لطالما كان وما يزال ملف إدلب الملف الأصعب والجزء الأهم في المعادلة السورية وذلك لارتباطه بالمصالح الإقليمية والدولية في سوريا وذلك لارتباطه بالمصالح الإقليمية والدولية في سوريا وفي الشرق الأوسط بالكامل.
اليوم نرى تصعيداً عسكرياً لتحرير المناطق ودحر بؤر الإرهاب في منطقة إدلب وضواحيها وتأتي هذه العمليات في توقيت مهم لجميع الأطراف الفاعلة في الملف الأخير والنهائي للأزمة السورية للتوجه الحقيقي من العمل العسكري للعمل السياسي وإيجاد صيغة جديدة تضمن لجميع الأطراف حقوقها السياسية وبناء منظومة عمل جديدة لسوريا جديدة.
لا يمكن النظر اليوم لإدلب دون التطرق لأهم اللاعبين المباشرين في هذا الملف، الحكومة السورية وروسيا الاتحادية وتركيا وبطريقة غير مباشرة الولايات المتحدة وإيران والاتحاد الأوربي وهنا تكمن المعضلة وجملة التعقيدات التي نراها وهي انعكاسات السياسة الدولية على الأزمة فمن جهة نرى أن هناك اتفاقية مباشرة بين روسيا وتركيا حول إدلب وعلى أساسها تعهد الطرف التركي بإنهاء العمليات العسكرية هناك والفصل بين المعارضة المعتدلة الموالية لهم والفصائل الإرهابية.
ورأينا عدم قدرة تركيا على تنفيذ ما اتفق عليه في سوتشي وممكن التنويه هنا أن تركيا لطالما استخدمت هذا الملف كأداة ضغط سياسية لتمرير مصالحها في المنطقة من التخويف بالحالة الإنسانية وازدياد عدد النازحين للمنظومة الأوربية ومن جهة أخرى نرى أن هناك اتفاق جزئي روسي أمريكي لإنهاء الحالة العسكرية في سوريا وهذا أتى بعد تقارب موسكو وواشنطن في الفترة الأخيرة وتصعيد أمريكي تركي في نفس الوقت مما يجعل الموقف التركي الأضعف في هذه المعادلة كضامن مباشر لمنطقة خفض التصعيد في إدلب وبالنسبة لروسيا والحكومة السورية باعتقادي هما ماضيتان في العملية العسكرية والهدف منها هو القضاء على الفصائل الإرهابية أولا، وثانيا الضغط على المعارضة المعتدلة للجلوس على طاولة الحوار السياسي مع دمشق.
وهنا لا نغفل أن هناك تعقيدات كثيرة في هذا الملف منها كثرة الفصائل المسلحة السورية والأجنبية وما هو مصير الإرهابيين الأجانب ما بعد هذه العملية وأيضا نمط علاقة المعارضة السورية تجاه دمشق مع محافظتها على تبعيتها لأنقرة ناهيك عن الملف الكردي وتعقيداته وكيفية تعاطي أنقرة مع دمشق في العمليات السياسية القادمة فهذا كله اليوم يفرض واقع سياسي جديد في المنطقة وعلى كل طرف تقديم التنازلات والانخراط في العملية السياسية القادمة ضمن التوافق الدولي.
وبناءاً على معطيات الواقع السياسي والعسكري على الأراضي السورية ممكن أن نرى تصعيداً عسكرياً مكثفاً من جميع الأطراف ممكن أن ينتج عنه:
أولاً: رضوخ كامل للفصائل العسكرية والتوجه للمصالحات السياسية على غرار الغوطة والجنوب السوري.
ثانياً: إقرار هدنة من جميع الأطراف لإعادة الحسابات الإقليمية والدولية وعدم تأجيج الرأي العام العالمي.
ثالثاً: استدارات (غير متوقعة) في المواقف السياسية في محاولة للبقاء في المعادلة السياسية كطرف مفاوض وليس كطرف عسكري.
د. عمار قناة أستاذ العلوم السياسية في جامعة سيفاستوبل
مدير مركز الدراسات العربية في جامعة سيفاستوبل
تموز نت
الآراء الواردة في المقالات لا تعكس بالضرورة رأي صحيفة كورد أونلاين
رابط مختصر للمقالة: https://kurd.ws/?p=50418
اترك تعليقاً