وجوه لا تغيب: معرض في الرقة يحيي ذكرى المفقودين/ات في اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

نظّمت منصة أسر المفقودين/ات في شمال وشرق سوريا (MPFP-NES)، اليوم السبت في مدينة الرقة، معرضاً فنياً-توثيقياً بعنوان “وجوه لا تغيب”، بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري. ضمّ المعرض صور ضحايا غُيّبوا قسراً عن عائلاتهم/ن، وأسماءً لا تزال حيّة في ذاكرة أحبتهم/ن، ليبقى حضورهم شاهداً على مأساة مستمرة لم تنتهِ بعد.

شارك في الفعالية عدد من العائلات القادمة من الرقة ودير الزور وكوباني، حاملين صور أحبائهم/ن المفقودين/ات ومجددين مطلبهم/ن المشروع في كشف مصائرهم/ن وضمان حقهم/ن في الحقيقة والعدالة.

تخلل المعرض كلمات ألقاها ناشطون/ات ومدافعون/ات عن حقوق الإنسان وممثلون عن وسائل إعلام، أكدت أنّ قضية المفقودين/ات تتجاوز البعد الشخصي للعائلات، فهي قضية عامة ترتبط بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية والسلم الأهلي. وشدد المتحدثون على أن الغياب لا يعني النسيان، وأن الحق في معرفة الحقيقة لا يسقط بالتقادم.

لم يقتصر المعرض على الصور واللوحات التوثيقية، بل خُصصت زاوية لكتابة رسائل وجدانية يوجهها الحضور إلى الغائبين/ات، حملت كلماتٍ ملؤها الشوق والرجاء، في محاولة رمزية لمدّ جسور بين الأسر والمفقودين/ات. تحولت هذه المساحة إلى فضاء للتذكر والبوح، حيث امتزجت الدموع بالأمل، مؤكدة أن الذاكرة تبقى حية مهما طال الغياب.

في كلمتها، شدّدت المنصة على أن هذه المبادرة الرمزية تعكس تجديد العهد بأن قضية المفقودين/ات ستبقى في صميم الوجدان العام، وأن الحق في معرفة الحقيقة والعدالة لا يسقط بالتقادم.

تأتي هذه الفعالية في سياق وطني معقّد؛ بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وهو حدث شكّل نقطة تحوّل محورية في هذا الملف؛ حيث جرى إخلاء السجون ومراكز الاعتقال التابعة للنظام، وكُشف عن عدد من المقابر الجماعية التي تضم رفات ضحايا الإخفاء القسري. كما أُتيح المجال أمام منظمات دولية وسورية، بما فيها روابط الضحايا، للعمل ميدانياً والتواصل المباشر مع العائلات.

ورغم أهمية هذه التطورات، ما تزال آلاف الأسر السورية تواجه استمرار جرائم الإخفاء القسري على يد أطراف متعددة في النزاع. فلا تزال سجون هذه الأطراف مغلقة أمام التحقيقات المستقلة، فيما تنتشر مقابر جماعية عديدة تتطلب جهوداً منهجية للكشف عنها وضمان العدالة والإنصاف لجميع الضحايا وأسرهم/ن.

يُحيى اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري في 30 آب/أغسطس من كل عام، لتسليط الضوء على الأثر المدمر لهذه الجريمة، والدعوة إلى محاسبة مرتكبيها وضمان عدم تكرارها. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 130 ألف شخص مفقود/ة في سوريا، وهو رقم يعكس كارثة إنسانية خلّفت فراغاً عاطفياً وأعباءً اقتصادية ونفسية واجتماعية ثقيلة على عائلات الضحايا ومجتمعاتهم/ن.

تضم منصة أسر المفقودين/ات في شمال وشرق سوريا قرابة 700 عائلة فقدت واحداً أو أكثر من أفرادها، إذ تسعى إلى تنظيم العائلات وتمكينها من تمثيل نفسها، وتعزيز مشاركة الضحايا والناجين/ات وأسرهم/ن في جهود البحث عن الحقيقة، وتحقيق العدالة.

المصدر: تــآزر

Scroll to Top