الخميس, نوفمبر 14, 2024

هل إسرائيل صادقة في دعمها للكرد والأقليات؟!

بير رستم

إن مقالي يوم أمس عن تصريح وزير خارجية إسرائيل، بخصوص التحالف مع الأقليات وبالأخص الكرد والدروز، قد لاقى تفاعلاً جيداً من الأصدقاء والأخوة المتابعين، لكن شكك الكثيرين منهم في نوايا إسرائيل ومدى مصداقية الوزير وحكومته وذلك اعتماداً على تاريخ الدولة الإسرائيلية ومدى عمق علاقاتها مع هذه الدول الغاصبة لكردستان وفي المقدمة منها تركيا طبعاً! وهم في ذلك محقين مع ما تحمل ذاكرة الكثيرين من شجن وأحقاد على الدور الإسرائيلي في إعتقال أوجلان، مما يشكل حاجزاً أخلاقياً، قبل أن يكون سياسياً ومصالحياً بعدم الثقة بإسرائيل وبالتالي التشكيك بها وبتصريح الوزير واعتباره “ضحك على الذقون”، أو في أحسن الأحوال؛ بأن إسرائيل تريد أن تستخدم ورقة الأقليات والتحالف معها وتحديداً الكرد، لأجل الضغط على تركيا وإيران بالقبول بشروطها في إنها المعارك، يعني القضية هي قضية مصالح لا أكثر ومع أول تجاوب من هذه الدول سترمينا إسرائيل وتجعلنا “كبش فداء” لمصالحها الوطنية.

كان ذاك رأي الكثيرين من الأخوة المتابعين وهم في ذلك محقين لدرجة كبيرة حيث تاريخ إسرائيل من جهة في علاقتها بالكرد والدول الغاصبة لكردستان من جهة اخرى، تشهد بأن العلاقة كانت دائماً على حساب شعبنا وقضيتنا، لكن هناك ما يغيب عن بال الكثير منا؛ بأن الأدوار والمصالح باتت متباينة مع مشروع الشرق الأوسط الجديد! نعم في كل المراحل الماضية، ولليوم تقريباً، كانت من مصلحة كل من تركيا وإسرائيل دعم بعضها كحليفين رئيسيين لأمريكا بالمنطقة، وكذلك إيران في مرحلة حكم الشاه، لكن اليوم وخاصةً بعد تحول إسرائيل من دولة تحتاج لحلفاء إقليميين إلى أهم دولة إقليمية مع التفوق التكنولوجي والدعم الغربي والأمريكي وكذلك تطبيع عدد من الدول العربية معها، بدأ الإفتراق بالمصالح، بل نوع من المنافسة والخصومة مع دول وكيانات إقليمية أخرى مثل تركيا وإيران وربما مصر أيضاً وخاصةً في قضية الصراع على المعابر والممرات التي تربط الشرق بأوروبا وإيصال الطاقة للقارة العجوزة، أو بالأحرى التي جددت شبابها!

وهكذا فإن افتراق المصالح بين هذه الكيانات والدول الإقليمية جعلت العلاقات أيضاً تفترق من صداقة لخصومة وربما لعداء وحروب مستقبلية على تلك المعابر والممرات وبالتالي تحتاج إسرائيل من جهة لتحالفات سياسية ولا بديل لها غير التحالف مع الأقليات وفي المقدمة منها؛ الكرد! كما ومن جهة أخرى وفي ظل الصراع مع الدول الإقليمية مثل تركيا وإيران، فإن من مصلحة إسرائيل إضعافهم من خلال الورقة الكردية وذلك بدعم القضية ومساعدة الكرد على الاستقلال وبذلك تفتيت هذه الدول وحينها تتسيد إسرائيل المشهد السياسي وتصبح أكثر قوة وقدرة على قيادة الشرق الأوسط الجديد بعد أن تكون كل من إيران وتركيا تقسمت لعدد من الكيانات والدول وبالتالي تم إضعافها وإخراجها من المنافسة معها على قيادة الشرق ومن جهة أخرى تكون قد كسبت -ونقصد إسرائيل- حلفاء جدد بعد أن ساعدتهم في تكوين كياناتهم السياسية الوطنية مثل الكرد والدروز!

وهكذا وانطلاقاً واعتماداً على ما تقدم، يمكننا القول؛ بأن تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي ليس “ضحكاً على الذقون”، بل هي قراءة جيوسياسية تنطلق من المصالح الإستراتيجية لهم ولدورهم المستقبلي في الشرق الأوسط القادم وعلى القيادات الكردية أن تتلقف هذه الرسالة الإسرائيلية وتبادر إلى التواصل مع قياداتها مباشرةً أو عبر حلفاء ووسطاء أوروبيين وأمريكيين فهي الفرصة التاريخية، بل أهم فرصة تاريخية لشعبنا وقضيتنا لكي ننال نحن أيضاً حريتنا واستقلالنا أسوةً بشعوب المنطقة حيث بالأخير الجميع يبحث عن مصالحه وعليه تبنى العلاقات السياسية وليس على مبدأ الأيديولوجيات.. فهل سيكون بمقدور الكرد وفي الإقليمين؛ الجنوبي والغربي، أي كل من روژآڤا وإقليم كردستان، القدرة على تجاوز الحواجز الأيديولوجية والأخلاقية -والتي فرضتها مصالح الآخرين علينا وللأسف- والذهاب إلى إسرائيل، كما فعلها السادات قبل عقود، وذلك لأجل مصالح شعبنا؟! ذاك هو السؤال الجوهري والذي على القيادات الكردستانية الإجابة عليه انطلاقاً من مصالحنا الإستراتيجية وليس اعتماداً على عقائدهم الأيديولوجية.

 

مقال يوم أمس للكاتب بير رستم

وزير خارجية إسرائيل يدلي بأهم تصريح داعم للكرد!!

“وزير خارجية إسرائيل يدعو إلى توطيد العلاقات مع الأكراد والدروز”! هكذا عنونت صحيفة “الشرق الأوسط” تقريرها الصحفي عن تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي وقد جاء في التفاصيل ما يلي؛ ((دعا وزير الخارجية الإسرائيلي الجديد، جدعون ساعر، إلى تعزيز العلاقات مع الأقليات في منطقة الشرق الأوسط، خصوصاً الأكراد، واصفاً إياهم بأنهم «حليف طبيعي» يتعرضون للقمع من قِبل تركيا وإيران، مشدداً على ضرورة تعزيز إسرائيل للعلاقات معهم))، وقد جاء في حديث الوزير تفاصيل أكثر عن الكرد وتعدادهم السكاني وتوزعهم الجيوسياسي وكذلك عن تشكل إدارتين لهما في كل من روژآڤا وإقليم كردستان.. سأضع الفيديو في التعليقات وأرفق ما يخص الكرد هنا في الأسفل أيضاً!

وتعليقنا على الخبر وبإيجاز هو التالي: بأن هذا التصريح لوزير خارجية إسرائيل بقناعتي يعتبر أهم تصريح لمسؤول ليس فقط إسرائيلي، بل دولي داعم للكرد وقضيتهم، وربما يستغرب البعض مثل هذا الحكم، كون هناك وزراء ورؤساء دول صرحوا دعمهم للكرد، فكيف نجعل تصريح وزير خارجية إسرائيل هو الأهم من بين كل تلك التصريحات؟! والإجابة ببساطة هي التالية: إن إسرائيل قادرة على إقناع كل الغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي بأن يدعم القضية الكردية وبالتالي إذا بقي الوزير صادقاً بوعده وبما جاء في تصريحه بخصوص التحالف مع شعبنا فلا خوف بعد اليوم حتى وإن كان هناك مئة ترامب وألف أردوغان.

وبالمناسبة ستكون الإمارات والسعودية أيضاً ممن يطبعون مع إسرائيل حيث مسارات الأمور والأحداث تتجه نحو حل المسألة الفلسطينية والشرق أوسطية عموماً دوّن التنظيمات الراديكالية الجهادية وعلى رأسها حماس وحزب الله وباقي أذرع إيران وربما لاحقاً أذرع تركيا أيضاً من الجماعات الإسلامية السلفية ولذلك لا داعٍ من ردات فعل عربية بخصوص العلاقات الكردية الإسرائيلية القادمة حيث العرب أيضاً ذاهبون للتطبيع وبموافقة فلسطينية فتحاوية لذلك لا داع من أن تكونوا ملكيين وفلسطينيين أكثر من أصحابها! أما بخصوص هؤلاء الفطاحل الكرد والذين يشككون في كل تصريح مسؤول إسرائيلي بخصوص دعمهم للقضية الكردية، فنود أن نقول لهم؛ كفاكم تزايدون بالوطنيات علينا، فها هم أصحاب القضية من العرب والفلسطينيين قد طبعوا منذ عقود مع إسرائيل، ثم يا أخي إعتبروا تصريح المسؤولين الإسرائيليين هي فقط لاستفزاز هذه الدول، فهل يضيركم ذلك بشيء، بل لما لا تستفيدون من هذه التصريحات وتجعلونها بعبعاً في وجه هذه الحكومات المستبدة الغاصبة.

وللعلم تصريحات المسؤولين الإسرائيليين فيها من المصداقية أكثر من تصريح أي مسؤول أوروبي أو أمريكي ولسبب جد مهم؛ ألا وهو أن أولئك بعيدين جغرافياً عن أزمات المنطقة، بينما إسرائيل هي في قلب هذه الصراعات وتحتاج لحلفاء إقليميين وفي المقدمة منهم الكرد، وبكل الأحوال نعتبر “إسرائيل ثانية” وسينظرون لنا هكذا حتى لو قدمنا لهم ألف صلاح الدين الأيوبي ولذلك من مصلحة شعبينا؛ الكردي والإسرائيلي أن تكون هناك بيننا علاقة طبيعية وتحالف سياسي قوي تؤسس لصداقة دائمة.

بالأخير نقول: بأن هذا التحالف السياسي بين “الأقليات العرقية والدينية” من الكرد والدروز واليهود والمسيحيين بمختلف إثنياتهم وأعراقهم ليس موجهاً ضد أحد، أو إنها ستكون “جبهة معادية المكونات الأكثرية” من العرب والفرس والأتراك والمسلمين بشقيه السني والشيعي، بل هو تحالف سياسي لخلق نوع من التوازن في منطقة الشرق الأوسط بحيث تدرك الأكثريات بأن لا يمكنها الاستفراد بالسلطة وحدها وتقمع تطلعات الأقليات للمشاركة السياسية على مبدأ التكامل الوطني بدل سياسات الإنكار والإلغاء لهذه الأقليات وحرمانهم من الحقوق والمشاركة في إدارة البلاد وهو ما سيكون عليه الشرق الأوسط الجديد حيث الدول ذات النظم الديمقراطية الفيدرالية.. أخيراً كلنا أمل بأن تتلقف القيادات الكردية تصريح الوزير وتتعامل معه بجدية لإقامة علاقات دبلوماسية وطيدة مع إسرائيل.

شارك هذه المقالة على المنصات التالية