الأكاديمية نالين تمو وضعت بصمة المرأة الكردية على فن النحت
قامشلو/ علي خضير –
بدأتْ النحاتة الأكاديمية “نالين زيدان تمو”، 26 عاماً من قرية “شيران” شرقي مدينة كوباني، مسيرتها في صنع ألعاب الأطفال من (الطين)، فتطورت، وشقت طريقها نحو الإبداع والتميز في فنّ النحت.
درست نالين في مدارس كوباني، وكانت الأولى على مستوى مدينتها، ومن ثم بدأت مشوارها الجامعي في جامعة حلب، في كلية الفنون الجميلة قسم النحت، وتخرّجت عام 2021، وكانت الأولى على دفعتها على مستوى سوريا بمعدل 98%.
ويعدّ فن النحت ثاني الفنون في الظهور تاريخياً بعد فن العمارة، وهو فن كلاسيكي خاص بأصحاب الذوق الرفيع، احترفه الناس منذ القدم، ومن يمارسه يستعمل طريقة اللمس والحركة من أجل الوصول للشكل النِّهائي. وفي هذا الحديث لصحيفة “روناهي” مع فنانة النحت الأكاديمية نالين زيدان، نتعرف أكثر على تفاصيل مسيرتها، وإبداعها في هذا المجال الجميل: “النحت غيّر شخصيتي كثيراً، أصبحتُ شخصاً آخر، فهو الوحيد، الذي ساعدني على البوح بالمشاعر، التي لا أستطيع التعبير عنها، وتفريغ لكامل الشحنات السلبية الداخلية، ومن خلاله تعاملتُ مع الكثير من الناس وأصبحت شخصيتي قوية جداً”.
كانت (كلية الفنون الجميلة) حلماً منتظراً لنالين زيدان تمو، لكنها دخلتها وأبدعت فيها، وتخرجت منها بمستوى متقدم، وهي الآن معيدة (مُدرِّسة) في كلية الفنون الجميلة بمدينة حلب.
المواد التي تصنع منها المنحوتات
وعن المواد، التي تستخدمها نالين في عملها، بيّنت أنَّ المواد، التي تنحت فيها مصنوعة من مواد بترولية، (الريزين)، التي تجلبها من مدينة (حلب)، وتضيف إليها مادة (الكربون) لتصبح على هيئة (معجونة)، بحيث تكون جاهزة للعمل، وتتميز هذه المادة بعدم تأثرها بالعوامل الخارجية الطبيعية، مهما كانت قاسية، ولا يحدث لها أي تأثير في شكلها ولونها.
شاركت نالين في معارض عدة في مناطق شمال وشرق سوريا، منها معرض المنتدى الدولي حول إرهاب داعش، ومعارض في مدينتي حلب وكوباني، بالإضافة إلى مشاركتها في معرض الفن التشكيلي الثامن في مدينة قامشلو مؤخراً، قدمت خلال هذه المعارض أكثر من ثلاثين عملاً فنياً (في النحت).
مجموعة أعمالها الفنية
كان لدى نالين أعمال كثيرة في مجال النحت، بدايةً كان لديها مشروع تخرج من الكلية، عن النزوح السوري إلى الدول الأوروبية، ومعاناة السوريين في تلك الدول، كان عنوان المشروع “الهجرة غير الشرعية”، وكان يتكون من خمسة تماثيل، لكل تمثال تحت اسم خاص (لحظة انتظار، إلى أين، حلم مفقود، أنين، فرصة أخيرة)، ولديها تمثال لأول صحفية سورية “مريانا مراش”، بالإضافة لنحت العديد من التماثيل للشهيدة “آرين ميركان”، وأعمال إضافية أخرى، كما ولديها أعمال جديدة قيد الإنجاز.
معاناة في زمن الحرب
تقدمت نالين لاختبارات الصف الثالث الثانوي (البكالوريا) مع بداية الأزمة السورية بشكل عام، وأزمة حلب بشكلٍ خاص، وعانت في ذاك الوقت من التوتر والقلق النفسي، والخوف من الموت، الذي كان متوقعاً في أية لحظة، بسبب الحرب القوية، التي دارات آنذاك في مدينة حلب بين حكومة دمشق والمرتزقة السوريين الموالين للمحتل التركي. وفي هذا الصدد تشير نالين: “كان يدور في بالي الموت المتوقّع في كل لحظة أثناء استمراري بالدوام، وكانت القذيفة سيدة الموقف أحياناً، والأزمة الاقتصادية كان لها دورها أيضاً، مما زاد الصعوبة عليّ كطالبة، في تأمين وتوفير مستلزمات عملي الأساسية، مثل أسطوانة الغاز، الكهرباء، توفّر المياه، تأمين المواصلات، وكل ما سبق كان تأمينه صعباً جدّاً”.
كما وكانت نالين تجد صعوبة في تسيير أمورها ما بين تأمين المستلزمات، والاستمرار في الدراسة، ووسط كل هذه الصعوبات تكلّلتْ النتيجة بالنجاح ومن ثم التخرج.
دور الإدارة الذاتية في نجاحها وشهرتها
بعد استقرار الأوضاع في حلب، وخلق جو من الأمان، استطاعت أن تكمل مشوارها بعد تخرجها بلا خوف، ولا قلق، فشاركت في معارض عدة، ولمع نجمها وازداد بريق اسمها، مع أعمالها ومنحوتاتها، وأثنت نالين على دور الإدارة الذاتية: “كان للإدارة الذاتية دور كبير في إقامة معارض للفنون التشكيلية في مدن عدة، ما ساعدني في عرض أعمالي النحتية، وزيادة شهرتي وتعريف العالم بي بشكل أكبر، كذلك تأمين مستلزمات مشاركاتي في المعارض، وتأمين المواصلات، والسكن في المدينة، التي أقيم فيها، أثناء المشاركة في المعارض بشكل خاص”.
أمَّا عن المنحوتات التي كانت تقوم فيها: “هناك النحت الإنشائي، وتقنية صب القوالب، وغيرها من التقنيات والأساليب العديدة، وقد تكون منحوتات فنية، ذات مفهوم فني، وفلسفي، أو جمالي، لإضافة لمسات للمكان، أو نفعية وظيفية”.
النحاتة “نالين” تمو استطاعت الوصول إلى حلمها الذي بدأت به من خلال النحت في (الطين) كبداية ممارسة النحت، الذي كان يشغف قلبها منذ الطفولة، ورغم الكثير من الصعوبات، استطاعت التغلب عليها، والوصول لهدفها وبمعدلات راقية في شتّى مجالات الحياة.
فن النحت من الفنون القديمة قدم الإنسان، فهو أقدم من فن التصوير مثلاً، فالإنسان أقدر على التعبير النحتي من التعبير بالرسم، وفن النحت يتعامل مع المجسمات الثلاثية الأبعاد، على العكس من الرسم والتصوير، الذي يتعامل مع الأبعاد الثنائية.
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=26308