نصر فروان، يكتب عن دلالات التوسع الروسي في سوريا

كوردأونلاين

in

سوريا ضرورة لروسيا ومكان استراتيجي لتثبيت قوتها في المنطقة والعالم وما التدخل الروسي في سوريا ومحاولة التجذر في هذا البلد- الذي يعتبر نقطة ارتكاز الشرق الأوسط عسكريا وسياسيا واقتصاديا – هو بمثابة المحاولة من الإفلات من المخطط الأمريكي الهادف الى السيطرة على دول حلف بغداد عام ١٩٥٥ وبالتالي إقامة سد من هذه الدول هدفه خنق روسيا وتضييق مجالها الحيوي لذلك تقوم روسيا بتمكين تواجدها وتعميق مكتسباتها الجيوسياسية بإجراءات اقتصادية وربما لاحقا اجتماعية وثقافية لأنه معروف ان المصالح الاقتصادية تلعب دورًا مهمًا في العلاقات الدولية، فتصرفات الدول وسلوكها السياسي يتلاءم مع مصالحها الاقتصادية، ومعروف أن سوريا  تتمتع  بميزات كثيرة تغري الدول العظمى ببناء علاقات متينة معها قد تصل الى حد الهيمنة على قرارها السياسي والاقتصادي، ومن هذه المزايا موقعها الاستراتيجي، المطل على البحر الأبيض المتوسط وإسرائيل ولبنان وتركيا والأردن والعراق يجعلها ذات أهمية كبرى وإمكاناتها الاقتصادية المتنوعة والكثيرة.

ومن تلك الدول إيران وتركيا وروسيا، التي تدخلت عسكريا واقتصاديا في الشؤون السورية، لتحقيق عدة مكاسب، إستراتيجية واقتصادية وسياسية.

ويهدف التدخل الروسي في سوريا إيضا إلى تحقيق مكاسب داخلية تعني الكثير للرئيس الروسي بوتين وتتمثل بـ أن العمليات الروسية في سوريا تشغل الشعب الروسي عن الأوضاع الداخلية وتزيد الاعتزاز بالوطنية ودعم لرئيس بوتين داخليا، خاصة أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا بعد ضمها لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا، أدت الى ارتفاع مستوى الأسعار، وانخفاض مستوى المعيشة، والتعليم، والخدمات الصحية.

ولقد حققت روسيا من دعمها العسكري لنظام بشار الأسد عدة مكاسب اقتصادية وإستراتيجية، ومنها تحويل ميناء طرطوس إلى قاعدةٍ ثابتةٍ للسفن النووية الروسية مقابل شطب معظم الديون الروسية على سوريا، وعقد صفقات أسلحة كبيرة .

ومن اهم المكاسب التي حصلت عليها روسيا من تدخلها في سوريا هو التنقيب عن النفط والغاز

إضافة إلى  تحقيق عدة مكاسب سياسية، ومن أهمها:

  1. يأمل الرئيس الروسي عن طريق التدخل العسكري في سوريا أن يستعيد زمام المبادرة في الشرق الأوسط، ويأمل أن يصبح له دور أكبر في المنطقة، ويتخلص من تعامل المجتمع الدولي مع روسيا على اعتبار أنها دولة “مارقة” عن النظام الدولي ، اذ فرضت عليها عقوبات بعد أزمة شبه جزيرة القرم.
  2. الرغبة الروسية في الحفاظ على القاعدة العسكرية الروسية في طرطوس التي تعد القاعدة العسكرية الوحيدة لروسيا في الشرق الأوسط.
  3. مخاوف الدولة الروسية من ان يمكن سقوط النظام السوري حليفها الاستراتيجي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها إقامة المشروع الذى يهدف إلى نقل خطوط الغاز من قطر إلى أوروبا عبر سوريا, وبالتالي لا تستطيع روسيا تمرير كثير من سياساتها التي ترفضها أوروبا، وفى حالة إحراز تقدم في سوريا فان روسيا تستطيع امتلاك العديد من أوراق الضغط بحيث تستطيع المساومة والتفاوض مع الغرب حول العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبله.

وهنا لابد من الاشارة للعلاقة بين إيران وروسيا وحجم التعاون العسكري والنفطي والغازي بينهما على مدى السنوات الماضية والتنسيق الدائم بين القوتين ضد المشاريع الغربية، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الوفاق دائم بين الطرفين، فربما تكون سوريا مفترق طرق بين الإيرانيين والروس، كون مصالحهما في سوريا اختلفت.

ويفضل غالبية السوريين والعرب وحتى النظام السوري نفسه النفوذ الروسي على النفوذ الإيراني في سوريا. ولا شك أن جهات كثيرة ستدعم الروس في مواجهة الإيرانيين في سوريا، الذين يتوقعون مواجهة تحديات كبرى في سوريا؛ حيث أن غالبية الشعب السوري السني على عداء مستحكم مع الإيرانيين مذهبياً. وحتى العلويون في سوريا المحسوبون على الشيعة يعارضون النفوذ الإيراني، ويفضلون النفوذ الروسي العلماني، خاصة أن العلويين في سوريا طائفة علمانية متحررة ومنفتحة وترفض رفضاً قاطعاً التشدد الديني الذي تحاول إيران أن تفرضه عليهم في سوريا.

فهل تشهد سوريا في الأيام المقبلة تراجع الاستثمار الإيراني فيها؟ وهل تتصاعد حدة الصراع بين الإيرانيين والروس في سوريا في قادم الأيام، أم سيكون هناك تقاسم نفوذ؟ و هل تكون سوريا انكسار المد الإيراني في المنطقة بعد إزياد النفوذ الروسي فيها وبعد أن هدد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب بوضع حد لإيران؟ وهل يستطيع الروس تخليص سوريا من توسع المشروع الفارسي؟

*نصر فروان باحث سياسي

خاص تموز نت

شارك هذه المقالة على المنصات التالية


Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *