اذا رمت أن تختر لنفسك صاحبا

فعاشر لبيبا تحضى منه بانسهِ

واياك تأخير السرور الى غـدٍ

فما يومنا هذا شبيه بامسهِ

واياك أن تصحب لئيما معاندا

فمن عاشر الاوباش غـرّ بنفسهِ

الشافعي / مخطوطة مرافقة  الاصحاب

خلال زيارتي لمدينة سانت بطرسبرج – ليننغراد – اواسط تسعينات القرن الماضي أي قبل 27 عاما ، زرت معهد الاستشراق الشهير في المدينة وقضيت وقتا في مكتبة المعهد أقلب الكتب القيمة والمخطوطات النادرة ، فاخترت احدى المخطوطات وحصلت على ميكرو فلم لنسخة منها بعد جهد جهيد  لان التصوير والاجراءات كانت معقدة يومذاك والاتحاد السوفيتي على وشك المغيب .

بعد سنوات استطعت نقل الميكروفلم الى الكومبيوتر ، على أمل أن أعود للمخطوطة يوما لاحققها وانشرها ، وفي خضم الاحداث والمتغيرات السياسية وحياة عدم الاستقرار ظلت المخطوطة تنتظر مصيرها الذي كاد يؤول الى سلة المهملات ، وعلى الاخص الصعوبة في قراءتها وندرة المصادر المطلوبة لتحقيقها .

وحدث ان ذكرني بها الصديق ملهم الملائكة من خلال  نشره موضوعا في الفيس بوك عن الصداقة فوعدته بنشر فصل  من مخطوطة لدي عن الصداقة على أمل ان انشر بقية فصولها كلما توفرت لي الظروف المساعدة لنشرها كما هي مع بعض الملاحظات لتكون في متناول القراء ومن يرغب في العمل عليها سواء بالتصحيح او التحقيق او التعليق .

المخطوطة تحتوي على عدة عناوين أو كتب اخترت منها :

كتاب مرافقة الاصحاب ومعاشرة الاحباب لابن حبيب الحلبي

وللكتاب مقدمة وفصول ، فيما يلي  بعض فصوله دون تصحيح فالاخطاء التي وقع فيها الناسخ  واضحة واشرت الى جانبها بكلمة ( كذا) كما هو متعارف عليه :

الفصل المشهور في الرفق بالخليل

اعلم يا اخي وفقني الله واياك انه ما تم من الناس ما يسلم من عيب ولا ذلك الا الانبياء المعصومون ( كذا) فيجب عليك ان ترفق بالخليل على حسب ما هو عليه من الصفا او من الكدر فعامله بحسب الحالة التي لا يقدر على دفعها فان الانسان تحت احكام المشيئة فعامله في كل حال بما يليق به وداره كما يدار الحكيم المريض بالملاطفة فقد قال بعضهم :

صديق بلا عيب قليل وقوعه / وذكر عيوب الاصدقاء قبيح

ويروى في بعض المنقولات ان رجلان- كذا- تحابا في الله تعالى فاعطى الله احدهما حتى جعله سلطانا واستمر الاخر على فقره غير ان السلطان لم يقطع بره ولا زيارته على حسب ما كان عليه حتى صار  كل  جمعة يزوره السلطان الى داره فيجبر خاطره فاتفق ان السلطان  استدعا  ( كذا )اخاه الى زيارته الى محل ولايته فقال له ربما تكون مشغولا عني بامرك ونهيك فقال له لابد من ذلك فطلع الفقير ليزور السلطان فرافقه الامر المقدر ان السلطان ساخطا- كذا- على جماعة  من مباشرة ديوانه وهو على غير الكيفية فدخل اخوه فوقف بازائه فلم يلتفت اليه فاستخف بنفسه وانصرف  فلما جاءت زيارة السلطان الى اخيه على حسب العادة فعاتبه اذ لم يحضر في محل ولايته فقال له يا سبحان الله ما حضرت عندك الوقت الفلاني وكنت ساخطا على فلان فلم تلتفت الي فحلف له انه لم يره ثم ان السلطان اعتذر الى اخيه وامره باحضار اناء فيه ماء صافي ثم وضع في الماء درهما وقال له انظر الى هذا الماء هل يحجب الدرهم عنك قال لا ثم دعى السطان بقطعة طين اسود فوضعها في الماء حتى ذابت وحرك الماء حتى اعتكر ثم قال له انظر هل ترى الدرهم في هذا الماء الكدر فقال لا فقال السلطان عند ذلك الادمي من ماء وطين اذا تكدر لم يظهر فيه الا مدارات احوال الاخوان كما قيل :

قل لمن يرجو الصفا / من صديق كل حين

ترتجي منه صفاء / وهو من ماء وطين

وقال بعضهم فيه :

الخل كالماء يبدي لك ضمائره / مع الصفاء ويخفيها مع الكدر

يتبع

 

شارك هذه المقالة على المنصات التالية