الأحد, ديسمبر 22, 2024

بشرى علي: لماذا شنكال؟

كثرت الإشاعات التي تداولتها بعض المواقع التابعة لأحد الأطراف الكردية (والمحسوبة أغلبها على الحزب الديمقراطي الكردستاني PDK”، والتي تروّج لانقطاع العشرات من مقاتلي “وحدات مقاومة شنكال YBŞ” وفرارهم والتحاقهم بقوات “قاسم ششو” التابع لـPDK. لكن الفيديو الذي نشرته وكالة روج نيوز الأخبارية على موقعها الإلكتروني، والذي يتضمن اعتراف أحد الأشخاص حول كيفية ضغط قاسم ششو على الشبان الإيزيديين في شنكال، وتهديدهم بالمَساس بعوائلهم وبإلحاق الضرر بهم في حال بقائهم في صفوف YBŞ وعدم الانخراط في صفوف قواته؛ إنما يوضح ما يجري وراء الستار، ويشير بكل جلاء إلى السياسات القذرة التي ما تزال تستهدف شنكال، وترفض بشدة أن تصبح شنكال صاحبة إرادة حرة وقائمة بذاتها.
كل ذلك يهدف إلى ضرب عدة عصافير بحجر واحد: تشويه سمعة قوات YBŞ وخلخلة الثقة بها؛ التعتيم على الانتصارات الباسلة التي تحققها قوات YBŞ ضد عصابات داعش الظلامية؛ فرض الاستسلام ثانية على شنكال التي باتت تتذوق طعم الحرية وترسم مسار مستقبلها بسواعد شبانها وشاباتها مؤكدة أنها لا يمكن أن تكون كما كانت عليه قبل فرمان 3 آب 2014. ومقال الكاتب الأجنبي “ماثيو باربر” الذي نشره موقع NRTTV مؤخراً تحت عنوان “علاقات حكومة الإقليم مع المكون الإيزيدي” تشير بكل وضوح إلى السياسة الممنهجة المطبقة على شنكال بصورة خاصة وفق هذه الأهداف وغيرها من الأهداف المذكورة في المقال، والذي أنصح بقراءته نظراً لأهميته البالغة.
والأهم، بل والأخطر، من كل ذلك، هو أن كل هذه السياسات تصب في خانة داعش الظلامي وسلطانه التركي المصاب بهستريا العظمة، والذي نَصَّب نفسه خليفةً على العالَم الإسلامي، ويحاول تكريس وهمه هذا بالإرهاب والتوعيد والقتل والتنكيل. هذه السياسات ترمي (من بين ما ترمي إليه) إلى جعل شنكال جسراً للوصول إلى روجافا (وخاصة كانتون الجزيرة)، لإلحاقها بإقليم كردستان العراق (باشور)، للاستيلاء على كل مواردها لصالح العائلة الحاكمة (آل البارزاني).
كل هذه المطامع تتقاطع، أو تتأسس على الأوامر التي يوعز بها “المعلم التركي أردوغان”. لكن الأمر المهم جداً هنا، والذي لا يمكن نسيانه أو تناسيه، هو أن عدو الكرد في باكور وروجافاي كردستان، لا يمكن أن يكون صديقهم في باشور. وأبسط دليل على ذلك، هو التصريحات العلنية التي بات يدلي بها الكثير من المسؤولين وصُنّاع القرار في تركيا، والتي تشير إلى أن حدود تركيا هي حدود السلطنة العثمانية البائدة. ولعل آخر تصريح حول ذلك حتى لحظة كتابة هذه المقالة، كان من قِبَل يغيت يلدرم، كبير مستشاري أردوغان، والذي أكّد فيه أنه “خلال سنتين سيتم توسيع حدود تركيا، لتضم أذربيجان وإقليم كردستان العراق”.
أما الانتهاكات التي تقوم بها القوات التركية المحتلة في باشور، وازدياد أعدادها كثيراً في العامَين الأخيرَين؛ فهو مؤشر آخر يؤكد على هذه القناعة التي باتت حقيقة غير خافية على كل مَن يتابع المستجدات السياسية أو يفقه قليلاً في أبجدية السياسة.
بالتالي، علينا إذن التمييز بين السياسة الأخلاقية التي تعتمد مصالح الشعب الكردي وشعوب المنطقة أساساً، وبين سياسة (أو بالأحرى حُكم) النهب والسلب التي تُرسَم بعقل تركي وتطبَّق بأيادٍ كردية (PDK)، والتي تهدف إلى استكمال احتلال كردستان، وإلى إركاع شعبها ونسف وجودهم عن بكرة أبيهم. وعلينا التمييز جيداً بين نهج المقاومة والصمود، وبين نهج الخيانة والخنوع؛ وأن نقول لكل مَن تسوّل له نفسه ببَيع كردستان وانتهاك حرمات شعوبها: “كفى!”… فالشعب الكردي اليوم بات رقماً صعباً لا يمكن التلاعب بإرادته أو الاستخفاف بذكائه أو إضعاف قوته!…

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *