وص161 نقرأ – (وقع التجربة الصافية يدل على انه لامكان بلا زمان ولازمان بلا مكان ، إنهما متواشجان . في رأيي أن حدس الصوفية الشرقية بوعي الزمان هو أحد الاسباب الرئيسية لماذا تبدو نظراتها في الطبيعة أكثر مطابقة للنظرات العلمية الحديثة من نظرات فلاسفة الاغريق . ومن جهة اخرى فأن الفلسفات الشرقية هي فلسفات مكانية زمانية ، وبالتالي فإن حدسهم غالبا مايأتي قريبا جدا من الاراء عن الطبيعة التي تشتمل عليها النظريات النسبية الحديثة ).
وص172 – ( يؤمن الصوفيون إنهم يستطيعون فعلاً اختبار المرحلة الزمنية للمكان الزمان كاملة حيث لايتدفق الزمان ابدا. وهكذا يقول دوجن استاذ الزن :
الاغلبية يؤمنون بان الزمان يمر، والواقع انه يمكث حيث هو .إن فكرة المرور قد تسمى الزمن ، ولكنها فكرة خاطئة ، لانه حالما يراها المرء تمر مروراً ، فانه لايستطيع أن يفهم أنها تمكث حيث هي . ويقول غوفندا { الرؤية مرتبطة مع مكان ذي بعد عال لذلك لازمان لها } …)
وص173 – ( وبالمقابل يؤكد الصوفيون الشرقيون انه في الزمان المتعالي يتخطون ايضا عالم السبب والنتيجة . وحسب كلمات سوامي فيفكانادا: { الزمان والمكان والسببية مثل الزجاج يظهر المطلق من خلاله … في المطلق لايوجد زمان ولامكان ولا سببية }. تبين التقاليد الروحانية الشرقية لاتباعها طرقا شتى للعبور خلف التجربة العادية للزمان لتحرير انفسهم من سلسلة السبب والنتيجة – من عبودية الكارما كما يقول الهندوس والبوذيون ، لذلك قيل إن الصوفية الشرقية هي التحرر من الزمان وبالمناسبة فان الشئ نفسه يقال عن الفيزياء النسبية ) .
وص176 – ( الهدف المركزي للصوفية الشرقية هي اختبار كل الظاهر في العالم باعتبارها تجليات للواقع المطلق ذاته ، وينظرون لهذا الواقع باعتباره جوهر الكون يخضع ويؤكد كل الاشياء والاحداث التي نراقبها ).
وص 177- ( وقد علم بوذا { ان كل الاشياء المركبة هي غير دائمة وكل الآلام في العالم تنشأ من محاولتنا التمسك بالاشكال الثابتة – الاشياء او الناس او الافكار – بدلا من قبول العالم يتحرك ويتغير }.ويؤكد البوذيون – بانه لايوجد شئ ابدأً يستحق ان تتمسك به – ).
و178 – ( الفيزياء الحديثة تولت ايضا الى ادراك الكون باعتباره شبكة من العلاقات مثل الصوفية الشرقية ، واعترفت بان هذه الشبكة ديناميكية فطرية .)
وص 180- ( الفيزياء الحديثة تصور المادة ليس على انها سلبية وخامدة بل حركة دؤوبة راقصة متذبذبة تقوم البنى النووية والذرية بتحديد نماذج إيقاعها ، وهذه هي ايضا الطريقة التي يرى بها الصوفيون الشرقيون العالم المادي .جميعهم يؤكدون ان الكون يجب ان يفهم ديناميكا وهو يتحرك ويتذبذب ويرقص ).
وص 188 – ( يبدو ان الصوفيون الشرقيين في حالات وعيهم غير العادية وعوا تفسيرالمكان والزمان على المستوى الجهري او الماكروسكوني ، وبالتالي رأوا الاشياء الجهرية او العيانية بطريقة مشابهة جدا لمفهوم جسيمات مادون الذرة ).
وص203 –( نقرأ عند الآي شنغ : القوانين الطبيعية ليست قوى خارجية للاشياء ، بل تمثل انسجام الحركة المتأصلة فيها ).
وص 206 – ( الكون كله منخرط في نشاط وحركة لاينتهيان في رقص كوني مستمر للطاقة ).
وص221 – ( ولدى الصوفيين الشرقيين نظرة ديناميكية للكون تشبه تلك التي في الفيزياء الحديثة وبالتالي ليس مدهشاً انهم ايضا استخدموا صورة الرقص لينقلوا حدسهم بالطبيعة ).
وص222- ( وحسب نظرية الحقل – معناها: ميكانيكية احصائية عند النقطة الحرجة – فان كل جسيم يقوم فعلا بإداء اغنيته دائما منتجاً نماذج إيقاعية من الطاقة – الجسيمات الوهمية – وباشكال كثيفة ولطيفة . ان رمز الرقص الكوني وجد تعبيره الاعمق وألاجمل في الهندوسية بصورة الاله الراقص شيفا ملكاً للراقصين ). **
وص 247 – ( الوصف للهادرونات وتعني – مجموعة جسيمات – في الفيزياء الجسيمية يذكر بكلمات د.ت. سوزوكي المقتبسة من قبل : لقد ادرك البوذيون الشئ كحادث وليس كشئ اوكجوهر – ).
وص 261 – (حسب كلمات توما الاكويني : -هناك قانون أبدي معين للفطنة والعقل موجود في عقل الله ويتحكم بالكون كله – هذه الفكرة عن القانون الابدي المقدس للطبيعة اثر تأثيرا عظيما في الفلسفة والعلم الغربيين . كتب ديكارت عن { القوانيين التي وضعها الله في الطبيعة } ، وآمن نيوتن أن الهدف الاسمى لكتابه العلمي تقديم برهان عن { القوانين التي اسبغها الله على الطبيعة } . وفي الفيزياء الحديثة تطور موقف مختلف كل الاختلاف الآن ، لقد توصل العلماء الى رؤية أن كل نظرياتهم عن الظواهر الطبيعية بما في ذلك القوانين التي يضعونها بانها ابداعات العقل البشري ) .
وص 263 –( من الواضح أن نظرة – التعضيد الذاتي – الكاملة الى الطبيعة التي كل ظواهر الكون فيها محددة بالتماسك الذاتي المتبادل تقترب كثيرا من النظرة العالمية الشرقية ، الكون الذي لايقبل التقسيم . ونقرأ في تاو تي شنغ :
يتبع الانسان قوانين الارض –
والارض تتبع قوانين السماء –
والسماء تتبع قوانين الطاو –
والتاو يتبع قوانين طبيعته الجوهرية – )
وص 264- ( لايهتم الحكماء الشرقيون عموما بشرح الاشياء ، بل بالحصول على تجربة مباشرة غير عقلية على وحدة كل الاشياء ).
ذلك ان شرح الطبيعة يعني تماما إظهار وحدتها إذ لاوجود لشئ يشرح ، وعنما سئل كاهن توزان الذي كان يزن بعض الكتان – ماهو البوذا؟ قال توزان – هذا الكتان يوزن ثلاثة أرطال – و تحرير العقل البشري من الكلمات والشروحات هو أحد الاهداف الرئيسية للصوفية الشرقية .
وتتفق المدارس الاساسية للصوفية الشرقية مع نظرة فلسفة التعضيد الذاتي بأن الكون كلانية متواشجة لايوجد جزء فيه نقول انه اساسي اكثر من ألآخر . اي الشعور بالكل في الواحد وبالواحد بالكل ).
وص 270 – ( إن فكرة أن كل جسم يتضمن كل الجسيمات ألاخرى لم تنشأ في الصوفية الشرقية فقط بل ايضا في الفكر الصوفي الغربي ).
وص273 – ( عن المعرفة كالتي كانت في عقل لاوتزو قبل أكثر من ألفي سنة عندما قال:
من لايعرف لايتكلم –
ومن يتكلم لايعرف -)
وص 277 – نقرأ في الخلاصة ( ان التماثلات بين نظرات الفيزيائيين ونظرات الصوفيين تصبح أكثر بروزا عندما نتذكر التشابهات الاخرى التي توجد على الرغم من مقارباتها المختلفة ، فاولا طريقتها عملية عميقة ، والفيزيائيون يستخلصون معرفتهم من تجاربهم ، والصوفيون من استبصاراتهم التأملية ).
وص278 – (غالبا مايتحدث الصوفيون عن معاناتهم الابعاد العليا التي فيها تتجمع انطباعات من مراكز الوعي المختلفة في كل منسجم ، ويوجد موقف مشابه في الفيزياء الحديثة حيث شكلية المكان والزمان الرباعية الابعاد تطورت فتوحدت المفاهيم والمراقبات المنتمية الى انواع مختلفة في العالم الثلاثي الابعاد . ونقرأ – فانا ارى ان العلم والصوفية مظهران متكاملان للعقل البشري لقدراته العقلانية والحدسية ) .
وص 301 – ( نواجه فرقا من الفروقات الهامة بين العلماء والصوفيين : فالصوفيون عموما لايهتمون بالمعرفة التقريبية ، انهم يهتمون بالمعرفة المطلقة التي تشتمل على فهم الوجود بمجموعته ، والصوفيون يلحون عادة انه لاتوجد ظاهرة مفردة يمكن شرحها شرحا كاملا ، انهم عموما لايهتمون بشرح الاشياء بل بالتجربة المباشرة اللاعقلية لوحدة كل الاشياء ).
وص 302 – (في نقد الطاوية والفيزياء الحديثة نقرأ (فالصوفية في المحافل العلمية ينظر اليها عادة على انها غامضة جداً ومشوشة وسديمية وغير علمية أبداً ، وهذا الرأي خاطئ عن الصوفية فعلاً مؤسف إذ عندما تنظر في النصوص الكلاسيكية للتقاليد الصوفية فترى ان التجربة الصوفية العميقة لاتتسم أبداً بالغموض أو السديمية ، بل بالعكس إنها مرتبطة دائما بالوضوح فالاستعارات النمطية لوصف التجربة هي { إماطة لثام الجهالة } و{ اختراق الضلال } و { تنظيف مرآة العقل } و{ ادراك النور الصافي } و { الوعي الكامل الذي لايجاري } فالتجربة الصوفية تتخطى التحليل العقلي – وتوصف التجربة الصوفية بالتنوير ) .
وص 303- (إن نيوتن تحقق في اشراق حدسي مفاجئ عندما سقطت تفاحة من شجرة ، ان القوة التي شدت التفاحة الى الارض هي القوة ذاتها التي تشد الكواكب نحو الشمس ).
وص304 – (ونقد ينصب في ان الفيزيائيين والصوفيين يتحدثون عن عالمين مختلفين .والآن نظرا لما يقال باعتقادي ان هناك عالماً واحداً فقط . لكن هذا الواقع له مظاهر وابعاد ومستويات كثيرة ، فالفيزيائيون والصوفيين يتعاملون مع مظاهر مختلفة للواقع . فقد استكشف الفيزيائيون مستويات المادة ، والصوفيون مستويات العقل .
ونقد اخر كثيرا ماكان يظهر، يوافق ان الفيزيائين والصوفيين تصدوا لمستويات مختلفة من الواقع ، لكنه يجادل ان الصوفيين في مستوى روحي اعلى يشتمل على المستوى الادنى للظواهر الفيزيائية بينما المستوى الفيزيائي لايشتمل على المستوى الروحي .
آب / 2023م —– انتهى —–