الأربعاء, فبراير 5, 2025

في عفرين يتلاشى قناع جيش الاحتلال التركي ومرتزقته- 4 سياسة الحرق والتجويع أسلوب الاحتلال الموروث من العثمانيين

صلاح إيبو – باسل رشيد/الشهباء

في آخر المقاطع المصورة التي انتشرت بكثرة، تظهر جرافات كبيرة وهي تقتلع أشجار الزيتون المعمرة في قرية حمام بناحية جنديريسه، فوفق إحصائيات غير رسمية، أن أكثر من ألف وخمسمئة شجرة زيتون معمرة في مناطق متفرقة من مقاطعة عفرين تم اقتلاعها بعد الاحتلال، إضافة لضم أكثر من 25 ألف شجرة أخرى إلى الجانب التركي من الحدود قبل العدوان التركي نتيجة تعديها المستمر على الحدود السورية التركية في عفرين.

وبالتزامن مع تعديها على الأملاك الخاصة، بدأ جيش الاحتلال التركي ومرتزقته التدمير الممنهج والمقصود للمناطق الحراجية والزراعية في مقاطعة عفرين، إضافة للتضييق على المزارعين وسلبهم آلياتهم الزراعية ووسائط نقلهم.

الثروة الطبيعية في عفرين

أكثر من 25 ألف هكتار من الغابات الحراجية الطبيعية والاصطناعية تتوزع في مقاطعة عفرين التي عرفت بجمال طبيعتها وتنوعها الزراعي، وبهذا شكلت المنطقة جذباً للسياحة الداخلية والخارجية.

وتشكل غابات عفرين المنطقة الخضراء الوحيدة المتبقية في الشمال السوري بعد تأجج الأزمة السورية منذ عام 2012، إذ وظفت الإدارة الذاتية الديمقراطية كافة إمكاناتها المتوفرة لحماية الغطاء النباتي ومنعه  من التدهور والحد من القطع والرعي الجائرين من مبدأ الحفاظ على البيئة وارتباط البشرية بالإيكولوجيا وفق مبادئ الأمة الديمقراطية، وتتصل غابات مقاطعة عفرين التي تمتد على مساحة تقدر بـ25 ألف هكتار منها 12147 هكتاراً غابات صناعية، مع حراج تركيا من جهة الشمال ومع غابات منطقة جبل سمعان بالجهة الجنوبية الغربية وتتألف هذه الغابات من 75% من المساحة / سنديان وأصناف ذوات الأوراق العريضة/ و 20% من المساحة / صنوبر بروتي وثمري/ و 5% من المساحة /قطلب – زعرور – اصطرك – زيتون بري بطم.‏

ووفقاً لتقرير خاص صادر عن هيئة الزراعة في مقاطعة عفرين، وثقت خلاله تعديات الجيش التركي على الثروة النباتية والزراعية في مقاطعة عفرين بعد احتلالها، والذي جاء فيه “بعد احتلال مقاطعة عفرين من قبل الجيش التركي ومرتزقته، بدأ منذ أيار الماضي بالتدمير الممنهج لبيئة المنطقة وبالتحديد المناطق الحراجية الطبيعية واستغلال الموارد الزراعية لخدمة المستوطنين(مهجري الغوطة وغيرها من المناطق السورية إلى عفرين) بطرق عدة”.

ومن الانتهاكات التي تم رصدها وتوثيقها في مقاطعة عفرين والتي استهدفت المناطق الحراجية والأشجار الزراعية العائدة للأهالي في عفرين آخرها كان إضرام النيران عمداً في أشجار الزيتون العائدة للسيد نعسان محمد بكر من قرية هوبكا التابعة لناحية راجو يوم الجمعة الماضية، مما تسبب في احتراق 5000 شجرة معمرةأخرها كان ي.

1-   6-8-2018 إضرام النيران بتلة “غوركه” الواقعة بين قريتي خرزا وجولاق من قبل مرتزقة الاحتلال التركي.

2-   3-8-2018 اقتلع جيش الاحتلال التركي 15 شجرة زيتون عائدة ملكيتها للمواطن “بلو بلال” في مدخل ناحية شيه من الجهة الجنوبية بهدف إنشاء مقر عسكري له .

3-   2-8-2018 حرق الغابات في جبل خازينا وجولاقا من قبل جنود الاحتلال التركي.

4-   23 -7-2018 أضرم جيش الاحتلال التركي ومرتزقته النيران بجبل هاوار التابع  لناحية راجو في عفرين.

5-   19 -7-2018 أقدمت الفصائل المرتزقة التابعة للاحتلال التركي على إضرام النيران “بجبل قريبل” في ناحية ميدانو التابعة لمدينة عفرين.

6-   16-7-2018 أضرمت الفصائل المرتزقة التابعة للاحتلال التركي النيران بجبل قرية قورت قلاق التابعة لناحية شرا في عفرين.

7-   15-7-2018 حرق الأراضي الحراجية في جبل جرقا الواقعة بين قرية علمدارة وجرقا في ناحية راجو.

8-   13-7-2018 حرق أكثر من ألف شجرة زيتون عائدة ملكيتها لأهالي قرية خوزينا تحتاني الواقعة في الجهة الشرقية الشمالية لناحية ماباتا (معبطلي)، ومنع المرتزقة الأهالي من إطفاء الحرائق مما تسبب في امتدادها إلى الأراضي الحراجية المتاخمة.

9-   11-7-2018 حرق عدد من منازل أهالي قرية ساريا التابعة لناحية ماباتا (معبطلي) والتي تسببت في امتداد الحرائق إلى الأراضي الحراجية المتاخمة.

10- 6-7-2018 اقتلاع اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﺳﻴﻮﻳﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﺸﻤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﻄﻠﺔ ﻋﻠﻰ بلدة ﺑﻌﺪﻳﻨﺎ ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍلأﺣﺮﺍﺝ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺔ.

11- 6-7-2018 ﺣﺮﻕ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﺍﺟﻴﺔ ﻓﻲ ﻭﺍﺩﻱ ﺍﻟﻨﺸﺎﻣﺔ‏( ﻛﻠﻲ ﺗﻴﺮﺍ‏) وﺗﺒﻠﻎ ﻣﺴﺎﺣﺘﻪ ﺣﻮﺍﻟﻲ 2 ﻫﻜﺘﺎﺭ ﻭﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺭﺍﺟﻮ(إضرام النيران في تلك المنطقة كانت بأوامر مباشرة من المخابرات التركية).

12- 6-7-2018 حرق المناطق الحراجية الممتدة من قرى حجيكا فوقاني وحجيكا تحتاني وصولاً إلى قرية قودا ودرويش وموساكا في ناحية راجو، علماً أن هذه المنطقة تحتوي على الأصول الطبيعية للزيتون البري صنف الزيتي الذي تشتهر به عفرين، إضافة لأصناف حراجية متعددة.

13- 7-7-2018 أﺿﺮﻡ ﻤﺮﺗﺰﻗﺔ الاحتلال التركي ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺣﻮﺍﻟﻲ 2500 ﻣﻦ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ ﻭﺍﻟﺮﻣﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻨﺐ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﺋﺪﺓ ﻣﻠﻜﻴﺘﻬﺎ ﻷﻫﺎﻟﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻋﺪﺍﻣﺍ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺭﺍﺟﻮ، ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺆﺩﻱ ﺇﻟﻰ ﻗﺮﻳﺔ ﻣﻴﺪﺍﻥ أﻛﺒﺲ، وﺗﻌﻮﺩ ﻣﻠﻜﻴﺘﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ‏(ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺳﺎﻟﻢ 100 ﺷﺠﺮﺓ، ﺭﺟﺐ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﺳﺎﻟﻢ 100 ﺷﺠﺮﺓ، ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ 100، ﻭﻟﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ 100، ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ ﺍﺳﻤﺎﻋﻴﻞ 100، ﻳﺤﻴﻰ ﺭﺷﻴﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ 300 ﺷﺠﺮﺓ‏). ﺇﺿﺎﻓﺔً ﺇﻟﻰ ﺣﺮﻕ 1500 ﺷﺠﺮﺓ ﺭﻣﺎﻥ و 300 ﺷﺠﺮﺓ ﻋﻨﺐ ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻜﺮ ﺷﻴﺦ ﺩﺍﺩﺍ، وﺣﺮﻕ 800 ﻣﺘﺮ ﻣﻦ ﺧﺮﺍﻃﻴﻢ ﺍﻟﺮﻱ ﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﻧﻮﻉ 4 إﻧش، ﻟﻠﻤﻮﺍﻃﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﺳﻤﺎﻋﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﻗﺮﻳﺔ ﻋﻠﻄﺎﻧﻴﺔ، ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺐ ﺍﻟﻤﺮﺗﺰﻗﺔ ﻣﺤﺼﻮﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻭﺇﺭﺳﺎﻟﻪ ﺇﻟﻰ ﺗﺮﻛﻴﺎ.

14- 6-7-2018 ﺇﺿﺮﺍﻡ ﺍﻟﻨﻴﺮﺍﻥ ﻓﻲ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺯﺭﺍﻋﻴﺔ ﻣﻤﺘﺪﺓ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻓﺔ 4 ﻛﻴﻠﻮ ﻣﺘﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺠﻬﺔ ﺍﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﻘﺮﻳﺔ ﻋﺘﻤﺎﻧﻪ ﺑﻤﻨﻄﻘﺔ ﺭﺍﺟﻮ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﺍﻟﺴﻨﺪﻳﺎﻥ ﻭﺍﻟﺰﻳﺘﻮﻥ.

15- 30-5-2018  قطع ﺟﻴﺶ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ 500 ﺷﺠﺮﺓ ﺯﻳﺘﻮﻥ ﻋﺎﺋﺪﺓ ﻣﻠﻜﻴﺘﻬﺎ ﻟﺜﻼﺛﺔ ﻣﺪﻧﻴﻴﻦ، (ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﻗﺮﻣﻮ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﺣﺞ ﺟﻤﺎﻝ التاﺑﻌﺔ ﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺭﺍﺟﻮ، ﻣﺤﻲ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺑﻼﺩﻳﻨﻮ ﻭأﺣﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ ﻣﻦ ﻗﺮﻳﺔ ﻋﻠﻄﺎﻧﻴﺎ) بهدف إﻧﺸﺎﺀ ﻣﻌﺴﻜﺮ تدريب لمرتزقتها، ﻭﻋﻨﺪ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺍﻟﺸﻜﻮﻯ ﻟﻤﻨﻊ ﺫﻟﻚ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻬﻢ “ﻧﺤﻦ ﻗﻤﻨﺎ ﺑﻐﺰﻭ ﻭﺍﺣﺘﻼﻝ ﻋﻔﺮﻳﻦ، ﻓﻬﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻌﻘﻮﻝ ﺃﻥ ﻧﺴﺘﺄﺫﻧﻚ ﻟﻨﺄﺧﺬ ﺃﺭﺿﻚ ﻭﻧﻘﺘﻠﻊ ﺍﻷﺷﺠﺎﺭ؟”، وﻓﻲ قرية بليلكو ﻗﻄﻊ ﺟﻴﺶ ﺍﻻﺣﺘﻼﻝ ﺍﻟﺘﺮﻛﻲ ﺃﺷﺠﺎﺭاً حراجية ﻹﻧﺸﺎﺀ ﻣﻜﺎﻥ ﻫﺒﻮﻁ ﻟﻠﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻟﻬﻴﻠﻮﻛﻮﺑﺘﺮ.

16- 8-6-2018 حرق المحاصيل الزراعية العائدة ملكيتها للمدنيين وهم عائلة(عرفوا) من قرية قيبار، حرق أرض بمساحة 3 هكتارات، عائلة(نعسان) حرق أرض لهم بمساحة 4 هكتارات، عائلة (زكريا شيخ حمزة) من قرية دار كره، حرق مساحة 3 هكتارات عند مدخل المقاطعة في الجهة الشرقية الشمالية.

17- 8-6-2018 حرق أراضي، مزروعة بأشجار الزيتون والشعير في شمال في قرية برج قاص وشرقي قرية براد في ناحية شيراوا.

18- حرق مرتزقة الاحتلال التركي في ثاني أيام عيد الفطر مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في قريتي بينه وباصلة.

19-   29-6-2018 أقدمت مرتزقة أحرار الشرقية على حرق أراضي قرية بانيكه التابعة لناحية راجو في ريف عفرين الغربي وامتد الحريق من منازل القرية إلى الأراضي الحراجية المتاخمة للقرية.

20- 21-6-2018 حرق الأشجار الحراجية الواقعة في الجهة الشرقية لبحيرة ميداني، والجزيرة الوحيدة الواقعة في منتصف بحيرة ميدانكه.

فوائد الغابات‏

تعتبر الغابات من المصانع الطبيعية الضخمة التي تقوم بامتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الأكسجين، وتجلب الأمطار وتزيد مخزون المياه الجوفية، وتعدل المناخ وتلطفه وتنقي الجو من التلوث والضجيج، وتؤمن قسماً من الأخشاب، وتحافظ على التربة وتزيد من خصوبتها وتثبيتها ومنع انجرافها ووقف التصحر، كما توفر الطعام للإنسان والحيوان وسائر الكائنات الحية وتؤمن المتنزهات الجميلة والأماكن السياحة.‏

ويقول المعنيون أن الغابات “بيتنا الخشبي ومدفأتنا وقبضة معولنا وسريرنا ومقعد دراستنا، وهي الحارس الأمين تحتضن التربة وتمنع انجرافها وهي مصدر طعامنا ودوائنا وهي فسحة الأمل وبسمة الأطفال وراحة النفس وهي جنة الأرض”. ‏

سلب قمح المنطقة ونقله إلى تركيا

ووصفت هيئة الزراعة في مقاطعة عفرين في تقريرها “سلب ونهب قمح المقاطعة بجريمة يحاسب عليها القانون الدولي” وجاء في التقرير “قيام دولة الاحتلال التركي بسلب كامل محصول القمح في المنطقة، وذلك عبر إدخال شركة تركية تحمل شارة شركة (التونسا) التركية 25 حصادة حديثة إلى المنطقة مع بدء موسم الحصاد، وتحديد سعر شراء القمح من الأهالي بـ 90 ليرة سورية، وكانت الشركة التركية التي تستعين بالمرتزقة في عمليات الحصاد تخصم مقدار20% من قيمة المحصول كأجور للحصاد والعمال، إضافة لاحتساب نسبة 7% كضريبة تعود للمجموعات المرتزقة، وبحسب ما وثقته هيئة الزراعة في عفرين أن الشركة التركية كانت تعمل على احتساب الخزان المرافق للحصادة بـ3 أطنان من القمح في حين أن ذاك الخزان بحسب تأكيد من المزارعين الباقين في عفرين يتسع لأربعة أطنان من القمح، وبهذا تكون سلطات الاحتلال التركي تسرق القمح من الأهالي في وضح النهار.

وبحسب تقديرات هيئة الزراعة فإن إنتاج منطقة عفرين لموسم 2018 تجاوز 20 ألف طن من القمح بصنفيه القاسي والطري، كما تم توثيق سرقة مئات الهكتارات من القمح والشعير من قبل مسلحي الكتائب المتحالفة مع تركيا بحجة عدم حصول صاحب الأرض على رخصة الحصاد من سلطات الاحتلال، أو عدم تواجد صاحب الأرض في عفرين، وتعتبر سرقة الأصناف الوراثية للقمح السوري من قبل الدولة التركية بشكلٍ مباشر جريمة يحاسب عليها القانون الدولي.

سياسة اقتصادية ممنهجة تهدف للإبادة

وإضافة لما سبق يعاني مزارعو عفرين، حالة اقتصادية متدهورة نتيجة سيطرة بعض التجار المرتبطين بالمرتزقة على تجارة المواد الزراعية، وبالتحديد ضمن سوق الهال بعفرين، ويقول العديد من المزارعين الذين تواصلت معهم هيئة الزراعة أنه ثمة معوقات كثيرة تواجه المزارع بدءاً من ضرورة حصوله على ورقة تسمح له بالعبور بين القرى والبلدات ومدينة عفرين، وهذه الورقة يتم الحصول عليها من المجالس المعينة من قبل الاحتلال التركي بعد دفع مبلغ يصل إلى 120 دولار أمريكي، وفي غالب الأحيان لا تعترف المجموعات المرتزقة بهذه الورقة ويطالبون بدفع ضرائب أخرى.

ويقول المزارعون أن أسعار المنتجات الزراعية لا تتناسب مع مصاريف الإنتاج وبالتالي يعانون الخسارة ويعود ذلك لسيطرة التجار الموالين للفصائل المسلحة على التجارة في المناطق التي تسيطر عليها دولة الاحتلال التركي، ويصل فارق الأسعار للمنتجات الزراعية التي تنتج غالبها في عفرين وإدلب والتي يسوق قسم كبير منها إلى مناطق سيطرة النظام السوري بنسبة تصل إلى 75% وأكثر وفيما يلي جدول ببعض المنتجات التي تنتج في عفرين وفارق الأسعار.

وكانت هيئة الزراعة قد أعدت دراسة حول فارق أسعار المنتجات الزراعية التي تنتج في عفرين وحلب في نفس الوقت من الموسم، ووفق تلك الفروقات في الأسعار، يثبت انتهاج دولة الاحتلال التركي سياسةً اقتصادية تهدف إلى تحديد مستوى دخل أهالي عفرين الأصليين والذين غالبيتهم يعتمدون على الزراعة، وفتح المجال أمام المستوطنين للعمل في كافة المجالات والحصول على الممتلكات التي سيضطر أهالي عفرين الأصليين لبيعها إذا استمر هذا الحال، إضافة لإجبار الأهالي على إعطاء أراضيهم للمستوطنين مجاناً وفي بعض الأحيان مقابل مبالغ زهيدة، علماً أن آجار الهكتار الواحد من الأراضي الزراعية المروية كانت تصل إلى 300 ألف ليرة سورية قبل الاحتلال، ويحصل عليها المستوطنون حالياً بمبالغ لا تتعدى 30 ألف ليرة سورية.

مصادرة الأراضي أو تأجيرها

ومن الانتهاكات الأخرى لسلطات الاحتلال التركي في عفرين، إصدارها قوانين على أهالي عفرين الذين خرجوا منها قسراً، عبر نهب مقتنيات منازلهم وفرض ضرائب غيابية عليهم أو تأجير أرضيهم مقابل مبالغ مالية تحددها الكتائب المسلحة، في قرية جوقة التي تبعد عن مركز مدينة عفرين 7كم، يؤكد الأهالي أن المجموعات المرتزقة أصدرت أوامراً بدفع مبلغ 1500 ليرة سورية عن كل شجرة زيتون في السهول العائدة للأهالي غير المتواجدين في القرية مقابل السماح لأقاربهم أو منْ يرغب في رعايتها، ودفع مبلغ 750 ليرة سورية عن كل شجرة زيتون مزروعة في المرتفعات، وهذا ما جاء على لسان أحد مواطني القرية خلال تسجيل صوتي.

الانتهاكات في العرف والقوانين الدولية

الانتهاكات السابقة التي تم رصدها هي جزء صغير من الانتهاكات التي تحدث في عفرين منذ احتلالها من قبل الجيش التركي ومرتزقته، وتدخل هذه الانتهاكات بحق البيئة والأراضي الزراعية ضمن جرائم الحرب التي يحاسب عليها نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998، والتي تنص على اعتبار “جريمة حرب كل الأعمال التي تلحق ضرراً واسع النطاق وطويل الأجل وشديداً بالبيئة الطبيعية وينتهك مبدأ التناسب”، كما تحظر أحكام خاصة أخرى تدمير الأراضي الزراعية ومرافق مياه الشرب قصد إلحاق أضرار بالسكان المدنيين، ويكسب القانون الدولي البيئة صفة مدنية وبالتالي يمنع الاعتداء عليها، ويراعي القانون الدولي الإنساني حماية البيئة من ناحيتين؛ الأولى “بموجب أحكامه العامة”، والثانية “من خلال بعض الأحكام الإضافية الخاصة”.

وفي هذا الصدد يقول المحامي محمد جميل، أن دولة الاحتلال التركي تتحمل المسؤولية القانونية عن كل ما يلحق من أضرار بالبيئة والبنى التحتية في مقاطعة عفرين بحكم احتلالها للمقاطعة، وأن ممارسات الاحتلال التركي ومرتزقته من حرق الغابات والمحميات الطبيعية والأراضي الزراعية كل هذا ينصب في خانة ممارسات السلطة المطلقة التي لا تحترم المواثيق والمعاهدات الدولية.

هل ترقى انتهاكات الدولة التركية بحق الطبيعة لجرائم حرب؟

وبحسب القوانين الدولية المعنية بالبيئة في الحروب، تصف هذه القوانين البيئة “بصفة مدنية” وبالتالي يمنع تدميرها المقصود والعبث فيها، ويعتبر نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 جريمة حرب كل الأعمال التي تلحق ضرراً واسع النطاق وطويل الأجل وشديداً بالبيئة الطبيعية وينتهك مبدأ التناسب، وتحظر أحكام خاصة أخرى تدمير الأراضي الزراعية ومرافق مياه الشرب قصد إلحاق أضرار بالسكان المدنيين، وكل هذا ينطبق بشكلٍ فعلي ومباشر  على الانتهاكات السابقة التي تم توثيقها في عفرين.

وتنص المواثيق الدولية على عدم استهداف البيئة، إذا لم تستخدم لأغراض عسكرية، وتقول منظمة الصليب الأحمر الدولي التابعة للأمم المتحدة خلال البروتوكول الذي رفعته للأمم المتحدة “تنطبق الأحكام العامة المتعلقة بسير العمليات العدائية على البيئة، إذْ تكون البيئة في الغالب ذات طبيعة مدنية ولا يمكن بالتالي شن هجمات ضدها إلا في حال تم تحويلها إلى هدف عسكري. كما يتعيّن مراعاة التدمير الذي تتعرض له البيئة عند تقييم مدى التناسب في الهجوم على أهداف عسكرية”.

وقد أضاف البروتوكول الأول نصاً خاصاً لحظر “استخدام وسائل أو أساليب للقتال، يقصد بها أو قد يتوقع منها أن تلحق بالبيئة والطبيعية أضراراً بالغة وواسعة الانتشار وطويلة الأمد”. كما يحظر البروتوكول هجمات الردع التي تشن ضد البيئة الطبيعية من قبيل الانتقام.

دولة الاحتلال التركي ومرتزقته المحتلين لمقاطعة عفرين، يعملون بشتى الطرق على تغيير معالم المنطقة من خلال تدمير الآثار وسرقتها والتغيير الديمغرافي لسكانها الأصليين، واليوم باتوا يحاربون طبيعتها وجبالها بطريقة انتقامية ويعيثون فيها حرقاً وقتلاً أمام مرأى المنظمات المدافعة عن البيئة.

(ن ح)

ANHA

شارك هذه المقالة على المنصات التالية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *