الخميس, نوفمبر 21, 2024

بروفيسور كاظم حبيب: 4 دول سبب الفوضى السورية والحل في الدولة المدنية الديمقراطية

آلان عثمان

برلين– أعتبر البروفيسور العراقي كاظم حبيب أن ”أربع قوى إقليمية كان لها الدور الأكبر في إشاعة الفوضى “الخلاقة!” والحرب الدموية بسوريا، وهي: تركيا والسعودية وقطر وبعض دول الخليج الأخرى وإيران”، مشيراً أن الحل يكمن في انشاء دولة مدنية ديمقراطية ويحفظ حقوق كافة المكونات.
ووصف حبيب الحرب الجارية في سورية بـ “حرب إبادة جماعية وضد الإنسانية، حرب تخريب وتدمير ليس للبنية التحتية فحسب، بل وكل ما هو ضرورة وممكن لحياة الإنسان على الأرض”.
ورأى حبيب بأن “الحل الوحيد الممكن والضروري في بلد ومجتمع متعدد القوميات والأديان والمذاهب، يتم عبر إقامة الدولة المدنية الديمقراطية، الدولة الدستورية التي تعتمد مبدأ فصل الدين عن الدولة والفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء، والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة والامتناع عن اغتصاب السلطة حقوق الإنسان وحقوق القوميات وأتباع الديانات والمذاهب”.
وجاء ذلك خلال حوار أجرته معه وكالة أنباء هاوار ونص الحوار جاء كالآتي:
بعد مرور أكثر من خمس سنوات من الدمار سوريا الى أين تتجه؟، وهل هناك أي أمل يلوح في الأفق عن تسوية سياسية؟ أم إن مسلسل العنف سيستمر لسنوات؟
كل الاحتمالات مفتوحة على الوضع بسوريا، إلا إن الثابت لي بإن الحرب الجارية غير قادرة على إيجاد حل للمشكلة السورية. كما لم يعد ممكناً حل المشكلة داخلياً فقط، بسبب التداخلات الإقليمية والدولية، وبالتالي فالحل لا بد يتخذ صيغة الحوار على الصعد الدولية والإقليمية والمحلية. وإذ لم يعد ممكناً تجنب النظام الدكتاتوري الحاكم بسوريا من الحوار، لا يمكن في الوقت ذاته تجنب المعارضة المدنية والقوات الكردية الديمقراطية المناضلة، إذ إن الحل سيكون بين هذه الأطراف الثلاثة الداخلية وبدعم دولي وإقليمي ملزم. ولكي يتم ذلك لا بد ابتداءً من طرد عصابات داعش المتوحشة وجبهة النصرة وما يماثلهما من قوات إسلامية سياسية متطرفة وإرهابية من الأراضي السورية، ولا بد من الفصل بين القوات المدنية وقوى الإسلام السياسي الإرهابية والقوى المتطرفة.
لو لم يمارس النظام السوري الاستبداد والقمع والاضطهاد، ومارس العقلانية في مواجهة الحركة المدنية الديمقراطية التي طالبت بدولة مدنية ديمقراطية وإنهاء حكم الحزب الواحد، لما وصل الحال إلى ما هو عليه من موت وخراب ودمار. فمسؤولية النظام السياسي البعثي مركزية ورئيسة في ما حصل خلال الأعوام الخمسة المنصرمة. ولكن أربع قوى إقليمية كان لها الدور الأكبر في إشاعة الفوضى “الخلاقة!” والحرب الدموية بسوريا، وهي: تركيا والسعودية وقطر وبعض دول الخليج الأخرى وإيران. أما حزب الله فهو التابع الذليل لإيران ولقرارات المرشد الإيراني الأعلى دون أدنى ريب. ولكن الولايات المتحدة الأمريكية وقفت هي الأخرى وراء قرار الحكومة التركية والسعودية والدول الخليجية في إشعال نار الحرب الدموية بسوريا. لقد كانت الدول الأربع + الولايات المتحدة وراء انبثاق تنظيم داعش الإجرامي بسوريا واتساع رقعة هيمنته على نينوى وصلاح الدين والأنبار وجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها بمحافظة نينوى على نحو خاص.
إن الأمل بحل سلمي أو تسوية سلمية للقضية السورية متوفر فعلاً، لو تحكم العقل والإرادة بكل الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية المسؤولة عن هذه الحرب الهمجية والمجنونة، باعتبارها المسؤولة الفعلية عن وجود داعش ومن لف لفها في الأراضي السورية، وهي القادرة على دعم جهود تطهير الأرض منهم. ويبدو لي إن التدخل الروسي النشط في الأزمة السورية، رغم علمي بالمصالح الضيقة التي حركت الدولة الروسية بهذا الاتجاه، إلا إنه يمكن أن يساعد في فرض موقف محدد على الولايات المتحدة ويجبرها على التخلي الفعلي عن دعم استمرار القتال، على وفق ما اتخذ من قرارات في المؤتمر السيء الصيت الذي عقد في الرياض بالسعودية، والذي وضعت المعارضة السورية المدنية أيضاً كل أوراقها بيد تركيا والسعودية وقطر.

القوى الإقليمية “إيران ودول الخليج وتركيا” كان لها الأثر الواضح في استمرار الأزمة السورية، برأيك هل ستتوقف تلك الدول من التدخل في الشأن السوري أم ستواصل صراعها على الأرض السورية؟
لن تتوقف الدول الإقليمية، تركيا والسعودية وقطر وبعض دول الخليج الأخرى وإيران، عن التدخل المباشر وغير المباشر في الشأن السوري، بإرادتها الحرة، بل ستجبر في المحصلة النهائية، على ذلك، بالارتباط مع التطورات والتغيرات الجارية في منطقة الشرق الأوسط، التي بدأت تخلق مشاكل كبرى لها بدول الاتحاد الأوروبي، وخاصة بفرنسا وألمانيا، والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، والتي يمكن أن تنتقل إلى إسرائيل أيضاً. ولكنها، وارتباطاً بالمساومات الدولية والإقليمية والمحلية المحتملة التي سترافق التسوية المقبلة، ستحاول كل هذه الدول أن تضمن بعض المصالح لها بسوريا. ويبدو حالياً بأن الأكثر قدرة على فرض مصالحه هما روسيا وإيران، خاصة وأن إيران تحارب بحزب الله وبقوى من الحرس الثوري الإيراني، إضافة إلى وحدات عراقية من المليشيات الشيعية المسلحة التي تدار من قبل قيادات عسكرية وسياسية إيرانية. وفي حالة الوصول إلى تسوية سلمية، سيستمر الصراع على الأرض السورية لفترة طويلة، إلى أن يتمكن الشعب السوري من الخلاص من النظام السوري ورئيسه ومن القيادات السياسية التي ارتبطت بتركيا والسعودية وقطر وإيران. وهذه العملية نضالية معقدة وطويلة الأمد ومليئة بالتضحيات الجسام، ولكن لا بد منها، والشعب السوري بكل قومياته قادر على تحقيق ذلك.
الصراع السوري الذي تصاعدت فيه الممارسات الوحشية من قبل الأطراف المتصارعة والذي أخذ طابعاً طائفياً، بعد كل هذا الشرخ في المجتمع السوري برأيك ما هو الحل لالتأم هذا الجرح؟
لقد فاقت وحشية النظام السوري وبقية القوى المتنازعة بسوريا كل التصورات عن حرب داخلية وحشية، فقد كانت هذه الحرب حرب إبادة جماعية وضد الإنسانية، حرب تخريب وتدمير ليس للبنية التحتية فحسب، بل وكل ما هو ضرورة وممكن لحياة الإنسان على الأرض. ولعبت الدول الإقليمية والدولية دورها في صب المزيد من الزيت على النيران المستعلة. وتسبب هذا النزاع الدموي إلى نزوح داخلي لما يزيد عن ثلاثة ملايين إنسان، وهجرة عدد متزايد دوماً ومماثل لذلك صوب الدول المجاورة وأوروبا وغيرها من الدول.
لقد بدأ الصراع بسوريا حول الموقف من الدولة المدنية الديمقراطية وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، وقد كان بيان القوى المدنية الديمقراطية واضحاً في هذا الصدد. إلا إن إصرار النظام على رفض المطالب والتشبث بالحزب الواحد، حزب البعث العربي الاشتراكي، بقيادة الدولة بسلطاتها الثلاث والهيمنة التامة على المجتمع، والذي تبلور في فرض حافظ الأسد استبداده بالانقلاب العسكري في العام 1970 وما أطلق عليه تجاوزاً بالحركة التصحيحية، والذي استمر بوجود الدكتاتور الصغير بشار الأسد.
منذ ما يقرب من عشر سنوات بدأ الصراع الطائفي يتحرك بمكشوفية عالية بسوريا بعد أن كان مغطى بطبقة خفيفة من الفكر القومي-البعثي السوري. ولا يمكن حالياً تجاوز الشرخ الحاصل في الدولة والمجتمع السوري باستمرار النظام البعثي بسوريا بوجود القوى الطائفية الحاكمة أو تلك الأخرى التي تريد استبدال حكم طائفي بحكم طائفي آخر. وأرى بأن الحل الوحيد الممكن والضروري في بلد ومجتمع متعدد القوميات والأديان والمذاهب، يتم عبر إقامة الدولة المدنية الديمقراطية، الدولة الدستورية التي تعتمد مبدأ فصل الدين عن الدولة والفصل بين السلطات الثلاث واستقلال القضاء، والتداول السلمي الديمقراطي للسلطة والامتناع عن اغتصاب السلطة حقوق الإنسان وحقوق القوميات وأتباع الديانات والمذاهب، أي العمل من أجل بناء المجتمع المدني الديمقراطي ورفض الطائفية السياسية المقيتة. إنه الحل الوحيد لبناء سوريا جديدة وديمقراطية موحدة وحياة دستورية نزيهة.
يتبع غداً…..

شارك هذه المقالة على المنصات التالية