سوريون تتقدم بإبلاغ حول حالات استيلاء على منازل وطرد تعسفي لمالكين في الديماس بريف دمشق

1. ملخص:

بتاريخ 24 نيسان/أبريل 2025، تقدمت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” بإبلاغ رسمي إلى “محافظة ريف دمشق” حول سلسلة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الملكية والسكن، التي ارتكبت في منطقة “مساكن الديماس” بريف دمشق.

يأتي هذا الإبلاغ استجابةً للآلية التي خصصتها المحافظة لتلقي شكاوى المواطنين حول الاستيلاء غير القانوني على الممتلكات والتي أعلنت عنها المحافظة بتاريخ 12 شباط/فبراير 2024. ولتقديم الشكاوى، يمكن للمتضررين/ات التواصل مع “محافظة ريف دمشق” عبر الأرقام المخصصة للإبلاغ عن حالات التعدي المشهود على المنازل أو الحضور الشخصي إلى مكتب إدارة الشكاوى في مبنى المحافظة.

تعتبر “سوريون” هذه الآلية خطوة مهمة وضرورية لمعالجة انتهاكات الملكية المتزايدة، والتي كانت ولا تزال واحدة من أكثر الممارسات انتشارًا. وعلى هذا الأساس، وجهت المنظمة رسالة رسمية إلى المعنيين في “محافظة ريف دمشق” تلفت الانتباه إلى انتهاكات عدة تشمل الطرد القسري للعائلات، الاستيلاء على المنازل دون سند قانوني، ونهب الممتلكات، بالإضافة إلى اعتقالات تعسفية وتهجير قسري طال سكان المنطقة.

ارتكبت هذه الانتهاكات مجموعات مسلحة في تجمع سكني مخصص لضباط بالشرطة والجيش بعهد النظام السوري السابق في منطقة الديماس بريف دمشق، والمعروف بـ”ضاحية الديماس/مساكن الديماس العسكرية”.

منذ 10 كانون الأول/ديسمبر 2024، قامت مجموعات مسلحة تابعة لإدارة العمليات العسكرية، بقيادة شخص يدعى “أبو علي بسيّمة”، بتنفيذ مداهمات في مساكن الديماس، مما أسفر عن اعتقال سكان والاستيلاء على منازلهم.

وقد استطاعت “سوريون” توثيق 12 حالات طرد لعائلات واستيلاء على منازلها في المنطقة المذكورة، وكذلك التعرف على هوية غالب المُلّاك، من خلال التحدث مع مصادر محلّية، وشهود عيان.

حدثت الحالات الموثقة في تواريخ متفرقة بعد الـ8 من كانون الأول/ديسمبر 2024، وكانت جميعها تعسفية، إذ قامت الجهات العسكرية الضالعة بطرد العائلات بشكل اعتباطي وتعسفي دون منحها مهلة كافية قبل المغادرة، ودون أن تقدم أي أوامر من محكمة مختصة تتبع الإجراءات القانونية اللازمة، والتي رافقتها حالات اعتقال تعسفي وتهديدات لحياة أفراد من العائلة وإهانات ذات طابع طائفي.

كما رافقت عمليات الطرد اعتقالاتٍ لأكثر من 12 من المقيمين، واقتيادهم إلى جهات مجهولة دون مذكرات قانونية تبرز أسباب الاعتقال، وإخفائهم بشكل قسري.

2. التوصيات:

استنادًا إلى المعلومات والشهادات التي وثقتها “سوريون”، تطالب المنظمة “محافظة ريف دمشق” والإدارات المعنية باتخاذ الإجراءات التالية:

  1. التحقيق في مزاعم الانتهاكات الموثقة، ومحاسبة المتورطين وفقًا لإجراءات قضائية عادلة.
  2. إعادة جميع الضحايا إلى منازلهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم جراء عمليات الطرد القسري ونهب ممتلكاتهم.
  3. مراجعة العقود الخاصة بالمساكن للتأكد من صحتها وعدم استخدامها كذريعة للاستيلاء غير القانوني على المنازل.
  4. الكشف عن مصير الأشخاص الذين تم اعتقالهم تعسفيًا، والسماح لهم بالاتصال بعائلاتهم والهيئات الدولية والحصول على تمثيل قانوني مناسب.
  5. وضع آلية رقابة فعالة لمنع تكرار هذه الانتهاكات، وضمان حقوق السكان في السكن الآمن وفقًا للقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية.
  6. التصدي بشكل فعلي لخطاب الكراهية والخطاب الطائفي ومنع أي عمليات انتقامية.

3. تفاصيل الانتهاكات الموثقة:

  • بتاريخ 10 كانون الأول/ديسمبر 2024, داهم مسلحون منزل الضابط (و. ح.) ليتم اعتقاله واقتياده إلى جهة مجهولة، ويتم إحلال عناصر من “هيئة تحرير الشام” في منزله المصادر وفقاً لشاهد عيان تحدثت إليه “سوريون” عبر الإنترنت بتاريخ 18 شباط/فبراير 2025 ورفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
  • بتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2024، داهم مسلحون منازل الضباط (ف. ح.) و (س. ع.) و(ي. ع.) و(خ. ن.) واعتقلوهم واقتادوهم إلى جهة مجهولة، ليتخلل الاعتقالات عمليات ضرب وإهانة، وتلاها عمليات إحلال لمقاتلين في المنازل المصادرة وفقاً لشاهد عيان تحدثت إليه “سوريون” عبر الإنترنت بتاريخ 22 شباط/فبراير 2025 ورفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
  • بتاريخ 14 كانون الأول/ديسمبر 2024، داهم مسلحون منازل الضباط (ا. ع.) و (م. ب.) و(ص. م.) و(ع. ج.) واعتقلوهم واقتادوهم إلى جهة مجهولة، قبل مغادرتهم، هدد أحد المسلحين نساء الضباط بالقول “مجرمين كلاب والله لأذبح كل علوي شبيح بالمنطقة”، وقام بإطلاق رصاصة في الهواء من بندقيته، وأمر النساء بالصعود للمنازل مع إعطاء مهلة 24 ساعة للإخلاء من كل المنطقة لهم ولكل عائلة شخص اعتقلوه. وتلاها عمليات إحلال لمقاتلين في المنازل المصادرة وفقاً لشاهد عيان تحدثت إليه “سوريون” عبر الإنترنت بتاريخ 18 شباط/فبراير 2025 ورفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.
  • بتاريخ 3 شباط/فبراير2025، داهم مسلحون منازل 3 ضباط ليتم واعتقلوهم واقتادوهم إلى جهة مجهولة، ليتخلل الاعتقالات عمليات ضرب مبرح، وتلاها عمليات إحلال لمقاتلين في المنازل المصادرة وفقاً لشاهد عيان تحدثت إليه “سوريون” عبر الإنترنت بتاريخ 18 شباط/فبراير 2025 ورفض الكشف عن هويته لأسباب أمنية.

4. الأبعاد القانونية:

  • يعترف القانون الدولي بحقّ الأفراد والكيانات في الملكية المادية وغير المادية، واستخدامها والتصرف بها وفقاً للقوانين المعمول بها، باعتباره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان وعنصراً جوهرياً في النظامين الاقتصادي والاجتماعي. كما يكفل حق الإنسان في السكن اللائق، وفقاً لعدة اتفاقيات دولية مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1949)،[1] والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (1966)،[2] ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي (2000)،[3] واتفاقية سيداو (1979)[4]. ويُعدّ الاعتداء على العقارات وموجوداتها انتهاكاً واضحاً لحقوق الملكية والسكن اللائق وفقاً لهذه المواثيق.
  • إلى هذا، فإن الحالات الموثقة في الشهادات من إهانة واعتداء جسدي من قبل عناصر الهيئة، يخالف المادة 5 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 7 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب (1984)، واتفاقيات جنيف الأربع (1949) وبروتوكوليها الإضافيين (1977).
  • إنّ إرغام العائلات على النزوح بالقوة يُعدّ جريمة تهجير قسري، محظورة بموجب المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة (1949)، والمادة 17 من البروتوكول الإضافي الثاني (1977). ووفقاً لنظام روما الأساسي، يُصنّف التهجير القسري كجريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية (المادتان 7 و8).
  • وفي هذا السياق، لا يمثل انتماء الأفراد إلى أي كيان عسكري أو مدني موالي للنظام السابق هذه الانتهاكات، لأن جزءاً كبيراً من الضحايا هم نساء وأطفال، ولأن إلقاء السلاح دون مقاومة من قبل العسكريين يجعلهم مشمولين بالحماية وفقاً للمادة 3 المشتركة لاتفاقيات جنيف الأربع (1949)، والتي تُلزم بمعاملة الأشخاص العاجزين عن القتال معاملة إنسانية دون تمييز، بينما تحظر المادة 46 من اتفاقية جنيف الرابعة مصادرة ممتلكاتهم تعسفياً.
  • من جهة أخرى، فحسب القوانين السورية -سارية المفعول ما لم تصدر تشريعات جديدة تلغيها أو تعدلها؛ ينص القانون المدني رقم 84 (1949) بحق مالك العقار وحده استعماله واستغلاله والتصرف فيه، وله الحق في أي عوائد يدرها. ولا يجوز نزع الملكية إلا وفقاً للقانون ومقابل تعويض عادل[5]،كما يمنح عقد الإيجار للمستأجر حق الانتفاع بالعقار مقابل أجر معلوم[6].
  • ووفقاً لمرسوم إحداث مؤسسة الإسكان العسكري رقم 12 لعام 1975 فإن المساكن تم تقوم بإنشائها – ومنها الديماس- متاحة للتملك والاستئجار لغير العسكريين؛ حيث يمكن أن يكون الشاغل للعقار شخص مدني قام بشراء العقار من أحد المستفيدين، ممن يحق لهم البيع للغير أياً كانت صفته بعد مرور ثلاث سنوات على تسديد كامل قيمة العقار[7].
  • يشكل استيلاء عناصر الهيئة على مساكن الضحايا جريمة غصب عقار وفقاً للمادة 723 من قانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949، وعقوبتها الحبس حتى ستة أشهر، وتصل إلى عام إذا رافقها تهديد أو جبر. وإذا اشترك في الجريمة مسلحون، ترتفع العقوبة إلى ثلاث سنوات. كما يُعدّ الاستيلاء على الأثاث والمنقولات بدون مبرر قانوني جريمة سرقة بالعنف أو سرقة موصوفة وفقاً للمواد 624-625 من القانون ذاته.

بناءً على ما سبق، تدعو “سوريون” السلطات المحلية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الانتهاكات، وحماية حقوق المتضررين من عمليات الاستيلاء القسري، وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.


[1] المادتين 17 -25

[2] المادتين 11-17

[3] المادة 17

[4] المادة 14

[5] المواد 768-770-771 من القانون المدني.

[6] المادة 526 من القانون المدني

[7] المادتين 2- 22 من المرسوم.

 

المصدر: سوريون من أجل الحقيقة والعدالة