بألم شديد يتذكر أبناء شعبنا الكوردي في سوريا والكوردستاني عموما مشروع الحزام العربي السيء الصيت وكيف تم عملية استيلاء الحكومة السورية على الأراضي الزراعية التي تعود ملكيتها للكورد في سوريا ومنحها لمستوطنين عرب جلبهم النظام من محافظتي الرقة وحلب وتوطينهم في منطقة الجزيرة على طول الشريط الحدودي مع تركيا. بطول 275 كيلومتراً، وبعمق يصل في أقصى نقطة إلى 15 كيلومتراً، وهو شريط كان يتميز بوجود شعب كوردي اصيل، ويعود هذا المشروع العنصري بملامحه الأولى إلى ضابط الامن العنصري محمد طلب هلال رئيس الشعبة السياسية في الحسكة الذي أصدر كراساً في عهد الانفصال بعنوان: دراسة عن محافظة الجزيرة من النواحي القومية، الاجتماعية، السياسية وتتضمن توصيات تتلخص في الدعوة إلى تجريد الأكراد من أراضيهم وجنسيتهم السورية وممارسة سياسة التعريب والتهجير والتجويع والتجهيل بحقهم، وإقامة مستوطنات في المنطقة الكردية.
فقد اتخذ في مؤتمر حزب البعث العربي عام 1966 أخطر القرارات بحق الشعب الكردي في سوريا وحسب الفقرة الخامسة من توصياته، والمتضمن مانصه :اعادة النظر بملكية الأراضي الواقعة على الحدود السورية التركية، وعلى امتداد 353 كم وبعمق 13-15 كم ، واعتبرها ملكا للدولة،
ونفذ مشروع الحزام العربي في عام 1974 وملاحقة كل من عارض هذا القرار الشوفيني وزجهم في السجون وعلى رأسهم القيادة الحكيمة والشجاعة في تلك المرحلة للحزب الديمقراطي الكوردستاني في سوريا ومحاكمتهم أكثر من ثمانية أعوام
وأثناء التنفيد منح النظام السوري آنذاك من تم تسميتهم بالمغمورين” مساحات زراعية بلغ عدد الأسر العربية التي تم نقلها من محافظة الرقة إلى منطقة الحزام العربي حتى نهايته، أكثر من 40000 عائلة عربية، انتشرت في قرى عدة أنشئت لهم، بمجموع بشري وصل إلى أربعين ألفاً، حينذاك، فشكلوا نسبة بلغت أكثر من 6% من مجموع سكان محافظة الحسكة الكوردية
والأن وبعد مضي ٤٨ عاماً على مشروع الحزام العربي العنصري للتغيير الديمغرافي في المنطقة الكوردية ومقارنتها بالتدخل التركي وفي بازار سياسي وعسكري مع نفس النظام في سوريا نجد تماما أنه لنفس الهدف المشترك بين أعداء شعبنا الكوردستاني وجودنا التاريخي على أرض أجدادنا وعلى هذا الأساس، قامت تركيا منذ عام 2016، حتى الآن، بأربع عمليات عسكرية كبيرة هي درع الفرات عام 2016 واحتلت المنطقة الواقعة في مثلث جرابلس أعزاز الباب. والثانية غصن الزيتون في 2018 واحتلت كل منطقة عفرين الكوردستانية المحاذية والثالثة نبع السلام واحتلت في 2020 مناطق واسعة شرق الفرات بين تل الأبيض ورأس العين. أما الرابعة فهي درع الصحراء وهي أقل حجماً من سابقاتها، كانت حجة تركيا دائماً هي تنظيف كل هذه المناطق من العناصر الكردية، والكل يعرف ان تركيا يستهدف الوجود القومي الكردي بالدرجة الاولى وخاصة ان تلك القوات ترفع شعارات واهداف لاتمت بصلة بالقضية الكردية كقضية قومية وان نسبة 70 % من هذه القوات هي من المكون العربي.
واليوم يضاف عامل آخر، تقف وراءه تركيا، وهو إقامة منطقة أمنية داخل جغرافية كوردستان سوريا على امتداد الحدود مع تركيا بطول لا يقل عن 430 كيلومتراً وعمق يصل إلى 30 كيلومتراً، من أجل إسكان اكثر من مليون ونصف المليون لاجئ عربي يقيمون في تركيا في المنطقة الكردية بعد تهجير وطرد الكورد .
لذا ما أردت توضيحه في هذا المقال إن ما فعله النظام السوري أثناء تطبيق مشروع الحزام العربي العنصري عام ١٩٧٤ بالاستيلاء على أرضنا الزراعية ومنحها للعرب بحجة غمر اراضيهم في سد الفرات، فأن تركيا الآن تمارس نفس السياسة والمشاريع العنصرية بحجة منطقة امنية وعودة اللاجئين ومن الواضح جدا ان أعداء كوردستان عبر التاريخ قد يختلفون في رسم الحدود بينهم ومصالحهم السياسية والعسكرية والاقتصادية ولكنهم في توافق واتفاق دائمين للقضاء على الوجود التاريخي لشعب كوردستان.
عمر إسماعيل
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=3899