتينة مع الجماهير وفقدان الرؤية المتكاملة.

تلك الطبيعة لهذه القيادة جعلتها تزرع في الشعب العراقي الثقة بإمكانيه المعارضة من داخل المجلس لا في امكانية تنظيم الجماهير وزجها في النضال الثابت والمستمر لتحقيق أهدافها الوطنية في الاستقلال.  وإذا بالمواقف المزدوجة تكشف عن أهداف المعارضة البرجوازية التي كانت تصبو إلى تحقيق غايتها في الحصول على الوظائف أكبر في الدولة وإن سترها بمعارضتها في داخل المجلس التأسيسي وطرح الشعارات الملتهبة بالوطنية والاستقلال واستغلال حركة الجماهير لأغراضها الخاصة. (27)

بينما كان الطبقة العاملة في دور التكوين، لم تكن قد تحولت الى حركة مستقلة، مما اضعف من قدراتها القيادية في الحركة الاستقلالية المناوئة للانتداب. لم تترك الشك أنها كانت متعاطفة مع هدف الاستقلال التام، وكان العمال والحرفيون يشكلون قوة حركة الجماهير لفعلية في المدينة التي لعبت المتعلمون ولا سيما الطلبة دورا قيادياَ.

اما المثقفون ولا سيما الطلبة والمعلمون والمحامون القوة القيادية بعد ابعاد قادة الحركة الوطنية وحملوا راية النضال وهم ينادون الجماهير الشعبية الى الكفاح صد الانتداب ومعارضة المعاهدة.

أن ما يميز نشاط المثقفين في هذه الفترة أنها كانت ذات طابع محلي. لم يتعد الاجتماعات والمظاهرات حدود مدينة بغداد وبعض المدن القريبة منها. ويعود اسبابها الى عدم امتلاكها الى وسيلة منظمة لتحريك الجماهير في كافة انحاء العراق اضافة الى قلة عدد المدارس أما الجامعات تكاد تكون معدومة ما عدا الحقوق وكانت هذه المدارس متمركزة في المدن الكبيرة.

في تلك الفترة كان الطلبة يبحثون عن طريق لكي يخلصهم من هذا الوضع السياسي الشاذ ولم تتحول الى حركة مستقلة بعد، وانما كانت اسيرة البرجوازية الوطنية.

وان مناشيرهم وانذاراتهم كانت تلصق على الجدران وترسل الى اعضاء المجلس والقادة السياسيين في رسائل موقعة من قبل رئيس جمعية اليد السوداء ومختومة بيد سوداء

إن العوامل المار الذكر دفع بعض الشباب الى التفكيرفي تأسيس جمعية اليد السوداء لإبراز سخطهم على الانتداب والمعارضة البرلمانية. لقد نشطت هذه الجمعية في ارهاب النواب على اثر تشكيل هذه المنظمة السرية حيث تم اغتيال اثنين من النواب على ايدي مجهولين وهما عداي الجريان وسلمان البراك لكي يجعلوا منها واسطة لتأديب غيرهما. (28)

 

 

(1)  – مجموعة من علماء السوفيت، تاريخ الأقطار العربية الجزء 1، ترجمة دار التقدم، طبع في موسكو 1975، ص. 292

(2) – ف.أ. كرياجين، حركة التحرر الوطني في المشرق العربي – بلاد ما بين النهرين –

الشرق الجديد، موسكو، الكتاب الثاني، 1922، ص. 243، عن الدكتور كمال أحمد مظهر، ثورة العشرين في الاستشراق السوفيتي، مطبعة الزمان 1977، ص. 36

(3) – الدكتور فاروق صالح العمر، المعاهدات العراقية – البريطانية وأثرها على السياسة الداخلية 1922 – 1948، منشورات وزارة الإعلام سلسلة دراسات 116، دار الشؤون الثقافية 1977.

 

(4)  – عبد الرزاق الحسني، تاريخ الوزارات العراقية، الطبعة 5، منشورات دار الكتب، المجلد الأول، بيروت 1978. ص. 99 – 100

وقد جاء في الميثاق الوطني ما لي: –

المادة الأولى: تأليف حكومة حرة، نيابية، ديمقراطية، مسؤولة امام الامة العراقية، مستقلة استقلالاً سياسياً تاماُ لا شائبة فيه، عارية من أي تدخل أجنبي.

المادة الثانية: تأييد سياسة الملك فيصل على أساس استقلال العراق التام بحدوده الطبيعية.

المادة الثالثة: رفض انتداب الانكليز، وكل معاهدة تمس بكرامة الامة العراقية واستقلالها التام.

(5)  – عبد الرزاق الحسني، نفس المصدر السابق، ص. 102

(6)  – حسين جميل، شهادة سياسية 1908 – 1930، دار السلام لندن 1978 ، ص. 78-79

(7)   – عبد الرزاق الحسني، العراق في ظل المعاهدات، الطبعة 6، مطبعة دار الكتب، بيروت 1983، ص 21 – 22

(8) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 42 – 43

(9) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 48 – 49 وما بعدها

(10)  – البلاط الملكي s / 34/ 17

Manifesto of the Iraq secret parties, // Oct 1922.

عن الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص.79 0 80

قدم رجال الدين المطالب التالية: –

 

(11)  – التقرير البريطاني الى عصبة الامم 1923 -1923 ص 6

عن الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 113

(12)  – عبد الرزاق الحسني، نفس المصدر السابق، ص. 142

(13) – رؤوف الواعظ، الاتجاهات الوطنية في الشعر العراقي الحديث،   1914-1941،دار الحرية بغداد 1974 ص. 166 عن آفاق عربية العدد 12 آب 1980 ص. 56

(14) – الدكتور فاروق صالح العمر، نفس المصدر السابق، ص. 83

(15) – محمد مهدي كبة، مذكراتي في صميم الأحداث ، 1918-1958، دار الطليعة بيروت 1965، ص. 26

(16) – محمد مهدي كبة، نفس المصدر السابق، ص. 26- 27 عن آفاق عربية، العدد 12 آب 1980 ، ص. 56

(17)  – خيري العمري شخصيات عراقية الجزء الاول ض. 20، عن آفاق عربية العدد 12. آب 1980، ض. 56

(18)  – حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 112- 113

في 02 حزيران 1923 نفي من العراق الشيخ مهدي الخالصي ومعه ولداه وقريب له وسكرتيره وغادر العراق بعض من علماء الدين احتجاجاً على هذا النفي. وكان سلطات الانتداب يعتبر الشيخ الخالصي من العناصر المعرقلة للانتخابات بعد أن أصدر فتوى جديدة تعرض فيها الى الحكومة، فقد عثرت الشرطة على صورة من الفتوى معلقة على جدران صحن الكاظمية بتاريخ 19 مايس 1923.

(19) – رفض السادة جعفر ابو التمن وحمدي الباجة جي التوقيع على التعهد في بادئ الأمر رُفض عودتهم، فيما بعد رضخ السلطة وسمح لهم العودة الى البلاد.

(20) – كان السيد مولود مخلص أحد المؤسسين للحزب الديمقراطي، عين متصرف لواء كربلاء غير موقفه من المقاطعة.

(21)  – فيليب ويلارد ايرلاند، العراق دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، دار الكشاف، بيروت، ض. 311

(22)  – حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 123

(23)  – العالم العربي 20 نيسان 1924 عن فاروق صالح العمر نفس المصدر السابق، ص. 113

(24) – كتاب بوغوين، ص. 343 عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص.

(25)- حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 124

(26) – فيليب ويلارد ايرلاند، نفس المصدر السابق، ص. 123

(27) – قال الهاشمي نائب بغداد في جلسة 22 آب 1928 للمجلس التأسيسي وكان البحث يدور حول الميزانية العامة للدولة ” إني وجدت في مذكرات المجلس النيابي توجيه اللوم إلى الوزراء واننا نناقشهم على أعمال لم يرتكبونها، وان ارتكبوها فلم يكن ذلك بمحض إرادتهم. ولو أنهم أخذوا في بعض الأحيان مسؤوليات تلك الأعمال على عاتقهم.

انى وجدت دواعي وشواهد عديدة مرت على يد المشورة وهي مغلوطة ولم تظهر منها اي استياء في زمن من الازمان. وما دامت طريقة مداولة امورنا الداخلية والخارجية على أيدي الغير لا اجد اي سبب لتوجيه اللوم على اي احد من الرجال المسؤولين.” عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 128.

وفي جلسة المجلس التأسيسي في 29 / 05/ 1924 فضل المعاهدة على الانتداب وقال: “أنه لا محل للقياس بينهما وكان يعلم أن الانتداب قائم لم تلغه عصبة الأمم وهو لا ينتهي الا قبول العراق عضواً فيه. عن حسين جميل، نفس المصدر السابق، ص. 108.

(8  2)  – جريدة البرق البيروتية 3 حزيران 1924 عن رجاء حسين حسني – العراق بين عام 1921 – 1927، دار الحرية للطباعة والنشر بغداد 1976.

حديث مع مصطفى علي – الثقافة الجديدة العدد 75 لشنة 1975، ص. 84

بيان المجلس الوطني الكردي: بمناسبة مرور الذكرى السنوية التاسعة لجينوسايد شعبنا في شنكال

بيان إلى الرأي العام
تحل اليوم الذكرى التاسعة للإبادة الجماعية بحق أبناء الشعب الكردي من إيزيدي شنكال؛ إثر هجوم غادر من قوى الظلام متمثلة بتنظيم الدولة الإسلامية داعش، بعد أن استولوا على كافة الأسلحة والعتاد الخفيفة منها والثقيلة، التي خلفها الجيش العراقي عند انسحابه من الموصل،

مما أعطى التنظيم الإرهابي دفعا ليتغول ويظهر وحشية قل نظيرها في التاريخ بحق مكون مسالم متعايش مع الجوار، مما شكل ضربة مدمرة لتواجد المكون الإيزيدي على أرضه التاريخية وهو يصارع من أجل البقاء والحفاظ على وجوده.

فكانت الكارثة بسبب تباطؤ المجتمع الدولي وضرورة تدخله الفوري حينذاك لإيقاف المجزرة، حيث أسفر الهجوم عن آلاف الضحايا بين قتيل وجريح وأسير ونازح بالإضافة إلى آلاف من النساء والأطفال الذين تعرضوا لأبشع صنوف التعذيب والاستعباد الجنسي.

فكان حصيلة تلك المأساة استشهاد ٥٠٠٠ ضحية، و تشرد ونزوح أكثر من ٣٥٠٠٠٠ إيزيدي، واختطاف ٦٤١٧ شخصا تم تحرير ٣٥٧٠ منهم، فيما لايزال حوالي ٢٨٠٠ مجهول المصير، وينبغي هنا الإشارة الى دور قيادة الاقليم والبيشمركة في واجب تحرير شنكال والمساعي الخيرة لحكومة إقليم كردستان والسيد نيجيرفان بارزاني رئيس مجلس الوزراء آنئذِ في تأسيس مكتب متابعة شؤون المفقودين؛

حيث أثمرت تلك الجهود منهم ومن الكثير من الشرفاء من أبناء الشعب العراقي بمختلف مكوناته في تحرير معظم الأسرى لدى التنظيم الإرهابي وعلى أمل أن تتواصل هذه الجهود المباركة لتوفير العلاج النفسي أيضا لهؤلاء الضحايا.

تحل الذكرى التاسعة للإبادة المرتكبة بحق الإيزيديين الشنكاليين؛ وآثارها لازالت باقية حيث تنتظر شنكال عودة الحياة بعودة النازحين وإعادة بناء ما دمرته الحرب، وبسط سيادة القانون بتفعيل وتنفيذ الاتفاق الذي عقد بين حكومة إقليم كوردستان والحكومة الإتحادية في العراق بشأن شنكال، وكذلك كل مايتعلق بالمادة ١٤٠ العالقة بين بغداد وهولير لإعادة الأمن والأمان إلى ربوع شنكال من جديد، بمساهمة هولير وبغداد بمشاركة التنمية والاعمار وتقديم الدعم لعودة النازحين، بالإضافة لإيلاء الاهتمام بالعشرات من المقابر الجماعية المكتشفة منها وما لم يكتشف بعد، وتوثيقها لاستخدامها في تقديم المجرمين للعدالة.
تحل الذكرى التاسعة وكلنا أمل أن يسير المجتمع الدولي وباقي الدول على منوال بعض الدول كألمانيا وبريطانيا لإعتبار الكارثة التي حصلت بحق الإيزيديين في شنكال إبادة جماعية بحق المكون الإيزيدي.

الخزي والعار للقتلة المجرمين
والمجد لشنكال
العودة الآمنة لأهلها

قامشلو ٣ آب ٢٠٢٣م
الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي

 

مستقبل النظام في سوريا

د. محمود عباس

تحول نظام بشار الأسد في السنتين الأخيرتين من أحد أسوأ أنظمة الإجرام في العالم إلى دولة تديرها عصابات المافيا المنظمة على مستوى الكارتيلات، تشترك فيها إيران وحزب الله، إلى جانب هدفهم كسب المال وتأمين العملة الصعبة، تدمير دول المنطقة وخاصة الخليجية، أو إرضاخها لمساعدتها اقتصاديا، ومحاولة إقناع أمريكا وأوروبا لرفع الحصار الاقتصادي – السياسي عنها.
وبالأمل في رفع الحصار الاقتصادي، أصبح يهدد المجتمع الأوروبي مؤخرا، وربما الأمريكي، بالعمل على إيصال مخدراته إلى مجتمعاتهم، وذلك عن طريق محاولات فتح أقنية التعامل مع المافيات التركية، والأوروبية، وأمريكا اللاتينية، والمكسيكية. هذا التحول كان من نتائج عجز إيران وروسيا على استمرارية دعمه بالعملة الصعبة، وإنقاذه اقتصاديا مثلما كان يتم في السنوات السابقة.

وقد أصبح واضحا للجميع وفي مقدمتهم النظام ذاته، كيف أن الدمار ضمن هيكليته ينتشر بشكل متسارع وفي كل المجالات، بدءً من انهيار سعر العملة إلى التضخم المرعب في السوق، ونضوب مواد الطاقة، والعجز الكامل في إيقاف مسيرة الدمار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وغيره، المؤدي إلى تسارع التآكل الداخلي ضمن أروقة السلطة ذاتها في الفترة الأخيرة، وظهور صراع داخلي بين المجموعات المهيمنة على النظام الذين تم تسخيرهم في مجال المخدرات لإلهائهم بالمال الناتج من تجارة المخدرات.
يرى بعض المحللين أن غاية النظام ليس فقط إنقاذا الذات، بل تدمير المجتمعات المحيطة بسوريا بعدما تمكن من تدمير المجتمع السوري عن طريق الإجرام والعنف، والتي أستخدم فيها قرابة 340 هجوما بالأسلحة الكيمياوية وإسقاط أكثر من 82 ألف برميل متفجر، معظمها فجرت بين المدنيين وفي الأسواق العامة. ومن غرائب ذهنية النظام، هي تبرئة الذات، وتجريم أنظمة المجتمعات المحيطة على أنها السبب الرئيس فيما ألت إليه سوريا، وعلى خلفية هذه الجدلية رسمت إستراتيجية محاربة تلك الأنظمة عن طرق نشر المخدرات، متوقعا أن تؤمن له العملة الصعبة اللازمة لحماية ذاته من الزوال، العملة التي نضبت منها بنوك سوريا.
هذا الانتقال في سمات النظام، من دولة استبداد إلى دولة الإجرام إلى دولة المافيات، حسب رأي مجلة (فورين بوليسي) أدى ليس فقط إلى التدمير الكامل لبنية الدولة الاقتصادية، بل بلوغ النظام بكل مؤسساته إلى نهاية العجز التام في بناء المشاريع الاقتصادية أو حتى إعادة بناء جزء يسير من المدمر، فكان البديل، وهو التركيز على إنتاج المخدرات (حبوب الكبتاكون الرخيصة التكاليف والسهلة التوزيع) كمصدر شبه وحيد لجلب العملة الصعبة.
تتبين مقدار ما تحصل عليه مافيات سلطة بشار الأسد من العملة الصعبة من خلال ما تم القبض عليه وتدميره في شهر أيار وحزيران وتموز والتي بلغت قرابة مليار دولار، وكذلك من تبيان ما نشرته تقارير مجلة فورين بوليسي وغيرها من المصادر، والتي تقول بأنه ومنذ بداية تحول السلطة من نظام الدولة إلى حكومة مافيات إي تقريبا ما بين عامي 2016 و2022 تم مصادرة مليار حبة كبتاغون، وبعملية حسابية بسيطة، لسعر الحبة الواحدة التي تباع بسعر 20 دولاراً تكون الدول المجاورة قد حجزت قرابة أربعين مليار دولار خلال السنوات الماضية. وحسب المنظمات المختصة بتجار الكارتيلات، أن ما يتم حجزه لا يزيد عن 20% من الكمية المنتجة الكلية، ولا شك أن هذه الأموال لن تعود لصالح الدولة أو لخدمة الشعب أو بناء المدمر، ولن تدخل في ميزانية الدولة بل تتحكم بها تجار الحروب وجلهم من المتنفذين ضمن الدولة، وقادة الجيش وعماد النظام.
وبعملية في جنوب ألمانيا في الشهر الماضي تم تدمير بضاعة بلغت سعرها قرابة عشرين مليون دولار كانت قادمة ومصنوعة في سوريا.
كل هذا الإنتاج هي نتيجة تحويل مصانع الأسلحة الكيميائية التي تم تدميرها من قبل الأمم المتحدة، إلى معامل لإنتاج حبوب الكبتاغون، والتي تكلف الحبة منها أقل من عشرة سنتات، وتباع في أسواق الخليج، حسب بعض المصادر الدولية، بعشرين دولاراً.
وهذا ما أدى وحسب المصدر ذاته (مجلة فورين بوليسي) كما ذكرنا إلى سقوط سوريا في مستنقع العجز الاقتصادي الكامل، بل أصبحت دولة مدمرة ومنتهية بشكل تام وفي كل المجالات وفي مقدمتها المجال الاقتصادي، وهو ما أدى إلى تفاقم متسارع في الحالة المعيشية، وبالتالي زيادة نسبة الهجرة إلى الخارج إلى قرابة 150 بالمئة مقارنة بعام 2021م.
هذه الإستراتيجية المرعبة، جلبت أنتباه ليس فقط دول الخليج والتي تسارعت إلى عملية التطبيع مع النظام، واحتضان جامعة الدول العربية لأحد أسوأ مجرمي الحرب في التاريخ، بشار الأسد، بل دفعت بأمريكا والدول الأوروبية، على تكثيف المراقبة الجوية لأرض سوريا وحدودها ولتحرك الميليشيات الإيرانية ونشاطات عصابات المافيا النظامية، بالطائرات بدون طيار، وكرد فعل على هذه المراقبة والتوسع الأمريكي تدخلت روسيا وبدأت تصعد المواجهات بين طيرانها والطيران الأمريكي وخاصة ضد دروناتها، في سماء سوريا، ولا شك هي من ضمن استراتيجية الصراع على أوكرانيا والهيمنة الروسية أو الأمريكية على الشرق الأوسط، وأصبح الطرفين يدرجون عمليات مافيا النظام من ضمنها، أي عمليا يتم الصراع على بقاء أو تغيير النظام السوري أو إسقاطه، وهي التي تحدد الوجود الروسي والإيراني في سوريا أو عدمه.
ويظل السؤال: هل استراتيجية حرب المخدرات ستنقذ سلطة بشار الأسد؟ وهل ستتمكن روسيا وإيران من حماية النظام لسنوات قادمة؟ ألا يتبين على أن النظام بدأ ينهار من الداخل، بعدما فشلت المعارضة السورية السياسية والتكفيرية في ذلك فشلا زريعا؟ أم أن روسيا ستعمل بكل ما لديها من القوة للحفاظ عليه، كجزء من استراتيجية صراعها مع أمريكا وأوروبا في أوكرانيا، كما وهو السند القانوني لوجودها في سوريا والشرق الأوسط؟

الولايات المتحدة الأمريكية
mamokurda@gmail.com
1/8/2023م

البيان الختامي للكونفرانس الثاني لدار المرأة

نص البيان الختامي للكونفرانس الثاني لدار المرأة:

بتاريخ الثاني من شهر آب عام 2023، وتحت شعار “بضمان ثورة المرأة الحرة سنطوّر العائلة الديمقراطية”، انعقد الكونفرانس الثاني لدور المرأة بمشاركة 300 شخصية من شمال وشرق سوريا، من أعضاء وضيوف من كافة المؤسسات والإدارات الذاتية والمدنية وحركات المرأة في شمال وشرق سوريا، ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية .

افتتح الكونفرانس بدقيقة صمت استذكاراً لأرواح الشهداء، وكلمة الافتتاحية ألقتها الناطقة باسم مؤتمر ستار ريحان لوقو، وبعدها تم عرض رسائل مسجلة من بعض الناشطات النسويات من مختلف أنحاء العالم، واللاتي قمن بزيارة شمال وشرق سوريا، وتابعن عمل دور المرأة في شمال وشرق سوريا.

كما تمت قراءة توجيهات القائد عبد الله اوجلان، وتقرير أعمال دار المرأة بين عامي 2016 – 2023، بعدها تم فتح باب النقاش، حيث أكدت النقاشات على الدور الريادي والهامّ لدور المرأة في حل القضايا الخاصة بالمرأة وحمايتها من العنف الممارس بحقها.

وأكدت النقاشات على دورها في توعية المجتمع والإسهام في بناء عائلة ديمقراطية، من خلال التدريبات التوعوية والتوجيهات والمحاضرات التي قامت بها ضمن المجتمع.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش الكونفرانس النظام الداخلي لدور المرأة، وإبداء الآراء والمقترحات بخصوص تطوير آليات العمل فيها، ورفع مستوى القدرات والإمكانات لدى جميع العاملات ضمنها، وتمخّضت عن الكونفرانس القرارات والتوصيات التالية :

* توعية المجتمع بشكل عام بالمبادئ الأساسية وقانون الأسرة، وإلقاء محاضرات حول مناهضة العنف ضد المرأة، والوصول الى جميع النساء وتوعيتهن.

*تكثيف التدريبات للرجال والنساء.

* العمل على فتح دار المرأة في دير الزور، وفي جميع المناطق التي لا يوجد فيها دار المرأة.

* توحيد آلية العمل حين المصالحة، وتسليم النساء المعنّفات اللواتي يلجأن لدور المرأة إلى ذويهنّ وتحديد الجهات المخولة بتسليم النساء.

* تشكيل لجان لمتابعة وضع النساء والفتيات اللواتي يتم تسليمهنّ الى ذويهنّ.

* وضع برنامج تدريب وإصلاح وتأهيل للنساء في السجون.

* العمل على إنشاء مشاريع للنساء العاملات في دور المرأة.

* فتح دورات تدريبية اختصاصية للنساء من عوائل الشهداء وبنات الشهداء والنساء الأرامل ومن لا معيل لها.

* العمل على بناء قرى للنساء في كل المقاطعات.

* المطالبة بإنشاء مراكز استشارية للنساء في الخلافات العائلية.

* العمل على التمكين الاقتصادي للنساء المحتاجات للعمل ودعمهنّ.

*فتح أماكن للإراءة ملائمة ليتمكن أحد الوالدين من رؤية ولده الذي بحضانة الآخر.

* إعداد برنامج تلفزيوني لطرح قضايا المرأة خاص بدار المرأة.

* العمل على تطبيق قانون الأسرة في عموم شمال وشرق سوريا.

* إرسال رسائل باسم الكونفرانس إلى القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية، وقيادات قوى الأمن الداخلي والقوات العسكرية، وحثّهم على تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون الأسرة ومعاقبة المخالفين لمواد القانون.

* تشكيل لجنة مؤلفة من دار المرأة وحركة المرأة وقوى الأمن الداخلي – المرأة، وهيئة المرأة ومنظمة سارا، لتعمل على استقبال النساء اللواتي تلجأن إلى دور المرأة وإيجاد مأوى لحمايتها.

* العمل على المصالحة عند تسليم النساء إلى عوائلهنّ.

* متابعة وضع النساء اللواتي تم تسليمهنّ إلى ذويهنّ.

الحلم الكوردي بين متاهات لوزان ودهاليز السياسة الدولية..

عزالدين ملا

يبادر إلى أذهان الكورد، وخاصة في هذه الفترة، ونحن تخطينا المئة عام من أقسى معاهدة تعرض لها الكورد، ونالوا خلالها مختلف صنوف التهميش والإقصاء من جهة، والظلم والاضطهاد من جهة أخرى. لن أدخل في تفاصيل تلك المعاهدة والتي أزيلت كل ما يتعلق ببنود اتفاقية سيفر الخاص بالكورد. ما يراودني هنا، السؤال التالي، لماذا نحن الكورد عن دون بقية الشعوب والقوميات نتحسر على ما حدث في معاهدة لوزان؟ ولماذا لم نحصل على أن نكون ضمن دولة كـ باقي الشعوب؟.

 

السياسة شيء والعاطفة شيء آخر

بالعودة مئة عام إلى الوراء، إلى الفترة التي سبقت معاهدة سيفر، ومن ثمّ إلى الأشهر الفاصلة بين معاهدة سيفر ومعاهدة لوزان، ونحلل ما حدث في تلك التواقيت ونفهم ما جرى فيها وخلالها، لكي نصل إلى سبب عدم وجود دولة كوردستان.

ان ما حصل ويحصل ليس هكذا صدفة تحدث، بل هناك عوامل متعددة داخلية كوردية ومحلية بين الكورد والمكونات الأخرى وعوامل اقليمية ودولية، ان جملة عوامل حددت مصير الكورد خلال المئة السنة الماضية وقد تحدد مصيرهم لمرحلة قادمة إن لم نتخطّ تلك العوامل بذكاء وحنكة سياسية، وليس الضرب على وتر عاطفة الضمير العالمي، فالسياسة شيء والعاطفة شيء آخر، عند السياسة لا يمكن للضمير ان يتحرك، لأنه في هذه الحالة الذي يتحرك هو تشابك المصالح والنفوذ على قاعدة المقايضة والتقايض.

والسؤال الآخر الذي يردده الكورد، هل كانت الدول الكبرى بدون وجود هذه الحلقات الناقصة تستطيع التحكم والتدخل والضغط على انظمة الدول المستحدثة بعد الحدود السياسية التي احدثتها معاهدة لوزان واتفاقية سايكس بيكو في منطقة الشرق الأوسط؟

 

استغلال العاطفة الدينية الكوردية لتمرير المآرب الخبيثة

من العامل الداخلي للكورد، أنهم لم يكونوا قد نضجوا سياسيًا، بل كانت العاطفة الدينية هي التي طغت على المنحى العام لمسيرة الشعب الكوردي وخاصة قادة الكورد الذين كانوا في أغلبهم شيوخ وعلماء دين، هذه ليست بمشكلة (فالدين الإسلامي محل عزّ ومفخرة الكورد )، ولكن المشكلة الرئيسية أن جميع قادات الكورد آنذاك وقفوا إلى جانب الإمبراطورية العثمانية نتيجة الروابط الدين الإسلامي ووقفوا موقف العداء ضد الحلفاء (الإنكليز والفرنسيين)، في وقت كانت قادة الشعوب والقوميات الأخرى كـ الشعب العربي مثلاً وقفوا إلى جانب الإنكليز ضد العثمانيين، وهذا كان عامل مهم من العوامل الأخرى التي نحن بصدد الحديث عنها، جعل من راسمي وجه الشرق الأوسط الجديد مَنْ في غرف القرار لدول الحلفاء أن يحسبوا ألف حساب قبل أن يتخذوا أي قرار بحق تأسيس دولة للشعب الكوردي. طبعًا كل ذلك ليس فقط أن الشعب الكوردي متمسك بشكل كبير بعاطفته الدينية الإسلامية السمحة، وهذه الصفة معروفة   ولكن ما غُرِروا به هو من كان يدق على وتر العاطفة الدينية واستغلال تمسك الكورد بدينهم الإسلامي لتمرير مآربهم الخبيثة وهم السلطنة العثمانية أولاً ومن ثمَّ الحركة الكمالية ثانياً، الذين استغلوا الكورد لتحقيق غاياتهم من جهة، وجعل الكورد يظنون أن محاربة الإنكليز والفرنسيين هو محاربة الكفار، كما ظنوا انهم هكذا سيحققون الإخوة مع العثمانية والترك من جهة ومع العرب والفرس من جهة أخرى، وأنهم سيوفون بالمقابل للكورد بعض جمائلهم، هذا التمرّد العاطفي أحدث عداوة بين الحلفاء والكورد، ممّا خلق في ما بعد حالة كوردية جديدة في أن العاطفة والقوة ليسا فقط عوامل تأسيس دولة، بل أن اساليب السياسة واللعب في دهاليزها وتمرير المصالح وربطها مع مصالح الدول الكبرى عامل مهم ورئيسي لتحقيق حلمهم في حق تقرير المصير، ولكن للأسف بعد فوات الأوان.

فرض حلقة ناقصة لغاية الضغط والابتزاز والمقايضة

العامل الجغرافي والبشري، الوجود الكوردي في بقعة جغرافية وبشرية مهمة من حيث الموقع والثروات والقوة البشرية. فالجغرافيا الملعونة التي يعيش عليها الكورد أسال لعاب الإمبراطوريات ودولًا قديمًا وحديثًا، فالموقع الجيواستراتيجي للشعب الكوردي جعل من أراضيه مرتعًا للحروب والمؤامرات بين القوى الكبرى منذ فجر التاريخ وحتى الوقت الحالي ومازالت حياكة والمؤامرات والدسائس مستمرّة فوق أرض كوردستان. وفي هذه الحالة لا يفوّت القوى الكبرى أيّ ثغرة يمكن الاستفادة منها لبسط هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط، وعند تأسيس دولا جديدة (تركيا، إيران، العراق، سوريا)، فرضت حلقة ناقصة مشتركة بين تلك الدول للإبقاء على نقطة خلل يمكن من خلالها الضغط والمناورة والمقايضة، فكانت تلك الحلقة الناقصة هم الشعب الكوردي وأرضهم كوردستان، قسمت وطنهم بين تلك الدول.

لو كانت دولة كوردستان مُشكَّلة في معاهدة لوزان، ستكون الحلقات كاملة، ولن يظهر هناك مشاكل مستقبلية، ولن تستطيع القوى الكبرى من التدخّل والتحكم بمصير تلك الدول، لذلك ومنذ ذاك التاريخ وأصبح الكورد مصدر قلق لدى الأنظمة المستحدثة والغاصبة لأرض كوردستان، وأداة يمكن من خلالها تحكم القوى الكبرى وابتزاز تلك الدول ومعظم أنظمة دول الشرق الأوسط.

 

النضال الكوردي تحوّل من المضمون الكوردي إلى العيش المشترك

صحيح أن هناك ثورات كوردية كثيرة حصلت قبل، وبعد معاهدة لوزان، ولكن كانت أهداف تلك الثورات أهدافها مختلف إذا ما قارنّا بين قبل وبعد لوزان، قبلها كانت الثورات في معظمها مع القوميات الأخرى من الترك والعرب ضد دول الحلفاء والنابع من الرابط الديني والجيرة، وهذه كانت القشة الذي قسمت ظهر الكورد، أما بعد معاهدة لوزان اختلفت اهداف الثورات، حيث ناضلت حسب خصوصية كل جزء. في سوريا، كانت الثورات قاداتها كوردًا من صالح العلي وابراهيم هنانو ولكن كانت غاية تلك الثورات ليست لأهداف كوردية بل دفاعا عن الأرض السورية ضد الفرنسيين، وكذلك الحال في باقي أجزاء كوردستان، لذلك خرج النضال الكوردي من مضمونها الكوردي إلى مضمون آخر وهو العيش المشترك، وهذا لم يكن بغريب عن الكورد، ولكن الذي تغيّر الظروف والغايات والأهداف، والكورد كانوا دائما في مؤخرة التطور السياسي ومازالوا.

المتنفس الوحيد الذي أعاد الحياة إلى الروح الكوردية هو الكيان الكوردي الذي بَصرَ النور وخرج من تحت الرماد، إقليم كوردستان مبعث الأمل الكوردي، ولحق بركب السياسة الدولية، وخلق لنفسه رقمًا صعبًا في المعادلة المحلية والإقليمية والدولية، كل ذلك بفضل الحنكة والحكمة والدبلوماسية التي تمتعت بها الشخصية البارزانية من الملا مصطفى البارزاني ومروراً بـ الزعيم مسعود البارزاني ووصولًا إلى الجيل الشباب الحالي، نيجيرفان البارزاني ومسرور البارزاني.

 

كلمة لابد منها

بعد أن تخطينا المئة سنة من أبشع معاهدة عرفها التاريخ الكوردي، ماذا لدينا نحن الكورد؟ ماذا نستطيع أن نفعل؟ وهل الدول الكبرى سترأف بالوضع الكوردي نتيجة هذه المعاهدة؟

كل هذه الأسئلة يطرحها الكورد في أجزاء كوردستان الأربعة، وهل سنشهد الحلم الكوردي في قيام دولة كوردستان المستقلة؟

ما إن حلّلنا الحالة الكوردية والاضطراب الداخلي الكوردي، والتشتت في الموقف والهدف، وما رأيناه في التجمع الكوردي الذي حصل في مدينة لوزان السويسرية بمناسبة ذكرى مئوية معاهدة لوزان، العشرات من الأعلام الذي يعطي انطباعا سلبيا هذا أولا، وثانيا المطالبات المختلفة في الموقف والهدف على المصير الكوردي، وكأننا بمطالباتنا ندعم بنود معاهدة لوزان، عندما يخصص لكل جزء مطلبه وموقفه وهدفه.

للنهوض خطوة بخطوة نحو الأمام هو الحفاظ على المكسب الكوردي في الجزء الجنوبي لكوردستان، ودعم حكومة إقليم كوردستان وتحقيق التوازن بين المطالب الكوردية في الأجزاء الأخرى مع مطالب حكومة إقليم كوردستان والمرجع الكوردي الزعيم مسعود البارزاني،   للدفع بقوة في سياسة إقليم كوردستان في المعادلة إقليمية والدولية.

 

بيان من حزب سوريا المستقبل: بحزن وأسف بالغ وعميق نستذكر ضحايا الهجوم الوحشي الذي تعرض له المجتمع الإيزيدي

في الذكرى التاسعة لوقوع مجزرة الثالث من آب لعام ٢٠١٤ بحق الشعب الإيزيدي في شنكال، إنَّنا في حزب سوريا المستقبل نستذكر بحزن وأسف بالغ وعميق ضحايا ذلك الهجوم الوحشي، الذي تعرض له المجتمع الإيزيدي من جرائم، قام بها تنظيم د.اعش الإرهابي في العراق، لتكون تلك المأساة الأليمة حلقة في سلسلة طويلة من جرائم الإبادة والتنكيل التي تعرض لها المجتمع الإيزيدي عبر تاريخه، دفع خلالها الأثمان الباهظة، من قتل وتشريد واضطهاد، وبشكل خاص النساء والأطفال، وما يزال الكثير من ضحايا تلك الجرائم مجهول المصير حتى الآن.

ما حدث في الثالث من آب لعام ٢٠١٤ يعد مخالفاً لكافة المبادئ الإنسانية والمعايير الأخلاقية، وجريمة بحق الإنسانية جمعاء، توجب على المجتمع الدولي والمنظمات ذات الصلة، العمل بشكل جاد وحازم على عدم وقوع مثل هذه الجرائم مستقبلاً، وكذلك القيام بما يلزم لمحاسبة الجناة ومن يقف خلفهم في تنفيذ هذه الجرائم والانتهاكات الفظيعة، وتأتي في مقدمتهم دولة الاحتلال التركي وعملائها في المنطقة.

ولذا فإن توجه الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا بمحاكمة مجرمي تنظيم داعش الأجانب، خطوة متقدمة وهامة، يجب على المجتمع الدولي والدول الفاعلة القيام بما يلزم في هذا السياق، وإجراء خطوات عملية.

وفي هذه الذكرى الأليمة، إننا ندعو إلى رفع الظلم عن الشعب الإيزيدي ومحاسبة الجناة، ومن تسبب بالمجزرة، وهذه مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي، وكذلك يجب أن يكون يوم الثالث من آب يوماً للاعتراف بحقوق الإيزيديين وثقافتهم، والعمل على إنهاء مأساتهم ومعاناتهم بشكل كامل ونهائي.

حزب سوريا المستقبل
الرقة
٢ آب ٢٠٢٣

مقتل طفل في 2-8-2023، متأثراً بجراحه التي أصيب بها إثر قصف لقوات النظام السوري على ريف محافظة إدلب الجنوبي في 1-8-2023

الطفل محمد زكريا اسماعيل، من أبناء قرية معربليت في ريف محافظة إدلب الجنوبي، قُتل في 2-8-2023، مُتأثراً بجراح أُصيب بها في 1-8-2023، إثر قصف مدفعية تابعة لقوات النظام السوري قذائف عدة على قرية معربليت في جبل الزاوية في ريف محافظة إدلب الجنوبي، حيث سقطت إحدى القذائف في منزلهم ما تسبب بإصابة الطفل محمد بجراح خطيرة.

تخضع المنطقة لسيطرة فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام، وتشير الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى أن قوات النظام السوري قد ارتكبت بشكل لا يقبل التَّشكيك خرقاً لقراري مجلس الأمن رقم 2139 و2254 القاضيَين بوقف الهجمات العشوائية، كما انتهك قواعد القانون الدولي الإنساني الخاصة بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين؛ ما يؤدي لنشر الذعر بين المدنيين واقتلاعهم من أرضهم وديارهم، ودفعهم نحو التشريد القسري، حيث يقدر عدد المشردين داخلياً بقرابة 6.5 مليون مواطن سوري. وعلى المجتمع الدولي الضغط على النظام السوري وحلفائه لتعويض الضحايا المشردين وترميم المنازل والمراكز الحيوية، ودعم عملية الانتقال السياسي والضغط لإلزام الأطراف بتطبيق الانتقال السياسي ضمن مدة زمنية لا تتجاوز ستة أشهر كي يتمكن ملايين المشردين من العودة الآمنة والمستقرة إلى منازلهم.

المصدر: الشبكة السورية لحقوق الإنسان

 

التقرير الشهري لانتهاكات حقوق الإنسان في مناطق الاحتلال التركي والفصائل الموالية لها خلال شهر تموز 2023

-عفرين:

-2/7/2023 أقدمت دورية مشتركة من استخبارات الاحتلال التركي وعناصر الشرطة المدنية على اعتقال مسنين كرديين بتهمة ترأسهم للكومين في فترة وجود الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين والمسنيين هما عزت محمد طويلة 56 عاماً – اسماعيل محمد الشيخ مصطفى 63 عاماً”، وتم اقتيادهما إلى جهة مجهولة ولايزال مصيرهم مجهولاً.

-3/7/2023 أقدم عناصر من الشرطة المدنية على اعتقال الطفل القاصر “مرسل بوظان شيخ صالح برازي 15 عاماً” من أهالي قرية دير صوان بريف عفرين وأن الطفل اعتقل من وسط القرية وتم اقتياده إلى جهة مجهولة ولايزال مصيره مجهولاً.

-7/7/2023 قام مسلحي فصيل الحمزات في عفرين بإطلاق الرصاص الحي على المواطن “جهاد محمد إبراهيم جابو 21 عاماً”، بعد رفضه ترك منزله قام المسلحون بإطلاق رصاصتين عليه احداها في صدره والثانية في يده اليسرى وتم إسعافه إلى مستشفى في مدينة أعزاز لتلقي العلاج هناك.

-10/7/2023 أفرجت سلطات الاحتلال التركي عن المواطن “محمد رشيد محمد 34 عاماً”، من أهالي قرية ديكيه، بعد دفعه غرامة 400 دولار في مدينة عفرين، كما أقدم عناصر الشرطة العسكرية على اعتقال مواطنين من أهالي قرية كفر صفرة التابعة لناحية جنديرس وهما “حسين رشيد حمزة 39 عاماً – مراد حسين محمد 26 عاماً”، وقد تم اقتيادهما إلى جهة مجهول ولا يزال مصيرهما مجهولاً، فيما اعتقلت الشرطة المدنية في ناحية  راجو المواطنين “جميل صبري عبدو 55 عاماً – بحري رشيد بلال 75 عاماً” من أهالي قرية “دُمليا”، بتهم المشاركة في الحراسة الليلية أثناء الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين، وأفرجت عنهما في اليوم التالي، بعد أن فرضت على كل واحد منهما غرامة مالية /200/ دولار.

-15/7/2023 اعتقلت سلطات الاحتلال التركي “خالد علي 31 عاماً – عمر حميد حاجي محمود 42 عاماً”، في حي الأشرفية قرب محطة الكهرباء، بتهمة أدائه خدمة التجنيد الإجباري في فترة الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين.

-16/7/2023 قام عناصر من الشرطة المدنية في ناحية راجو باعتقال الشقيقين “حبش 52 عاماً وإسماعيل 49 عاماً ابني عارف علو”، بتُهمة المشاركة في الحراسة الليلية في الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين، كما اعتقلت المواطن “عبدو جعفر سيدو 45 عاماً” اعتقل بتهمة العمل مدرساً، حيث أُطلق سراح “حبش” في ذات اليوم، و”إسماعيل” و “عبدو” بعد يومين، بعد فرض غرامة مالية /200/ دولار أمريكي، على كلّ واحد منهم.

-18/7/2023 أفرجت الشرطة العسكرية عن المواطنين “نوال خليل حج حنان 26 عاماً – عبد الله حج حنان 40 عاماً”، بعد أن دفع كل منهما مبلغ 400 دولار أمريكي لقاء إطلاق سراحهما.

-19/7/2023 أقدم عناصر الشرطة المدنية على اعتقال المواطن “حسين بكر سليمان 48 عاماً”، وتم اعتقاله بتهمة ترأسه الكومين في فترة الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين، هذا وقد تم اقتياده إلى جهة مجهولة دون معرفة شيء عن مصيرهم.

-23/7/2023 فرض مسلحي فصيل السلطان سليمان شاه “العمشات” مبلغ 1500 دولار أمريكي على كل من المواطنين “عبدو دلو – عمار حسن تام”، لقاء استعادة منازلهم المستولى عليها من قبل المستوطنين، علماً بأن كلا المواطنين قد عادا من الأراضي التركية في الفترة الأخيرة ويقيمان حالياً لدى بعض الأقرباء والاصدقاء في بلدة جنديرس، كما أصيبت المواطنة “هيفين حمو شرو 20 عاماً”، بشظية في قدمها جراء قصف القوات التركية المتمركزة في قرية جلبر، بأربع قذائف هاون محيط قرية بينه التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين.

-24/7/2023 أقدم عناصر من الاستخبارات التركية وعناصر الشرطة العسكرية على اعتقال أربعة شبان من أبناء قرية جلمة التابعة لناحية جنديرس، وهم: “جمعة مصطفى علوان 27 عاماً – عبد الرحمن حسين عليكو 35 عاماً – محمد مصطفى بنفشه 31 عاماً – خالد رسول كلخلو 25 عاماً”، بتهمة أداء واجب الدفاع الذاتي في فترة الإدارة الذاتية قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين وتم اقتيادهم إلى جهة مجهولة ولايزال مصيرهم مجهولاً.

-26/7/2023 قامت الشرطة المدنية في بلدة راجو، باعتقال كلاً من “محمد محمد فاتي 45 عاماً – سعيد عبدو عثمان 65 عاماً – صبحي الحسين 55 عاماً”، بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية التي كانت في عفرين قبل احتلال الدولة التركية لمدينة عفرين

-تل رفعت:

-28/7/2023 قامت القوات التركية باستهداف قرية “كوندي مازن/الذوق الكبير” في ناحية شيراوا بسلاح دوشكا، وأسفر الاستهداف عن إصابة الطفل “خليل محمد والدته عديلة 14 عاماً” أثناء وقوفه أمام منزله، حيث تم إسعافهم إلى مشفى بلدة الزهراء لتلقي العلاج الإسعافي المناسب.

-29/7/2023 قصفت القوات التركية بالقذائف المدفعية مدينة “تل رفعت” حيث سقطت إحدى القذائف بالقرب من منهل الماء الذي يتم من خلالها توزيع المياه عبر الصهاريج على المهجرين من أهالي مدينة عفرين مما أدى إلى إصابة سائق أحد الصهاريج السائق “أزاد حسين كلدادو 35 عاماً”، وقد تم نقله إلى مشفى تل رفعت لتلقي العلاج المناسب.

-كوباني:

-5/7/2023 قامت القوات التركية باستهداف مدينة كوباني بالقذائف المدفعية وأسفر القصف عن إصابة كلاً من: “سوزدار مصطفى عثمان 30 عاماً – مسلم نبي اوسو 25 عاماً”، نقلا للعلاج إلى مشافي مدينة كوباني لتلقي العلاج.

-منبج:

-16/7/2023 إصابة المواطن “أحمد محمد زين الجاسم 44 عاماً” بجروح بسيطة أثناء تواجده في مسجد بقرية حسن آغا جنوبي مدينة منبج، وذلك نتيجة استهداف الطيران المسير التركي لسيارة على طريق سد تشرين.

-الحسكة:

-تل تمر وزركان:

-5/7/2023 قصفت القوات التركية قرية قبور القراجنة شمال ناحية تل تمر بالمدفعية الثقيلة، واقتصرت الأضرار على الماديات فقط.

-11/7/2023 استهدفت القوات التركية بالمدفعية الثقيلة قرية قبور قراجنة ودرداره بناحية تل تمر واقتصرت الأضرار على الماديات فقط دون وقوع ضحايا.

 

المصدر: مبادرة دفاع الحقوقية

10 ضحايا بين قتيل وجريح في السويداء في تموز 2023

رصدت السويداء 24 في شهر تموز المنصرم، مقتل 4 مدنيين، وإصابة 6 آخرين، جراء حوادث عنف متفرقة، شهدتها محافظة السويداء.

وسجلت السويداء 24 في تقريرها الشهري، جميع الضحايا من المدنيين الذكور. قُتل 3 منهم في جرائم جنائية ناجمة عن خلافات شخصية، إضافة إلى مقتل مدني واحد وسط ظروف غامضة، تضاربت الروايات حولها.

وكانت أول أحداث العنف التي وثقتها السويداء 24، في يوم الأحد 2/7/2023، عندما لقي الشاب كنان كنج العربيد حتفه في ظروف غامضة، إثر إصابته بشظايا قنبلة،  انفجرت على مسافة قريبة جداً منه، داخل منزل عائلته في بلدة عتيل شمال مدينة السويداء. وتضاربت الروايات حول الحادثة، بين مصادر من البلدة قالت إن القنبلة التي انفجرت كانت بحوزته، ومصادر مقربة منه قالت إن مجهولين القوا القنبلة عليه من خارج المنزل.

وفي يوم الخميس 6/7/2023، قُتل المواطن صالح زين الدين، من أهالي بلدة نجران في ريف السويداء الغربي، إثر تعرضه لإطلاق نار، بعد نزاع على حدود عقار نشب بينه وبين جيرانه، وتطور لإطلاق نار، انتهى بمقتل صالح زين الدين.

يوم الثلاثاء 11/7/2023، لقي الشاب حازم أبو حسن مصرعه، بعد هجومه على منزل لعائلة أبو أمين في بلدة عريقة بريف السويداء الغربي، نتيجة نزاع بينه وبين أحد أفراد العائلة. وبعد إطلاق نار كثيف من حازم على المنزل، تسبب بإصابة ثلاثة مدنيين داخله، تلقّى حازم عدة رصاصات أودت بحياته. وبعد اسبوع من الحادثة، عقدت عائلة القتيل مع عائلة أبو أمين صلحاً عشائرياً، أسقطوا خلاله الدعاوى القضائية في الواقعة.

وفي يوم الخميس 13/7/2023، أصيب الشاب أمجد العصوي، من أهالي مدينة شهبا، إثر تعرضه لإطلاق نار، بعد خلاف مجهول الأسباب نشب بينه وبين أقارب طليقته، في حي العرب بالمدينة.

أما يوم الثلاثاء 18/7/2023، لقي عطاف الحمد الشنابلة حتفه، وأصيب ابن عمه بجروح خطيرة أدت لبتر قدمه، وذلك جرّاء تعرضهما لإطلاق نار من شخص من عشيرة الرمثان، في قرية الشعاب في ريف السويداء الشرقي. الجريمة حصلت بعد إطلاق الحمد وابن عمه النار فوق ابن القاتل ومحاولتهما توقيفه، ليستدعي الابن والده، ويرد الأخير بالرصاص على الشابين. وتسببت الحادثة بتوتر عشائري، قد يؤدي إلى حوادث ثأرية في الفترة المقبلة.

وكانت أخر حوادث العنف التي وثقتها السويداء 24، يوم السبت 29/7/2023، عندما أصيب الشاب طارق أبو حمرا برصاص في قدمه، في أثناء محاولة خطف تعرض لها على طريق دمشق السويداء، بعدما اعترضه مسلحون مجهولون، بالقرب من قرية براق، وأطلقوا النار عليه. أُسعف أبو حمرا إلى المشفى الوطني بعد إصابته، وتلقى العلاج اللازم.

المصدر: السويداء 24

توثيق 12 انتهاكا في السويداء خلال تموز 2023

رصدت السويداء 24 في شهر تموز المنصرم، 12 انتهاكاً ضد المدنيين في محافظة السويداء، تراوحت بين عمليات خطف واعتقال تعسفي.

وكان جميع ضحايا الانتهاكات من المدنيين الذكور، منهم 6 اعتقلتهم الأجهزة الأمنية، لكنها أفرجت عنهم في نفس الشهر، نتيجة ضغوط أهلية تمثلت باختطاف ضباط وعناصر في حوادث متفرقة.

كما وثقت الشبكة اختطاف عصابات منظمة لمدنيين اثنين في السويداء، أطلقت سراحه أحدهما في نفس الشهر مقابل فدية مالية، فيما لا يزال الثاني محتجزاً حتى تاريخ اليوم، والجهة الخاطفة تطلب فدية مالية للإفراج عنه.

كذلك خطفت فصائل مسلحة 3 مدنيين جراء نزاعات مالية، وأفرجت عنهم جميعاً في نفس الشهر. فيما سجلت السويداء 24 اختفاء مدني واحد من أهالي السويداء في دمشق، لا يزال مصيره غامضاً حتى ناريخ إعداد التقرير.

وشهد الشهر الماضي احتجاز مجموعات أهلية لحوالي 25 ضابطاً وعنصراً من الجيش السوري والأجهزة الامنية في حوادث متفرقة، كانت رداً على اعتقالات المدنيين، وانتهت جميع تلك الحوادث بعمليات تبادل.

كانت بدايتها يوم الاثنين 3/7/2023، عندما خطفت عصابة مسلحة المواطن زكريا حسين حمدون البالغ من العمر 56 عاماً، في أثناء عودته على دراجة نارية إلى منزله، بعدما أنهى عمله في محله لصيانة ماكينات الخياطة الكائن قرب دوار العمران في مدينة السويداء. زكريا ينحدر من درعا، ويقيم منذ عدة سنوات في السويداء. وبعد اسبوع من اختطافه، تم إطلاق سراحه مقابل فدية مالية دفعتها عائلته للجهة الخاطفة.

يوم الخميس 6/7/2023، اعتقلت أجهزة الأمن عند حاجز قصر المؤتمرات على أوتوستراد دمشق – السويداء، المواطن خالد فريد حسان من أهالي بلدة المزرعة في ريف السويداء الغربي، والحجة وجود مذكرة توقيف بحقه لصالح فرع التحقيق التابع للأمن السياسي في دمشق. وبعد أيام من اعتقاله، أطلقت الأجهزة الأمنية سراحه، بعد تدخل وساطات أهلية.

وفي يوم الأحد 9/7/2023، قطع مسلحون محليون طريق دمشق السويداء، واختطفوا ثلاثة ضباط من الجيش السوري، رداً على اعتقال الشاب كناز حلاوي من أهالي بلدة الثعلة في ريف السويداء الغربي. والشاب كناز كان معتقلاً منذ شهر حزيران الفائت، تمهيداً لتحويله إلى الخدمة العسكرية، رغم معاناته من ظرف صحي خاص، كان يتطلب رعاية طبية. وعلى إثر التصعيد، أطلقت الأجهزة الأمنية سراح كناز في اليوم التالي، كما أفرج المسلحون المحليون عن ضباط الجيش الثلاثة الذين احتجزوهم.

وفي يوم الأحد 16/7/2023، اعتقلت الأجهزة الأمنية الشابين مدين شاكر عامر (28 عاماً)، وهاني جدعان عامر (38 عاماً)، من أهالي قرية حزم في ريف السويداء الشمالي، وذلك في حمص، حيث كانا يحاولان المغادرة إلى لبنان. تسبب اعتقالهما بتوتر شديد يوم الاثنين 17/7/2023، حيث قطع أقاربهما طريق دمشق السويداء، واختطفوا 15 بين ضابط وعنصر من الجيش والأجهزة الأمنية. وبعد ساعات من التصعيد، أطلقت الاجهزة الأمنية سراح مدين وهاني، كذلك أفرج اقاربهما عن الضباط والعناصر المحتجزين.

وفي يوم الخميس 20/7/2023، شهدت محافظة السويداء عمليات خطف متبادلة، بدأت باختطاف مجموعة مسلحة للشابين سيّار العثمان وأحمد العثمان من أهالي قرية المنصورة الواقعة في ريف السويداء الغربي، وذلك على طريق ملح الهويا شرقي السويداء، جراء خلاف مالي. ورداً على الحادثة، اختطف أقارب سيّار وأحمد العثمان الشاب ثامر مشاري غزالة، من أهالي بلدة ملح. حيث يعمل الأخير على سيارة أجرة، وقد استدرجته مجموعة مسلحة نت أقارب العثمان إلى قرية المنصورة، وقامت باختطافه، والمطالبة بإطلاق سراح الشابين في ملح، مقابل الإفراج عن غزالة. وبعد يومين من الحادثة، تم إطلاق سراح المخطوفين من الجانبين، نتيجة وساطات أهلية.

وفي يوم الأحد 23/7/2023، اعتقلت الأجهزة الأمنية الشاب رافي أسامة الشاهين، من أهالي قرية المنيذرة في ريف السويداء الجنوبي، قرب كراجات العباسيين في العاصمة دمشق. وبحسب مصادر مقربة منه، فقد كانت وجهته محافظة حمص، ثم لبنان، لكنه اعتُقل في دمشق. عائلته نفت وجود أي دعوى شخصية ضده، وردت بقطع طريق دمشق السويداء لمرتين، واحتجاز ضباط وعناصر من الجيش السوري. انتهت الحادثة يوم الأربعاء 26/7/2023، بإطلاق الأجهزة الأمنية سراح الشاب رافي، مقابل إفراج عائلته عن الضباط والعناصر المحتجزين.

أما في يوم الاثنين 24/7/2023، اختفى الشاب بشار تيسير خضير، من أهالي بلدة الكفر في ريف السويداء، بعد وصوله إلى دمشق. ومنذ اختفائه لم تصل معلومات دقيقة لعائلته عن مصيره، مع تضارب الروايات بين اعتقاله من جهة أمنية، واختطافه من جماعة مسلحة. وقال شقيقه في أخر اتصال مع السويداء 24، إن مصيره لا يزال غامضاً.

في يوم الأربعاء 26/7/2023، خطفت عصابة مسلحة الشاب ظافر أيمن زيدان، من أهالي مدينة النبك في ريف دمشق، وذلك استدراجه إلى السويداء، وخديعته بعلاقة عاطفية. وبعد يومين من اختطافه، ورد اتصال لعائلته من الجهة الخاطفة، تطالب فيه بفدية مالية قدرها 30 ألف دولار أمريكي، مقابل الإفراج عنه. وهدد الخاطفون بقتله إذا لم تتجاوب عائلته وتدفع الفدية، حيث لا يزال محتجزاً لديهم إلى غاية نشر التقرير.

وكانت أخر الانتهاكات التي وثقتها السويداء 24، يوم الأربعاء 26/7/2023، عندما اعتقلت الأجهزة الأمنية المواطن علاء الوقية، من أبناء بلدة المغيّر جنوب المحافظة، وذلك على حاجز قصر المؤتمرات في العاصمة دمشق. وردت عائلته بمؤازرة مجموعة أهلية، باحتجاز محقق في فرع أمن الدولة. تدخلت وساطات بعد احتجاز المحقق، وأفضت جهودها إلى إطلاق سراح الوقية، مقابل الإفراج عن المحقق.

المصدر: السويداء 24

الأساطير – ميثيولوجيا حضارات العالم القديم والحديث- عبد الجبار نوري

ليس غريباً أن نرى اليوم في زمن التكنلوجيا الرقمية الفائقة السرعة وبكل فضاءاتها الثقافية والعلمية وبأغلب جامعات العالم تحتوي على قسم ” علم الأساطير ” mythology ، وربما تراها شاخصة في متحف اللوفر فرنسا أو متاحف دول الغرب مثل حضارات : الخلق البابلي والفرعوني  والأغريقي والروماني والفينيقي والهندوسي والفارسي .

الاسطورة هي ظاهرة سوسيولوجية من صنع الانسان تكتب على الورق بفنتازية خيالية مجتمعبة بتوليفة رؤى ثرة وثرية من خيالات الشعوب وأحاسيسها وعواطفها وتأملاتها  القابلة للجدل عبر حقب تأريخية يأخذ الأنسان الدور القيادي المحوري فيها كالحياة والموت والدين والآلهة وأنصاف الآلهة والكون وغيبيات اليوم الآخرة ، والأسطورة ليست بالضرورة أن تكون كاذبة ضمن الأطار العلمي لأن  كلمة الأسطورة تعني حكاية مقدسة عن الدين والآلهة .

وكما تبين لي من خلال رغبتي وشوقي لكشف المزيد عن هذا الموضوع وجدتُ :

أن الأساطير حضارة والحضارة أساطير ، ولا توجد حضارة مؤرخنة زمكنتها دون أساطير مخالفة للعقل البشري فالمجنون يعتبرها حقيقة والعاقل يعتبرها وسيلة للتسلية والعبرة ، وهنا يدخل على الخط الفيلسوف البريطاني برنت راند رسل قائلا :

{— يلومون الأديان أنها مليئة بالأساطير ، وماذا تكون الدنيا بلا أساطير ؟ أعطوني حضارة دون أساطير ! إن الأنسان نفسهُ أسطوري بالفطرة ، قيل إن الأنسان حيوان عاقل ، أبحث طيلة حياتي عن أدلة يمكمها تأكيد ذلك} أنتهى

الأساطير والتأريخ توأمان أحدهما رديف للأخر كما الكيمياء والسحروجهان لعملة واحدة ، ومن خلال تراتيبية أرخنة حقبات التأريخ البشري على كوكب الأرض الجميل تترى الكم المثير للأهتمام والتأمل !؟

أساطير الخلق البابلية وملحمة كلكامش التي تعود للألفية الثانية قبل الميلاد ، وأكتشفتَ آثارها ولقاها وكنوزها سنة 1875 وبرزت أسماء مشهورة للآلهة البابلية مثل ( أبسو ومردوخ وتيمات ) وحكاية الخلق لم تنضج وتظهر للوضوح إلا بعد دخول الآلهة في صراعات مريرة وصعبة يكون المنتصر فيها القوة الجبارة الخارقة وأن تكون آلهة وليست أنصاف آلهة .

أساطير الحقبة الفرعونية : ظهرت في وادي النيل حسب التراتيبية التأريخية أسطورة خلق الكون وأسطوزة أوزيريس وأسطورة إيزيس ، وأكدت هذه الأساطير ا لدينية توحيد الآلهة بعبادة ( قرص الشمس )  والأعتقاد بالحياة الأخرى ، لذا وُجدت آثار بضع قبضات من سنابل الحنطة مع مومياء أحد ملوك الفراعنة لتكون مؤونة له بعد بث الحياة فيه .

ماذا تعني الأساطير للأنسان ؟

أن البشرية منذ الأزل بحاجة ماسة للأساطير لتفسير ماهية الحياة وصيرورتها الغامضة والصعبة لذا تستنجد بالفنتازيا الخيالية لآقناع ذاتها المتعبة الملوثة بالأرهاصات الجدلية في تفسير الظواهرالحياتية والكونية الخسوف الكسوف الزلازل البراكين الدين الموت الألهة ، فالفوبيا من ماهية الحياة تلازمه بأستمرار وحتى العصرنة الحداثوية ولأجل الوصول إلى البعض من الحلول أخذ يلجأ إلى (الخيال) الذي يكمن وراء الكثير من الأختراعات بحيث أصبح المصدر الأساسي  لجميع الأكتشافات في العالم .

نماذج (مؤرخنة ) للميثيولوجية والأساطيرفي حضارات الشعوب :

-كتاب كليلة ودمنة لأبن المقفع : الكتاب قصة أستعارية دالها الحيوان ومدلولها الأنسان ، ودعوة أصلاحية للبحث والنقد اللاذع للساسة بحيث يتستر فيها الفيلسوف المؤلف وراء شخصيات حيوانية درءاً من غضب الحكام ، ويناقش الكتاب الصراع الأبدي بين قوة المنطق ومنطق القوة ، وليست الشخصيات الحيوانية في كليلة ودمنة إلا وسيلة فنية وظفها أبن المقفع لنقد الواقع الفكري المزري وهبوط المنظومة الأخلاقية السياسية فهو :

يفضح تدهور القيم وأنهيار المنظومة الأخلاقية ، يفضح ظلم الحكام وتفردهم بالسلطة ، يكشف تآمر الحاشية لأجل مكاسب ذاتية ، ويشخص الكتاب المتصوف والمتدين والمتمرد والشقي والملحد ، ويبقى هدف الكتاب الوصول إلى المدينة الفاضلة والأنسان النموذجي .

-الفنتازيا في أدب الرحلات – في رسالتي (الملهاة) لدانتي الأيطالي ورسالة (الغفران) لأبي العلاء المعري : إن الرسالتين من وحي علم الأساطيربهدف خصوبة وثراء فكرة الرسالتين في التنافس ألأنساني المشروع في الوصول إلى تحديث التراث الثقافي العربي والأطلاع على حضارة الغرب الأوربي ومدى التلاقح الفكري والثقافي بين الحضارتين ، وغدت الفكرة مرغوبة لدى المفكرين وكتاب القصة بالركون إلى الفنتازيا السحرية الخيالية التي تجلب الأهتمام وتأسر المتلقي بشكل طوعي لا قسري ، ففي الرسالتين للمعري ودانتي يسير السرد القصصي بسلاسة وأبداع وشوق ، وإن هاتين الجوهرتين النفيستين تعتبران من أبدع روائع الأدب العالمي من خلال أطلاق أعنة الخيال الأفتراضي للبحث عن المدينة الفاضلة والأنسان المصلح النموذجي .

وأخيرا ليس آخراً وهل يغيب القمر في لجوء المكتبة العربية والعالمية إلى العالم الأفتراضي الأسطوري : نماذج

-الحبكة السحرية الفنتازية في رواية المعجزة الأدبية ” إزابيلا أللندي ” وروايتها السحرية ( بيت الأرواح ) والتي عبر عنها الروائي الكولومبي المشهور : غابريل غاريسيا صاحب رواية (مئة عام من العزلة  ) والتي هي الأخرى من النمط الفنتازي الخيالي السحري : تقمصت أليندي الواقعية السحرية بتوليفة الحبكة السردية مع الأسطورة لملحمة عائلية ترقى إلى ما يعرف بالأدب الملحمي .

– نقرأ للمتنبي الأسطورة والرمزية في شعر الفخر فيها من المبالغة ما لا يصدقه العاقل وهو يقول :

أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي

وأسمعتُ كلماتي من به صممُ

– نقرأ الأسطورة والرمزية التصويرية في شعر ( السياب ) بالأستعانة بالميثيولوجية بتوليفة حبكة سحرية مع الأشارات التأريخية ، وهذا مقطع من قصيدته الملحمية مطر مطر والتي ترقى لأيقونة سامقة ضمن الأرث الثقافي العراقي والعربي حينها تمييز عند أدباء العصرنة الحداثوية ضمن دراسة ( الأدب المقارن ) للمقاربات الفكرية الجلية الواضحة بين شعر السياب وأليوت وأبي تمام :

قصيدة مطر مطر ( بعض أباياتها )

عيناك ِغابتا نخيل ساعة السحرْ

أو شرفتان راح ينأى عنهما القمرْ

عيناك حين تبسمان تورق الكرومْ

وترقص الأضواء كالأقمار في نهرْ

كالحب كالأطفال كالموتى هو المطرْ

كاتب وناقد أدب عراقي مقيم في  السويد

 

الذي خسر رأسه .. عثر عليه في (مالمو) بمملكة السويد – مؤيد عبد الستار

هذه القصة كتبت باللغة الكوردية في سنة 1984 ، وتم ترجمتها إلى اللغة العربية من قبل الكاتب القدير المرحوم عبدالستار كاظم ونشرت في صحيفة ( العراق ) في نفس الـسنة ، وفي سنة 2003 تم طبع هذه القصة مع مجموعة أُخرى من قصصي المترجمة للغة العربية من قبل نخبة من الأدباء الكورد تحت عنوان ( طريق الكبش ) .. هذه القصة قريبة من نفسي وحياتي ولاقت رضا القراء في تلك السنوات ؟؟
شكري وتقديري الكبير للأستاذ الرائع الدكتور مؤيد عبدالستار كاظم لجهوده الخيرة في المتابعة ونشر القصة في مجلة ( تموز) الغراء وإرسال نسخة منها إلي بالبريد .

****************

خسر رأسه
قصة : محمد سليم سواري
ترجمة : عبدالستار كاظم

في وقت متأخر عصراً ، وصلتُ والرسول الذي حمل إلي نبأ وفاة أبي إلى ضواحي القرية .
لم تملأ القرية عيني كما كانت سابقاً ، قلت في نفسي : ” ترى هل أن القرية خجلى مني لوفاة أبي كي تبدو بائسة ؟ أم أن الدموع التي ترقرت في عيني وإنحدرت تباعاً جعلتها تبدو لي بائسة ؟
لما رفعت رأسي وقع بصري على التلال والجبال المحيطة بالقرية ، والطبيعة قد جعلت منها فراشاً أخضراً .. إلا أن صفرة الشمس عند المغيب جعلتها تبدو بائسة حزنى في ناظري .. لست أدري هل أن قلبي هو البائس الحزين ؟ أم أن الصفرة هي التي جعلت هذا الربيع يبدو بائساً حزيناً ؟
لم يكن لي إلا أن أتخصر بيدي إذ أن ظهري قد إنحنى وأحسُ كأن حملاً ثقيلاً يرهق كاهلي وأن حملاً ثقيلاً آخر بإنتظاري .. وقبل أن أزيح يديَ عن خاصرتي وضع الناعي يده فوق كتفي وقال :
ــ لا تحزن يا أبن أخي .. الحزن لا ينفع .. الموت طريق لنا جميعاً.
قلت :
ــ كيف توفى والدي يا خالي ( عمر )؟
قال :
ــ یا إبن أخی .. إنه توفی ! إن الله عندما خلقه ، كتب علیه هذا .
توقف عن السير وهو يطلق كلمته تلك ، فأستدرت إليه نصف إستدارة وقلت :
ــ أتظن أنهم لم يُدفنوه حتى الآن .. ياخال ؟
ــ ياحياتي ..لا أظنهم قد دفنوه .. في الحقيقة أراد عمك ومرشد القرية أن يدفناه بسرعة قبل حلول الظلام وحاولا كثيراً ولكي يكف عن البكاء عليه، غير أن والدتك أبت ذلك وقالت : ” إننا لا نملك في الدنيا إلا ولدنا الوحيد، فإن الجثة لا تدفن حتى وإن أراد ذلك كل مَن في الأرض إلا أن يأتي أبني الوحيد .
قال الخال (عمر) ذلك وتغيرت نبرات صوته إذ غلب عليه البكاء وتحشرج الكلام في صدره فحدستُ إنه وبسبب البكاء لا يستطيع أن يروي لي بقية ما في صدره من كلام ، فأردتُ أن أقول شيئا أظهُر له فيه إنني ذو إراده قوية وليس البكاء من شيمتي .. ولكن قبل أن أحرك شفتاي بكلمة أختنقتُ بعبرتي دون إرادتي ، وسالت الدموع من عيني وقد أحسستُ بها أكثر سخونة من دموعي السابقة .. وضاق صدري وتسارعت أنفاسي فضربت بيدي على صدري لأزيح أثقالي فصار زفيري يخرج كالدخان من أنفي فتذكرت المثل القائل : ” عند الحزن يخرج الدخان من الأنف ” .. فدلني ذلك على مبلغ حزني .
تقدمت على الخال (عمر) وهو يتبعني .. وعندما وصلنا إلى الدور التي في طرف القرية لمحنا أطفال القرية فسارعوا إلى القرية ليبلغوا أهلها خبر وصولنا .. وكنت أرجو أن أرى أحداً من أهل القرية رجلاً كان أم امرأة لأسأله ما إذا كان قد دفن أبي أم لا ؟ لكنني لم ألق أحداً .. وكان كل أملي أن ألقى نظرة على جثمان أبي قبل أن يدفن ..
سألت نفسي : ” ترى متى كانت المرة الأخيرة التي رأيت فيها أبي ؟ ” .. وتذكرت أنها كانت حينما زارني في المدينة وقال لي : ” يا ولدي إنك تعرف ما نحن عليه من حال .. كن شاطراً في دراستك .. أملنا بالله وبك .. أيه يا دهرُ.. ودعَ والدي الدنيا دون أن تكتحل عينه بلحظة تخرجي ولم يذق طعم ثمار جهدي وأتعابي وما أثمرت أتعابه.
حاولت أن أستعيد ملامحه يوم زارني لآخر مرة لتبقى عالقة في مخيلتي .. لكن الدموع حالت دون ذلك ، ومرة أُخرى غرقت في بحر الذكريات .. :” أواه .. إنما الدنيا هي كالفلك الدائر.. ففي السنة الماضية ماتت شقيقتي وحينما وصلت القرية كانوا قد دفنوها وها إني لا أتذكر منظر آخر مرة رأيتها فيها فهل يا ترى ىسأُحرم من رؤية جثمان أبي أيضاً وأُحرم من إلقاء نظرة على وجهه وعينيه ليصير ذلك حسرة تحز في قلبي “.. أيقظني من أفكاري تلك حديث الرسول مع أحد القرويين عندما قال له :
ــ ياخال (حسن) ..هل دفن أبو كاره ؟
ــ كلا لم يدفن لحد الآن.. أنهم بإنتظار إبنه .. آه أهذا أنت يا (عمر) قد إفتكرت لقد كنتً المبعوث إلى ولده .. هل جئتم ؟
وقبل أن يجيب ( عمر ) كان (حسن) البصير جالساً فنهض ونسى عكازته على الأرض وإتجه صوب الجهة التي صدر منها كلام المبعوث وقال :
ــ يا إبن أختي (كاره)..لا تحزن .. إنك في مكان أبيك .
قال ذلك وهو يقصدني فتعثر في خطوه بأخشاب مرمية فرفع يده خشية أن يسقط أرضاً ولكن (عمر) سبقه وأمسك به وأخذ بيده فظن (حسن) أنه أنا وأراد أن يُقبله لكن (عمر) قال له :
ــ أيها الخال (حسن) .. قد تركت عكازك على الآرض !
ــ يا (عمر) أنها نكبة كبرى حلت بنا في بداية هذا الربيع فأنستنا كل شيء .
ذهب عمر ليأتي بعكاز حسن البصير ليضعها بيده .. مد البصير يده نحوي فإتجهت إليه وقلبي يقطر حزناً وحسرة فأجهش كلانا بالبكاء ولم أنطق بكلمة ولم تكن إجابتي على قبلاته سوى الحسرات والآهات .. وبعد أن رفع (حسن) البصير يده التي طوقت رقبتي سرنا نحن الثلاثة في زقاق القرية .. وكان الأطفال يتجمعون حولنا في كل خطوة نخطوها ، ويتبعونا ، وقبل أن تقع عيني على السطح المطل على بيتنا رأيت مقبرة القرية حيث كان حشد من الرجال جالسين مثنى وثلاث ورباع ، فتأكد لي بأنهم فرغوا من حفر القبر وحينما لمحونا قادمين والأطفال يتبعوننا نهض بعضهم وإتجهوا نحو القرية فعلمت أنهم ذهبوا ليحملوا نعش والدي الى المقبرة .. ومرة أُخرى حاولت لمً شتات أفكاري .. ماذا أفعل ؟ وماذا أقول لمن يأتي ليواسيني ويصافحني ؟ لم يحضرني أي شيء .. وكان شيء واحد يشغل بالي هو أنني جئت لكي أشبع نظري من منظر والدي وأرى ملامحه لكي ترتسم في مخيلتي ولا أنساه أبداً.. وفي خضم تلك الأفكار شعرت أن ولديَ عمي وضع كل منهما يده على كتفي وإنهالا علي تقبيلاً دون أن ينبسا بكلمة واحدة مما يدل على أن المصاب أنساهما الكلام .. وعندما رآني أهل القرية وأنا بين أيدي ولديَ عمي .. نزل قسم منهم من السطح وتجمعوا حولنا .. ضاقت أنفاسي وخشيت أن يغمى علي لأنني كنت أسمع في كثير من الأحيان الناس يقولون: ” أن فلاناً أُغمى عليه عندما توفى والده أو والدته “.. خشيت ذلك خوفاً من أن تنشغل والدتي وأخواتي بي ويتركون جنازة أبي ويدفن والدي قبل أن آراه .. فحاولت أن أظهر بمظهر ذي إرادة قوية إذ أنني رجل وسوف أتحمل الأعباء والأحزان .
وعندما رفعت رأسي وقعت عيني على مجاميع من رجال القرية جالسين على حافات السطوح مطأطئين رؤسهم ينظرون إلي مما يدل على أنهم يضمرون كثيراً من الحديث معي .. وإلتفت نحو البيت فرأيت النساء على دكة البيت جالسات ومعهن أطفالهن والأطفال يبكون لأن أمهاتهم لم تهتمن بهم .. وحينما أعتليت درجتين من درجات البيت لاحظت أن بهو البيت مليء بالنساء وحال وصولي إرتفعت الصيحات وعويل الأطفال وإختلطت الأصوات بالآهات .. والله وحده يدري ماذا فعلت بي تلك الأصوات ، أنها أفقدتني الشعور وأذابت حتى الفؤاد وسرت القشعريرة في مفاصلي .. وجرت العادة أن تعلو الصرخات والصيحات كلما وصل أحد أقارب المتوفي ويشتد البكاء .. لقد أنساني هذا العويل والبكاء اموراً كثيرة .. ومع وصولي إلى الغرفة التي أسجيت فيها جثة أبي ، أخواتي رمين أنفسهن علي وعلت صيحاتهن وقالت الكبرى وبصوت باك :
ــ ها هو قد جاء .. أن وحيد البيت قد جاء .. تعال يا أخي .. لقد صرنا أيتاماً ولم يبق لنا من يرعانا .. إلى من نولي وجوهنا ؟
بعدها رفعن أيديهن عني واجهشن جميعاً بالبكاء .. ونهضت والدتي من مكانها في مقدمة الجثمان وإرتمت علي وشرعت تبكي بكاءً مراً.. ومن خلال بكاء أخواتي وعماتي وإرتماء والدتي علي وهي تقول بصوت ملؤه الثقة بالنفس والإرادة :
ــ ولدي (كاره) .. لاتبك ..أنك رجل.. من اليوم أنت في موقع أبيك.. إنني يا ولدي أشكر ربي لأنه لم يهدم عتبة داري وظل بابه مفتوحاً ولم يغلق .. إذهب إلى عمك والرجال .
بعدها إنحنيت لأرفع الغطاء عن وجه أبي لكي أقبله قبلة الوداع وأكحل عيني بملامح وجهه لكن ولدي عمي أمسك كل منهما بإحدى يدي فجأة ومنعاني وقال لي أصغرهما:
ــ ماذا تفعل ؟ أُذكر الله وفكر جيداً !
ــ أستحلفكم الله أن تتركوني .. إنني في قمة وعيي.. دعوني .. لقد قطعت هذه المسافة الطويلة لأرى والدي ولأودعه الوداع الأخير ولئن كانت نيتكم أن لا أراه فلماذا لم تدفنوه ؟ ولماذا إنتظرتم قدومي؟ وإنحنيت مرة أخرى ومددت يديَ إلى الغطاء لأرفعه من فوق جثمان والدي ولكن والدتي قالت بصوت حزين :
ــ ولدي .. ماذا أنت فاعل ؟ إلى ماذا تنظر؟ وهل يملك أبوك رأساً لتنظر إليه وتقبله؟ يا ولدي أبوك لا رأس له !
حينما سمعت كلام أمي ذاك تراخت يداي وتركت الغطاء ونهضتُ على مهل ، وظل في بالي شيء واحد فقط هو أن هناك سر وراء فقدان والدي لرأسه .. هذه الفكرة خامرتني ، إنه اذا لم يكن وراء ذلك سر فلماذا لم يخبرني المبعوث بذلك ونحن في الطريق .. فيقول لي أن أباك لا رأس له .. إيه أيتها الدنيا .. لم نسمع ولحد الآن أن أحداً من أهل القرى المجاورة لنا قد فقد رأسه … لا أدري لماذا ومن قريتنا بالذات يَفقد والدي رأسه ؟

………………………………

ملاحظة : زودني مشكورا  الاديب محمد سليم سواري مؤلف القصة بمسودة المترجم عبد الستار كاظم ، ولاجل توثيق العمل واكراما لذكرى والدي، نعيد نشر القصة مع صفحة من مسودة الترجمة بخط المترجم. ( مؤيد عبد الستار.في 2 / 8/ 2023)